باب النذر .
وهو لغة الإيجاب يقال نذر دم فلان أي أوجب قتله وشرعا إلزام مكلف مختار ولو كان كافرا بعبادة نصا لحديث عمر [ إني كنت نذرت في الجاهلية أن عتكف ليلة فقال A أوف بنذرك ] ولأن نذر العبادة ليس عبادة نفسه مفعول إلزام لله متعلق بإلزام تعالى لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا [ لا نذرا إلا فيما ابتغى به وجه الله ] رواه أحمد و أبوداود بكل قول يدل عليه أي الإلزام فلا يختص بالله على ونحوه ولا ينعقد بغير القول كالنكاح والطلاق شيئا مفعول ثان لإلزام غير لازم بأصل الشرع كصدقة بدرهم وعلى المذهب ينعقد في الواجب أيضا ويأتي ولا محال بخلاف لله على أن أجمع بين الضدين فلا ينعقد وأجمعوا على صحة النذر ولزوم الوفاء به في الجملة لقوله تعالى : { يوفون بالنذر } وليوفوا نذورهم وحديث عائشة مرفوعا [ من نذرأن يطيع الله فليطعه - ومن نذرأن يعصيه فلا يعصه ] رواه الجماعة إلا مسالها فلا تكفي نيته أي الإلزام كاليمين وهو أي النذر مكروه لحديث النذر لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل وقال ابن حامد وغيره لا يرد قضاء ولا يملك به شيئا محدثا وقال تعالى : - { وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة } وحرمه طائفة من أهل الحديث ونقل عبد الله نهى عنه رسول الله A وظاهرما سبق يصلي النفل كما هولا ينذره ثم يصليه قاله في الفروع وينعقد النذر في واجب كلله علي صوم رمضان ونحوه كصلاة الظهر وعليه فكان الأولى إسقاط غيرلازم بأصل الشرع من التعريف فيكفر ناذر إن لم يصمه أي ما نذره من الواجب كحلفه عليه بأن قال : والله لأصومن رمضان ثم لم يصمه فيكفر وعند الأكثر لا ينعقد النذر في واجب والتعريف عليه ك ما لا ينعقد بقوله لله علي صوم أمس ونحوه من المحال لأنه لا يتصور الوفاء به ولا كفارة فيه وحديث عقبة بن عامر مرفوعا [ كفارة النذر كفارة اليمين ] رواه مسلم فيما يمكن الوفاء به وأنواع نذر منعقد ستة أحدها النذر المطلق ك قوله لله علي نذر أو إن فعلت كذا فلله علي نذر ولا نية له بشيء وفعله أي ما علق عليه نذره ف عليه كفارة يمين لحديث عقبة بن عامر مرفوعا [ كفارة يمين كفارة النذر إن لم يسم ] رواه ابن ماجه و الترمذي وقال حسن صحيح غريب النوع الثاني نذر لجاج وغضب وهو تعليقه أي النذر بشرط يقصد المنع من فعل شيء أو يقصد الحمل عليه فالأول ك قوله إن كلمتك فعلي الحج أو العتق أو الصوم سنة أو مالي صدقة أو أي والثاني كقوله إن لم أخبرك بكذا فعلي الحج أو العتق أوصوم سنة أو مالي صدقة فيخير بين فعل ذلك وكفارة يمين لحديث عمر بن حصين [ ان سمعت رسول الله A يقول : لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين ] رواه سعيد ولأنها يمين فيخيرفيها بين الأمرين كاليمين بالله تعالى ولا يضر قوله في نذر اللجاج والغضب على مذهب من يلزم بذلك المنذوركمالك أو قوله لا أقلد من يرى الكفارة ونحوه لأنه توكيد والشرع لا يتغيربه ومن علق صدقة شيء ببيعه و علقها آخر بشرائه فاشتراه كفركل واحد منهما كفارة يمين نصا كما لوحلفا عليه وحنثا النوع الثالث نذر فعل مباح ك قوله لله علي أن ألبس ثوبي أو لله علي أن أركب دابتي فيخير أيضا بين فعله وكفارة يمين كما لوحلف عليه وروى أبوداود [ أن امرأة أتت النبي A فقالت : إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف فقال لها رسول الله A : أوف بنذرك ] النوع الرابع نذر فعل مكروه ك نذر طلاق ونحوه كأكل ثوم وبصل فيسن أن يكفر ولا يفعله كما لو حلف عليه وأما منع زوجته إذا استأذنته إلى المسجد فتقدم أنه يكره النوع الخامس نذر فعل معصية كشرب خمر وصوم يوم عيد أو يوم حيض أو أيام التشريق أوترك واجب فيحرم الوفاء به لحديث [ ومن نذرأن يعصي الله فلا يعصه ] ولأن المعصية لا تباح في حال من الأحوال ويكفر من لم يفعله أن نذر المعصية كفارة يمين روى نحوه ابن مسعود و ابن عباس و عمران : ابن حصين و سمرة بن جندب كما لو حلف ليفعلنه ولم يفعله ويقضي من نذر صوما محرما غير صوم يوم حيض فمن نذر صوم يوم عيد أو أيام التشريق قضاها وكفر لأن المنع لمعنى في غيرها وهو كونه في ضيافة