باب صلاة التطوع وما يتعلق بها .
والتطوع في الأصل : فعل الطاعة وشرعا وعرفا : طاعة غير واجبة والنفل والنافلة : الزيادة والتنفل : التطوع صلاة التطوع بعد جهاد أي قتال كفار ف بعد توابعه أي الجهاد كالنفقة فيه ف بعد علم : تعلمه وتعليمه قال أبو الدرداء العالم والمتعلم في الأجر سواء وسائر الناس همج لا خير فيهم من حديث وفقه ونحوهما كتفسير أفضل تطوع البدن خبر : صلاة التطوع فأفضل تطوعات البدن : الجهاد لقوله تعالى : { فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة } وحديث [ وذروة سنامه الجهاد ] فالنفقة فيه لقوله تعالى : { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله } الآية وحديث [ من أنفق نفقة في سبيل الله كتبت بسبعمائة ضعف ] رواه أحمد و النسائي و الترمذي وحسنه و ابن حبان في صحيحه فتعلم العلم وتعليمه لحديث [ فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ] وغيره والمراد : نفل العلم ويتعين منه ما يقوم به دينه : كصلاته .
وصومه ونحوهما وما لم يتعين منه فرض كفاية ونقل مهنا طلب العلم أفضل الاعمال لمن صحت نيته قيل له : فاي شيء تصحيح النية ؟ قال : ينوي يتواضع فيه وينفي عنه الجهل والأشهر عنه : الاعتناء بالحديث والفقه والتحريض على ذلك وقال : ليس قوم خيرا من أهل الحديث وعاب على محدث لا يتفقه وفي آداب عيون المسائل : العلم أفضل الأعمال وأقرب العلماء إلى الله وأولاهم به : أكثرهم له خشية فالصلاة للأخبار : بأنها أحب الأعمال إلى الله وخيرها ومداومته A على نفلها ونص أحمد أن الطواف لغريب أفضل منها أي الصلاة بالمسجد الحرام لأنه خاص به يفوت بمفارقته بخلاف الصلاة فالاشتغال بمفضول يختص بقعة أو زمنا أفضل من فاضل لا يختص قال المنقح في التنقيح والوقوف بعرفة أفضل منه أي الطواف لحديث [ الحج عرفة ] خلافا لبعضهم يحتمل أن يكون مراده : صاحب الفروع حيث قال : فدل ما سبق على أن الطواف أفضل من الوقوف بعرفة لا سيما وهو عبادة بمفرده يعتبر له ما يعتبر للصلاة غالبا ثم أفضل تطوع البدن بعد الصلاة ما تعدى نفعه من صدقة وعيادة مريض وقضاء حاجة مسلم ونحوها ويتفاوت ما يتعدى نفعه في الفضل فصدقة على قريب محتاج : أفضل من عتق أجنبي لأنها صدقة وصلة وهو أي العتق أفضل منها أي من صدقة على أجنبي لعظم نفعه بتخليصه من أسر الرق إلا زمن كلاء وحاجة فالصدقة مطلقا أفضل منه لدعاء الحاجة إليها إذن ثم حج لقصور نفعه عليه فصوم وإضافة الله تعالى الصوم إليه لأنه لا يطلع عليه غيره وهذا لا يوجب أفضليته فان من نوى صلة رحمه وانه يصلي ويتصدق ويحج كانت نيته عبادة يثاب عليها ونطقه جهرا بكلمة التوحيد : أفضل إجماعا أو لأنه لم يعبد به غيره في جميع الملل بخلاف غيره وهوأيضا لا يقتضي أفضليته ومال صاحب الفروع إلى أن عمل القلب أفضل من عمل الجوارح ونقل مهنا عن أحمد : أفضلية الفكرعلى الصلاة والصوم وأفضلها أي صلاة التطوع ما سن أن يصلى باعة لأنه أشبه بالفرائض ثم الرواتب وآكدها أي أأكد ما يسن جماعة كسوف لأن النبي A فعلها وأمربها في حديث ابن مسعود المتفق عليه فاستسقاء لأن النبي A كان يستسقي تارة ويترك أخرى بخلاف الكسوف فلم يترك صلاته عنده فيما نقل عنه لكن ورد ما يدل على الاعتناء بالاستسقاء كحديث أبي داود عن عائشة أمر بمنبر فوضع ووعد الناس يوما يخرجون فيه فتراويح لأنها تسن لها الجماعة فوتر لأنه تشرع له الجماعة بعد التراويح وهو سنة مؤكدة وروي عن أحمد : من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة وليس الوتر بواجب قال في رواية حنبل : الوتر ليس بمنزلة الفرض فان شاء قضى الوتر لان شاء لم يقضه وذلك لحديث طلحة بن عبد الله : [ أن أعرابيا قال يا رسول الله ماذا فرض الله على عباده من الصلوات ؟ قال : خمس صلوات في اليوم والليلة قال : هل علي غيرها ؟ قال : لا إلا أن تطوع ] متفق عليه وأما حديث الوتر حق ونحوه : فمحمول على تأكيد استحبابه جمعا بين الأخبار إلا على النبي A فكان الوتر واجبا عليه للخبر و الأفضل من سنن رواتب تفعل مع فرض سنة فجر [ لقول عائشة لم يكن النبي A على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر ] متفق عليه وقال النبي A [ صلوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل ] رواه أحمد و أبو داود وسن تخفيفهما أي ركعتي الفجر للخبر وأن يقرأ فيهما بعد الفاتحة { قل يا أيها الكافرون } و { قل هو الله أحد } أو في الأولى { قولوا آمنا بالله } - الآية وفي الثانية : { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة } - الآية و سن اضطجاع بعدها على الجنب الأيمن قبل صلاة الفرض نصا لقول عائشة [ كان النبي A إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع ] وفي رواية [ ان كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع ] متفق عليه ف يلي سنة فجر في الأفضلية : مشة مغرب لB [ حديث عبيد مولى النبي A سئل : أكان رسول الله A يأمر بصلاة بعد المكتوبة سوى المكتوبة ؟ فقال : نعم بين المغرب والعشاء ويقرأ فيهما بعد الفاتحة : { قل يا أيها الكافرون } و { قل هو الله أحد } ] ثم باقي الرواتب سواة في الفضيلة ووقت وتر : ما بين صلاة العشاء ولو مع كون العشاء جمعت مع مغرب جمع تقديم في وقت المغرب وطلوع الفجر لحديث معاذ : سمعت رسول الله A يقول : [ زادني ربي صلاة وهي الوتر ووقتها : ما بين العشاء وطلوع الفجر ] رواه أحمد و لمسلم [ أوتروا قبل أن تصبحوا ] وحديث [ إن الله قد أمركم بصلاة وهي خير لكم من حمر النعم وهي الوتر فصلوها فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر ] رواه أبو داود و الترمذي و ابن ماجه و الحاكم وصححه و الوتر آخر الليل لمن يثق بنفسه أن يقوم أفضل لحديث [ من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر من أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فان صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل ] رواه مسلم وأقله أي الوتر ركعة لحديث ابن عمر وابن عباس مرفوعا [ الوتر ركعة من آخر الليل ] رواه مسلم ولقوله A [ من أحب أن يوتر بواحدة فليفعل ] رواه أبو داود وغيره و الحاكم وقال : إنه على شرط الشيخين ولا يكره الوتر بها أي بركعة لما تقدم ولثبوته أيضا عن عشرة من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة وأكثره أي الوتر احدى عشرة ركعة يسلم من كل ثنتين ويوتر بركعة لحديث عائشة [ كان رسول الله A يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة ] وفي لفظ [ يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة ] وله أيضا : أن يسرد عشرا ثم يجلس فيتشهد ولا يسلم ثم يأتي بالأخيرة ويتشهد ويسلم والأولى أفضل لأنها أكثر عملا لزيادة النية والتكبير والتسليم وإن أوتر بتسع ركعات تشهد بعد ثامنة التشهد الأول ولا يسلم