كتاب العدد .
بكسر العين واحدها عدة وهي مأخوذة من العدد لأن أزمنة العدة محصورة مقدرة بعدد الأزمان والأحوال كالحيض والأشهر وشرعا التربص المحدود شرعا وأجمعوا على وجوبها للكتاب والسنة في الجملة والقصد منها استبراء رحم المرأة من الحمل لئلا يطأها غير المفارق لها قبل العلم فيحصل الاشتباه وتضيع الأنساب والعدة إما لمعنى محض كالحامل أوتعبد محض كالمتوفى عنها زوجها قبل الدخول أولهما والمعنى أغلب كالموطوءة التي يمكن حملها ممن يولد لمثله أولهما والتعبد أغلب كعدة الوفاة في المدخول بها الممكن حملها إذا مضت مدة أقرائها في أثناء الشهور ولا عدة في فرقة زوج حي قبل وطء أو قبل خلوة ولا عدة لقبلة أو لمس لقوله تعالى : { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } ولأن الأصل في العدة وجوبها لبراءة الرحم وهي متيقنة هنا وشرط في وجوب عدة لوطء كونها أي الموطوءة يوطأ مثلها وكونه أي الواطىء يلحق به ولد فان وطئت بنت دون تسع أووطىء ابن دون عشرفلا عدة لذلك الوطء لتيقن براءة الرحم من الحمل و شرط في وجوب عدة لخلوة طواعيتها فان خلا بها مكرهة على الخلوة فلا عدة لأن الخلوة إنما أقيمت مقام الوطء مظنته ولا تكون كذلك إلا مع التمكين ويشترط أيضا في خلوة كونها يوطأ مثلها وكونه يلحق به ولدكما في الوطء وأولى و يشترط لخلوة علمه أي الزوج بها فلوخلا بها أعمى لا يبصرولم يعلم بها أوتركت بمخدع من البيت بحيث لا يراها البصيرولم يعلم بها الزوج فلا عدة لعدم التمكين الموجب للعدة وحيث وجدت شروط الخلوة وجبت العدة لقضاء الخلفاء بذلك كما تقدم في الصداق ولو مع مانع شرعي أو حسني كإحرام وصوم وجب وعنه ورتق إناطة للحكم بمجرد الخلوة التي هي مظنة الإصابة دون حقيقتها وتلزم العدة لوفاة مطلقا كبيرا كان الزوج أو صغيرا يمكنه وطء أولا خلا بها أولا كبيرة كانت أو صغيرة لعموم قوله تعالى : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } ولا فرق في عدة وجبت بدون وطء بين نكاح صحيح وفاسد نصا أي مختلف فيه كنكاح بلا ولي لأنه ينفذ بحكم الحاكم أشبه الصحيح فتجب لوفاة من نكاح فاسد ولا عدة في نكاح باطل مجمع على بطلانه كمعتدة وخامسة إلا بوطء لأن وجود صورته كعدمها فإن وطىء لزمت العدة كالزانية والمعتدات ست إحداهن الحامل وعدتها من موت وغيره كطلاق وفسخ حرة كانت أو أمة مسلمة أو كافرة إلى وضع كل الولد إن كان الحمل ولدا واحدا أو وضع الأخير من عدد إن كانت حاملا بعدد حرة كانت أو أمة مسلمة أو كافرة طلاقا كانت الفرقة أو فسخا لعموم قوله تعالى : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } وبقاء بعض الحمل يوجب بقاء بعض العدة لأنها لم تضع حملها بل بعضه وظاهره ولومات ببطنها لعموم الآية قلت : ولا نفقة لها حيث تجب للحامل لما يأتي أن النفقة للحمل والميت ليس محلا لوجوبها ولا تنقضي عدة حامل إلاب وضع ما تصير به أمة أم ولد وهو ما تبين فيه خلق الإنسان ولو خفيا فان لم يلحقه الحمل لصغره أى الزوج بأن يكون دون عشر أو لكونه خصيا مجبوبا أو لولادتها لدون نصف سنة منذ نكحها ونحوه كالذي ولدته بعد أربع سنين منذ أبانها ويعيش من ولدته لدون نصف سنة منذ نكحها لم لم تنقض به عدتها من زوجها لانتفائه عنه يقينا وأقل مدة حمل يعيش ستة أشهر