فان البعث إلى المسلمين وولاة الأمر في طلب الآمان قبل ظهورهم عليه قالوا كرهوا شراها منهم طوعا لما كان من وقف عمر Bه وأصحابه الأرض محبوسة على آخر هذه الأمة من المسلمين المجاهدين لا تباع ولا تورث قوة على جهاد من لم يظهروا عليه بعد من المشركين انتهى .
وهذا الكلام يتضمن أن من أسلم من أهل الخراج تؤخذ الأرض منه وتنقل إلى أهل قريته من أهل الذمة وهو غريب جدا وهو خلاف المروي عن عمر وعلي Bهما من وجوه متعددة أنهما كان يقران من أسلم منهم في أرضه يؤدي عنها خراجا إذا اختار ذلك وعليه جمهور العلماء ويتضمن أيضا أن الأرض الخراجية لا تورث وسيأتي الكلام في إرثها إن شاء الله تعالى ويتضمن أن منع الصحابة من قسمتها بين الغانمين إنما هو لأن الدهاقين الذين كانت أرض الخراج بأيديهم ادعوا أنهم لم يقاتلوا المسلمين وقد روي عن عمر Bه أنه كان ينهي عن قتل الفلاحين لكن هب أنهم لم يقاتلوا أليسوا كفارا والكافر وإن لم يحارب يجوز أخذ ماله وإنما يمتنع قتل من لا أهلية فيه للقتال كالشيوخ ونحوهم ولا يمنع ذلك أخذ أموالهم ولعل الأوزاعي وأهل الشام يقولون من امتنع قتله لعدم أهليته للقتال يمتنع أخذ ماله وهو غريب وظاهر قول الأوزاعي أن الأرض كانت لهم وأنها تركت لهم ملكا وقد سبق ما يدل على أن الأرض لم تكن للفلاحين إنما كانت معهم مخارجة كما كانت معهم في حال الاسلام ويتضمن أيضا أن منع المسلمين من شرائها منهم له مأخذان أحدهما أنه لما تعارض في حقهم أمارتان أحدهما يقتضي حقن دمائهم وأموالهم وهو ما تقدم والثانية يقتضي إباحتها وهي ظهور المسلمين على البلاد عموما وترك هؤلاء طلب الأمان قبل الفتح وذلك يقتضي أن الأرض فيء للمسلمين أو غنيمة لهم فلما تعارضت هاتان الأمارتان تركت