فصل وما أبيح التقاطه ولم يملك به .
وهو القسم الثالث ثلاثة أضرب أحدها حيوان مأكول كفصيل وشاة ودجاجة فيلزمه أي الملتقط فعل الأصلح لمالكه من ثلاثة أمور أكله بقيمته في الحال لحديث [ هي لك أو لأخيك أو للذئب ] فسوى بينه وبين الذئب وهو لا يستأني بكألها ولأن فيه اغناء عن الانفاق عليه وحراسة لماليته على ربه اذا جاء واذا أراد أكله حفظ صفته فمتى جاء ربه فوصفه غرم له قيمته أو بيعه أي الحيوان وحفظ ثمنه ولو بلا إذن إمام لأنه اذا جاز أكله بلا إذن فبيعه أولى .
تتمة في المجرد و الفصول في باب الوديعة : كل موضع وجبت عليه نفقة الحيوان فحكمه حكم الحاكم ان رأى المصلحة في بيعها وحفظ ثمنها أو بيع البعض في مؤنة ما يبقى أو أن يستقرض على المالك أو يؤجره في المؤنة فعل أو حفظه وينفق ملتقط عليه من ماله ليحفظه لمالكه فإن تركه بلا إنفاق عليه فتلف ضمنه لتفريطه وله أي الملتقط الرجوع على ربه إن وجده بما أنفق عليه بنيته أي الرجوع نصا لأنه أنفق عليه لحفظه فكان من مال صاحبه كمؤنة تجفيف عنب ورطب فإن استوت الأمور الثلاثة في نظر ملتقط فلم يظهر له أن أحدها أحظ خير بين الثلاثة لعدم المرجح الضرب الثاني : ما يخشى فساده بابقائه كخضراوات ونحوها فيلزمه أي الملتقط فعل الأحظ من بيعه بقيمته وحفظ ثمنه بلا إذن حاكم لما تقدم أو كله بقيمته قياسا له على الشاة ولحفظ ماليته على ربه أو تجفيف ما يجفف كعنب ورطب لأنه أمانة بيده فتعين عليه فعل الأحظ فيه فإن احتاج في تجفيفه إلى مؤنة باع بعضه فيه فإن استوت الثلاثة خير ملتقط بينها فإن تركه حتى تلف ضمنه الضرب الثالث : باقي المال المباح التقاطه من أثمان ومتاع ونحوهما ويلزمه أي الملتقط حفظ الجميع لأنه صار أمانة بيده بالتقاطه و يلزمه تعريفه أي الجميع من حيوان وغيره وسواء أراد تملكا أوحفظا لربه لأنه A أمر به زيد بن خالد وأبي بن كعب ولم يفرق ولأن حفظها لربها إنما يفيد بإيصالها اليه وطريقة التعريف فورا لأنه مقتضى الأمر ولأن صاحبها يطلبها عقب ضياعها نهارا لأنه مجمع ألناس وملتقاهم أول كل يوم قبل اشتغال الناس بمعاشهم أسبوعا أي سبعة أيام لأن الطلب فيها أكثر ثم يعرفها عادة أي كعادة الناس في ذلك وقيل يعرفها في كل يوم أسبوعا في كل اسبوع مرة شهرا ثم في كل شهر مرة واختاره جماعة حولا من التقاطه روي عن عمر وعلي وابن عباس لحديث زيد بن خالد فإنه A أمره بعام واحد ولأن السنة لا تتأخر عنها القوافل ويمضي فيها الزمان الذي تقصد فيه البلاد من الحر والبرد والاعتدال كمدة العنين بأن ينادي : من ضاع منه شيء أو نفقة ولا يصفها لأنه لا يؤمن أن يدعيها بعض من سمع صفاتها فتضيع على مالكها فإن وصفها فأخذها غير ربها ضمنها ملتقط كوديع دل لصاص على وديعة في الأسواق عند اجتماع الناس وأبواب المساجد أوقات الصلوات لأن المقصود إشاعة ذكرها ويكثر منه في موضع وجدانها والوقت الذي يلي التقاطها وإن كان في صحراء عرفها في أقرب البلاد اليها وكره تعريفها داخلها أي المساجد لحديث أبي هريرة مرفوعا [ من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل : لاردها الله إليك فإن المساجد لم تبن لهذا ] ولملتقط تعريفها بنفسه وله أن يستنيب فيه متبرعا أو بأجره وأجرة مناد على ملتقط نصا لأنه سبب في العمل والتعريف واجب على الملتقط فأجرته عليه وينتفع بمباح من كلاب ولا تعرف وظاهره : جواز التقاطها وهو قول القاضي وغيره قال الحارثي : وهو أصح لأنه لا نص في المنع وليس في معنى الممنوع وفي أخذه حفظ على مستحقه أشبه الأثمان وأولى من جهة أنه ليس مالا فهو أخف وأدخله الموفق فيما يمتنع التقاطه اعتبارا بمنعته بنابه وهو مقتضى كلام المصنف فيما سبق وإن أخره أي التعريف