لقوله تعالى : { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } مع قوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } والفصال إنقضاء مدة الرضاع لأنه ينفصل بذلك عن أمه وإذا سقط حولان من ثلاثين شهرا بقي ستة أشهر هي مدة الحمل وروى الأثرم عن أبي الأسود أنه رفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر فهم عمر برجمها فقال له علي : ليس لك ذلك قال الله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } وقال وحمله وفصاله ثلاثون شهرا فحولان وستة أشهرثلاثون شهرا فخلى عمر سبيلها فولدت مرة أخرى لذلك الحد وذكر ابن قتيبة في المعارف : أن عبد الملك بن مروان ولد لستة أشهر فأما دون ذلك فلم يوجد وغالبها أي مدة الحمل تسعة أشهر لأن غالب النساء يلدن كذلك وأكثرها أي مدة الحمل أربع سنين لأن ما لا تقدير فيه شرعا يرجع فيه إلى الوجود وقد وجد من تحمل أربع سنين قال أحمد : نساء بني عجلان يحملن أربع سنين وامرأة محمد بن عجلان حملت ثلاث بطون كل دفعة أربع سنين وبقي محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي في بطن أمه أربع سنين وأقل مدة تبين خلق ولد أحد وثمانون يوما لحديث ابن مسعود مرفوعا يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون نطفة مثل ذلك ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك الخبر متفق عليه وإنما يتبين كونه إبتداء خلق آدمي بكونه مضغة لأن المني قد لا ينعقد والعلقة قد تكون دما انحدر من موضع من البدن وأما المضغة فالظاهر كونها ابتداء خلق آدمي الثانية من المعتدات المتوفى عنها زوجها بلا حمل منه وتقدم حكم الحامل منه وإن كان الحمل من غيره أي الزوج المتوفى كأن وطئت بشبهة أو زنا فحملت ئم مات زوجها اعتدت بوضعه للشبهة و اعتدت للوفاة بعد وضع الحمل لأنهما حقان لآدميين فلا يتداخلان كالدينين وتجب عدة وفاة ولو كان المتوفى لم يولد لمثله أو كانت الزوجة لم يوطأ مثلها أو كان موته قبل خلوة وتقدم وعدة حرة أربعة أشهر وعشر ليال بعشرة أيام للآية والنهار تبع الليل ولأن المطلقة إذا أتت بولد يمكن الزوج تكذيبها أو نفيه باللعان ولا كذلك الميت فلا يؤمن أن تأتي بولد فيلحق الميت نسبه وليس من ينفيه فاحتيط بايجاب العدة عليها والمبيت بمنزلها حفظا لها وسواء وجد فيها الحيض أولا و عدة أمة توفي عنها زوجها نصفها شهران وخمس ليال بخمسة أيام لإجماع الصحابة على تنصيف عدة الأمة في الطلاق فكذا في عدة الموت وكالحد و عدة منصفة أي من نصفها حر ونصفها رقيق ثلاثة أشهر وثمانية أيام بلياليها ومن ثلثها حر شهران وسبعة وعشرون يوما وإن مات في عدة مرتد بأن ارتد الزوج بعد الدخول فمات أوقتل قبل انقضاء عدتها سقط ما مضى من عدتها وابتدأت عدة وفاة من موته نصا لأنه يمكنه تلافي النكاح بإسلامه أو مات زوج كافرة أسلمت بعد دخوله بها في عدتها قبل إسلامه سقط ما مضى من عدتها وابتدأت عدة وفاة من موته نصا لما تقدم أو مات زوج مطلقة رجعية قبل انقضاء عدتها سقطت عدة طلاق وابتدأت عدة وفاة من موته لأنها زوجة يلحقها طلاقه وإيلاؤه وإن مات في عدة من أبانها في الصحة لم تنتقل من عدة الطلاق لأنها أجنبية منه في النظر إليها والتوارث ولحوقها طلاقه ونحوه وتعتد من أبانها في مرض موته