باب في تعارض البينتين وهو التعادل من كل وجه .
يقال تعارضت البينتان إذا تقابلتا أي أثبتت كل منهما ما نفته الأخرى فلا يمكن العمل بواحدة منهما فتسقطان وعارض زيد عمرا إذا كان أتاه بمثل ما أتاه من قال لقنه من ذكرأوأنثى متى قتلت فأنت حر لم تقبل دعوى قنه بعد موت سيده قتله أي أنه مات قتيلا إلا ببينة لأنه خلاف الأصل وتقدم بينة قن بقتله على بينة وارث بأنه مات حتف أنفه لأن مع الأولى زيادة علم فإن لم تكن بينة فلقن تحليف وارث على نفي العلم وإن قال سيد عبدين فأكثر : إن مت في المحرم فسالم حر و إن مت في صفر فغانم حر ثم مات وأقام كل من سالم وغانم بينة بموجب عتقه تساقطتا لأن كلا منهما تنفي ما تثبته الأخرى ورقا لجواز موته في غيرالمحرم وصفر لما سبق كما لو لم تقم بينة لواحد منهما وجهل وقته أي وقت موته فيرقان لما سبق وان علم موته في أحدهما أي الشهرين وجهل أهو المحرم أو صفر أقرع بين العبدين فمن خرجت له القرعة عتق ورق الآخر و إن قال إن مت في مرضي هذا فسالم حر وإن برئت منه فغانم حر ثم مات وأقاما بينتين أي أقام كل بينة بموجب عتقه تساقطتا أي بينتاهما ورقا لنفي كل من البينتين ما شهدت به الأخرى حكاه المقنع عن الأصحاب ثم قال : والقياس أن يعتق أحدهما بالقرعة وزيف في الشرح ما نقله عن الأصحاب إذ لا يخلومن أن يكون مات في المرض أو برىء منه قال في الانصاف : وهو الصواب وهوظاهر ما قدمه في الفروع وإن جهل مم مات ولا بينة أقرع بينهما فيعتق من خرجت له القرعة لأنه لا يخلو إما أن يكون برىء أو لم يبرأ فيعتق أحدهما على كل حال وكذا إذا أتى بمن بدل في بأن قال : إن مت من مرضي هذا فسالم حر وإن برئت منه فغانم حر في التعارض إذا أقام كل منهما بينة بموجب عتقه فيسقطان ويبقيان في الرق لاحتمال موته في المرض بحادث كلسع وما في صورة الجهل وعدم البينة فيعتق سالم لأن الأصل دوام المرض وعدم البرء وان شهدت على ميت ببينة أنه وصى بعتق سالم و شهدت عليه بينة أخرى أنه وصى بعتق غانم وكل واحد من سالم وغانم ثلث ماله أي الموصي ولم تجز لورثة عتقهما عتق أحدهما بقرعة لثبوت الوصية بعتق كل منهما والاعتاق بعد الموت كالاعتاق في مرض الموت وقد ثبت الاقراع بينهما فيه لحديث عمران بن حصين فكذا الاعتاق بعد الموت لاتحاد المعنى فيهما فإن أجاز الورثة الوصيتين عتقا لأن الحق لهم كما لوأعتقوهما بعد موته ولو كانت بينة غانم وارثة فاسقة ولم تكذب الأجنبية عتق سالم بلا قرعة لأن بينة غانم الفاسقة لا تعارضها ويعتق غانم بقرعة بأن يكتب برقعة يعتق وبأخرى لا يعتق وتدرج كل منهما ببندقة من شمع أو طين بحيث لا تتميز إحداهما من الأخرى ويقال لمن لم يحضر أخرج بندقة على هذا وبندقة على هذا فإن خرجت لغانم رقعة العتق عتق وإلا فلا لأن البينة الوارثة مقرة بالوصية بعتق غانم أيضا وإن كانت البينة الوارثة عادلة وكذبت البينة الأجنبية عمل بشهادتها لعدالتها ولغا تكذيبها الأجنبية فينعكس الحكم فيعتق غانم بلا قرعة لإقرار الورثة أنه لم يعتق سواه ويقف عتق سالم على القرعة ولو كانت البينة الوارثة فاسقة وكذبت العادلة الأجنبية أو شهدت برجوعه عن عتق سالم عتقا أما سالم فلأنه لم يثبت عتق غانم وأما غانم فلإقرار الورثة بعتقه وحده ولأن شهادتهما بالرجوع