كتاب الخلع .
بضم الخاء المعجمة وسكون اللام وهو فراق زوج زوجته بعوض يأخذه الزوج منها أو من غيرها بألفاظ مخصوصة سمى بذلك لأن المرأة تخلع نفسها من الزوج كما تخلع اللباس من بدنها قال تعالى : { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } ويباح الخلع لسوء عشرة بين زوجين بأن صار كل منهما كارها للآخر لا يحسن صحبته لقوله تعالى : { فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } و يباح الخلع لمبغضة زوجها تخشى أن لا تقيم حدود الله في حقه لحديث أبن عباس [ جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله A فقالت : يا رسول الله ما أعيب عليه من خلق ولا دين ولكن أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله A : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم فقال رسول الله A اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ] رواه البخاري و النسائي فأمره A بذلك دليل إباحته وبه قال عمر وعثمان وعلي ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة وتسن إجابتها أي الزوجة إذا سألته الخلع على عوض حيث أبيح الخلع لأمره A لثابت بن قيس بقوله [ اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ] إلا مع محبته أي الزوج لها فيسن صبرها عليه وعدم افتدائها منه دفعا لضرره ولا تفتقر صحة الخلع إلى حكم حاكم نصا ويكره الخلع مع استقامة ويصح الخلع مع استقامة حال الزوجين أما الكراهة فلحديث أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة رواه الخمسة إلا النسائي ولأنه عبث وأما الصحة فلعموم قوله تعالى : { فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا } ويحرم الخلع إن عضلها لتختلع ولا يصح الخلع إن عضلها أي ضربها أو ضيق عليها أو منعها حقها من نفقة أو كسوة أو قسم ونحو لتختلع منه لقوله تعالى : { لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن } الآية ولأنها مكرهة إذن على بذل العوض بغيرحق فلم يستحق أخذه منها للنهي عنه وهو يقتضي الفساد ويقع الطلاق رجعيا إن أجابها بلفة طلاق أو لفظ خلع مع نيته أي الطلاق ولا تبين منه لفساد العوض ويباح ذلك أي عضل الزوج لها لتفتدي منه مع زناها نصا لقوله تعالى : { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } والاستثناء من النهي إباحة ولأنه لا يؤمن أن تلحق به ولدا من غيره وإن أدبها لنشوزها أو تركها فرضا كصلاة وصوم فخالعته لذلك صح الخلع وأبيح له عوضه لأنه بحق ويصح الخلع ويلزم ممن يقع طلاقه مسلما كان أو ذميا حرا كان أو عبدا كبيرا أو صغيرا يعقله لأنه إذا ملك الطلاق وهو مجرد إسقاط لا تحصيل فيه فلأن يملكه محصلا لعوض أولى وشمل كلامه الحاكم في الإيلاء ونحوه وصرح به في الاختيارات و يصح بذل عوضه أي الخلع من كل من يصح تبرعه وهو المكلف غيرالمحجورعليه بخلاف المحجورعليه لأنه بذل ماله في مقابلة ما ليس بمال ولا منفعة أشبه التبرع وسواء كأن بذله من زوجة أو غيرها ولو ممن شهدا بطلاقها أي الزوجة وردا أي ردت شهادتهما لمانع كالمبذول في افتداء أسير وكشراء الشاهدين من ردت شهادتهما بعتقه فيصح قول رشيد لزوج امرأة اخلعها على كذ على أو قوله اخلعها على كذا عليها وأنا ضامن فإن أجابه الزوج صح ولزمه العوض لالتزامه له ولا يلزمها أي المرأة العوض إن لم تأذن للسائل في ذلك فإذ أذنته في ذلك لزمها لأنه وكيل عنها ويصح سؤالها أي المرأة زوجها الخلع على مال أجنبي أي غيرزوجها ولوقريبا لأحدهما بإذنه لها في ذلك لأنها وكيلة عن الأجنبي في مخالعة الزوج بمال الأجنبي و إن سألت المرأة زوجها أن يخلعها على مال أجنبي بدونه أي دون إذن الأجنبي إن ضمنته بأن قالت اخلعني على عبد زيد وأنا ضامنة له صح لأنها باذلة للبدل وماله أي الغير لاغ وإن لم تضمنه لم يصح الخلع لتصرفها في مال غيرها بغير إذنه كبذل الأجنبي مالها بدون إذنها ويقبضه أي عوض الخلع زوج ولو كان صغيرا يعقل الخلع أو كان سفيها أو قنا قاله القاضي ونص عليه في العبد وصححه الناظم وجزم به في المنور وقدمه في المحرر و تجريد العناية و التنقيح كمحجور عليه لفلس ومكاتب ثم قال المنقح وقال الأكثر يقبضه ولي صغير وسفيه وسيد عبد وهو أصح انتهى وهو المذهب كما في الانصاف وإن قال أبو امرأة لزوجها طلق بنتي وأنت بريء من مهرها ففعل أي طلقها ف الطلاق رجعي لخلوه عن العوض ولم يبرأ الزوج من مهرها بإبراء أبيها لأنه ليس له ولم يرجع الزوج على الأب بشيء لأنه أبرأه مما ليس له أشبه الأجنبي ولا تطلق الزوجة إن قال الزوج بعد براءة أبيها له طلقتها إن برئت أنا منه أي من مهرها لأنه لا يبرأ منه بذلك ولو قال زوج لأبي زوجته إن أبرأتني أنت منه أي مهر ابنتك فهي طالق فأبرأه أبوها منه لم تطلق رشيدة كانت أو غيرها لأن الطلاق معلق على براءته من مهرها ولم يبرأ منه بإبراء أبيها ومن قال لزوجته إن أبرأتني من حقوق الزوجية ومن العدة أي نفقتها فأنت طالق فأبرأته فأفتى ابن نصر الله بعدم صحة البراءة وعدم وقوع الطلاق أما عدم صحة البراءة فلقصدها بها المعاوضة في الطلاق ولم يقع وأما عدم صحة وقوع الطلاق فلأنه علقه على الإبراء من نفقة العدة ولا تصح البراءة منها إلا بعد وجوبها ولا تجب العدة إلا بالطلاق فلا يتصور وقوع الطلاق لتوقفه على ما هو متوقف عليه فيدور وليس لأب صغيرة أن يخالع زوجها من مالها كغيره من الأولياء لأنه لاحظ لها فيه ولا لأب زوج صغير أو مجنون أو سيدها أي الصغير والمجنون أن يخالعا أو يطلقا عنهما أي الصغير والمجنون لحديث الطلاق لمن أخذ بالساق وإن خالعت على شيء أمة زوجها ولو كانت مكاتبة بلا إذن سيد ها لم يصح لعدم أهليتها للتصرف في المال بلا إذن سيدها فإن كان بإذنه صح إذ العوض منه لا منها وتسلمه مكاتبة مأذونة مما بيدها فإن لم يكن بيدها شيء فهو في ذمة سيدها ذكره في الشرح و الإقناع أو خالعت زوجها محجورة لسفه أو صغر أو جنون لم يصح الخلع ولو أذن فيه ولي لأنه لا إذن له في التبرع ويقع الخلع إذن بلفظ طلاق أو نيته رجعيا لخلوه عن العوض ولا ييطل إبراء من ادعت سفها حالته أي الخلع بلا بينة تشهد بسفهها حاله كمن باع ثم ادعى سفها ونحوه ويصح الخلع من زوجة محجور عليها لفلس على مال في ذمتها لصحة تصرفها فيها كاقتراضها وتطالب به إذا انفك حجرها وأيسرت لا إن خالعته بعين من مالها وكذا أجنبي محجور عليه لفلس