المخوف فرارا الأطول من عدة وفاة ومن عدة طلاق لأنها وارثة فتجب عليها عدة الوفاة كالرجعية و مطلقة فيلزمها عدة الطلاق ويندرج أقلهما في الأكثر ما لم تكن المبانة في مرض موته أمة أو ذمية والزوج مسلم أو تكن من جاءت البينونة من قبلها بأن سألته الطلاق ونحوه ف تعتد لطلاق لا غير لانقطاع أثر النكاح بعدم إرثها منه ولا تعتد لموت من انقضت عدتها قبله أي الموت بحيض أو شهور أو وضع حمل ولو ورثت وكذا لو طلقها في مرضه قبل الدخول ثم مات فلا عدة لموته لأنها أجنبية تحل للأزواج ويحل للمطلق نكاح أختها وأربع سواها أشبه مالو تزوجت ومن طلق معينة من نسائه ونسيها أو طلق مبهمة ثم مات قبل قرعة اعتد كل نسائه سوى حامل الأطول منهما أي من عدة طلاق ووفاة لأن كل منهن يحتمل أن تكون زوجة أو مطلقة فاحتيط للعدة وعدة الحامل وضع الحمل مطلقا كما تقدم وإن ارتابت متوفي عنها زمن تربصها أي عدتها أو بعده بأمارة حمل كحركة وانتفاخ بطن أو رفع حيض لم يصح نكاحها ولو تبين عدم الحمل بعد العقد حتى تزول الريبة للشك في انقضاء عدتها وتغليبا لجانب الحظر وزوال الريبة وانقطاع الحركة وزوال الانتفاخ أو عود الحيض أو مضي زمن لا يمكن أن تكون فيه حاملا وإن ظهرت الريبة بعده أي بعد نكاحها دخل بها الزوج أولا لم يفسد النكاح بظهور الريبة لأنه شك يطرأ على يقين النكاح فلا يزيله ولم يحل لزوجها وطؤها حتى تزول الريبة للشك في صحة النكاح لاحتمال أن تكون حاملا ومتى ولدت توفى عنها بعد عدتها وتزوجها لدون نصف سنة من عقد عليها وعاش الولد تبينا فساده أي النكاح لأنها معتدة وإن ولدت لأكثر من من ذلك لحق بالزوج الثاني والنكاح صحيح الثالثة من المعتدات ذات الأقراء المفارقة في الحياة بعد دخول أو خلوة ولو بطلقة ثالثة إجماعا قاله في الفروع فتعتد حرة ومبعضة مسلمة كانت أو كافرة بثلاثة قروء لقوله تعالى : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } وهي أي القروء الحيض وروى عن عمر وعلي وابن عباس لأنه المعهود في لسان الشرع لحديث تدع الصلاة أيام اقرائها رواه أبوداود وحديث إذا أتى قرؤك فلا تصلي وإذا مر قرؤك فتطهري ثم صلي ما بين القرء إلى القرء رواه النسائي ولم يعهد في لسانه استعمال القرء بمعنى الطهرو إن كان في اللغة القرء مشتركا بين الحيض والطهر و تعتد غيرهما أي الحرة والمبعضة وهي الأمة بقرأين لحديث قرء الأمة حيضتان ولأنه قول عمر وابنه وعلي ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة فكان إجماعا وهو مخصص لعموم الآية فكان القياس أن تكون عدتها حيضة ونصفا كحدها الا أن الحيض لا يتبعض وليس الطهر عدة لما تقدم ولا يعتد بحيضة طلقت فيها بل تعتد بعدها بثلاث حيض كوامل قال في الشرح لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم ولا تحل مطلقة لغيره أي المطلق إذا انقطع دم الحيضة الأخيرة حتى تغتسل أو تتيمم عند التعذر في قول أكابر الصحابة منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبو موسى وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء ولأن وطء الزوجة قبل الاغتسال حرام لوجود أثر الحيض فلما منع الزوج الوطء كما منعه الحيض وجب أن يمنع ما منعه الحيض وهو النكاح وتنقطع بقية الأحكام من التوارث ووقوع الطلاق وصحة