فصل القسم الثاني .
من الشروط في النكاح فاسد وهو نوعان نوع منهما يبطل النكاح من أصله وهو أي المبطل للنكاح من أصله ثلاثة أشياء أحدها نكاح الشغار بكسر الشين وهو أو يزوجه أي يزوج رجل رجلا وليته أي بنته أو أخته ونحوهما على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما يقال شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول فسمى هذا النكاح شغارا تشبيها في القبح برفع الكلب رجله للبول وروي عن عمر وزيد بن ثابت أنهما فرقا فيه بين المتناكحين لحديث ابن عمر [ أن رسول الله A نهى عن الشغار ] متفق عليه و لمسلم مثله عن أبي هريرة ولأنه جعل كل واحد من العقدين مسلفا في الآخر فلم يصح كقوله بمعنى ثوبك على أن أبيعك ثوبى وليس فساده من قبل التسمية بل لأنه وقفه عك شرط فاسد ولأنه لشرط تمليك البضع لغيرالزوج فإنه جعل تزويجه إياها مهرا للأخرى فكأنه ملكه إياها بشرط انتزاعها منه وسواء قال على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى أو لم يقله لحديث ابن عمر مرفوعا [ نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق ] متفق عليه وهذا يجب تقديمه على غيره أو يجعل بضع كل واحدة منهما مع دراهم معلومة مهرا للأخرى فلا يصح لما تقدم فإن سموا مهرا مستقلا غير قليل ولا حيلة صح النكاح سواء كان المسمى مهر المثل أو أقل فإن كان قليلا حيلة لم يصح وكلام الحجاوي هنا في الحاشية وان سمى مهر لأحداها دون الأخرى صح نكاحها أي من سمى المهر لها فقط لأن فيه تسمية وشرطا أشبه ما لوسمى لكل واحدة منهما مهر وان قال زوجتك جاريتي هذه على أن تزوجني ابنتك وتكون رقبتها صداقا لابنتك لم يصح تزويج الجارية في قياس المذهب لأنه لم يجعل لها صداقا سوى تزويج ابنته واذا زوجه ابنته على أن يجعل رقبة الجارية صداقا لها صح لأن الجارية تصلح أن تكون صداقا وإن زوج عبده امرأة وجعل رقبته صداقا لها لم يصح الصداق لأن ملك المرأة زوجها يمنع صحة النكاح فيفسد الصداق ويصح النكاح ويجب مهر المثل قاله في الشرح الثاني من الثلاثة أشياء نكاح المحلل وهو أن يتزوجها أي المطلقة ثلاثا على أنه إذا أحلها لمطلقها أي وطأها طلقها أو يتزوجها على أنه إذا أحلها فلا نكاح بينهما وهو حرام باطل لحديث [ لعن الله المحلل والمحلل له ] رواه أبو داود و ابن ماجة و الترمذي وقال حسن صحيح والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي A منهم : عمر بن الخطاب وابنه وعثمان بن عفان وروي عن علي وابن عباس وقال ابن مسعود المحلل والمحلل له ملعونان على لسان محمد A و لابن ماجة عن عقبة بن عامر مرفوعا [ ألا أخبركم بالتيس المستعار قالوا بلى يا رسول الله : قال : هو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له ] أو ينويه أي ينوي الزوج التحليل ولم يذكر الشرط في العقد في النكاح باطل أيضا لدخوله في عموم ما سبق وروى نافع عن ابن عمر أن رجلا قال له : تزوجتها أحلها لزوجها لم يأمرني ولم يعلم قال لا : إلا نكاح رغبة إن أعجبتك أمسكتها وإن كرهتها فارقتها قال : وإن كنا نعهده على عهد رسول الله A سفاحا وقال : لا يزالا زانيين وإن مكثا عشرين سنة إذا علم أنه يريد أن يحلها له وهو قول عثمان وجاء رجل إلى ابن عباس فقال : إن أعمى طلق امرأته ثلاثا أيحلها له رجل قال : من يخادع الله يخدعه أو يتفقا أي الزوجان عليه أي على أنه نكاح محلل قبله أي قبل العقد ولم يذكر في العقد فلا يصح إن لم يرجع عنه وينوي حال العقد أنه نكاح رغبة فإن حصل ذلك صح لخلوه عن نية التحلل وشرطه وعليه يحمل حديث ذي الرقعتين وقد ذكره في شرحه أو يزوج عبده بمطلقته ثلاثا بنية هبته منها أو بنية هبة بعضه أو بنية بيعه أو بيع بعضه منها ليفسخ نكاحها فلا يصح قال أحمد : هذا نهى عنه عمر يؤد بأن جميعا وعلل فساده