كتاب العتق .
لغة : الخلوص ومنه عتاق الخيل والطير أي خالصها وسمي البيت الحرام عتيقا لخلوصه من أيدي الجبابرة وهو شرعا تحرير الرقبة أي الذات وتخليصها من الرق عطف تفسير خصت به الرقبة مع وقوعه على جميع البدن لان ملك السيد له كالغل في رقبته المانع له من التصرف فاذا عتق فكأن رقبته أطلقت من ذلك يقال : عتق العبد وأعتقته أنا فهو عتيق ومعتق وهم عتقاء وأمة عتيق وعتيقة والإجماع على صحته وحصول القربة به لقوله تعالى : { فتحرير رقبة } وقوله { فك رقبة } وحديث أبي هريرة مرفوعا [ من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربا منه من النار حتى انه ليعتق اليد باليد والرجل بالرجل والفرج بالفرج ] متفق عليه و هو من أعظم القرب لأنه تعالى جعله كفارة للقتل وغيره وجعله A فكاكا لمعتقه من النار ولما فيه من تخليص الآدمي المعصوم من ضرر الرق وملك نفسه ومنافعه وتكميل أحكامه وتمكينه من التصرف في نفسه ومنافعه على حسب اختياره وأفضلها أي الرقاب للعتق أنفسها عند أهلها أي أعزها في نفوس أهلها وأغلاها ثمنا نصا وظاهرة ولو كافرة وفاقا لمالك وخالفه أصحابه ولعله مراد أحمد لكن يثاب على عتقه قاله في الفروع و عتق ذكر أفضل من عتق أنثى سواء كان معتقه ذكرا أو أنثى وهما سواء في الفكاك من النار وتعدد ولو من إناث أفضل من واحد ولو ذكرا وسن عتق من له كسب لانتفاعه بملكه كسبه و سن كتابة من له كسب لقوله تعالى : { فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } وكرها أي العتق والكتابة ان كان العتيق لا قوة له ولا كسب لسقوط نفقته باعتاقه فيصير كلا على الناس ويحتاج إلى المسألة أو كان يخاف منه ان أعتق زنا أو فساد فيكره عتقه وكذا ان خيف ردته ولحوقه بدار حرب وان علم منه أو ظن ذلك منه حرم لانه وسيلة إلى الحرام وصح العتق ولو مع علمه ذلك منه أو ظنه لصدور العتق من أهله في محله أشبه عتق غيره ويحصل العتق بقول من جائز التصرف ولا يحصل بمجرد نية كالطلاق وينقسم القول إلى صريح وكناية وصريحه لفظ عتق و لفظ حرية لورود الشرع بمهما فوجب اعتبارهما كيف صرفا كقوله لقنه أنت حر أو محرر أو حررتك أو أنت عتيق أومعتق بفتح التاء أو أعتقتك فيعتق ولو لم ينوه قال أحمد في رجل لقي امرأة في الطريق فقال : تنحى يا حرة فاذا هي جاريته قال قد عتقت عليه وقال في رجل قال لخدم قيام في وليمة مروا أنتم أحرار وكان فيهم أم ولده ولم يعلم بها قال : هذا به عندي تعتق أم ولده غير أمر ومضارع واسم فاعل كقوله لرقيقه حرره أو أعتقه أو هذا محرر بكسر الراء أو معتق بكسر التاء فلا يعتق بذلك لأنه طلب أو وعد أو خبرعن غيره وليس واحد منها صالحا للانشاء ولا اخبارا عن نفسه فيؤاخذ به وقياش ما يأتي في الطلاق لو قال له : أنت عاتق عتق ويقع العتق من هازل كالطلاق و لا يقع من نائم ونحوه كمغمى عليه ومجنون ومبرسم لعدم عقلهم ما يقولون وكذا حاك وفقيه يكرره فتعتبر إرادة لفظه لمعناه لا نية النفاذ والقربة ولا يقع عتق ان قال سيد لرقيقه أنت حر و نوى بالحرية عفته وكرم خلقه ونحوه كصدقه وأمانته وكذا لو قال ما أنت إلا حر أي أنك لا تطيعني ولا ترى لي عليك حقا ولا طاعة لأنه نوى بكلامه ما يحتمله فانصرف إليه وإن طلب استحلافه حلف ووجه احتمال اللفظ لما أراده أن المرأة الحرة تمدح بمثل هذا يقال امرأة حرة