فصل وشروطه .
أي حد الزنا ثلاثة أحدها تغييب حشفة أصلية ولو من خصى أو تغيب قدرها أي الحشفة لعدمها في فرج أصلي من آدمي حي ولو دبرا لذكرأو أنثى لحديث ابن مسعود [ أن رجلا جاء إلى النبي A فقال : إني وجدت امرأة في البستان فأصبت منها كل شيء غيرأني لم أنكحها فافعل بي ما شئت فقرأ عليه النبي A وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ] رواه النسائي فلا حد بتغييب بعض الحشفة ولا بتغييب ذكر خنثى مشكل ولا بتغييب في فرجه ولا بالقبلة والمباشرة دون الفرج ولا بإتيان المرأة المرأة ويعزر في ذلك كله وأما الرجل المذكور في حديث ابن مسعود فقد جاء تائبا كما يدل عليه ظاهرحاله على أن للإمام ترك التعزير إذا رآه كما في المغني و الشرح الشرط الثاني انتفاء الشبهة لحديث [ ادرؤا الحدود بالشبهات ما استطعتم ] فلو وطىء زوجته أو سريته في حيض أو نفاس أو دبر ها فلا حد عليه لأنه وطء صادف ملكا أو وطىء أمته المحرمة أبدا برضاع أو غيره كموطوءة أبيه أو ابنه أو أم زوجته أو وطىء أمته المزوجة أو أمته المعتدة أو أمته المرتدة أو أمته المجوسية أو وطىء أمة له فيها شرك أو لولده فيها شرك أو لمكاتبه فيها شرك أو لبيت المال فيها شرك فلا حد لشبهة ملك الواطىء أو ولده لتمكن الشبهة في ملك ولده لحديث أنت ومالك لأبيك ولشبهة ملك مكاتب الواطىء وكذا إن كان لبيت المال فيها شرك لأن لكل مسلم فيه حقا أو وطىء في نكاح مختلف فيه أو في ملك مختلف فيه يعتقد تحريمه ك نكاح متعة أو نكاح بلا ولي أو في ملك بB شراء فاسد بعد قبضه أي المبيع لأن البائع باقباضه الأمة كأنه أذنه في فعل ما يملكه بالبيع الصحيح ومنه الوطء فإن وطىء في بيع فاسد قبل القبض حد وقيل لا أو وطىء في ملك بعقد فضولي ولو قبل الإجازة فلا حد أو وطىء امرأة وجدها على فراشه أو في منزله ظنها زوجته أو أمته أو ظن أن ه فيها شرك أو لولده فيها شرك فلا حد أو دعا ضرير امرأته أو أمته فأجابته غيرها فوطئها فلا حد لاعتقاده إباحة الوطء بما يعذر فيه مثله أشبه من أدخل عليه غير امرأته أو جهل زان تحريمه أي الزنا لقرب إسلامه أو نشئه ببادية بعيدة عن القرى أو جهل تحريم نكاح باطل إجماعا ومثله يجهله فلا حد ويقبل قوله إذن لأن عمر قبل قول مدعي الجهل بتحريم النكاح في العدة فإن نشأ بين المسلمين وادعى جهل تحريم ذلك لم يقبل منه لأنه لا يخفى على من هوكذلك أو ادعى واطىء امرأة أنها زوجته وأنكرت زوجيته فلا حد لأن دعواه ذلك شبهة لاحتمال صدقه و لابن ماجه من حديث أبي هريرة مرفوعا [ ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعا ] و للترمذي عن عائشة مرفوعا [ ادرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطىء في العفو خيرمن أن يخطىء في العقوبة ] و للدارقطني عن ابن مسعود ومعاذ بن جبل وعقبة بن عامر إذا اشتبه عليك الحدود فادرأها ما استطعت ثم إن أقرت موطوءة أربعا أي أربع مرات بأنه زنى بها مطاوعة عالمة بتحريم حدت وحدها ولا مهر نصا مؤاخذه لها بإقرارها وإن وطىء مكلف امرأة في نكاح باطل إجماعا مع علمه بطلان النكاح وتحريم الوطء كنكاح مزوجة أو معتدة من غيرزنا أو خامسة أو ذات محرم من نسب أو رضاع أومصاهرة حد لأنه وطء لم يصادف ملكا ولا شبهة ملك وروى أبو نصر المروذي عن عمر أنه رفع له امرأة تزوجت في عدتها فقال : هل علمتما ؟ قالا : لا فقال لوعلمتكما لرجمتكما أو زنى بحربية مستأمنة أو بمن استأجرها لزنا أو غيره حد لأن الأمان والاستئجار لا يبيحان البضع أو زنى مكلف بمن له عليها قود حد لانتفاء الشبهة كمن له عليها دين أو زنى بامرأة ثم تزوجها أو زنى بأمة ثم ملكها حد لوجوبه بوطئها أجنبية فلا يسقط بتغيرحالها كما لوماتت أو أقر عليها بأن قال : زنيت بفلانة وهي حاضرة فسكتت فلم تصدقه ولم تكذبه أو جحدت أو زنا بمجنونة أو صغيرة يوطأ مثلها كبنت تسع سنين فأكثر حد لأن سبب السقوط في الموطوءة غيرموجود في الواطىء أو وطىء مكلف أمته المحرمة عليه بنسب كأخته لعتقها عليه بمجرد الملك فلايثبت الملك فيهافلم توجد الشبهة أو زنى مكلف مكرها حد لأن وطء الرجل لا يكون إلا مع انتشار والاكراه ينافيه فإذا وجد الإنتشار انتفى الإكراه كما لو أكره على غير الزنا فزنا أو زنى مكلف جاهلا بوجوب العقوبة على الزنى مع علم تحريمه حد لقصة ما عز وكذا لوزنى سكران أو أقر به في سكره وإن مكنت مكلفة من نفسها مجنونا أو مميزا أو من يجهله أي تحريم الزنا أو مكنت من نفسها حربيا أو مستأمنا فوطئها أو استدخلت ذكر نائم في قبلها أو دبرها حدت لأن سقوط الحد عن الواطىء لا يكون شبهة في سقوطه عنها لوجود المسقط فيه دونها و لا حد ان أكرهت مكلفة على الزنا أو أكره ملوط به على اللواط بالجاء بأن غلبهما الواطىء على أنفسهما أو بB تهديد بنحو قتل أو ضرب أو بB منع طعام أو منع شراب مع اضطرار ونحوه فيهما أي الزنا واللواط لما روى أن امرأة استقت راعيا فأب أن يسقيها ألا أن تمكنه من نفسها ففعلت فرفع ذلك الى عمر فقال لعلي ما ترى فيها قال إنها مضطرة فأعطاها عمر شيأ وتركها الشرط الثالث ثبوثه أي الزنا وله أي الثبوت صورتان إحداهما أن يقر به مكلف ولو كان قنا أو مبعضا أربع مرات لحديث ما عز بن مالك [ اعترف عند النبي A الأولى والثانية والثالثة ورده فقيل له إنك إن اعترفت عنده الرابعة رجمك فاعترف الرابعة فحبسه ثم سأل عنه فقالوا لا نعلم إلا خيرا فأمر به فرجم ] روى من طرق عن ابن عباس وجابر وبريدة وأبي بكر الصديق حتى ولو كان الاعتراف أربعا في مجالس لأن ما عزا أقر أربع مرات عنده A في مجلس واحد والغامدية أقرت عنده بذلك في مجالس رواه مسلم و الدارقطني من حديث بريدة ويعتبرأن يصرح مقر بذكر حقيقة الوطء لحديث ابن عباس [ لما أتى ماعز بن مالك النبي A قال له لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت قال لا يا رسول الله قال أنكحتها لا تكنى قال نعم فعند ذلك أمر برجمه ] رواه البخاري و أبو داود وفي حديث أبي هريرة [ قال للأسلمي أنكحتها