باب جامع الايمان .
أي مسائلها ويرجع فيها أي الايمان إلى نيه حالف في مبناها ابتداء ليس بها أي اليمين أو النية ظالما نصا مظلوما كان أو لا وأما الظالم الذي يستحلفه حاكم بحق عليه فيمينه على ما يصدقه صاحبها وتقدم إذا احتملها أي النية لفظه أي الحالف كنيته بالسقف والبناء السماء و كنيته بالفراش و بB البساط الأرض و كنيته باللباس الليل وبالأخوة أخوة الإسلام وما ذكرت فلانا أي قطعت ذكره وما رأيته أي ضربت رئته و كنيته بنسائي طوالق أقاربه النساء و كنيته بجواري أحرار سفنه وبقوله ما كاتبت فلانا مكاتبة الرقيق وبما عرفته ما جعلته عريفا وبما أعلمته أي جعلته أعلما أي شققت شفته وبما سألته حاجة أي شجرة صغيرة وبما أكلت له دجاجة الكبة من الغزل وبالفروجة الدراعة وبالفراش صغار الإبل والحصر الحبس وبالبارية السكين يبري بها ونحوه ويقبل حكما دعوى إرادة ما ذكره مع قرب إحتمال منويه من ظاهر لفظه و مع توسطه أي الاحتمال بأن لم يكن قريبا ولا بعيدا فيقدم ما نواه على عموم لفظه لأنه نوى بلفظه ما يحتمله ويسوغ لغة التعبير به عنه فانصرفت يمينه إليه والعام قد يراد به الخاص كقوله تعالى : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم } فالناس الأول أريد به نعيم بن مسعود الأشجعي والناس والثاني أبوسفيان وأصحابه وكقوله : { تدمر كل شيء بأمر ربها } ولم تدمر السماء ولا الأرض ولا مساكنهم والخاص قد يراد به العام كقوله تعالى : { ما يملكون من قطمير } { ولا تظلمون فتيلا } { فإذا لا يؤتون الناس نقيرا } والقطمير لفاقة النواة والفتيل ما في شقها والنقير النقرة التي في ظهرها ولم يرد ذلك بعينه بل كل شيء وحيث احتمله اللفظ وجب صرف اليمين إليه بالنية لحديث [ وإنما لكل امرىء ما نوى ] ولأن كلام الشارع يحمل على ما دل دليل على إرادته به فكذا كلام غيره وأما ما لايحتمله اللفظ أصلا كما لوحلف لا يأكل خبزا وقال أردت لا أدخل بيتا فلا أثرله لأنها نية مجردة لا يحتملها لفظه أشبه ما لو نواه بغيريمين وإن بعد الاحتمال لم تقبل دعوى إرادته حكما ويدين كما تقدم في التأويل ويجوز التعريض في مخاطبة لغير ظالم ولو بلا حاجة كمن سئل عن شخص فقال ما هوهنا مشيرا إلى نحوكفه فإن لم ينو حالف شيئا فإلى سبب يمين وما هيجها لدلالتها على النية فمن حلف ليقضين زيدا حقه غدا لقضاه قبله لم يحنث إذا قصد عدم تجاوزه أي الغد أو اقتضاء السبب لأن مبني الأيمان على النية ثم السبب فحيث نوى القضاء قبل خروج الغد ودل السبب عليه تعلقت اليمين به وكذا لوحلف على أكل شيء وبيعه وفعله غدا فإن قصد عدم تجاوزه أو اقتضاه السبب ففعله قبله لم يحنث وإلا حنث لتركه فعل ما تتناوله يمينه لفظا مع عدم صارف عنه من نية أوسبب كما لو حلف ليصومن شعبان فصام رجب ومن حلف لاقضينه حقه غدا أو لأقضينه غدا أو قصد مطله فقضاه قبله حنث لفعله خلاف ما حلف عليه لفظا ونية و من حلف عن شيء لا يبيعه إلا بمائة لم يحنث إلا إن باعه بأقل منها فلا يحنث إن لم يبعه أو باعه بمائة أو أكثر منها لدلالة القرينة و لوحلف لا يبيعه بها أي مائة حنث ببيعه بها أي المائة وبأقل منها لأنه العرف في هذا بدليل ما لو وكله في بيعه بمائة فباعه بأقل منها ولأنه تنبيه على امتناعه من بيعه بدون المائة وإن حلف لا ينقص هذا الثوب عن مائة فقال أخذته بالمائة لكن هب لي كذا فقال أحمد هذا حيلة قيل له فإن قال البائع أبيعك بكذا وهب لفلان شيئا فقال هذا كله ليس بشيء وكرهه