فصل في الطلاق في زمن مستقبل .
إذا قال لامرأته أنت طالق غدا أو أنت طالق يوم كذا وقع الطلاق بأولهما أي طلوع فجرها لأنه جعل الغد ويوم كذا ظرفا للطلاق فكل جزء منهما صالح للوقوع فيه فإذا وجد ما يكون ظرفا له منهما وقع كأنت طالق إذا دخلت الدارحيث تطلق بدخول أول جزء منها والغد هو اليوم الذي يلي يومك أو ليلتك ولا يدين ولا يقبل منه حكما إن قال أردت آخرهما أي الغد ويوم كذا لأن لفظه لا يحتمله و أنت طالق في غد أو في رجب مثلا يقع بأولهما لما تقدم وأول الشهر غرورب الشمس من آخر الشهر الذي قبله وله أي الزوج وطء معلق طلاقها قبل وقوع طلاق لبقاء نكاح و أنت طالق اليوم أو أنت طالق في هذا الشهر يقع في الحال لما سبق فإن قال أردت أن الطلاق يقع في آخر هذه الأوقات أو في وقت كذا منها دين وقبل منه حكما لأن آخر هذه الأوقات وأوسطها منها كأولها فإرادته لذلك لا تخالف ظاهر لفظه إذا لم يأت بما يدل على استغراق الزمن للطلاق لصدق قول القائل صمت في رجب حيث لم يستوعبه بخلاف صمت وجب وقد أوضحته في الحاشية وأنت طالق في أول شهركذا أو غرته أورأسه أو استقباله أو مجيئه لا يقبل قوله أردت آخره أووسطه لأن لفظه لا يحتمله وإن حلف ليقضينه في شهركذا لم يحنث قبل إنقضائه و إن قال أنت طالق اليوم أو غدا وقع في الحال أو قال لها أنت طالق في هذا الشهر أو في الشهر الآتي وقع الطلاق في الحال لأن أو لأحد الشيئين ولا مقتضى لتأخيره و إن قال أنت طالق اليوم أو غدا أو بعد غد أو أنت طالق في اليوم وفي غد وفي بعده ف طلقة واحدة في الصورة الأولى وهي أنت طالق اليوم أوغدا أوبعد غد لأنها إذا طلقت اليوم كانت طالقا غدا وبعده كقوله أنت طالق كل يوم و يقع ثلاث في الصورة الثانية وهي أنت طالق في اليوم وفي غد وفي بعده لأن إتيانه بفي وتكرارها يدل على تكرار الطلاق كقوله أنت طالق في كل يوم فيقع ثلاث في كل يوم طلقة إن كانت مدخولا بها وإلا بانت بالأولى فلا يلحقها ما بعدها و إن قال أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم ولم يطلقها في يومه وقع بآخره لأن خروجه يفوت به طلاقها فوجب وقوعه في آخروقت الإمكان كموت أحدهما في اليوم أو أسقط اليوم الأخير بأن قال أنت طالق اليوم إن لم أطلقك أو أسقط الأول بأن قال أنت طالق إن لم أطلقك اليوم ولم يطلقها في يومه وقع الطلاق بآخره لأن معنى يمينه إن فاتني طلاقك اليوم فأنت طالق فيه ويأتي في الباب بعده إذا أسقط اليومين و إن قال أنت طالق يوم يقدم زيد مثلا يقع الطلاق بها يوم قدومه من أوله أي يوم القدوم كأنت طالق يوم كذا ولو ماتا أي الزوجان أوأحدهما غدوة وقدم زيد بعد موتهما أو أحدهما من ذلك اليوم لتبين وقوع الطلاق من أول اليوم فقد سبق الموت ولا يقع الطلاق إذا قدم به أي زيد ميتا أو مكرها لأنه لم يقدم فلم توجد الصفة إلا بنية حالف بقدومه حلوله بالبلد حيا أو ميتا طائعا أومكرها ولا يقع الطلاق إذا قدم زيد ليلا مع نيته أي الزوج باليوم نهارا لتخصيصه فإن لم ينو نهارا فظاهره تطلق قدم نهارا أو ليلا وقطع به في التنقيح و الإقناع لاستعمال اليوم في المطلق الوقت لقوله تعالى : { وآتوا حقه يوم حصاده } وقدم في الفروع لا تطلق قال في الإنصاف : وهو المذهب قال الشهاب الفتوحي والد المصنف وهومقتضى كلام الشيخ في المقنع وهوأظهر و إن قال لامرأته أنت طالق في غد أو يوم كذا أو شهر كذا إذا قدم زيد مثلا فماتت في الغد أو يوم كذا أو فى الشهر قبل قدومه لم تطلق لأن إذا اسم لزمن مستقبل فمعناه أنت طالق في غد أو نحوه وقت مدومه بخلاف أنت طالق يوم كذا أو شهر كذا إن قدم زيد فإنها تطلق من أوله بقدومه فيه كما في الإقناع وأنت طالق اليوم غدا فواحدة في الحال كقوله : أنت طالق اليوم وغدا وإن نوى في كل يوم طلقة أو نوى أنها تطلق بعض طلقة اليوم وبعضها غدا فثنتان تكميلا لكل منهما كقوله : أنت طالق بعض طلقة اليوم وبعض طلقة غدا وإن نوى بقوله أنت طالق اليوم وغدا أنها تطلق بعضها أي الطلقة اليوم وبقيتها غدا فواحدة لأنه يقع بالبعض طلقة فلا يبقى لها بقية تقع غدا كقوله : أنت طالق بعض