ثم تشهد بعد تاسعة التشهد الأخير وسلم لحديث عائشة وسئلت عن وتره A فقالت [ كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكرالله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعناه ] و إن أوتر بسبع ركعات سردهن أو أوتر بخمس ركعات سردهن فلا يجلس إلا في آخرهن لحديث ابن عباس في صفة وتره A قال : [ ثم توضأ ثم صلى سبعا أو خمسا أوتر بهن لم يسلم إلا في آخرهن ] رواه مسلم وعن أم سلمة [ كان رسول الله A يوتر بسبع وبخمس لا يفصل بينهن بسلام ولا كلام ] رواه أحمد و مسلم وأدنى الكمال في الوتر ثلاث ركعات بسلامين بأن يصلي ثنتين ويسلم لأنه أكثر عملا وكان ابن عمر يسلم من ركعتين حتى يأمر ببعض حاجته ويجوز ان يصلي الثلاث ب سلام واحد قال أحمد : ان أوتر بثلاث لم يسلم فيهن لم يضيق عليه عندي سردا من غير جلوس عقب الثانية لتخالف المغرب واختار في المستوعب : أن يصليها كالمغرب وعلى الأول : لو صلاها بتشهدين ففي بطلان وتره وجهان صحح القاضي في شرحه الصغير : البطلان وقطع في الاقناع بالصحة ومن أدرك مع امامه ركعة من وتره فان كان امامه يسلم من ثنتين من الوتر كالشافعي و الحنبلي والمراد وسلم أجزأ المأموم وتره لأن أقله ركعة وقد أتى بها مستقلة وإلا بأن لم يسلم من ثنتين بل أحرم بالثلاث وأدركه مأموم في الثالثة قضى مأموم ما فاته كصلاة امامه نصا لئلا يختلف على امامه وإذا أوتر بثلاث فانه يقرأ ندبا في الأولى بسبح بعد الفاتحة و في الثانية : { قل يا أيها الكافرون } بعدها و في الثالثة : { قل هو الله أحد } بعدها لحديث أبي بن كعب أنه - A [ كان يقرأ بهن في وتره ] رواه أبو داود وعن عبد الرحمن بن أبزي مرفوعا مثله رواه أحمد و النسائي وقال اسحاق أصح شيء روي عن النبي A في القراءة في الوتر : حديث ابن أبزي وحديث عائشةفي ضم المعوذتين مع { قل هو الله أحد } في الثالثة رواه ابن ماجه : ضعيف ويقنت في الأخيرة من وتر بعد الركوع ندبا لأنه صح عنه A من رواية أبي هريرة وأنس وابن عباس وعن عمر وعلي أنهما [ كانا يقنتان بعد الركوع ] رواه أحمد و الأثرم قال أبو بكر الخطيب : الأحاديث التي جاء فيها القنوت قبل الركوع كلها معلولة ثم إن أكثر الصحابة عملوا بما قلناه وحيث تقرر انه بعد الركوع ندب فلو كبر ورفع يديه بعد القراءة ثم قنت قبله أي الركوع جاز لحديث أبي بن كعب مرفوعا كان يقنت في الوتر قبل الركوع رواه أبو داود وعن ابن مسعود مرفوعا مثله رواه أبو بكر الخطيب وروى الاثرم عن ابن مسعود أنه كان يقنت في الوتر وكان إذا فرغ من القراءة كبر ورفع يديه ثم قنت فيرفع يديه إلى صدره حال قنوته يبسطهما وبطونهما نحو السماء ولو كان مأموما لحديث سلمان مرفوعا [ إن الله يستحي أن يبسط العبد يده يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين ] رواه الخمسة الا النسائي وعن مالك بن يسار مرفوعا [ إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها ] رواه أبو داود وقال أحمد : كان ابن مسعود يرفع يديه في القنوت الى صدره ببطونهما مما يلي السماء ويقول جهرا : اللهم انا نستعينك ونستهديك ونستغفرك أي نطلب منك العون والهداية والمغفرة ونتوب أي نرجع اليك ونؤمن أي نصدق بك ونتوكل عليك أي نعتمد ونظهر عجزنا ونثني عليك الخير أي نصفك به كله ونمدحك والثناء في الخيرخاصة وبتقديم النون يستعمل في الخيروالشر ونشكرك ولا نكفرك أي لا نجحد نعمتك ونسترها لاقترانه