باب صفة الصلاة .
ويمد راكع ظهره مستويا ويجعل رأسه حياله أي حيال ظهره فلا يرفعه عن ظهره ولا يخفضه لقول أبي حميد في حديثه [ وركع فاعتدل ولم يصوب رأسه ولم يقنعه ] ويجافي مرفقيه عن جنبيه لحديث أبي مسعود بن عقبة بن عمرو [ أنه ركع فجافى يديه ووضع يديه على ركبتيه وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه وقال : هكذا رأيت النبي A يصلي ] رواه أحمد و أبو داود و النسائي والمجزىء من ركوع : الانحناء بحيث يمكن مصليا وسطا في الخلقة مس ركبتيه بيديه لأنه لا يسمى راكعا بدون ذلك وقدره أي وقدر الانحناء من غيره أي غير الوسط كطويل اليدين وقصيرهما فينحني حتى يكون بحيث لو كان من أوساط الناس لأمكنه مس ركبتيه بيديه و فدر المجزىء من قاعد : مقابلة وجهه بانحنائه ما وراء ركبتيه من أرض أدنى أي أقل مقابلة لأنه ما دام قاعدا معتدل لا ينظر ما وراء ركبتيه من الأرض فاذا انحنى بحيث يرى ما وراء ركبتيه منها أجزأه ذلك من الركوع وتتمتها أي تتمة مقابلة ما وراء ركبتيه من الأرض الكمال في ركوع قاعد وقال المجد : ضابط الاجزاء الذي لا يختلف : أن يكون انحناؤه إلى الركوع المعتدل أقرب منه إلى القيام المعتدل لتناول شيء لم يخطر بباله الركوع لم يجزئه وينويه أي الركوع أحدب لا يمكنه ركوع كسائر الأفعال التي يعجز عنها فان أمكنه بعضه كعاجز عن ركوع يجزىء الصحيح ومن به علة لا يقدرمعها على الانحناء إلا على أحد جانبيه يلزمه ما قدر عليه لحديث [ إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم ] ويقول في ركوعه سبحان ربي العظيم لحديث عقبة بن عامر قال [ لما نزلت : فسبح باسم ربك العظيم قال النبي A : اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت : سبح اسم ربك الأعلى : قال : اجعلوها في سجودكم ] رواه أبو داود و ابن ماجه و ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وصححه والأفضل عدم الزيادة عليه فان زاد : وبحمده فلا بأس وحكمة التخصيص : أن الأعلى أفعل تفضيل بخلاف العظيم والسجود : غاية التواضع لما فيه من وضع الجبهة وهي أشرف الأعضاء على مواطىء الأقدام ولهذا كان أفضل من الركوع فجعل الأبلغ مع الأبلغ والمطلق مع المطلق والواجب من التسبيح مرة لأنه A لم يذكر عددا فيما سبق وسن تكريره ثلاثا في قول عامة أهل العلم وهو أي التكرار ثلاثا أدنى الكمال لحديث عون عن ابن مسعود مرفوعا إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات : سبحان ربي العظيم وذلك أدناه واذا سجد فليقل : سبحان ربي الاعلى ثلاثا وذلك أدناه رواه أبو داود و الترمذي و ابن ماجه لكنه مرسل كما قال البخاري في تاريخه لأن عونا لم يسمع من ابن مسعود لكن عضده قول الصحابي وفتوى أكثر أهل العلم وأعلاه أي الكمال في التسبيح لإمام عشر مرات لما روي عن أنس [ أن عمر بن عبد العزيز كان يصلي كصلاة النبي A فحزروا ذلك بعشر تسبيحات ] و أعلى الكمال المنفرد العرف أي المتعارف في موضعه وسكت عن مأموم لأنه تبع لامامه وكذا سبحان ربي الأعلى في سجود فحكمه كتسبيح الركوع فيما يجب وأدنى الكمال وأعلاه لما تقدم والكمال في قول مصل رب اغفر لي بين السجدتين : ثلاث مرات إماما كان أو منفردا في غير صلاة كسوف في الكل أي تسبيح ركوع وسجود ورب اغفر لي لاستحباب التطويل الزائد على ما ذكر فيها وتكره القراءة في ركوع وسجود ثم يرفع رأسه مع يديه إلى حذو منكبيه فرضا كانت أو نفلا صلى قائما أو جالسا وهو من تمام الصلاة حيث شرع قائلا إمام ومنفرد : سمع الله لمن حمده مرتبا وجوبا لحديث ابن عمر المتفق عليه في صفة صلاته A [ وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك - أي رفع يديه إلى حذو منكبيه - وقال : سمع الله لمن حمده ] قال في الشرح : وظاهره أنه رفع يديه حين أخذ في رفع رأسه كقوله إذا كبر أي أخذ في التكبير ولأنه محل رفع المأموم فكان محل رفع الامام كالركوع ورفع اليدين في الرفع من الركوع : قول من تقدم ذكرهم في رفعهما عند الركوع ويدل لوجوب التسميع على غير مأموم : حديث أنس مرفوعا إذا قال الامام : سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد وروى أبو هريرة مثله متفق عليهما فقسم الذكر بينهما والقسمة تقطع الشركة ومعنى سمع الله لمن حمده أي تقبله وجازاه عليه فان نكس التسميع فقال : لمن حمده