قال نعم قال كما تغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر قال نعم قال فهل تدري ما الزنا قال نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل امرأته حلالا قال فما تريد بهذا القول قال أريد أن تطهرني قال فأمر به فرجم ] رواه أبوداود و الدارقطني ولأن الحد يدرأ بالشبهة فلا تكفي فيه الكناية ولا يعتبران يصرح بمزنى بها فلو أقرانه زنى بفلانة فكذبته فعليه الحد دونها لحديث أبي داود عن سهل بن سعد مرفوعا و يعتبر أن لا يرجع مقر بزنا حتى يتم الحد فإن رجع عن إقراره أو هرب ترك وتقدم ولو شهد أربعة على إقراره به أي الزنا أربعا فأنكر إقراره به أو صدقهم دون أربع مرات فلا حد عليه لرجوعه ولا حد على من شهد عليه بالزنى لكمالهم في النصاب الصورة الثانية لثبوت الزنا أن يشهد عليه أي الزاني في مجلس واحد أربعة رجال عدول ولو جاؤا متفرقين واحدا بعد واحد أو صدقهم زان بزنا واحد متعلق بيشهد و يصفونه أي الزنا لقوله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } الآية وقوله { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } فيجوز لهم النظر إليهما حال الجماع لإقامة الشهادة عليهما واعتبر كونهم رجالا لأن الأربعة إسم لعدد الذكور ولأن في شهادة النساء شبهة لتطرق الاحتمال إليهن وعدولا كسائر الشهادات وكونها في مجلس لأن عمر حد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنا لما تخلف الرابع ولولا اعتبار إتحاد المجلس لم يحدهم لاحتمال أن يكملوا برابع في مجلس آخر ومعنى وصفهم للزنا أن يقولوا رأينا ذكره في فرجها كالمرود في المكحلة أو الرشاء في البئر لما تقدم في الاقرار بل الشهادة أولى ويكفي أنهم رأوا ذكره في فرجها والتشبيه تأكيد فإن شهدوا في مجلسين فأكثر من مجلسين بأن شهد البعض ولم يشهد الباقي حتى قام الحاكم من مجلسه حد الجميع للقذف لما تقدم عن عمرولا ينافيه كون المجلس لم يذكر في الآية لأن العدالة أيضا ووصف الزنا لم يذكرا فيها مع اعتبارهما لدليل آخر أو شهد بعض بالزنا و امتنع بعضهم من الشهادة أو لم يكملها أي الشهادة بعضهم حد من شهد منهم للقذف لقوله تعالى : { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } وجلد عمر وأبا بكر وصاحبيه حين لم يكمل الرابع شهادته بمحضر من الصحابة ولم ينكر أو كانوا أي الشهود كلهم أو كان بعضهم لا تقبل شهادتهم فيه أي الزنا لعمى أو فسق أو لكون أحدهم زوجا حدوا للقذف لعدم كمال شهادتهم كما لولم يكمل العدد و كما لو بان مشهود عليه بزنا مجبوبا أو بانت مشهود عليها رتقاء فيحدون لظهور كذبهم و لا يحد زوج لاعن زوجته بعد شهادته عليها بالزنا وتقدم أو كانوا أي الأربعة الشاهدون بالزنا مستوري الحال أو مات أحدهم أي الأربعة قبل وصفه أي عدولا كانوا أو مستورين أو بانت مشهود عليها عذراء فلا يحدون لمفهوم قوله تعالى : { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } وقد جىء هنا بالأربع ولا تحد هي