طلقة اليوم وبقية الطلقة غدا وأنت طالق إلى شهر أو أنت طالق إلى حول أو أنت طالق إلى الشهر أو أنت طالق إلى الحول ونحوه كأنت طالق إلى أسبوع أو الأسبوع يقع الطلاق بمضيه أي الشهر أو الحول ونحوه روي نحوه عن ابن عباس وأبي ذر ولأنه يحتمل أن يكون توقيتا لإيقاعه كقوله : أنا خارج إلى سنة أي بعدها فإذا احتمل الأمرين لم يقع الطلاق بالشك وقد ترجح هذا الاحتمال بأنه جعل للطلاق غاية ولا غاية لآخره بل لأوله إلا أن ينوي وقوعه إذن أي حين التكلم به فيقع الطلاق في الحال ك قوله أنت طالق بعد مكة أو إليها أي مكة ولم ينو بلوغها فيقع في الحال و إن قال لها - أنت طالق في أول الشهر فبدخوله تطلق أي بغروب شمس آخريوم من الذي قبله و أنت طالق في آخره أي الشهر ففي آخر جزء منه تطلق أي عند غروب شمس آخريوم منه و أنت طالق في أول آخره أي الشهر فبفجر آخر يوم منه أي الشهر تطلق لأنه آخره ويحرم أن يطأها في تاسع عشرين إن كان الطلاق بائنا لاحتمال أن يكون هوآخر الشهر فيتبين أنها طلقت من أوله و أنت طالق في آخر أوله أي الشهر فبفجر أول يوم منه أي الشهر تطلق لأن أول الشهر الليلة الأولى منه وآخرها طلوع الفجر وفي الإقناع تطلق في آخر أول يوم منه و إن قال لها إذا مضى يوم فأنت طالق فإن كان تلفظه بذلك نهارا وقع الطلاق إذا عاد النهار الى مثل وقته الذي تلفظه فيه من أمسه وإن كان تلفظه بذلك ليلا ف إنها تطلق بغروب شمس الغد من تلك الليلة لأنه إذن يصدق أنه مضى يوم و إن قال لها إذا مضت سنة فأنت طالق فبمضي اثنى عشر شهرا تطلق لقوله تعالى : { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا } أي شهور السنة وتعتبر الشهور بالأهلة تامة كانت أو ناقصة ويكمل ما أي شهر حلف في أثنائه بالعدد ثلاثين يوما لأن الشهر اسم لما بين الهلالين فإن تفرق فثلاثون يوما وقد أمكن إستيفاء أحد عشر شهرا بالأهلة فوجب الاعتبار بها كما حلف في أول شهر لقوله تعالى : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } فإن قال أردت بسنة اذا انسلخ ذو الحجة قبل لأنه مقر على نفسه بما هوأغلظ و إن قال إذا مضت السنة فأنت طالق فبانسلاخ ذي الحجة من السنة المعلق فيها تطلق لأنه عرفها بلام التعريف العهدية كقوله تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم } والسنة المعروفة آخرها ذو الحجة و أنت طالق إذا مضى شهر فبمضي ثلاثين يوما تطلق لما مر و إن قال إذا مضى الشهر فأنت طالق فبانسلاخه تطلق لما سبق و إن قال أنت طالق كل يوم طلقة وكانت تلفظه بالتعليق نهارا وقع إذن أي في الحال طلقة و وقعت الطلقة الثانية بفجر اليوم الثاني إن كان دخل بها وكذا تقع الطلقة الثالثة بفجر اليوم الثالث لما تقدم أول الفصل وإن قال لها أنت طالق في مجيء ثلاثة أيام ففي أول اليوم الثالث تطلق لأنه تحقق مجيء الأيام الثلاثة و إن قال أنت طالق في كل سنة طلقة تقع الطلقة الأولى في الحال لأن كل أجل ثبت بمطلق العقد ثبت عقبه ولأنه جعل السنة طرفا للطلاق فوقع في أولها لعدم مقتضى التأخير و تقع الطلقة الثانية في أول المحرم الآتي عقبها وكذا تقع الطلقة الثالثة في أول المحرم الآتي بعد ذلك وإنما تقع الطلقة الثانية والثالثة إن كانت في عصمته أورجعية في العدة ليصادف الطلاق محلا للوقوع ولو بانت المطلقة حتى مضت السنة الثالثة بأن انقضت عدتها أوكانت غيرمدخول بها ولم ينكحها في السنة الثانية ولا الثالثة ثم تزوجها بعدهما لم يقعا أي الطلقة الثانية والثالثة لانقضاء زمنها ولو نكحها أي المقول لها ذلك في السنة الثانية أو الثالثة طلقت عقبه أي عقب نكاحهالأنه جزءمن السنة التي جعلها ظرفا للطلاق ومحلا له وكان سبيله أن يقع في أولها فمنع منه كونها ليست محلا للطلاق فإذا عادت الزوجية فقد زال المانع وإن قال فيها أي مسألة أنت طالق في كل سنة طلقة وفي صورة ما إذا قال إذا مضت السنة فأنت طالق أردت بالسنة اثني عشر شهرا دين لأنها سنة حقيقية وقبل منه حكما لأن لفظه يحتمله وإن قال أردت ابتداء كون السنين المحرم دين لأنه أدرى بنيته ولم يقبل منه حكما لأنه خلاف الظاهر