باب اللقطة .
محركة وكحزمة وهمزة وتمامة ما التقطه قاله في القاموس وقوله محركة أي مفتوحة اللام والقاف وعرفا مال كنقد ومتاع أو مختص كخمر خلال ضائع كساقط بلا علم أو ما في معناه أي الضائع كمتروك قصدا لمعنى يقتضيه ومدفون منسي لغير حربي فان كان لحربي فلآخذه كما لو ضل الحربي الطريق فلاخذه هو وما معه والأصل في الإلتقاط : حديث زيد بن خالد الجهني قال [ سئل رسول الله A عن لقطة الذهب والورق ؟ فقال : أعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه وسأله عن ضالة الابل ؟ فقال مالك ولها ؟ فان معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها وسأله عن الشاة ؟ فقال خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب ] متفق عليه وقوله [ معها حذاءها ] أي خفها لأنه لقوته وصلابته يجري مجرى الحذاء وسقاءها بطنها تأخذ فيه ماء كثيرا فيبقى معها يمنعها العطش ويشتمل الالتقاط على اكتساب وائتمان واختلف في المغلب منهما وصحح الحارثي أنه الإئتمان لأن المقصود ايصال الشيء إلى أهله ولأجله شرع الحفظ والتعريف أولا والتملك آخرا عند ضعف رجاء المالك ومن أخذ متاعه في نحو حمام من ثياب أو أو مداس ونحوه وترك ببناء الفعلين للمجهول بدله ف المتروك كلقطة نصا لأن سارق الثياب لم يجر بينه وبين مالكها معاوضة وقيل : لا تعريف مع دلالة قرينة على الرقة لعدم الفائدة فيه وصوبه في الإنصاف وغيره ويأخذ المأخوذ متاعه حقه منه أي المتروك بدل متاعه بعد تعريفه بلا رفع لحاكم لأنه أقرب إلى الرفق بالناس وفيه نفع للمسروق ثيابه بحصول عوضها ونفع للآخذ بالتخفيف عنه وحفظ هذه الثياب عن الضياع فإن بقي شيء تصدق به وهي أي اللقطة ثلاثة أقسام بالاستقراء الأول ما لا تتبعه همة أوساط الناس أي لا يهتمون في طلبه كسوط وشسع بتقديم المعجمة أحد سيور النعل الذي يدخل بين الاصبعين ورغيف وثمرة وكل ما لا خطر له فيملك بأخذه ويباح الانتفاع به نصا لحديث جابر [ رخص النبي A في العصى والسوط والحبل يلتقطه الرجل ينتفع به ] رواه أبو داود ولا يلزمه تعريفه لأنه من قبيل المباحات ولا يلزمه بدله إن وجد ربه الذي سقط منه لملك ملتقطه له بأخذه وظاهره ان بقي بعينه لزمه رده لربه كما في الإقناع وكذا لو لقي كناس ومن في معناه كمقلش قطعا صغارا متفرقة من فضة فيملكها باخذها ولا يلزمه تعريفها ولا بدلها ان وجد ربها ولو كثرت بضمها لأن وجودها متفرقة يدل على تعداد أربابها ومن ترك دابة لا عبدا أو متاعا بمهلكة أو فلاة لانقطاعها بعجزها عن مشي أو عجزه أي مالكها عن علفها بأن لم يجد ما يعلفها فتركها ملكها آخذها لحديث الشعبي مرفوعا [ من وجد دابة قد عجز عنها أهلها فسيبوها فأخذها فأحياها فهي له ] قال عبد لله بن محمد بن حميد بن عبد الرحمن : فقلت يعني للشعبي من حدثك بهذا ؟ قال غير واحد من أصحاب رسول الله A رواه أبو داود و الدارقطني وفي القول يملكها احياؤها وانقاذها ولأنها تركت رغبة عنها أشبه سائر ما يترك رغبة عنه وكذا ما يلقى من سفينة خوف غرق فيملكه آخذه لإلقاء صاحبه له اختيارا فيما يتلف بتركه أشبه ما لو ألقاه رغبة عنه القسم الثاني الضوال جمع ضالة اسم للحيوان خاصة دون سائر اللقطة ويقال لها الهوامي والهوافي والهوامل التي تمتنع من صغار السباع كذئب وابن آوى وأسد صغير وامتناعها إما لكبر جثتها كابل وبقر وخيل وبغال وحمير أهلية خلافا للموفق فيها و اما لسرعة عدوها ك ظباء و إما بطيرانها ك طير و إما بنابها ك فهد ونحوها كنعامة وفيل وزرافة وقرد وهر وقن كبير فغير القن الآبق يحرم التقاطه لقوله E : [ مالك ولها دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها ] ولحديث [ لا يؤوى الضالة إلا ضال ] رواه أحمد و أبو داود و ابن ماجه ولا يملك ما حرم التقاطه بتعريف لعدوانه لعدم إذن المالك والشارع فيه أشبه الغاصب وسواء كان يزمن الأمن أو الفساد والإمام غيره