باب حد الزنا .
بالقصر في لغة الحجاز والمد عند تميم وهو فعل الفاحشة في قبل أو في دبر وهو من أكبر الكبائر وأجمعوا على تحريمه لقوله تعالى : { ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا } وحديث [ اجتنبوا السبع الموبقات ] وكان حد الزنا في صدر الاسلام الحبس للنساء والأذى بالكلام للرجال لقوله تعالى : { واللاتي يأتين الفاحشة } الآيتين ثم نسخ بحديث عبادة بن الصامت مرفوعا [ خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ] رواه مسلم وأجاز أصحابنا نسخ الكتاب بالسنة ومن منع ذلك قال ليس هذا نسخا وإنما هوتفسيرللقرآن وتبيين له لأن ما كان مشروطا بشرط وزال الشرط لا يكون نسخا وها هنا شرط الله لحبسهن إلى أن يجعل لهن سبيلا فبينت السنة السبيل إذا زنى مكلف محصن وجب رجمه بحجارة متوسطة كالكف فلا ينبغي أن يثخن بصخرة كبيرة ولا أن يطول عليه بحصاة خفيفة ويتقي الوجه حتى يموت لحديث عمر قال : [ إن الله تعالى بعث محمدا A بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها رجم رسول الله A ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان يقول قاتل ما نجد الرجم في كتاب الله تعالى فيضل بترك فريضة أنزلها الله تعالى فالرجم حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت به البينة أو كان الحبل أو الاعتراف وقد قرأتها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ] متفق عليه ولا يجلد محصن قبله أي الرجم قال الأثرم سمعت أبا عبد الله يقول في حديث عبادة أنه أول حد نزل وأن حديث ماعز بعده رجمه رسول الله A ولم يجلده وعمررجم ولم يجلد ولا ينفي المحصن إذا زنا بل يرجم لما تقدم والمحصن من وطىء زوجته لا سريته بنكاح صحيح لا باطل ولا فاسد ولو كتابية في قبلها ولو في حيض أو صوم أو إحرام ونحوه وكفى نفاس أو مسجد أو مع ضيق وقت فريضة وما أي الزوجان مكلفان حران ولو مستأمنين أو ذميين فلا إحصان مع صغر أحدهما أوجنونه أورقه فعلم منه أنه لا إحصان بمجرد العقد ولا بالخلوة ولا الوطء في الدبرأوما دون الفرج ولا بوطىء زنا أو شبهة ولا يشترط في الإحصان الإسلام [ لأمره A برجم اليهوديين الزانيين فرجما ] متفق عليه من حديث ابن عمر ويفارق الإحصان الإحلال حيث تحل المطلقة ثلاثا بوطء زوج ولو رقيقا أو غير بالغ أو مجنونا لأن الإحصان أعتبر لكمال النعمة فمن كملت النعمة في حقه فجنايته أفحش وأحق بزيادة العقوبة والنعمة في حق الحر المكلف أكمل بخلاف الإحلال فإن اعتبار الوطء في حق المطلق يحتمل أن يكون عقوبة له بتحريمها عليه حتى يطأها غيره فإنه مما تأباه الطباع ويشق على النفوس ولا يرجم المستأمن إذا زنى لأنه غيرملتزم لحكمنا خلافا لما قي شرحه هنا بل يكون محصنا فإذا زنى مسلما أو ذميا اكتفى في إحصانه بالنكاح في أمانه السابق ولا يسقط إحصان من أحصن كافرا بإسلام نصا وتصير هي أي الزوجة أيضا محصنة حيث كان بالصفات المتقدمة حال الوطء ولا إحصان لواحد منهما أي الواطىء والموطوءة مع فقد شيء مما ذكر من القيود السابقه ويثبت إحصانه بقوله أي الحر المكلف وطئتها أو جامعتها أو دخلت بها لأن المفهوم منه الوطء وكذا باضعتها بخلاف أصبتها أو باشرتها فينبغي أن لا يثبت إحصان لأنه يستعمل فيما دون الوطء في الفرج كثيرا ذكره في الشرح وكذا لوقالت هي شيئا مما سبق ولا يثبت إحصان بولده منها أي امرأته مع إنكار وطئها أي امرأته لأن الولد يلحق بإمكان الوطء والإحصان لا يثبت إلا بحقيقة الوطء وكذا لوكان لامرأته ولد من زوجها فأنكرت أن يكون وطئها لم يثبت إحصانها كذلك وإذا جلد زان على أنه بكر فبان محصنا رجم لحديث جابر [ أن رجلا زنى بامرأة فأمر رسول الله A فجلده الحد ثم أخبرأنه محصن فرجم ] رواه أبوداود ولتبين أنه