أي عفيفة ويقال لكريم الأخلاق حر قالت : سبيعة ترثى عبد المطلب ولا تسأما أن تبكيا كل ليلة ويوم على حر كريم الشمائل و إن قال سيد لرقيقه أنت حر في هذا الزمن أو أنت حر في هذا البلد يعتق مطلقا لأنه إذا أعتق في زمن أو بلد لم يعد رقيقا في غيرهما وكنايته أي العتق التي يقع بها مع نيته أي العتق قلت أو قرينة كسؤال عتق كالطلاق خليتك أو أطلقتك والحق بأهلك بهمزة وصل وفتح الحاء واذهب حيث شئت ولا سبيل لي عليك أن لا سلطان لي عليك أو لا ملك لي عليك أو لا رق لي عليك أو لا خدمة لي عليك وفككت رقبتك ووهبتك لله ورفعت يدي عنك الى الله وأنت لله أو أنت مولاى أو أنت سائبة وملكتك نفسك و من الكناية قول السيد لأمة أنت طالق أو أنت حرام وفي الانتصار وكذا اعتدى وأنه يحتمل مثله في لفظ الظهار و مما يحصل به العتق قول السيد لمن يمكن كونه أباه من رقيقه بأن كان السيد ابن عشرين سنة مثلا والرقيق ابن ثلاثين فأكثر أنت أبي أو قال لرقيقه الذي يمكن كونه ابنه أنت ابني فيعتق بذلك فيهما وإن لم ينوه ولو كان له نسب معروف لجواز كونه من وطء شبهة و لا عتق بقوله ذلك إن لم يمكن كونه أباه أو ابنه لكبر أو صغر أو نحوه ولم ينو به أي هذا القول عتقه لتحقق كذب هذا القول فلا يثبت به حرية كقوله هذا الطفل أبي أو الطفلة هذه أمي وكما لو قال لزوجته وهي أسن منه هذه ابنتي أو قال لها وهو أسن منها هذه أمي لم تطلق كذلك هنا ك قوله لرقيقه أعتقتك من ألف سنة أو أنت حر من ألف سنة و كقوله أنت بنتي لعبده و كقوله أنت ابني لأمته لأنه محال معلوم كذبه وشرط العتق بالقول كونه من مالك جائز التصرف ولم ينبه عليه لأنه شرط في كل تصرف مالي و يحصل العتق بملك من مكلف رشيد وغيره لذي رحم محرم بنسب كأبيه وجده وإن علا وولده وولد ولده وإن سفل وأخيه وأخته وولدهما وإن نزل وعمه وعمته وخاله وخالته وافقه في دينه أولا قال أبو يعلى الصغير : هو آكد من التعليق فلوعلق عتق ذي رحمه المحرم على ملكه فملكه عتق بملكه لا بتعليقه ولو كان المملوك حملا كمن اشترى زوجة ابنه أو أبيه أو أخيه الحامل منه لحديث الحسن عن سمره مرفوعا [ من ملك ذا رحم محرم فهو حر ] رواه الخمسة وحسنه الترمذي وقال العمل على هذا عند أهل العلم وأما حديث [ لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ] رواه مسلم : فقوله فيشتريه فيعقته يحتمل أنه أراد بقوله فيشتريه فيعتقه بشرائه كما يقال ضربه فقتله والضرب هو القتل وسواء ملكه بشراء أو هبة أو إرث أو غنيمة أو غيرهما لعموم الخبر ولا يعتق ابن عمه ونحوه بملكه لأنه ليس بمحرم ولا يعتق محرم من الرضاع كأمه وأبيه وابنه من رضاع لأنه لا نص في عتقهم ولا هم في معنى المنصوص عليه فيبقون على الأصل وكذا الربيبة وأم الزوجة وابنتها قال الزهري : جرت السنة بأنه يباع الأخ من الرضاع وأب وابن من زنا كأجنبيين فلا عتق بملك أحدهما الآخر نصا لعدم أحكام الأبوة والبنوة من الميراث والحجب والمحرمية ووجوب الانفاق وثبوت الولاية وكذا أخ ونحوه من زنا ويعتق حمل لم يستثن أي لم يستثنه معتق أمه بعتق أمه لتبعيته لها في البيع والهبة ففي العتق أولى ولو لم يملكه أي لحمل رب الأمة كما لو اشترى أمة من ورثة ميت موصي بحملها لغيره فاعتقها فيسري العتق إلى الحمل إن كان معتقها موسرا بقيمة الحمل يوم عتقه كفطرة ويضمن