ولوحلف لاشتريته بمائة فاشتراه بها أو بأكثر حنث لا بأقل و إن حلف لا يدخل دارا فقال نويت اليوم قبل منه حكما لأنه محتمل ولا يعلم إلا منه فلا يحنث بالدخول للدار في غيره أي غير اليوم الذي نواه لتعلق قصده بما نواه فاختص الحنث به وكذا لو حلف لا يأكل خبزا أو لحما ونحوه ونوى معينا أو في وقت معين فلا يحنث بغيره ومن دعي لغداء فحلف لا يتندى لم يحنث إن تغدى بغداء غيره إن قصده قلت أودل عليه سبب اليمين و من حلف لا يشرب له أي لفلان الماء من عطش ونيته أو السبب قطع منته حنث بأكل خبزه واستعارة دابته وكل ما فيه منة لأنه للتنبيه على ما هو أعلى منه كقوله تعالى : { ولا تظلمون فتيلا } ولا يحنث بأقل منه كقعوده في ضوء ناره وظل حائطه لأن لفظه لا يتناوله ولا نية و إن حلف على نحو امرأته لا تخرج للتعزية ولا للتهنئة ونوى أن لا تخرج أصلا فخرجت لغيرهما حنث للمخالفة لغة أو حلف لا يلبس ثوبا من غزلها قطعا للمنة فباعه واشترى بثمنه ثوبا ولبسه أو انتفع به أي بثمنه حنث لأنه نوع انتفاع تلحق فيه المنة وكذا لو امتن عليه بثوب فحلف لا يلبسه قطعا للمنة به فانتفع به في غيراللبس حنث و لا حنث إن انتفع بغيره أي الثوب من مالها غير الغزل وثمنه فلا حنث لأن يمينه لم تتناوله و إن حلف على شيء لا ينتفع به فانتفع به هو أي الحالف أو انتفع به واحد ممن في كنفه أي حيازته وتحت نفقته من زوجة أورقيق أوولد صغير حنث لأنهم في حكمه و إن حلف على امرأته لا يأوي معها بدار سماها ينوي جفاءها ولا سبب يخص الدار فآوى معها في غيرها أي غير الدار التي سماها حنث لمخالفته ما حلف على تركه من جفائها إلغاء لذكر الدار مع عدم السبب لدلالة نية الجفاء عليه كان حلف لايأوي معها كقول الأعرابي واقعت أهلي في نهار رمضان فقال له A : [ أعتق رقبة ] فإنه لما كان ذكر أهله لا أثر له في إيجاب الكفارة حذف من السبب وجعل السبب الوقاع سواء كان لأهله أو غيرهم فإن كان للدار أثر في يمينه ككراهته سكناها أو مخاصمته أهلها له أو امتن عليه بها لم يحنث إن آوى معها في غيرها لأنه لم يخالف ما عليه حلف و'ن عدم السبب والنية لم يحنث إلا بالإيواء معها في تلك الدار بعينها لأنه مقتضى لفظه ولا صارف له عنه وأقل الايواء ساعة أي لحظة فمتى حلف لا يأوي معها في دار فدخلها معها حنث قليلا كان لبثهما أو كثيرا قال تعالى مخبرا عن فتى موسى { أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة } يقال آويت أنا وآويت غيري قال تعالى : { إذ أوى الفتية إلى الكهف } وقال : { وآويناهما إلى ربوة } و لو حلف لا يأوي معها في هذا العيد حنث بدخوله معها قبل صلاة العيد لا بدخوله بعدها لانقضائها بصلاته لقول ابن عباس : حق على المسلمين إذا رأوا هلال شوال أن يكبروا حتى يفرغوا من عيدهم أي من صلاتهم وإن قال والله لا أويت معها أيام العيد أخذ الحالف بالعرف فيحنث بدخوله معها في يوم يعد من أيام العيد عرفا في كل بلد بحسبه لا بعد ذلك و إن قال لامرأته والله لا عدت رأيتك تدخلينها أي دار كذا ينوي منعها من دخولها فدخلتها حنث ولو لم يرها داخلتها الغاء لقوله رأيتك لما تقدم و إن قال لها : والله لا تركت هذا الصبي ونحوه يخرج فأفلت فخرج أو قامت تصلي فخرج أو قامت لحاجة فخرج فإن نوى أن لا يخرج حنث بخروجه الغاء لقوله : تركت لما تقدم وإن نوى أن لا تدعه يخرج فلا حنث لعدم المحلوف عليه لأنها لم تتركه قلت والسبب كالنية فيهما وإن عدمت النية والسبب فلا حنث أيضا