بالشكر اللهم اياك نعبد قال البيضاوي : العبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل ولا يستحقها الا الله وقال الفخر اسماعيل و أبو البقاء : العبادة ما أمر به شرعا من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي وسمي العبد عبدا : لذلته وانقياده لمولاه ولك نصلي ونسجد لا لغيرك وإليك نسعى ونحفد بفتح النون وكسر الفاء بالدال المهملة خلافا لما في شرحه - أي نسرع ونبادر نرجو أي نؤمل رحمتك أي سعة عطائك ونخشى عذابك أي نخافه قال تعالى : { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم } ان عذابك الجد بكسر الجيم أي الحق لا اللعب بالكفار ملحق بكسر الحاء على المشهور أي لاحق وبفتحها على معنى : أن الله يلحقه الكفار قال الخلال : سألت ثعلبا عن ملحق وملحق ؟ فقال : العرب تقولهما جميعا وهذا القنوت من أوله إلى هنا : مروي عن عمر وفي أوله بسم الله الرحمن الرحيم وفي آخره اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك وهما سورتان : في مصحف أبي قال ابن سيرين : كتبهما أب في مصحفه الى قوله ملحق زاد غير واحد ونخلع ونترك من يكفرك اللهم اهدنا فيمن هديت أي ثبتنا على الهداية أو زدنا منها وهي الدلالة والبيان قال تعالى : { وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } وأما قوله { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } فهي من الله التوفيق والارشاد وعافنا فيمن عافيت من الاسقام والبلاء - والمعافاة : أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك وتولنا فيمن توليت الولي : ضد العدو من تليت الشيء إذا اعتنيت به كما ينظر الولي حال اليتيم لأن الله ينظر في أمر وليه بالعناية ويجوز أن يكون من وليت الشيء اذا لم يكن بينك وبينه واسطة بمعنى أن الولي يقطع الوسائط بينه وبين الله تعالى حتى يصير في مقام المراقبة والمشاهدة وهو مقام الاحسان وبارك لنا البركة الزيادة أو حلول الخير الالهي في الشيء فيما أعطيت أي أنعمت به والعطية الهبة وقنا شر ما قضيت انك تقضي ولا يقضى عليك لاراد لأمره ولا معقب لحكمه انه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت رواه أحمد ولفظه له وتكلم فيه أبو داود ورواه الترمذي وحسنه من حديث الحسن بن علي قال [ علمني النبي A كلمات أقولهن في قنوت الوتر : اللهم اهدني - إلى - وتعاليت ] وليس فيه [ ولا يعز من عاديت ] ورواه البيهقي وأثبتها فيه وجمع والرواية بالافراد ليشارك الامام المأموم في الدعاء اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك منك أظهر العجز والانقطاع وفزع إليه منه فاستعاذ به منه لا نحصي ثناء عليك أي لا نطيقه أنت كما أثنيت على نفسك اعتراف بالعجز عن الثناء ورد إلى المحيط علمه بكل شيء جملة وتفصيلا روى الخمسة عن علي أن النبي A كان يقول في آخر وتره [ اللهم أني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ] ورواته ثقات قال الترمذي : لا نعرف عن النبي A في القنوت شيئا أحسن من هذا وله أن يزيد ما شاء مما يجوز به الدعاء في الصلاة قال المجد : فقد صح عن عمرأنه كان يقنت بقدر مائة آية ثم يصلي على النبي A لحديث الحسن بن علي السابق وفي آخره وصلى الله على سيدنا محمد رواه النسائي وعن عمر الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك رواه الترمذي ويؤمن مأموم على قنوت إمامه إن سمعه لحديث ابن