باب حد تناول المسكر .
وهو اسم فاعل من السكرأي اختلاف العقل كل مسكر خمر يحرم شرب قليله وكثيره لقوله تعالى : { إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه } وحديث ابن مسعود مرفوعا [ إن الله قد حرم الخمر فمن أدركته هذه الآية وعنده شيء فلا يشرب ولا يبيع فاستقبل الناس بما كان عندهم منها طرق المدينة فسفكوها ] رواه مسلم مختصرا وأجمع المسلمون على تحريم الخمر لكن اختلفوا فيما يقع عليه إسمه مطلقا أي سواء كانت من العنب أو الشعيرأوغيرهما لحديث [ كل مسكر خمر وكل خمر حرام ] رواه أحمد و أبو داود عن عائشة مرفوعا [ كل مسكر حرام وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام ] رواه أبو داود و الترمذي وقال حسن صحيح والفرق بالتحريك مكيال يسع ستة عشررطلا وتقدم وعن ابن عمر مرفوعا [ ما أسكر كثيره فقليله حرام ] رواه أحمد و ابن ماجه و الدارقطني وصححه وعن جابرمثله رواه أبوداود و ابن ماجه وعن عمر نزل تحريم الخمر وهي من العنب والتمر والعسل والبر والشعير والخمر : ما خامر العقل متفق عليه ولو شرب المسكر لعطش لم يجز لأنه لا يحصل به ري بل ما فيه من الحرارة يزيد العطص بخلاف ما نجس فيجوز شربه لعطش عند عدم غيره لما فيه من البرد والرطوبة ولا يجوز إستعماله لدواء وتقدم إلا لدفع لقمة غص بها ولم يجد غيره أي المسكر وخاف تلفا فيجوز لأنه مضطر ويقدم عليه أي الخمر في دفع لقمة غص بها بول لوجوب الحد باستعمال المسكر دون البول و يقدم عليهما أي المسكر والبول في ذلك ماء نجس لأنه أصله مطعوم بخلاف البول فإذا شربه أي المسكر أو شرب ما خلط به أي المسكر ولم يستهلك المسكر فيه أي الماء حد فإن استهلك في الماء فلا حد لأنه لم يسلب عن الماء اسمه أو استعط بمسكر أو احتقن به أو أكل عجينا لت به أي المسكر لا إن خبز فأكله مسلم مكلف لا صغيرأو مجنون عالما أن كثيره يسكر ويصدق إن قال لم أعلم أن كثيره يسكر مختارا لشربه فإن أكره عليه لم يحد لحله أي المسكر لمكره على شربه بالجاء أووعيد من قادر لحديث عفى لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وصبره أي المكره على شرب مسكر على الأذى أفضل من شربها مكرها نصا وكذا كل ما جاز لمكره ذكره القاضي وغيره وإن أكره بالقتل تعين عليه الفعل ولم يجز له التخلف لأنه إلقاء بنفسه إلى التهلكة أو وجد مسلم مكلف سكران أو تقاياه أي الخمر مسلم مكلف حد لأنه لم يسكر يتقايأها إلا وقد شربها حر وجد منه شيء مما تقدم ثمانين جلدة لما روى الجوزجاني و الدارقطني وغيرهما : أن عمر استشار الناس في حد الخمر : فقال عبد الرحمن بن عوف : اجعله كأخف الحدود ثمانين فضرب عمرثمانين وكتب به الى خالد وأبي عبيدة بالشام وعن علي أنه قال : في المشورة : أنه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى فحدوه حد المفتري و حد رقيق فيما تقدم نصفها أي أربعين جلدة ذكرا كان أوأنثى ولومكاتبا أو مدبرا أوأم ولد ولو ادعى شارب ونحوه حرا كان أو قنا جهل وجوب الحد حيث علم التحريم كما تقدم في الزنا ويعزر من وجد منه رائحتها الخمر ولا يحد لاحتمال أنه تمضمض بها أوظنها ماء فلما صارت فيه مجها ونحوه أو أي ويعزر من حضر شربها لحديث ابن عمر مرفوعا [ لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه ] رواه أبو داود و لا يحد ولا يعزر شارب خمر جهل التحريم أي تحريم الخمر لقول عمر وعثمان لاحد إلا على من علم التحريم ولأنه يشبه من شربها غيرعالم أنها خمر ولا تقبل دعوى الجهل بالتحريم ممن نشأ بين المسلمين لأنه لا يكاد يخفى بخلاف حد عهد بإسلام وناشىء ببادية بعيدة عن الإسلام فيقبل منه ذلك لاحتمال صدقه ولا حد على كافر ولو ذميا لشرب خمر لاعتقاده حله كنكاح مجوسي ذات محرمه ويثبت شرب مسكر بإقرار به مرة كقذف لأن