ولإمام ونائبه أخذه ليحفظه لربه لا على أنه لقطة لأن له نظرا في حفظ مال الغائب وفي أخذه لها لذلك مصلحة لربها لصيانتها ولا يلزمه أي الأمام أو نائبه تعريفه أي ما أخذه منها ليحفظه لربه لأن عمر لم يكن يعرف الضوال ولأن ربها يجيىء إلى موضع الضوال فاذا عرفها أقام البينة عليها وأخذها ولا يؤخذ منه أي الإمام أو نائبه ما أخذه من الضوال لحفظه يوصف فلا يكفي في الضالة لأنها كانت ظاهرة للناس حين كانت بيد ربها فلا يختص بمعرفة صفاتها وتمكنه إقامة البينة عليها لظهورها للناس ويشهد الإمام أو نائبه على ما يحصل عنده من الضوال ويسمها ثم إن كان له حمى تركها ترعى فيه وإن رأى مصلحة في بيعها وحفظ ثمنها أو لم يكن له حمى باعها بعد أن يحليها ويحفظ صفاتها وحفظ ثمنها لربها وليس لغير الإمام أو نائبه أن يأخذها ليحفظها لربها لأنه لا ولاية له عليه ويجوز التقاط صيود متوحشة لو تركت رجعت إلى الصحراء بشرط عجز ربها عنها لأن تركها إذن أضيع لها من سائر الأموال والمقصود حفظها لمالكها لا حفظها في نفسها ولا يملكها آخذها بالتعريف لأنه يحفظها لربها فهو كالوديع و لا يجوز التقاط أحجار طواحين وقدور ضخمة وأخشاب كبيرة ونحوها مما يتحفظ بنفسه لأنها لا تكاد تضيع عن صاحبها ولا تبرح من مكانها فهى أولى بعدم التعرض لها من الضوال لتعرضها في الجملة للتلف إما بسبع أو جوع أوعطش ونحوه بخلاف هذا وما حرم التقاطه إن أخذه ضمنه آخذه إن تلف أو نقص كغاصب لعدم إذن الشارع فيه و لا يضمن كلبا مع تحريم التقاطه لأنه ليس بمال ومن التقط ما لا يجوز التقاصه و كتمه عن ربه ثم ثبت ببينة أو إقرار فتلف ف عليه قيمته مرتين لربه نصا لحديث [ في الضالة المكتومة غرامتها ومثلها معها ] قال أبو بكر في التنبيه : وهذا حكم رسول الله A فلا يرد ويزول ضمانه أي المحرم التقاطه بدفعه إلى الإمام أو نائبه لأن له نظرا في مال الغائب أو رده أي المأخوذ من ذلك إلى مكانه المأخوذ منه بأمره أي الإمام أو نائبه لقول عمر لرجل وجد بعيرا أرسله حيث وجدته رواه الأثرم ولأن أمره برده كأخذه منه فان رده بغير أمره فتلف ضمنه كالمسروق والمغصوب القسم الثالث ما عداهما أي القسمين السابقين من ثمن أي نقد ومتاع كثياب وكتب وفرش وأوان وآلات حرث ونحوها وغنم وفصلان بضم الفاء وكسرها جمع فصيل ولد الناقة إذا فصل عن أمه وعجاجيل جمع عجل ولد البقرة وأفلاء بالمد جمع فلو بوزن سحر وجرو وعدو وسمو وهو الجحش والمهر إذا فطما أو بلغا السنة قاله في القاموس وقن صغير ومريض من كبار إبل ونحوها كالصغير ونحو ذلك كخشبة صغيرة وقطعة حديد ونحوه وزق دهن أوعسل وغرارة نحو بر فيحرم على من لا يأمن نفسه عليها أي اللقطة مما ذكر أخذها لما فيه من تضييعها على ربها كاتلافها وكما لو نوى تملكها في الحال أوكتمانها ويضمنها به أي بأخذها من لا يأمن نفسه عليها ان تلفت فرط أولا لأنه غيرمأذون فيه أشبه الغاصب ولم يملكها من لا يأمن نفسه عليها ولو عرفها لأن السبب المحرم لا يفيد الملك كالسرقة والخبر مخصوص وإن أمن الملتقط نفسه عليها وقوي على تعريفها فله أخذها للخبر في النقدين والشاة وقيس على ذلك غيره مما ذكر لأنه في معناه وسواء الإمام وغيره فإن عجز عن تعريفها فليس له أخذها وإن أخذها بنية الأمانة ثم طرأ قصد الخيانة فاختار الموفق لا يضمنه وصححه الحارثي والأفضل لمن أمن نفسه عليها وقوي على تعريفها تركها أي اللقطة فلا يتعرض لها روي عن ابن عباس وابن عمر ولو وجدها بمضيعة لأن فيه تعريضا لنفسه لأكل الحرام وتضييع الأمانة فيها ومن أخذها ثم ردها إلى موضعها أو فرط فيها فتلفت ضمنها لأنها أمانة حصلت في يده فلزمه حفظها كسائر الأمانات وتركها والتفريط فيها تضييع لها إلا أن يأمره الإمام أو نائبه بردها إلى موضعها فيبرأ به وكذا لو دفعها للإمام أو نائبه لأن له نظرا في المال الذي لا يعرف مالكه فإن تلفت منه في حول التعريف بلا تفريط لم يضمنها