عباس ويفرد منفرد أي مصل وحده الضمير فيقول : إني أستعيذك اللهم اهدني إلى آخره ويجهر به نصا ثم يمسح وجهه بيديه هنا أي عقب القنوت وخارج الصلاة إذا دعا لعموم حديث عمر [ كان رسول الله A إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه ] رواه الترمذي ولقول النبي A في حديث ابن عباس فاذا فرغت فامسح بهما وجهك رواه أبو داود و ابن ماجه ويرفع يديه إذا أراد السجود نصا لأن القنوت مقصود في القيام فهو كالقراءة ذكره القاضي وكره قنوت في غير وتر حتى فجر روى ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي الدرداء لحديث أبي مالك الأشجعي قال قلت لأبي [ يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله A وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ههنا بالكوفة نحو خمس سنين أكانوا يقنتون في الفجر ؟ قال : أي بني محدث ] رواه أحمد و ابن ماجه و النسائي قال الترمذي : حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم وعن أنس [ أن النبي A قنت شهرا يدعو على حي من أحياء العرب ثم تركه ] رواه مسلم وعن أبي هريرة وابن مسعود نحوه مرفوعا وعن سعيد بن جبير قال أشهد أني سمعت ابن عباس يقول : ان القنوت في صلاة الفجر بدعة رواه الدارقطني وأما حديث أنس [ ما زال رسول الله A يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا ] رواه أحمد وغيره : ففيه مقال ويحتمل : أنه أراد به : طول القيام فانه يسمى قنوتا إلا ان تنزل بالمسلمين نازلة أي شدة من الشدائد فيسن لامام الوقت أي الامام الأعظم خاصة القنوت فيما عدا الجمعة من الصلوات لرفع تلك النازلة وأما الجمعة فيكفي الدعاء في الخطبة ويجهر به أي القنوت للنازلة في صلاة جهرية كالقراءة قال في الفروع : ويتوجه لا يقنت لرفع الوباء في الأظهر لأنه لم يثبت القنوت في طاعون عمواس ولا في غيره ولأنه شهادة للأخبار ولا يسئل رفعه ومن ائتم وهو لا يرى القنوت في فجر بقانت في فجر تابع إمامه لحديث [ إنما جعل الامام ليؤتم به ] وأمن على دعاء إمامه كما لو قنت لنازلة لحديث ابن عباس [ قنت رسول الله A شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح دبر كل صلاة إذا قال : سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على أحياء من بني سليم على رعل وذكوان وغصية ويؤمن من خلفه ] رواه أبو داود و الحاكم وقال : صحيح على شرط البخاري ويسحب اذا فرغ من وتره قوله : سبحان الملك القدوس ثلاثا ويمد بها صوته في الثالثة للخبر والرواتب المؤكدة يكره تركها وتسقط عدالة مداومة ويجوز لزوجة وأجيروولد وعبد فعلها مع الفرض ولا يجوز منعهم عشر ركعات : ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر لحديث ابن عمر [ حفظت عن النبي A عشر ركعات : ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته وركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل الصبح وكانت ساعة لا يدخل على النبي A فيها أحد ] حدثتني حفصة : [ أنه إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين ] متفق عليه و للترمذي مثله عن عائشة مرفوعا وقال : صحيح وتقدم أن ركعتي الفجر آكد الرواتب فيخير في فعل ما عداهما و فيما عدا وتر سفرا فان شاء فعله أو تركه لمشقة السفر فأما ركعتا الفجر فيحافظ عليهما حضرا وسفرا لما تقدم في ركعتي الفجر ولحديث ابن عمر مرفوعا [ كان يسبح على راحلته قبل أي