كلا منهما لا يتضمن إتلافا بخلاف زنا وسرقة أو ب شهادة عدلين على الشرب أو الإقرار به ولو لم يقولا شرب مختارا عالما ب تحريمه لأنه الأصل وتقدم ويقبل رجوع مقر به فلا يحد ويحرم عصير عنب أو قصب أوركان أو غيره إلى كغليان القدر بأن قذف بزبده نصا وظاهره ولولم يسكرلأن علة التحريم الشدة الحادثة فيه وهي توجد بوجود الغليان وعن أبي هريرة قال [ علمت أن رسول الله A كان يصوم فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء ثم أتيته فإذا هو ينش فقال : اضرب بهذا الحائط فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ] رواه أبو داود و النسائي أو أي ويحرم عصير أتى عليه ثلاثة أيام بلياليهن وإن لم يغل نصا لحديث [ اشربوا العصيرثلاثا ما لم يغل ] رواه الشالنجي وعن ابن عمر في العصير : اشربه ما لم يأخذه شيطانه قبل وفي كم يأخذه شيطانه قال في ثلاثة حكاه أحمد وغيره ولحصول الشدة في الثلاث غالبا وهي خفية تحتاج لضابط والثلاث تصلح لذلك فوجب اعتبارها بها وإن طبخ عصير قبل تحريم أي قبل غليانه وإتيان ثلاثة أيام بلياليهن عليه حل إن ذهب بطبخه ثلثاه فأكثر نصا وذكره أبو بكر إجماع المسلمين لأن أبا موسى كان يشرب من الطلاء ما ذهب ثلثا وبقي ثلثه رواه النسائي وله مثله عن عمر و أبي الدرداء ولذهاب أكثر رطوبته فلا يكاد يغلي فلا تحصل فيه الشدة بل يصيركالرب ووضع زبيب في خردل كعصير فيحرم إن غلى أو أتى عليه ثلاثة أيام بلياليهن وإن صب عليه أي زبيب في خردل خل كل نصا ولو بعد ثلاث لأن الخل يمنع غليانه ويكره الخليطان كنبيذ تمر مع زبيب أوبسر مع تمرأو رطب وكذا نبيذ مذنب أي ما نصفه بسر ونصفه رطب وحده لأنه بسر ورطب لحديث جابر مرفوعا [ نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعا ونهى أن ينبذ الرطب والبسر جميعا ] رواه الجماعة إلا الترمذي وعن أبي سعيد قال [ نهانا رسول الله A أن نخلط بسرا بتمر أوزبيبا بتمر أو زبيبا ببسر وقال من شربه منكم فليشربه زبيبا فردا أو تمرا فردا أو بسرا فردا ] رواه مسلم و النسائي وأما حديث عائشة [ كنا ننبذ لرسول الله A في سقاء فنأخذ قبضة من تمروقبضة من زبيب فنطرحهما فيه ونصب عليه الماء فننبذه غدوة فيشربه عشية وننبذه عشية فيشربه غدوة ] رواه ابن ماجه قال في شرحه فمحمول على نسخه لعدم إمكان الجمع بغيرذلك انتهى وفيه نظر إذ شرط النسخ علم التاريخ و لا يكره وضع تمر وحده أو وضع زبيب وحده أو وضع نحوهما كمشمش أوعناب وحده في ماء لتحليته أي الماء لما تقدم ما لم يشتد أي يفعل أو تتم له ثلاث ليال بأيامها لحديث ابن عباس [ أنه كان ينقع للنبي A الزبيب فيشربه اليوم والغد بعد الغد إلى مساء الليلة الثالثة ثم يؤمر به فيسقي ذلك الخدم أو يهراق ] رواه أحمد و مسلم ولا يكره فقاع حيث لم يشتد ولم يغل لأنه نبيذ يتخذ لهضم الطعمام وصدق الشهوة لا للاسكار ومثله الأقسماء إذا كان من زبيب وحده ما لم يغل أو تأت عليه ثلانة أيام بلياليها ولا يكره انتباذ في دباء بضم الدال وتشديد الباء أي القرعة و لا في حنتم أي جرار خضر و لا في مقير أي ما حفرمن خشب كقصعة وقدح و لا في مزفت أي ملطخ بالزفت لحديث بريدة مرفوعا [ كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم فاشربوا في كل وعاء غيرأن لا تشربوا مسكرا ] رواه أحمد و مسلم وغيرهما وإن غلا عنب وهو عنب بلا عصر فلا بأس به نصا ومثله بطيخ ونحوه وإن استحال خمرا حرم وتنجس ومن تشبه بالشراب بضم الشين وتشديد الراء جمع شارب أي للخمر في مجلسه وآنيته وحاضر من حاضره بمجالس الشراب حرم وعزر قاله في الرعاية ولوكان المشروب لبنا وهذا منشأ ما وقع في قهوة البن حيث استند إليه من أفتى بتحريمها ولا يخفاك أن المحرم التشبه لا ذاتها حيث لا دليل يخصه لعدم إسكارها كما هومحسوس