باب الإستثناء في الطلاق .
وهو لغة من الثني وهو الرجوع يقال : ثنى رأس البعير إذا عطفه إلى ورائه فكان المستثنى رجع في قوله إلى ما قبله وإصطلاحا إخراج بعض الجملة أي مدخول اللفظ ب لفظ إلا أو ما قام مقامها كغيروسوى وليس وعدا وخلا وحاشا من متكلم واحد فلا يصح إستثناء غيرموقع لاعتبار نيته قبل تمام مستثنى منه وشرط بالبناء للمجهول فيه أي الإستثناء إتصال معتاد لأن غير المتصل لفظ يقتضي رفع ما وقع بالأول ولا يمكن رفع الطلاق إذا وقع بخلاف المتصل إذ الاتصال يجعل اللفظ جملة واحدة فلا يقع الطلاق قبل تمامها ولولا ذلك لما صح التعليق ويكون الإتصال إما لفظا بأن يأتي به متواليا أو يكون حكما كائقطاعه أي إلاستثناء عما قبله بتنفس ونحوه كسعال أو عطاس بخلاف انقطاعه بكلام معترض أو سكوت طويل لا يسيرأو طول كلام متصل بعضه ببعض فلا يبطله قاله الطوفي و شرط الإستثناء أيضا نية قبل تمام مستثنى منه فإذا قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة لم يعتد باالإستثناء إن لم ينوه قبل تمام قولة : ثلاثا وكذا شرط ملحق أي لاحق لآخر الكلام كأنت طالق إن قمت فيشترط إتصاله عادة ونية قبل تمام أنت طالق و كذا عطف مغير نحوأنت طالق أولا فلا يقع به طلاق إن اتصل عادة ونواه قبل تمام معطوف عليه الإستثناء بالمشيئة ونية العدد حيث يؤثر ذلك لأنها صوارف للفظ عن مقتضاه فوجب مقارنتها لفظا ونية كالاستثناء ويصح استثناء في نصف فأقل نصا لأنه كلام متصل أبان به أن المستثنى غيرمراد بالأول فصح كقول الخليل A [ إنني مما تعبدون إلا الذي فطرني ] يريد به البراءة مما سوى الله D وقوله تعالى : { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما } وأما استثناء أكثر من النصف فلا يصح لما يأتي في الإقرار من مطلقات كزوجتاي طالقتان إلا فلانة أو زوجاته الأربع طوالق إلا فلانة وفلانة و من طلقات ف لو قال لامرأته أنت طالق ثنتين إلا طلقة يقع عليها طلقة واحدة لرفعه الثانية بالاستثناء و إن قال لها أنت طالق ثلاثا إلا طلقة يقع إثنتان و أنت طالق ثلاثا الإثنتين إلا طلقة يقع إثنتان لأنه استثنى من الثنتين واحدة فبقى واحدة استثناها من الثلاث فبقى اثنتان أو قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة إلا واحدة يقع ثنتان لصحة الاستثناء الأول والثاني مؤكد له أو قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة وإلا واحدة يقع ثنتان إلغاء للاستثناء الثاني لئلا يلزم استثناء أكثر من النصف أو قال : أنت طالق طلقة وثنتين إلا طلقة يقع ثنتان لصحة إستثناء واحدة من إثنتين لأنها نصفهما أو قال : أنت طالق أربعا إلا ثنتين يقع ثنتان لصحة إستثناء النصف و إن قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا يقع ثلاث لأنه إستثناء للكل ولا يصح أو أنت طالق ثلاثا إلا ثنتين يقع ثلاث لأن إستثناء أكثر من النصف لا يصح أو أنت طالق ثلاثا إلا جزء طلقة كنصف وثلث ونحوهما كربع أوخمس أو سدس يقع ثلاث لأن الطلاق لا يتبعض فيكمل الباقي من الطلقة أو أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا واحدة يقع ثلاث لأنه استثنى واحدة من الثلاث بقي إثنتان واستثناهما من الثلاث الأول وهو استثناء أكز من النصف فلا يصح أو قال أنت طالق خمسا إلا ثلاثا أو أنت طالق أربعا إلا ثلاثا يقع ثلاث لأنه إستثناء أكثر من النصف أو قال : أنت طالق أربعا إلا واحدة يقع ثلاث لبقائها بعد الاستثناء أو أنت طالق وطالق وطالق إلا واحدة يقع ثلاث لعود الاستثناء بما يليه فهوكاستثناء الكل وإن أراد الاستئناء من المجموع في ذلك دين وقبل حكمه قاله في الإقناع أو أنت طالق وطالق وطالق إلا طالقا أو أنت طالق ثنتين وطلقة إلا طلقة أو ثنتين ونصف إلا طلقة أو ثنتين وثنتين إلا ثنتين يقع ثلاث لما تقدم أو أنت طالق ثنتين وثنتين إلا واحدة يقع ثلاث طلقات لبقائها بعد الإستثناء كعطفه بالفاء أو بثم بأن قال أنت طالق ثنتين فثنتين إلا ثنتين أو إلا واحدة أو أنث طالق ثنتين ثم ثنتين إلا ثنتين أو إلا واحدة وإن قال : أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة الا واحدة وواحدة وواحدة قال في الترغيب : وقعت الثلاث على الوجهين و إن قال لزوجته أنت طالق ثلاثا أو استثنى بقلبه إلا واحدة تقع الطلقات الثلاث لأن العدد نص فيما تناوله فلا يقع بالنية ما ثبت بنص اللفظ لانه أقوى منها وإن نوى بالثلاث اثنتين - فقد استعمل اللفظ في غيرما يصلح له فوقع مقتضى اللفظ ولغت النية و إن قال من له أربع نسوة نسائي الأربع طوالق واستثنى واحدة منهن بقلبه طلقن كلهن لما سبق وإن لم يقل الأربع بل قال : نسائي طوالق واستثنى واحدة مخهن بقلبه لم تطلق المستثناة لأنه اسم عام يجوز التعبيربه عن بعض ما وضع له واستعمال العام في الخاص كثير فينصرف اللفظ بنية ما أراد فقط وان سألته إحدى نسائه طلاقها فقال : نسائي طوالق و استئنى من سألته طلاقها دين لأنه لفظ عام يحتمل التخصيص ولم يقبل منه ذلك حكما لأن طلاقه جواب سؤالها لنفسها فدعواه صرفه عنها خلاف الظاهر ولأنها سبب الطلاق وسبب الحكم لا يجوز إخراجه من العموم بالتخصيص وإن كانت قالت له طلق نساءك فقال : نسائي طوالق طلقت القائلة كباقي نسائه لعموم اللفظ مع عدم المخصص مالم يستثنها ولو بقلبه فلا تطلق لأن خصوص السبب يقدم على عموم اللفظ ويقبل منه حكما وفي كتاب القواعد الأصولية للعلامة علاء الدين بن اللحام قاعدة المذهب أن الاستثناء يرجع إلى ما يملكه أي من عدد الطلاق لا إلى ما لفظ به و أن العطف بالواو يصير الجملتين واحدة أي بخلاف العطف بالفاء وثم وقاله أي ما ذكره في القواعد جمع قال المنقح وليس ما في القواعد وقاله جمع على إطلاقه بدليل ما تقدم في قوله أنت طالق أربعا إلا ثنتين يقع ثنتان ولورجع إلى ما يملكه وقع ثلاث لأن استثناء أكثر من النصف لا يصح وقوله أنت طالق وطالق وطالق إلا طالقا ونحوه يقع ثلاث ولوصيرا لعطف الجمل واحدة كان بمنزلة قوله أنت طالق ثلاثا إلا واحدة