وجهة توجه ويوتر عليها غيرأنه لا يصلي عليها المكتوبة ] متفق عليه وسن قضاء كل من الرواتب [ لأن النبي A قضى ركعتي الفجر مع الفجر حين نام عنهما وقضى الركعتين بعد الظهر بعد العصر ] وقيس الباقي و سن أيضا قضاء وتر لحديث أبي سعيد الخدري مرفوعا [ من نام عن الوتر أو نسيه فليصله إذا أصبح أو ذكره ] رواه أبو داود و الترمذي إلا ما فات من رواتب مع فرضه وكثر فالأولى تركه لحصول المشقة به إلا سنة فجر فيقضيها مطلقا لتأكدها وسنة فجر و سنة ظهر الأولة بعدهما أي بعد الفجر والظهر قضاء لأن السنة قبل الصلاة وقتها من دخول وقت الصلاة إلى فعل تلك الصلاة فاذا فعلت بعدها كانت قضاء وأما السنة بعد الصلاة فوقتها : من فعل تلك الصلاة إلى خروج وقتها والسنن غير الرواتب عشرون ركعة أربع قبل الظهر : وأربع بعدها وأربع قبل العصر وأربع بعد المغرب وأربع بعد العشاء لحديث أم حبيبة مرفوعا [ من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار ] صححه الترمذي وحديث علي في صفة صلاة النبي A ذكر فيه [ أنه كان يصلى أربعا قبل العصر ] رواه ابن ماجه وحديث أبي هريرة مرفوعا [ من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة ] رواه الترمذي وفي اسناده : عمرو بن أبي خثعم ضعفه البخاري وعن عائشة ما [ صلى النبي A العشاء قط إلا صلى أربع ركعات - أو ست ركعات ] رواه أبو داود ويباح اثنتان بعد أذان المغرب قبل صلاتها لحديث أنس [ كنا نصلي على عهده A ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب ] قال المختار بن فلفل : فقلت له [ أكان النبي A صلاهما ؟ قال : كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا ] متفق عليه و يباح أيضا ركعتان بعد الوتر جالسا قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله سئل عن الركعتين بعد الوتر ؟ فقال : أرجو إن فعله انسان ألا يضيق عليه ولكن يكون وهو جالس كما جاء الحديث قلت : تفعله أنت ؟ قال : لا ما أفعله أي لأنه لم يذكره أكثر الواصفين لتهجده النبي A وفعل السنن الكل الرواتب والوتر وغيرها ببيت أفضل من فعلها بالمسجد لحديث [ عليكم بالصلاة في بيوتكم فان خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ] رواه مسلم لكن ما شرع له الجماعة مستثنى أيضا وكذا ينبغي أن يستثنى نفل المعتكف وسن فصل بين فرض وسننه قبلية كانت أو بعدية بقيام أو كلام لقول معاوية [ ان النبي A أمرنا أن لا نوصل صلاة حتى نتكلم أو نخرج ] رواه مسلم وتجزىء سنة صلاة عن تحية مسجد لأن القصد منها أن يبدأ الداخل بالصلاة وقد وجد ولا عكس فلا تجزىء تحية عن سنة لأنه لم ينوها [ وإنما لكل امرىء ما نوى ] وإن نوى بركعتين التحية والسنة حصلا لأنه نواهما أو نوى بصلاة التحية والفرض حصلا أي التحية وما نواه معها أما التحية فلبدئه بالصلاة مع نيتها وأما ما نواه معها فلانه لم يوجد ما يقدح في صحته كما لو اغتسل ينوي الجنابة والجمعة ولا تحصل تحية بركعة ولا بصلاة جنازة وسجود تلاوة وشكر والتراويح سنة مؤكدة سميت بذلك لأنهم كانوا يصلون أربعا ويتروحون ساعة أي يستريحون وهي عشرون ركعة برمضان جماعة لحديث ابن عباس [ أن النبي A كان يصلي في شهر رمضان عشرين ركعة ] رواه أبو بكر عبد العزيز في الشافي بإسناده وعن يزيد بن رومان كان الناس في زمن عمر بن الخطاب يقومون في رمضان بثلاث وعشرين ركعة رواه مالك ولعل من زاد على ذلك فعله زيادة تطوع