سمع الله لم يجزه كما لو نكس التكبير ولتغيير المعني لأن : سمع الله لمن حمده : خبر معناه الدعاء فاذا نكست صارت صيغة ضرط لا تصح للدعاء ثم بعد رفع من الركوع إن شاء وضع يمينه على شماله أو أرسلهما بجانبيه فيخير نصا فاذا قام إي استوى قائما حتى رجع كل عضو إلى موضعه لقول أبي حميد في صفة صلاته A [ فاذا رفع رأسه استوى قائما حتى يعود كل فقار مكانه ] قال : ربنا ولك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد أي بعد السماء والأرض كالكرسي وغيره مما لا يعلم سعته إلا الله تعالى والمعني : حمدا لوكان أجساما لملأ ذلك واثبات واو ولك أفضل نصا للاتفاق عليه من رواية ابن عمر وأنس وأبي هريرة ولأنه أكثر حروفا ويتضمن الحمد مقدرا ومظهرا أي ربنا حمدناك ولك الحمد إذ الواو للعطف ولا معطوف عليه في اللفظ فيقدر ملء يجوز نصبه على الحال ورفعه على الصفة والمعروف في الأخبار السموات لكن قال الامام وأكثر الأصحاب : بالافراد وله قول اللهم ربنا ولك الحمد وبلا واو أفضل وان عطس في رفعه فحمد الله لهما لم يجزه نصا وصحح الموفق الاجزاء كما لوقاله ذاهلا وإن نوى أحدهما تعيين ولم يجزه عن الآخر وكذا لو عطس عند ابتداء قراءة الفاتحة ويحمد بالتشديد أي يقول : ربنا ولك الحمد فقط فلا يزيد على ذلك مأموم ويأتي به في رفعه لحديث أنس وأبي هريرة مرفوعا إذا قال الامام : سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد متفق عليهما فاقتصر على أمرهم بقوله ربنا ولك الحمد فدل على أنه لا يشرع لهم غيره وظاهر كلامه كالتنقيح : لا تستحب الزيادة لامام ومنفرد على قول وملء ما شئت من شيء بعد وصحح في الانصاف تبعا للمغنى و الشرح وغيرهما : استحباب زيادة أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد : لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وغيره مما صح ومن أراد ركوعا فسقط الى الأرض قام فركع وإن سقط منه قبل أن يطمئن عاد اليه ليطمئن ولا يلزمه ابتداؤه عن انتصاب لأنه سبق منه وإن ركع واطمأن ثم سقط انتصب قائما ليحصل فرض الاعتدال عنه وان ركع واطمأن فحدثت به علة منعته القيام سقط عنه الرفع ويسجد فان زالت علته بعد سجوده لم يلزمه العود للرفع لان زالت تجبله عاد اليه - لأنه قدر عليه قبل حصوله في الركن ويأتي حكم من نسي التسبيح في سجود السهو ثم بعد الاعتدال يخر ساجدا مكبرا ولا يرفع يديه لقول أبن عمر وكان لا يفعل ذلك في السجود متفق عليه ولم يذكره أبو حميد في وصف صلاته A فيضع ركبتيه أولا بالارض لحديث [ وائل ابن حجر قال : رأيت النبي A إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه واذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ] رواه أبو داود و النسائي و ابن ماجه و الترمذي وقال : حسن غريب وأخرجه ابن خزيمة و ابن حبان في صحيحيهما و الحاكم في مستدركه قال الخطابي : هو أصح من حديث أبي هريرة أي الذي فيه [ وضع اليدين قبل الركبتين ] وروى الاثرم عنه إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه ولا يبرك بروك البعير وعن سعد قال كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين لكنه من رواية يحيى بن سلمة بن كهيل وقد تكلم فيه البخاري وغيره ثم يضع يديه أي كفيه ثم يضع جبهته وأنفه ويكون في سجوده على أطراف أصابعه أي أصابع رجليه مثنية إلى القبلة لحديث أمرت أن أسجد على سبعة أعظم وروى [ أنه A سجد غير مفترش ولا قابضهما ] والسجود على هذه الاعضاء السبعة مع الأنف بالمصلى بفتح اللام من أرض أو حصير أو نحوهما ركن مع القدرة عليه لحديث ابن عباس [ أمر النبي A أن يسجد على صبعة أعظم ولا يكف شعرا ولا ثوبا : الجبهة واليدين والركبتين والرجلين ] متفق عليه و للأثرم و سعيد في سننهما عن عكرمة مرفوعا لا تجزىء صلاة لا يصيب الانف منها ما يصيب الجبهة و للدارقطني عن ابن عباس مرفوعا لا صلاة لمن لم يضع انفه على الأرض و لا تجب مباشرتها أي المصلي بشيء منها أي اعضاء السجود وأجمعوا عليه في القدمين والركبتين ويشهد له في الجبهة حديث أنس [ كنا نصلى مع النبي A في شدة الحر فاذا لم يستطع احدنا ان يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه ] رواه الجماعة وروى ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه كان يسجد على كور عمامته