اللعان وانقطاع النفقة ونحوها بانقطاعه أي دم الحيضة الأخيرة لأن هذه الأحكام لا أثر فيها للاغتسال بخلاف النكاح لأن المقصود منه الوطء ولا تحسب مدة نفاس لمطلقة بعد وضع ولو عقبه فلا تحسب بحيضة بل لابد من حيضها بعد ذلك ثلاث حيض كاملة للآية الرابعة من المعتدات من لم تحض لصغر أو إياس المفارقة في الحياة فتعتد حرة بثلاثة أشهر لقوله تعالى : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } أي كذلك من وقتها أي الفرقة فان فارقها نصف الليل أو النهار اعتدت من ذلك الوقت إلى مثله في قول أكثر العلماء و تعتد أمة لم تحض لما تقدم بشهرين نصحا واحتج بقول عمر عدة أم الولد حيضتان ولو لم تحض كان عدتها شهرين رواه الأثرم وليكون البدل كالمبدل ولأن غالب النساء يحضن في كل شهرحيضة و تعتد مبعضة لم تحض لذلك بالحساب فتزيد على الشهرين من الشهر الثالث بقدر ما فيها من الحرية فمن ثلثها حر تعتد بشهرين وعشرة أيام ومن نصفها حر فعدتها شهران ونصف شهر ومن ثلثاها حران عدتها شهران وعشرون يوما وأم ولد ومكاتبة ومدبرة في عدة كاملة لانها مملوكة وكذا معلق عتقها على صفة قبل وجودها وعدة بالغة لم ترحيضا ولا نفاسا كآيسة لدخولها في عموم قوله واللائي لم يحضن و عدة مستحاضة ناسية لوقت حيضها أو مستحاضة مبتدأة كآيسة لانهما لا يعلمان وقت حيضهما والغالب على النساء أن يحضن في كل شهرحيضة ويطهرن باقيه ومن علمت أن لها حيضة في كل أربعين يوما مثلا واستحيضت ونسيت وقت حيضها فعدتها ثلاثة أمثال ذلك أي مائة وعشرون يوما في المثال لانه لا يتحقق زمن فيه ثلاث حيض بدون ذلك ومن لها من المستحاضات عادة عملت بها أو لها تمييز عملت به إن صلح حيضا لما تقدم في بابه وإن حاضت صغيرة مفارقة في الحياة في أثناء عدتها استأنفتها أي العدة بالقرء لأن الأشهر بدل عن الإقراء لعدمها فإذا وجد المبدل بطل حكم البدل كالمتيمم يجد الماء بعد أن يتيمم لعدمه ومن يئست في أثناء عدة اقراء بان بلغت سن الاياس فيها وقد حاضت بعض اقرائها أو لم تحض ابتدأت عدة آيسة بالشهور لأنها إذن آيسة ولا يعتد بما حاضته قبل حيضتها وإن عتقت معتدة في عدتها أتمت عدة أمة لأن الحرية لم توجد في الزوجية إلا الرجعية فتتمم عدة حرة لانها في حكم الزوجات الخامسة من المعتدات من ارتفع حيضها ولم تدر سببه فتعتد للحمل غالب مدته تسعة أشهر ليعلم براءة رحمها ثم تعتد بعد ذلك كآيسة على ما فصل آنفا في الحرة والمبعضة والأمة قال الشافعي : هذا قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار لا ينكره منهم منكر علمناه ولأن الغرض بالعدة معرفة براءة رحمها وهي تحصل بذلك فاكتفى به وإنما وجبت العدة بعد التسعة أشهر لأن عدة الشهور إنما تجب بعد العلم ببراءة الرحم من الحمل إما بالصغرأو الاياس وهنا لما احتمل انقطاع الحيض للجمل أو للاياس اعتبرت البراءة من الحمل بمضي مدته فتعين كون الانقطاع للاياس فوجبت عدته عند تعيينه ولم يعتبرما مضى من الحيض قبل الاياس لأن الاياس طرأ عليه ولا تنقضي العدة بعود الحيض بعد المدة لانقضاء عدتها كالصغيرة تعتد بثلاثة أشهر ثم تحيض وإن علمت معتدة انقطع حيضها مارفعه من مرض أو رضاع ونحوه فلا تزال في عدة حتى يعود حيضها فتعتد به وإن طال الزمان لعدم إياسها من الحيض