لم الحد الواجب ويكفن المحدود بالرجم ويغسل ويصلى عليه إن كان مسلما قال أحمد سئل علي عن سراحة وكان رجمها فقال : اصنعوا بها ما تصنعون بموتاكم وصلى علي عليها وللترمذي عن عمران بن حصين في الجهينية [ فأمر بها النبي A فرجمت وصلى عليها ] وقال حسن صحيح وإن زنى حر غير محصن جلد مائة بلا خلاف للخبر وغرب إلى ما يراه الإمام لا هو عاما ولو أنثى مسلما كان أو كافرا لعموم الخبر ولأنه حد ترتب على الزاني فوجب على الكافر كالفود وروى الترمذي عن ابن عمر [ أن النبي A ضرب وغرب وأن أبا بكر ضرب وغرب ] وأن عمر ضرب وغرب ويكون تغريب أنثى بمحرم باذل نفسه معها وجوبا لعموم نهيها عن السفر بلا محرم وعليها أجرته أي المحرم لصرفه نفعه في أداء ما وجب عليها فإن تعذرت أجرته منها أي لعدم أو امتناع فمن بيت المال لأنه من المصالح فإن أبى المحرم السفر معها أو تعذر بأن لم يكن لها محرم فوحدها تغرب إلى مسافة قصر للحاجة كسفر الهجرة وكالحج إذا مات المحرم في الطريق ويغرب غريب زنى و يغرب مغرب زنى زمن غربته إلى غير وطنهما لأن عوده إلى وطنه ليس تغريبا وتدخل بقية التغريب الأول في الثاني وإن عاد إلى وطنه قبل الحول منع وإن زنى قن جلد خمسين جلدة لقوله تعالى : { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } والعذاب المذكور في القرآن مائة جلدة فينصرف التنصيف إليه دون غيره والرجم لا يتأتى تنصيفه ولا يغرب قن زنى لأنه عقوبة لسيده دونه إذ العبد لا ضرر عليه في تغريبه لأنه غريب في موضعه ويترفه فيه بترك الخدمة ويتضرر سيده بذلك ولا يعير زان بعد الحد لقوله A [ فليحدها ولا يثرب ] يقال ثربه أثربه وعليه لامه وعيره بذنبه ذكره في القاموس ويجلد ويغرب مبعض زني بحسابه فالمتنصف يجلد خمسا وسبعين جلدة ويغرب نصف عام نصا ويحسب زمن التغريب عليه من نصيبه الحر ومن ثلثه حر لزمه ثلثا حد الحر ست وستون جلدة ويسقط الكسر لأن الحد متى دار بين الوجوب والإسقاط سقط ويغرب ثلث عام والمدبر والمكاقب وأم الولد والمعلق عتقه بصفة كالقن في الحد لأنه رقيق كله وإن زنى محصن ببكر أو عكسه فلكل من المحصن والبكر حده لحديث أبي هريرة وزيد بن خالد [ في رجلين اختصما إلى رسول الله A وكان ابن أحدهما عسيفا عند الآخر فزنى بامرأته فجلد ابنه مائة وغربه عاما وأمر أنيسا الأسلمي يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت فارجمها فاعترفت فرجمها ] متفق عليه وزان بذات محرم كاخته ك زان بغيرها على ما سبق تفصيله لعموم الاخبار ولو وطىء فاعل ومفعول به كزان فمن كان كل منهما محصنا رجم وغير المحصن الحريجلد مائة ويغرب عاما والرقيق يجلد خمسين والمبعض بحسابه لحديث اذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان ولأنه فرج مقصود بالاستمتاع أشبه فرج المرأة ومملوكه إذا لاط به كأجنبي لأن الذكر ليس محل الوطء فلا يؤثر ملكه له ودبر أجنبية أي غير زوجته وسريته كلواط ويعزر من أتى زوجته أو سريته في دبرها ومن أتى بهيمة ولو سمكة عزر روى عن ابن عباس لأنه لا نص فيه يصح ولا يصح قياسه على فرج الآدمي لأنه لا حرمة له والنفوس تعافه وقتلت البهيمة المأتية مأكولة كانت أولا لئلا يعير بها لحديث ابن عباس مرفوعا [ من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة ] رواه أحمد و أبوداود و الترمذي وضعفه الطحاوي وصح عن ابن عباس من أتى بهيمة فلا حد عليه لكن لا تقتل إلا بالشهادة على فعله بها إن لم تكن ملكه لأنه لا يقبل إقراره على ملك غيره ويكفي إقراره إن ملكها مؤاخذة له بإقراره على نفسه ويحرم أكلها أي المأتية ولو مأكولة لأنها حيوان وجب قتله لحق الله تعالى أشبه سائر المقتولات فيضمنها الآتي لها بقيمتها لإتلافها بسببه كما لو جرحها فماتت ووجوب قتلها