فصل ومن حلف لا يلبس شيئا .
فلبس ثوبا أو درعا أو جوشنا أو قلنسوة أو عمامة أو خفا أو نعلا حنث لأنه ملبوس حقيقة وعرفا كالثياب وقيل لابن عمر إنك تلبس هذه النعال قال إني رأيت رسول الله A يلبسها لكن إن أدخل يده في الخف أو النعل لم يحنث لأنه لا يعد لبسا عرفا و من حلف لا يلبس ثوبا حنث كيف لبسه ولو تعمم به أو ارتدى بسراويل حلف لا يلبسها أو اتزر بقميص حلف لا يلبسه لأنه لبسه و لا يحنث بطيه وتركه على رأسه مطويا ولا بنومه عليه أو تدثره أي جعله دثارا أو التحافه به لأنه لا يسمى لبسا ولا يلبس قميصا فارتدى به بأن جعله مكان الرداء حنث لأن المرتدي لابس و لا يحنث أن اتزر به أي جعله مكان الإزار و من حلف لا يلبس حليا فلبس حلية ذهب أو فضة أو جوهر أو لبس منطقة محلاة بذلك أو لبس خاتما من ذهب أو فضة ولو في غير خنصر أو فلبس دراهم أو دنانير في مرسلة أو مخنقة من لؤلؤ أو جوهر ولا حنث لقوله تعالى : { ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها } { يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا } ولأن الفضة حلي إذا كانت سوارا أو خلخالا فكذا إذا كانت خاتما ولأن اللؤلؤ والجوهرحلي مع غيره فكان حليا وحده كالذهب و لا يحنث من حلف لا يلبس حليا إن لبس عقيقا أو سبحا أو حريرا لأنه لا يسمى حلية كحرز الزجاج ولا إن حلف لا يلبس قلنسوة فلبسها في رجله لأنه ليس لابسا لها و من حلف لا يدخل دار فلان أو حلف لا يركب دابته أو حلف لا يلبس ثوبه حنث بما جعله فلان لعبده من دار ودابة وثوب لأنه ملك سيده أو بما أجره فلان في هذه أو استأجره منها لبقاء ملكه للمؤجر ولملكه منافع ما استأجره و لا يحنث بما استعاره فلان من هذه لأنه لا يملك منافعه بل الإعارة إباحة بخلاف الإجارة و إن حلف لا يدخل مسكنه أي فلان حنث بمستأجر يسكنه و بB مستعار يسكنه وبمغصوب يسكنه لأنه مسكنه و لا يحنث ب دخول ملكه الذي لا يسكنه لأنه إنما حلف على مسكنه وليس هذا مسكنا له وإن قال والله لا أدخل ملكه يحنث ب دخول مستأجر ولا مستعار لأنه ليس ملكا له و إن حلف لا يركب دابة عبد فلان حنث بركوب ما جعل من الدواب برسمه أي العبد لاختصاصه به ك حنثه بB حلفه لا يركب رحل هذه الدابة أو لا يبيعه إذا ركب أو باع جعل رحلا لها و إن حلف لا يدخل دارا معينة فدخل سطحها حنث لأن الهواء تابع للقرار فلذلك صح الاعتكاف بسطح المسجد ومنع منه نحو حائض أو حلف لا يدخل بابها فحول الباب ودخله حنث لأن المحدث هوبابها و لا يحنث إن دخل طاق الباب لأن الدار عرفا ما يغلق عليه بابها فطاق الباب خارج عن ذلك فليس منها أو وقف على حائطها فلا يحنث لأنه لا يسمى دخولا كما لوتعلق بغصن شجرة خارج الدار وأصلها بها و إن حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان ذكرا أو أنثى صغيرا وكبيرا حرا ورقيقا لأنه نكرة في سياق النفي فيعم حتى ب قوله له تنح أو اسكت وزجره بكل لفظ لأنه كلام فيدخل فيما حلف على عدمه و لا يحنث بسلام من صلاة صلاها إماما نصا لأنه قول مشروع في الصلاة كالتكبيرات و إن حلف لا كلمت زيدا فكاتبه أو راسله حنث لقوله تعالى : { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا } وحديث [ ما بين دفتي المصحف كلام الله ] ما لم ينو حالف مشافهته بالكلام فلا يحنث بالمكاتبة ولا المراسلة لعدم المشافهة فيهما إلا إذا ارتج عليه أي المحلوف عليه أن لا يكلمه في صلاة ففتح حالف عليه وإن لم يكن إماما له فلا يحنث لأنه كلام الله وليس كلام الآدميين قال أبو الوفاء : لوحلف لا يسمع كلام الله فسمع القرآن حنث إجماعا و إن حلف لا بدأته بكلام فتكلما معا