فتناولها عموم والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء كما لو كانت ممن وفين حيضتها مدة طويلة أو حتى تصيرآيسة أي تبلغ سن الاياس فتعتد عدتها أي الآيسة نصا لقوله تعالى : { واللائي يئسن من المحيض } الآية ويقبل قول زوج اختلف مع مطلقته في وقت طلاق أنه لم يطلق إلا بعد حيضة أو إلا بعد ولادة أو إلا في وقت كذا حيث لا بينة لها لأنه لا يقبل قوله في أصل الطلاق وعدده فكذا في وقته ولأن ذلك يرجع إلى الاختلاف في بقاء العدة وهوالأصل للسادسة من المعتدات امرأة المفقود أي من انقطع حبره فلم تعلم حياته ولا موته فتتربص حرة وأمة ما تقدم في ميراثه وهوتمام تسعين سنة منذ ولد إن كان ظاهرغيبته السلامة وأربع سنين منذ فقد إن كان ظاهر غيبته الهلاك كالمفقود من بين أهله أو في مفازة أو بين الصفين في حال الحرب ونحوه وساوت الأمة هنا الحرة لأن تربص المدة المذكورة ليعلم حاله من حياة وموت وذلك لا يختلف بحال زوجته ثم تعتد في الحالين للوفاة الحرة أربعة أشهر وعشرا والأمة نصف ذلك ولا تفتقر امرأة المفقود في ذلك التربص إلى حكم حاكم بضرب المدة وعدة الوفاة لانها فرقة تعقبها عدة الوفاة فلا تتوقف على ذلك كقيام البينة بموته وكمدة الايلاء ولا تفتقر أيضا إلى طلاق ولي زوجها بعد اعتدادها لوفاة لتعتد بعده بثلاثة قروء لأنه لا ولاية لوليه في طلاق امرأته ولحكمنا عليهما بعدة الوفاة فلاتجامعها عدة طلاق كما لوتيقنت موته وينفذ حكم حاكم بالفرقة ظاهرا فقط بحيث أن حكمه بالفرقة لا يمنع وقوع طلاق المفقود لأنه حكم بالفرقة بناء على أن الظاهر هلاكه فإذا علمت حياته تبين أن لا فرقة كما لوشهدت بها بينة كاذبة فيقع طلاقه لمصادفته محله وتنقطع النفقة على امرأة المفقود بتفريقه أي الحاكم أو بتزويجها أي امرأة المفقود أن لم يحكم بالفرقة لاسقاطها نفقتها بخروجها عن حكم نكاحه فإن قدم واختارها ردت إليه وعادت نفقتها من الرد قال ابن عمر وابن عباس : ينفق عليها في العدة بعدالأربع سنين من مال زوجها جميعه أربعة أشهر وعشرا فإن لم يفرق الحاكم ولم تتزوج واختارت المقام حتى يتبين أمره فلها النفقة ما دام حيا من ماله وإن ضرب لها الحاكم مدة التربص فلها النفقة فيها لا في العدة ومن تزوجت قبل ما ذكر من التربص المذكور والاعتداد بعده لم يصح نكاحها ولو بان أنه أي المفقود كان طلق وإن عدتها انقضت قبل أن تتزوج أو بان أنه كان ميتا وإن عدة الوفاة انقضت حين التزويج أي قبله لتزوجها في مدة منعها الشرع النكاح فيها أشبهت المعتدة والمرتابة قبل زوال ريبتها ومن تزوجت بشرطه أي بعد التر بص السابق والعدة ثم قدم زوجها قبل وطء الزوج الثاني دفع إليه ما أعطاها من مهر و ردت إلى قادم لانا تبينا بقدومه بطلان نكاح الثاني ولا مانع من الرد فترد إليه لبقاء نكاحه ويخير المفقود إن وطىء الزوج الثاني قبل قدومه بين أخذها أي الزوجة بالعقد الأول لبقائه ولو لم يطلق الثاني ويطأها الأول بعد عدته أي الثاني وبين تركها معه أي الثاني بلا تجديد عقد للثاني لصحة عقده ظاهرا قال المنقح قلت الأصح بعقد انتهى لما روي عن سعيد بن المسيب أن عمر وعثمان قالا : إن جاءها زوجها الأول خير بين المرأة وبين الصداق الذي ساقه هو رواه الجوزجاني و الأثرم ورويا معناه عن علي قال أحمد : روى عن عمر من ثمانية وجوه وقضى به ابن الزبير في مولاة لهم ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة وإنما وجب تجديد العقد للثاني لتبين بطلان عقده بمجيء الأول ويحمل قول الصحابة على ذلك بقيام الدليل عليه فإن زوجة إنسان لا تصيرزوجة لغيره بمجرد الترك وفي الرعاية إن قلنا يحتاج الثاني عقدا جديدا طلقها الأول لذلك قلت فعليه لابد من العقدة بعد .