معتقها قيمته أي الحمل لمالكه الموصى له به يوم ولادته حيا فان استثنى الحمل معتق أمه لم يعتق وبه قال ابن عمرو أبو هريرة قال أحمد أذهب الى حديث ابن عمر في العتق ولا أذهب إليه في البيع ولحديث المسلمون على شروطهم ولأنه يصح إفراده بالعتق بخلاف البيع فصح استثناؤه كالمنفصل ويفارق البيع في أنه عقد معاوضة يعتبر فيه العلم بصفات المعوض ليعلم هل يقابل العوض أو لا ويصح عتقه أي الحمل دونها أي دون أمه نصا لأن حكمه حكم الانسان المنفرد ولهذا تورث عنه الغرة إذا ضرب بطن أمه فأسقطته كأنه سقط حيا وتصح الوصية به وله ويرث ومن ملك بغير إرث كشراء وهبة ووصية وغنيمة جزءا كثيرا أو قليلا ممن يعتق عليه بملك وهو أي المالك للجزء موسر بقيمة باقية فاضلة عن حاجته وحاجة من يمونه كفطرة أي عن نفقة يوم وليلة وما يحتاجه من نحو مسكن وخادم يوم ملكه متعلق بموسر عتق عليه كله وعليه ما يقابل جزء شريكه من قيمته كله فيقوم كاملا لا عتق فيه وتؤخذ حصة الشريك منها لفعله سبب العتق اختيارا منه وقصدا إليه فسرى ولزمه الضمان كما لو وكل من أعتق نصيبه وإلا يكن موسرا بقيمة باقية كله عتق ما يقابل ما هو موسر به ممن ملك جزأه بغير الإرث فإن لم يكن موسرا بشيء منه عتق ما ملكه منه فقط و إن ملك جزءه بإرث لم يعتق عليه إلا ما أي الجزء الذي ملكه ولو كان موسرا بقيمة باقية لأنه لم يتسبب إلى إعتاقه لحصول ملكه بدون فعله وقصده ومن ظاهره ولو غير جائز التصرف مثل بتشديد المثلثة قال أبو السعادات مثلث بالحيوان أمثل تمثيلا إذا قطعت أطرافه والعبد إذا جذعت أنفه ونحوه ولو كان التمثيل بلا قصد برقيقه فجذع أنفه أو أذنه أو نحوهما كما لو خصاه أو خرق عضوا منه ككفه بنحو مسلة أو حرق بالنار عضوا منه كاصبعه عتق نصا بلا حكم حاكم لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ أن زنباعا أبا روح وجد غلاما له مع جاريته فقطع ذكره وجذع أنفه فأتى العبد النبي A فذكر له ذلك فقال له النبى A : ما حملك على ما فعلت ؟ قال فعل كذا وكذا قال : اذهب فانت حر ] رواه أحمد وغيره وله أي سيد العتيق بالتمثيل ولاؤه نصا لعموم الولاء لمن أعتق وكذا لو استكرهه أي القن سيده على الفاحشة بأن فعلها به مكرها لأنه من المثلة أو وطىء سيد أمة مباحة لا يوطأ مثلها لصغر فأفضاها أي خرق ما بين سبيلها فتعتق عليه قال ابن حمدان ولو مثل بعبد مشترك بينه وبين غيره عتق نصيبه وسرى العتق إلى باقيه وضمن قيمة حصة الشريك ذكره ابن عقيل ولا عتق بخدش وضرب ولعن لأنه لا نص فيه ولا في معنى المنصوص عليه ولا قياس يقتضيه ومال معتق بغير أداء من قن ومكاتب ومدبر وأم ولد بخلاف مكاتب أدى ما عليه فباقي ما بيده له عند عتق لسيد معتق له روي عن ابن مسعود و أبي أيوب و أنس لحديث الأثرم عن ابن مسعود : أنه قال لغلامه عمير [ يا عمير إني أريد أن أعتقك عتقا هنيئا فأخبرنى بما لك فإنى سمعت رسول الله A يقول : أيما رجل أعتق عبده أو غلامه فلم يخبره بماله فماله لسيده ] ولأن العبد وماله كان لسيده فأزال ملكه عن أحدهما فبقي ملكه الآخر كما لو باعه وحديث ابن عمر مرفوعا عن النبي A أنه قال [ من أعتق عبدا وله مال فالمال للعبد ] رواه أحمد وغيره قال أحمد يرويه عبد الله بن أبى جعفر من أهل مصر وهو ضعيف الحديث كان صاحب فقه فأما الحديث فليس فيه بالقوى