عن عتق سالم يتضمن الإقرار بالوصية بعتق غانم وحده كما لو كذبت الأخرى ولو شهدت الوارثة برجوعه عن عتق سالم ولا فسق بها ولا تكذيب منها لبينة سالم عتق غانم وحده لثبوت الرجوع عن عتق سالم ببينة عادلة بلا تهمة لأنها لا تجر إلى نفسها بشهادتها نفعا ولا تدفع عنها ضررا وأما جرها ولاء غانم فيعادله إسقاط ولاء سالم على أن الولاء إنما هوثبوت سبب الإرث ومثله لا ترد الشهادة فيه كما يثبت النسب بالشهادة وإن كان الشاهد يجوزأن يرث المشهود له به وتقبل شهادة الانسان لأخيه بالمال وإن جاز أن يرثه ولو كان في هذه الصورة وهي ما إذا كانت الوارثة العادلة شهدت برجوعه عن عتق سالم وغانم أي قيمته سدس ماله عتقا أي سالم وغانم ولم تقبل شهادتهما برجوعه عن عتق سالم لأنها متهمة بدفع السدس الآخر عنها وخبر وارثة عادلة ك شهادة وارثة فاسقة لأنه إقرار وسواء فيه العدل والفاسق وإن شهدت بينة بعتق سالم في مرضه و شهدت بينة أخرى بعتق غانم فيه عتق السابق منهما تاريخا لما تقدم أن تبرعات المريض المنجزة يبدأ منها بالأول فالأول فإن جهل التاريخ بأن أطلقت البينتان أو إحداهما فأحدهما يعتق بقرعة كما لو اتحد تاريخهما لأنه لا يخلو إما أن يكون أعتقها معا فيقرع بينهما لحديث عمران بن حصين أو يكون اعتق أحدهما قبل الآخر وأشكل فيخرج بالقرعة كنظائره وكذا لو كانت بينة أحدهما أي العبدين وارثة ولم تنكر الأجنبية فيعتق السابق إن علم التاريخ وإن لم يعلم السابق عتق أحدهما بقرعة فإن سبقت البينة الأجنبية تاريخا بأن قالت : أعتق سالما في أول يوم من المحرم أوأعتق غانما في ثانية فكذبتها الوارثة بأن قالت : ما أعتق في أول المحرم إلا غانما عتق العبدان أما سالم فلشهادة البينة العادلة أنه السابق وأما غانم فلإقرار الورثة أنه المستحق للعتق وحده لسبق عتقه أو سبقت البينة الوارثة البينة الأجنبية وهي أي الوارثة فاسقة عتقا أما غانم فلشهادة البينة العادلة بسبق عتقه واما سالم فلإقرار الورثة أنه المستحق للعتق وحده وإن جهل أسبقهما أي العبدين عتقا بأن اتففت البينتان على أنه أعتق أحد العبدين وأنهما لا يعلمان أسبقهما عتقا عتق واحد منهما بقرعة كما لو أعتقهما بلفظ واحد وإن قالت البينة الوارثة ما أعتق إلا غانما طعنا في بينة سالم عتق غانم كله لإقرار الورثة بعتقه وحكم سالم إذن كحكمه لو لم تطعن الورثة في بينة في أنه يعتق إن تقدم تاريخ عتقه أو خرجت له القرعة لعدم قبول طعن الوارثة في الأجنبية لأن الأجنبية مثبتة والوارثة نافية والمثبت مقدم على النافي وإن كانت البينة الوارثة فاسقة ولم تطعن في بينة سالم عتق سالم كله لشهادة البينة العادلة بعتقه ولا معارض لهما وينظر في غانم فمع سبق تاريخ عتق أو مع خروج القرعة له يعتق كله لإقرار الورثة أنه المستحق للعتق دون غيره ومع تأخره أي عتق غانم أو خروجها أي القرعة لسالم لم يعتق منه شيء أي غانم لأن بينته لوكانت عادلة لم يعتق منه إذن شيء فأولى إذا كانت فاسقة وإن كذبت الوارثة بينة سالم الأجنبية عتقا لأن سالما مشهود بعتقه وغانما مقر له بأنه لا يستحق العتق سواء وتدبير رقيق مع تنجيز عتق آخر بمرض الموت المخوف كآخر تنجيزين مع أسبقهما لأن التدبير تعليق العتق بالموت فوجب تأخره عن المنجز فى الحياة