بشيئين أحدهما أنه أشبه المحلل لأنه إنما زوجها إياه ليحلها له والثاني : كونه ليس بكفء لها ومن لا فرقة بيده لا أثر لنيته فلو وهبت مطلقته ثلاثا مالا لمن تثق به ليشتري مملوكا فاشتراه وزوجه بها ثم وهبه أو وهب بعضه لها انفسخ نكاحها ولم يكن هناك تجليل مشروط ولا منوي ممن تؤثر نيته أو شرطه وهو الزوج ولا أثر لنية الزوجة والولي قاله في أعلام الموقعين وقال : صرح أصحابنا بأن ذلك يحلها وذكر كلامه في المغني فيها قال في المحرر و الفروع وغرهما ومن لا فرقة بيده لا أثر لنيته قاله في التنقيح والأصح قول المنقح بعد ذلك قلت : الأظهر عدم الإخلال قال في الواضح : نيتها كنيته وفي الروضة نكاح المحلل باطل إذا اتفقا فإن اعتقدت ذلك باطنا ولم تظهره صح في الحكم وبطل فيما بينها وبين الله تعالى الثالث من الثلاثة أشياء نكاح المتعة وهو أن يتزوجها أي المرأة إلى مدة أو يشترط طلاقها فيه أي النكاح بوقت كزوجتك ابنتي شهرا أو سنة أو إلى انقضاء الموسم أو إلى قدوم الحاج ونحوه فيبطل نصا لحديث الربيع بن سبرة أنه قال أشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله A نهى عنه في حجة الوداع وفي لفظ [ إن رسول الله A حرم متعة النساء ] رواه أبو داود ولمسلم [ عن سبرة أمرنا رسول الله A بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم نخرج حتى نهانا عنها ] وحكى عن ابن عباس الرجوع عن قوله بجواز المتعة وأما إذن النبي A فيها فقد ثبت نسخه قال الشافعي : لا أعلم شيئا أحله الله ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه إلا المتعة أو ينويه أي ينوي الزوج طلاقها بوقت بقلبه أو يتزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج ليعود إلى وطنه لأنه شبيه بالمتعة أو يعلق النكاح على شرط غير زوجت إن شاء الله وقبلت إن شاء الله فيبطل النكاح المعلق على شرط مستقبل ك قوله زوجتك ابنتي إذا جاء رأس الشهر أو إن رضيت أمها أو إن وضعت زوجتي ابنة فقد زوجتكها لأنه عقد معاوضة فلا يصح تعليقه على شرط مستقبل كالبيع ولأنه وقف النكاج على شرط فلم يجز ويصح تعليق النكاح على شرط ماض أ و على شرط حاضر فالماضي ك قوله زوجتك فلانة إن كانت بنتي أو زوجتكها إن كنت وليها أو انقضت عدتها وهما أي العاقدان يعلمان ذلك أي أنها بنته وأنه وليها وأن عدتها انقضت والشرط الحاضر أشار إليه بقوله أو زوجتكها إن شئت فقال : شئت وقبلت ونحوه فيصح النكاح لأنه ليس بتعليق حقيقة بل توكيد وتقوية النوع الثالث من الشروط الفاسدة وهو ما يصح معه النكاح نحو أن يشترط أن لا مهر لها أو لا نفقة لها أو أن يقسم لها كثر من ضرتها أو أن يقسم لها أقل من ضرتها أو أن يشترطا عدم وطوء أو يشترط أحدهما عدم وطء ونحوه كعزله عنها أو أن لا يكون عندها في الجمعة إلا ليلة أو شرط لها النهار دون الليل أو شرط على المرأة أن تنفق عليه أو أن تعطيه شيئا أو شرطه أنه إن فارق رجع بما أنفق أو شرط خيار في عقد أو شرطا خيارا في مهر أو شرطت عليه إن جاء ها به أي المهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح بينهما أو شرطت عليه أن يسافر بها ولو لحج أو أن تستدعيه لوطء عند إرادتها أو أن لا تسلم نفسها إلهه إلى مدة كذا ونحوه كإنفاقه عليها كل يوم عشرة دراهم فيصح النكاح دون الشرط في هذه الصور كلها لمنافاته لمقتضى العقد ولتضمنه إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده كإسقاط الشفيع شفعته قبل البيع وأما العقد نفسه فصحيح لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد لا يشترط ذكره فيه ولا يضرالجهل به فلم يبطله كشرط صداق محرم فيه ولأن النكاح يصح مع الجهل بالعوض فجاز أن ينعقد مع الشرط الفاسد كالعتق ومن طلق بشرط خيار وقع طلاقه لصدوره من أهله في محله ولغا الشرط