الحول كله أو أخره بعضه لغير عذر أثم لتركه الواجب ولم يملكها أي اللقطة به أي التعريف بعد الحول لأن شرط الملك التعريف فيه ولم يوجد وربها بعده يسلوها ويترك طلبها فلا فائدة فيه غالبا ولذلك يسقط التعريف فيه لتأخيره عن الحول الأول نصا وإن تركه بعض الحول عرف في بقيته فقط فإن كان التأخير لعذر كمرض وحبس ملكي بتعريفها حولا بعد زوال العذر هذا مفهوم كلامه تبعا للتنقيح وهو أحد وجهين والثاني لا يملكها لانتفاء سببه وهو التعريف في الحول سواء أهمله لعذر أو غيره قال في الإنصاف : قدمه في الرعايتين و الحاوي الصغير و شرح ابن رزين كالتقاطه بنية تملك بلا تعريف أو لم يرد به تعريفا ولا تملكا للقطة فلا يملكها ولوعرفها لأنه أخد مال غيره على وجه لايجوز له أخذه أشبه الغاصب وليس خوفه أي الملتقط بأن يأخذها أي اللقطة سلطان جائر أو خوف ملتقط أن يطالبه سلطان جائر بأكثر مما وجد عذرا له في ترك تعريفها حتى يملكها أي اللقطة بدونه أي بلا تعريف هذا معنى كلامه في الفروع قال : ولهذا جزم بأنه يملكها بتعريفه بعد وقد ذكروا أن خوفه على نفسه أو ماله عذر في ترك الواجب وقال أبوالوفاء : تبقى بيده فإذا وجد أمنا عرفها حولا انتهى قال في شرحه : فيؤخذ من هذا ما يرجح أن تأخيرالتعريف للعذر لا يؤثر ومن عرفها أي اللقطة حولا فلم تعرف فيه وهى ما يجوز التقاطه دخلت في ملكه لقوله A في حديث زيد بن خالد [ فإن لم تعرف فاستنفقها ] وفي لفط وإلا فهي كسبيل مالك وفي لفظ ثم كلها وفي لفظ فانتفع بها وفي لفظ فشأنك بها وفي حديث ابي بن كعب فاستنفقها وفي لفظ فاستمتع بها هو حديث صحيح حكما كالميراث نصا فلا يقف على اختياره لحديث والا فهي كسبيل مالك وقوله فاستنفقها ولو وقف ملكها على تملكها لبينه له لأنه لا يجوز له التصرف قبله ولأن الالتقاط والتعريف سبب للملك فإذا تما وجب بثبوته حكما كالاحياء والاصطياد ولو كانت اللقطة عرضا فتملك بالتعريف قهرا كالاثمان لعموم الأحاديث وإن روى في الاثمان نص خاص فقد روي خبر عام فيعمل بهما بل في العروض نص خاص أيضا ثم لا مانع من قياس العروض على الأثمان أو كانت اللقطة لقطة الحرم فتملك بالتعريف كلقطة الحل وروي عن ابن عمر وابن عباس وعائشة لعموم الأحاديث وكحرم المدينة ولأنها أمانة فلم يختلف حكمها بالحل والحرم كالوديعة وحديث [ لاتحل ساقطتها إلا لمنشد ] يحتمل أن يراد به إلا لمن عرفها عاما وتخصيصها بذلك لتأكدها كحديث ضالة المسلم حرق النار أو لم يختر الملتقط تملكها هومعنى قوله : دخلت في ملكه حكما وتقدم أو أخره أي التعريف لعذر ثم عرفها فيملكها وتقدم ما فيه أو ضاعت اللقطة من واجدها بلا تفريط فالتقطها آخر فعرفها الثاني مع علمه بالأول أي بأنها ضاعت من الملتقط الأول أو لم يعلمه أي يعلم الثاني الأول باللقطة أو أعلمه وعرفها الثاني وقصد بتعريفها تملكها لنفسه فتدخل في ملك الثاني حكما بانقضاء الحول الذي عرفها فيه كما لو أذن له الأول أن يتملكها لنفسه وفي شرحه أنها للأول وفيه نظر كما أوضحته في الحاشية مع أنه ليس بسياق المتن لأن الكلام فيمن عرفها والأصحاب حكوا وجهين هل يمكلها الثاني أو لا ؟ ولم يذكروا ملك الأول لها .
تتمة يجب على الملتقط الثاني إذا علم بالحال ردها للأول لأنه ثبت له حق التمول فإن لم يعلم الثاني حتى عرفها حولا ملكها وليس للأول انتزاعها منه لأن لأن الملك مقدم على حق التملك وإذا جاء صاحبها أخذها من الثاني ولا طلب له على الأول لأنه لم يفرط وإن علم الثاني بالأول وقال له الأول عرفها ويكون ملكها لي فقد استنابه في التعريف ويملكها الأول به وان قال : عرفها وتكون بيننا ففعل صح أيضا وهي بينهما وان غصبها من الملتقط وعرفها لم يملكها الغاصب