باب الوضوء .
بضم الواو : فعل المتوضىء من الوضاءة وهي النظافة والحسن لأنه ينظف المتوضىء ويحسنه وبفتحها اسم لما يتوضأ به استعمال ماء طهور مباح في الأعضاء الأربعة الوجه واليدين والرأس والرجلين على صفة مخصوصة يأتي بيانها واختصت هذه الأعضاء به لأنها اسرع مايتحرك من البدن للمخالفة ورتب غسلها على ترتيب سرعة حركتها في المخالفة تنبيهابغسلها ظاهراعلى تطهيرها باطنا ثم أرشد بعدها الى تجديد الإيمان بالشهادتين : وفرض مع الصلاة رواه ابن ماجه و يجب الوضوء بحدث أي بسببه وفي الانتصار : بإرادة الصلاة بعده قال ابن الجرزي : لا تجب الطهارة عن حدث ونجس قبل ارادة الصلاة بل تستحب وفي الفروع : يتوجه قياس المذهب بدخول الوقت ويتوجه قياسه غسل قال شيخنا : وهو لفظي ويحل الحدث الأصغر جميع البدن كجنابة يؤيده : أن المحدث لا يحل له مس مصحف بعضو غسله في الوضوء حتى يتمم وضوءه وتجب التسمية أي قول بسم الله في الوضوء لحديث أبي هريرة مرفوعا [ لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكراسم الله عليه ] رواه أحمد و أبوداود و ابن ماجه و لأحمد و ابن ماجه من حديث سعيد بن زيد وأبي سعيد مثله قال البخاري : أحسن شيء في هذا الباب : حديث رباح بن عبد الرحمن يعني حديث سعيد بن زيد وسئل اسحاق بن راهويه : أي حديث أصح في التسمية ؟ فذكرحديث أبي سعيد ومحلها اللسان ووقتها بعد النية وصفتها بسم الله وتسقط سهوا نصا لحديث [ عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان ] وكواجبات الصلاة ك ما تجب في غسل وتسقط فيه سهوا قياسا على الوضوء لكن إن ذكرها أي التسمية ؟ في بعضه أي الوضوء من نسيها في أوله ابتدأ الوضوء لأنه أمكنه أن يأتي بها على جميعه فوجب كما لوذكرها في أوله صححه في الانصاف وحكاه عن الفروع وقيل يأتي بها حين ذكرها ويبني على وضوئه قطع به في الاقناع وحكاه في حاشية التنقيح عن أكثر الأصحاب وقال : إنه المذهب ورد الأول وتكفي إشارة اخرس ونحوه كمعتقل لسانه بها أي بالتسمية برأسه أو طرفه أو اصبعه لأن ذلك غاية ما يمكنه .
وفروضه أي الوضوء جمع فرض وهوما يترتب الثواب على فعله والعقاب على تركه : ستة أشياء : .