وفي الصحيحين من حديث عائشة [ أنه A صلاها ليالي فصلوها معه ثم تأخر وصلاها في بيته باقي الشهر وقال : اني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ] وفي البخاري أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فصلى بهم التراويح يسلم من كل اثنتين بنية أول كل ركعتين لحديث [ صلاة الليل مثنى مثنى ] فينوي أنهما من التراويح أو من قيام رمضان ويستراح بين أي بعد كل أربع ركعات بلا دعاء إذن وكان أهل مكة يطوفون بين كل ترويحتين أسبوعا ويصلون ركعتي الطواف ولا بأس بدعائه بعد التراويح ولا بزيادة على العشرين نصا وقال : روي في هذا ألوان ولم يقض فيه بشيء وقال عبد الله بن أحمد : رأيت أبي يصلي في رمضان مالا أحصي ووقتها أي التراويح بين سنة عشاء ووتر لأن سنة العشاء يكره تأخيرها عن وقت العشاء المختار فاتباعها بها أولى وأشبه والتراويح لا يكره مدها وتأخيرها بعد نصف الليل في بالوتر أشبه فلا تصح قبل العشاء فلوصلى العشاء والتراويح ثم ذكرأنه ترك من العشاء ما يبطلها أعاد التراويح وله فعلها بعد العشاء قبل سنتها لكن الأفضل بعدها أيضا لما تقدم و التراويح بمسجد أفضل منها ببيت [ لأنه A جمع الناس عليها ثلاث ليال متوالية ] كما روته عائشة ومرة ثلاث ليال متفرقة كما رواه أبو ذر وقال من قام مع الامام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة وكان أصحابه يفعلونها في المسجد أوزاعا في جماعات متفرقة في عهده عن علم منه بذلك وإقرار عليه ولم يداوم عليها خشية أن تفرض وقد أمن ذلك بموته و فعلها أول الليل أفضل لظاهر ما تقدم و السنة أن يوتر بعدها أي التراويح في جماعة لحديث أبي ذر [ أن النبى A جمع أهله وأصحابه وقال : انه من قام مع الامام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة ] رواه أحمد و الترمذي ومعلوم أن الامام لا ينصرف حتى يوتر والأفضل لمن له تهجد أن يوتر بعده لحديث [ اجعلوا اخر صلاتكم بالليل وترا ] متفق عليه لان أحب متابعة إمامه قام إذا سلم إمامه من وتره فشفعها بأخرى ثم يوتر بعد تهجده وإن أوتر وحده أو مع الامام ثم أراده أي التهجد لم ينقضه أي لم يشفع وتره بواحدة وصل تهجده ولم يوتر لحديث [ لا وتران في ليلة ] رواه أحمد و أبو داود وصح أنه A [ كان يصلي بعد الوتر ركعتين ] وسئلت عائشة عن الذي ينقض وتره فقالت : ذاك الذي يلعب بوتره رواه سعيد وغيره والتهجد الصلاة بعد نوم ليلا والناشئة : ما صلى بعد رقدة قال أحمد : الناشئة لا تكون إلا بعد رقدة ومن لم يرقد فلا ناشئة له وهي أشد وطئا : أي تثبتا تفهم ما تقرأ وتعي أذنك وكره تطوع بينها أي التراويح لأنها رغبة عن إمامه وروي عن ثلاثة من الصحابة : عبادة وأبي الدرداء وعقبة بن عامر وذكر لأحمد فيه رخصة عن بعض الصحابة ؟ فقال : هذا باطل و لا يكره طواف بين التراويح لما تقدم وظاهره : ولا سنة و لا يكره أيضا تعقيب وهو صلاته بعدها أي التراويح وبعد وتر جماعة نصا ولو رجعوا اليه قبل النوم أو لم يؤخروه إلى نصف الليل لقول أنس لا ترجعون إلا لخير ترجونه ولأنه خير وطاعة ولا يستحب لامام زيادة على ختمه في تراويح إلا أن يوتروها ولا يستحب لهم أن ينقصوا عن ختمة ليحوزرا فضلها ويفتتحها أول ليلة بسورة القلم : فانها أول ما نزل ثم يسجد ثم يقوم فيقرأ من البقرة نصا ولعله بلغه فيه أثر ويجعل خاتمة القرآن في آخر ركعة ويدعو عقبها قبل ركوعه ويرفع يديه ويطيل نصا