ولا الرجل وإن عين اثنان من أربعة شهدوا بزنا زاوية زنا بها فيها من بيت صغير عرفا و عين اثنان منهم زاوية أخرى منه أي البيت الصغير كملت شهادتهم لامكان صدقهم لاحتمال أن يكون ابتداؤه في إحدى الزاويتين وتمامه في الأخرى بخلاف البيت الكبير لتباعد ما بينهما أو قال اثنان في شهادتهما زنى بها في قميص أبيض أو قال زنى بها قائمة و قال اثنان في شهادتهما زنى بها في قميص أحمر أو زنى بها نائمة كملت شهادتهم لعدم التنافي لاحتمال كونه في قميص أبيض تحته قميص أحمر ثم خلع قبل الفراغ واحتمال كونه ابتدأ بها الفعل قائمة وأتمه نائمة وإن كان البيت كبيرا عرفا وعين اثنان زاوية واثنان أخرى فقذفه أو عين اثنان بيتا أو عينا بلدا أو عينا يوما و عين اثنان في شهادتهما بيتا أو بلدا أو يوما آخر ف الأربعة قذفة لشهادة كل اثنين منهم بزنا غير الذي شهد به الآخران ولم تكمل الشهادة في واحد منهما فيحدون للقذف ولو اتفقوا على أن الزنا واحد للعلم بكذبهم وإن قال اثنان من أربعة زنى بها مطاوعة وقال اثنان زنى بها مكرهة لم تكمل شهادتهم لاختلافهم وعلى شاهدي المطاوعة حدان حد لقذف الرجل وحد لقذف المرأة و على شاهدي الإكراه حد واحد لقذف الرجل وحده لشهادتهما أنها كانت مكرهة لاختلافهم وإن قال اثنان من أربعة شهدوا بالزنا زنى بها وهي بيضاء وقال اثنان منهم غيره أي زنى بها وهي سوداء ونحوه لم تقبل شهادتهم لأنها لم تجتمع على عين واحدة بخلاف السرقة وإن شهد أربعة بزنا فرجعوا كلهم أو رجع بعضهم قبل حد مشهودعليه ولو بعد حكم لم يحد مشهودعليه للشبهة و حد الشهود الجميع أما مع رجوعهم فلاقرارهم بأنهم قذفة وأما مع رجوع بعضهم فلنقص عدد الشهود كما لولم يشهد به غيرثلاثة فأقل و إن رجع بعضهم بعد حد مشهود عليه بحد راجع عن شهادته فقط أي دون من لم يرجع لأن إقامة الحد كحكم الحاكم فلا ينقض برجوع الشهود أو بعضهم لكن يحد الراجع لإقراره بالقذف إن ورث حد قذف بأن طالب به مقذوف قبل موته وإلا فلا وإن شهد أربعة بزناه أي فلان بفلانة فشهد أربعة آخرون إن الشهود هم الزناة بها دون المشهود عليه حد الأربعة الأولون الشاهدون به فقط دون المشهود عليه لقدح الآخرين في شهادتهم عليه للقذف وللزنا لأنهم شهدوا بزنا لم يثبت فهم قذفة وثبت عليهم الزنا بشهادة الآخرين وإذا كملت الشهادة بحد ثم مات الشهود أو غابوا لم يمنع ذلك إقامة الحد كسائر الحقوق واحتمال رجوعهم ليس شبهة يدرأ بها الحد لبعده وإن حملت من لا لها زوج ولا سيد لم تحد بذلك الحمل بمجرده لكن تسأل ولا يجب سؤالها لما فيه من إشاعة الفاحشة وهو منهى عنه فان ادعت إكراها أو وطئا بشبهة أو لم تقر بالزنا أربعا لم تحد وروى سعيد أن امرأة رفعت إلى عمر ليس لها زوج وقد حملت فسألها عمرفقالت : إني امرأة ثقيلة الرأس فوقع علي رجل وأنا نائمة فما استيقظت حتى فرغ فدرأ عنها الحدوروى عن علي وابن عباس إذا كان في الحد لعل وعسى فهو معطل ولا خلاف أن الحد يدرأ بالشبهة وهي متحققة ههنا