أحدها : غسل الوجه لقوله تعالى : { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } ومنه أي الوجه فم وأنف لدخولهما في حده وكونهما في حكم الظاهر بدليل غسلهما من النجاسة وفطرالصائم بعود القيء بعد وصوله اليهما وانه لا يفطر بوصول شيء اليهما و الثاني غسل اليدين مع المرفقين لقوله تعالى : { وأيديكم إلى المرافق } وكلمة إلى تستعمل بمعنى مع كقوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } وفعله ايضا A يبينه وقد روى الدارقطني عن جابر قال : [ كان النبي A إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه ] و الثالث مسح الرأس كله لقوله تعالى : { وامسحوا برؤوسكم } والباء فيه للالصاق فكأنه قال : امسحوا رؤوسكم قال ابن برهان : من زعم أن الباء للتبعيض فقد جاء عن أهل اللغة بما لا يعرفونه ولأن الذين وصفوا وضوء النبي A [ ذكروا أنه مسح رأسه كله ] وما روى عنه أنه مسح مقدم رأسه أ فمحمول على أن ذلك مع العمامة كما جاء مفسرا في حديث المغيرة ابن شعبة ونحن نقول به وعفى في المبهج و المترجم عن يسيرة للمشقة وصوبه في الانصاف قال الزركشي : وظاهر كلام الاكثرين بخلافه ومنه أي الرأس الأذنان لحديث ابن ماجه وغيره من غير وجه مرفوعا [ الأذنان من الرأس ] فيجب مسحهما و الرابع غسل الرجلين مع الكعبين لقوله تعالى : { وأرجلكم إلى الكعبين } والكلام هنا في الكعبين كالكلام السابق في المرفقين و الخامس الترتيب بين الأعضاء كما ذكر الله تعالى لأنه أدخل ممسوحا بين مغسولين وقطع النظير عن نظيره وهذا قرينة إرادة الترتيب وتوضأ النبي A مرتبا وقال : [ هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به ] أي بمثله وما روي عن علي ما أبالي إذا أتممت وضوئي بأي أعضائي بدأت قال أحمد : انما عني به اليسرى قبل اليمنى لأن مخرجهما في الكتاب واحد وروى أحمد بإسناده أن عليا سئل فقيل له : أحدنا يستعجل فيغسل شيئا قبل شيء ؟ فقال : لا حتى يكون كما أمرالله تعالى وما روى عن ابن مسعود لا بأس أن تبدأ برجليك قبل يديك في الوضوء فلا يعرف له أصل والواجب الترتيب لا عدم التنكيس فلو وضأه أربعة في حالة واحدة لم يجزئه ولو انغمس في ماء راكد أو جار ينوي به رفع الحدث لم يرتفع حدثه حتى يخرج مرتبا مع مسح رأسه في محله على ما تقدم : أن الجاري كالراكد خلافا لما ذكره جمع هنا وإن نكس وضوءه لم يحتسب بما غسله قبل وجهه وان توضأ منكسا أربع مرات صح وضوؤه اذا كان متقاربا يحصل له من كل وضوء : غسل عضو و السادس الموالاة لحديث خالد بن معدان [ أن النبي A رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء ] رواه أحمد و أبو داود وزاد والصلاة وفي اسناده : بقية وهو اسم رجل ثقة روى له مسلم ولو لم تجب الموالاة لأمره لغسل اللمعة فقط ولأن الوضوء عبادة يفسدها الحدث فاشترطت لها الموالاة كالصلاة ولم ينقل عن النبي A انه توضأ إلا متواليا ولم يشترط في الغسل ترتيب ولا موالاة لأن المغسول فيه بمنزلة عضو واحد ويسقطان أي الترتيب والموالاة مع غسل عن حدث أكبر لاندراج الوضوء فيه كاندراج العمرة في الحج وهي أي الموالاة ان لا يؤخر غسل عضو حتى يجف ما أي العضو قبله أو بقية عضوحتى يجف أوله بزمن معتدل أو قدره أي قدر الزمن المعتدل من غيره أي غير المعتدل بأن كان حارا أو باردا ويضر أي تفوت الموالاة إن جف عضو أو بعضه قبل غسل ما بعده أو بقيته لاشتغال بتحصيل ماء يتمم به وضوءه أو جف ذلك لإسراف أو ازالة نجاسة ليست بمحل التطهير أو ازالة وسخ ونحوه كجبيرة حلها لغيرطهارة بأن كان ذلك في غير أعضاء الوضوء فإن كان فيها لم يؤثر لأنه إذن من أفعال الطهارة و لا يضر اشتغاله بسنة من سنن الوضوء كتخليل لحية وأصابع واسباغ الماء أي ابلاغه مواضعه من الأعضاء بأن يؤتى كل عضو حقه وازالة شك بأن يكرر غسل عضو حتى يعلم انه استكمل غسله أو ازالة وسوسة لأنها شك في الجملة .
ولما أنهى الكلام على فروض الوضوء شرع في شروطه جامعا بينه وبين الغسل اختصارا لاشتراكهما في أكثرها فقال :