الله تعالى كنذر مريض صوم يوم يخالف عليه فينعقد نذره ويحرم صومه وكذا نذر صلاة في ثوب محرم بخلاف نذرصوم يوم حيض فلا ينعقد لأنه مناف للصوم لمعنى فيه كنذرصوم ليلة لأنها ليست محل صوم ومن نذر ذبح معصوم حتى نفسه ف عليه كفارة يمين فقط لحديث [ لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين ] رواه سعيد وكاليمين لحديث [ النذر حلقة وكفارته كفارة يمين ] وتتعدد كفارة على نذر ذبح ولده بتعدده ولأنه مفرد مضاف فيعم ما لم ينو بنذره ولدا معينا بذبحه فتجزئه كفارة واحدة وهكذا في الإقناع وغيره مع قولهم بعده ولو كان المتروك خصالا كثيره أجزأته كفارة واحدة النوع السادس نذر تبر وكصلاة وصوم واعتكاف وصدقة مما لا يضره ولا عياله ولا غريمه وحج وعمرة وزيارة أخ في الله تعالى وعيادة مريض وشهود جنازة بقصد التقرب مطلقا أي غير معلق بشرط أو علق بشرط وجود نعمة يرجوها أو دفع نقمة يخافها ك قوله إن شفى الله مريضي أو سلم مالي لأتصدقن بكذا أو حلف بقصد التقرب ك قوله والله لئن سلم مالي لأتصدقن بكذا فوجد شرطه لزمه الوفاء بنذره نصا وكذا إن طلعت الشمس أو قدم الحاج فلله علي كذا ذكره في المستوعب لعموم حديث [ من نذر أن يطيع الله فليطعه ] رواه البخاري وذم تعالى الذين ينذرون ولا يوفون فقال ومنهم من عاهد الله لن أتانا من فضله لنصدقن إلى قوله بما أخلفوا الله ما وعدوه ومن نذر طاعة وما ليس بطاعة لزمه فعل الطاعة فقط لحديث ابن عباس قال [ بينما النبي A يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا أبو اسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي A : مروه فليجلس وليستظل وليتكلم وليتم صومه ] رواه البخاري : ويكفر للمتروك كفارة واحدة ولو خصالا كثيرة لأنه نذر واحد ويجوز إخراجه أي ما نذره من الصدقة وفعل ما نذره من الطاعة قبله أي قبل وجود ما علق عليه لوجود سببه وهو النذر كإخراج كفارة يمين قبل الحنث ولو نذر الصدقة من تسن له الصدقة بكل ماله أو بألف ونحوه من الاعداد وهو أي الالف ونحوه كل ماله بقصد القربة متعلق بنذر أجزأه ثلثه يوم نذره يتصدق به ولا كفارة نصا لقوله A لأبي لبابة ابن عبد المنذر [ يجزىء عنك الثلث ] حين قال أن من توبتي أن أهجر دار قومي وأساكنك وأن أنخلع من مالي صدقة لله D ولرسوله رواه أحمد فظاهر قوله A [ يجزىء عنك الثلث ] أن أبا لبابة أتى بما يقتضي إيجاب الصدقة على نفسه إذ الأجزاء غالبا إنما يستعمل في الواجبات ولوكان مخيرا بإرادة الصدقة لما لزمه شيء يجزىء عنه بعضه و لو نذر الصدقة من تسن له بقصد القربة ببعض من ماله مسمى كنصفه أو ألف وهو بعض ماله لزمه ما سماه لأنه التزم ما لا يمنع منه شيء كسائر النذور وإن نوى بنذره الصدقة بماله شيئا ثمينا من ماله أو نوى مالا دون مال أخذ بنيته كما لو حلف عليه فإن لم تسن له الصدقة بأن أضر بنفسه أو عياله وغريمه ونحوه مما ذكرفي صدقة التطوع أو لم يقصد القربة بأن كان في لجاج أجزأته الكفارة وإن نذرها بمال ونيته ألف يخرج ما شاء من ماله لأن اسم المال يقع على القليل وما نواه زيادة عما تناوله الاسم والنذر لا يلزم بالنية فيصرفه للمساكين ويجزىء لواحد ك نذر صدقة مطلقة فإن عينت لزيد مثلا لزم دفعها إليه ولا يجزيه أي من نذر الصدقة بماله أو بعضه أو بمال إسقاط دين عن مدينه ولوفقيرا قال أحمد لا يجزئه حتى يقبضه أي لأن الصدقة تمليك وهذا إسقاط كالزكاة ومن حلف لارددت سائلا أو نذر لا رددت سائلا ف هو كمن حلف على الصدقة بماله أو نذر الصدقة بماله لأنه في معناه فيجزيه الصدقة بثلثه فإن لم يتحصل له أي الحالف أو الناذر من نحوكسبه إلا ما يحتاجه لنفقته ونفقة عياله ف عليه كفارة يمين لترك ما حلف عليه أو نذره وإلا بأن تحصل له فوق ما يحتاجه تصدق بثلث الزائد عن حاجته وحبة بر ونحوها كأرزة وشعيرة ليست سؤال السائل اعتبار بالمقاصد قلت وحديث [ اتقوا النارولو بشق تمرة ] يدل على إجزاء نصف التمرة ونحوها فأكثر لا أقل و من قال إن ملكت مال فلان فعلي الصدقة به فمملكه ف هو كماله أي الناذر فيجزئه ثلثه ومن حلف فقال علي عتق رقبة لا فعلت كذا فحنث ف عليه كفارة يمين كالحلف عليه بالله