طلاقه وهو ظاهر ويأخذ الزوج الأول قدر الصداق الذي أعطاها إياه من الزوج الثاني إذا تركها له لقضاء على وعثمان أنه يخير بينها وبين الصداق الذي ساق إليها هو ولأنه أتلف عليه المعوض فرجع بالعوض كشهود الطلاق إذا رجعوا عن الشهادة فعلى هذا إن كان لم يدفع إليها الصداق لم يرجع وإن كان دفع بعضه رجع بنظير ما دفع ويرجع الزوج الثاني عليها أي الزوجة بما أي بالمهر الذي أخذه منه الزوج الأول لأنها غرته ولئلا يلزم مهران بوطء واحد وإن لم يقدم الأول حتى مات الزوج الثاني معها ورثته لصحة نكاحه في الظاهر بخلاف ما إذا مات الأول بعد تزوجها فلا ترثه لاسقاطها حقها من إرثه بتزوجها بالثاني وإن ماتت بعد قدوم الأول ووطء الثاني فإن اختارها ورثها وإن لم يخترها ورثها الثاني بناء على أنه لا يحتاج إلى تجديد عقد إذن ومن ظهر موته باستفاضة أو بينة شهدت بموته كذبا ثم قدم فكمفقود إذا عاد فترد إليه إن لم يطأ الثاني ويخير إن كان وطىء على ماتقدم وتضمن البينة التي شهدت بوفاته ماتلف من ماله لتلفه بسبب شهادتها قلت : إن تعذر تضمين المباشر وإلا فالضمان عليه لأنه مقدم على المتسبب و تضمن البينة مهر الزوج الثاني الذي أخذه منه الأول ذكره في شرحه لتسببها في غرمه ذلك : قال وللمالك أيضا تضمين من باشر إتلاف ماله لأنه أتلفه بغيرإذن مالكه ومتى فرق أي فرق الحاكم بين زوجين لموجب يقتضيه كإخوة رضاع وتعذر نفقة من جهة زوج وعنه ثم بان انتفاؤه أي الموجب للتفريق فكمفقود قدم بعد تزوج امرأته فترد إليه قبل وطء ثان ويخير بعده كما تقدم ومن أخبر بطلاق زوج غائب و أخبر أنه وكيل رجل آخر في نكاحه بها أي المطلقة وضمن المخبر الذي ذكر أنه وكيل في تزوجها ثم جاء الزوج الغائب فأنكر ما ذكر عنه من طلاقها فهي زوجته باقية على نكاحه لأنه لم يثبت ما يرفعه ولها المهر على من نكحته بوطئها ولها الطلب على ضامنه به فإن لم يطأ فلا مهر وإن طلق غائب عن زوجته أو مات عنها اعتدت منذ الفرقة أي وقت الطلاق أو الموت مطلقا لدخولها في عموم ما سبق وإن لم تحد فيما إذا مات عنها لأن الاحداد ليس شرطا لانقضاء العدة حتى لوتركته قصدا لم يجب عليها إعادة العدة وسواء ثبت ذلك ببينة أو أخبرها من تثق به وعدة موطوءة بشبهة أو زنا حرة أو أمة مزوجة كعدة مطلقة لأنه وطء يقتضي شغل الرحم فوجبت العدة منه كالوطء في النكاح إلا أمة غير مزوجة فتستبرأ إذا وطئت بشبهة أو زنا بحيضة لأن استبراءها من الوطء المباح يحصل بذلك فكذا غيره ولا يحرم على زوج حرة أوأمة وطئت بشبهة أوزنا زمن عدة من ذلك غير وطء في فرج لأن تحريمها لعارض يختص به الفرج فأبيح الاستمتاع منها بما دونه كالحيض ولا ينفسخ نكاحها بزنا نصا وقال : حديث النبي A [ لا ترد يد لامس ] لا يصح وإن أمسكها زوجها فلم يطلقها لزناها استبرأها أي لم يطاها حتى تنقضي عدتها كغيرها من المعتدات