لم يحنث لأنه لم يبدأه به حيث لم يتقدمه به و إن حلف لا كلمته أي فلانا حتى يكلمني أو حتى يبدأني بكلام فتكلما معا حنث لمخالفته ما حلف عليه و إن حلف لا كلمته أي فلانا حينا أو حلف لا كلمته الزمان ولا نية لحالف تخص قدرا معينا منه ف المدة ستة أشهر نص عليه في الأولى لقول ابن عباس في قوله تعالى : { تؤتي أكلها كل حين } إنه ستة أشهر وقاله عكرمة و سعيد بن جبير و أبو عبيد و الزمان معرفا في معناه و إن حلف لا كلمت زيدا زمنا أو أمدا أو دهرا أو بعيدا أو مليا أو عمرا أو طويلا أو حقبا أو وقتا فأقل زمان لأن هذه الأشياء لا حد لها لغة ولا عرفا بل تقع على القليل والكثيرفوجب حملها على أقل ما يتناوله الاسم وقد يكون البعيد قريبا بالنسبة إلى ما هوأبعد منه وبالعكس ولا يجوز التخصيص بالتحكم و إن حلف لا كلمته العمر معرفا أو حلف لا كلمته الأبد معرفا أو حلف لا كلمته الدهر معرفا ف ذلك كل الزمان حملا لأل على الاستغراق لتبادره والحقب معرفا ثمانون سنة جزم به جمع و إن حلف لا كلمته أشهرا أو لا كلمته شهورا أو لا كلمته أياما ف ذلك ثلاثة أشهر في الأوليين أو أيام في الأخيرة لأن الثلاثة أقل الجميع والزائد مشكوك فيه وإن عين بحلفه أياما تبعها الليالي و إن حلف لا كلمته إلى الحصاد أو إلى الجذاذ ف إنه تنتهي مدة حلفه إلى أول مدته أي الحصاد والجذاذ لأن إلى لانتهاء الغاية فلا تدخل مدتها في حلفه و إن حلف لا كلمت زيدا الحول ف عدة حلفه حول كامل من اليمين لا تتمته إن حلف في أثناء حول لأنها ليست حولا و إن حلف لا يتكلم فقرأ أو سبح أو ذكر الله تعالى أو قال لمن دق عليه الباب : أدخلوها بسلام آمنين بقصد القرآن وتنبيهه له لم يحنث لأن الكلام عرفا كلام الآدميين خاصة لحديث [ إن الله يحدث من أمره ما يشاء وقد أحدث لا تتكلموا في الصلاة ] وقال زيد ابن أرقم كنا نتكلم في الصلاة حتى نزل { وقوموا لله قانتين } فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام وقال تعالى : { آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا } { واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار } ولأن ما لا يحنث به في الصلاة لا يحنث به خارجها وإن لم يقصد به أي بأدخلوها بسلام آمنين القرآن حنث وظاهره ولو أطلق لأنه إذن من كلام الآدميين وحقيقة الذكر ما نطق به وما لا ينطق به حديث نفس و إن حلف لا ملك له لم يحنث بدين له لاختصاص الملك بالأعيان المالية والدين إنما يتعين الملك فيما يقبضه منه و إن حلف لا مال له أو أنه لا يملك مالا حنث ب ملك مال ولو غير زكوي وبدين له وضائع لم ييأس من عوده وبمغصوب لأن المال ما تناوله الناس عادة لطلب الربح من الميل من يد إلى يد وجانب إلى جانب سواء وجبت فيه زكاة أو لا لقول عمر : أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط هوأنفس عندي منه وفي الحديث [ خير المال سكة مأبورة أو مهرة مأمورة ] والسكة الطريقة من النخل المصطفة والتأبير التلقيح وقيل السكة سكة الحرث والدين مال تجب فيه الزكاة ويصح التصرف فيه بالإبراء والحوالة ونحوها والضائع والمغصوب الأصل بقاؤهما و لا يحنث من حلف لا مال له أولا يملك مالا بمستأجر لأنه لا يسمى مالا عرفا إذ لا يملك إلا منفعته و إن حلف ليضربنه بمائة فجمعها وضربه بها ضربة واحدة بر لأنه ضربه بالمائة و لا يبر إن حلف ليضربنه مائة فجمعها وضربه بها ضربة واحدة ولو آلمه بها لأن ظاهر يمينه أن يضربه مائة ضربة ليتكرر ألمه بتكرر الضرب بدليل أنه لو ضربه مائة بنحو عصاه واحدة بر ولأن الآلة هنا أقيمت مقام المصدر وانتصبت انتصابه فتعدد الضرب بتعددها