باب إحياء الموات .
قال في القاموس : الموات : كغراب الموت وكسحاب : ما لا روح فيه وأرض لا مالك لها والموتان بالتحريك خلاف الحيوان أو أرض لم تحي بعد وبالضم موت يقع بالماشية ويفتح وفي المغني : الموات هو الأرض الخراب الدارسة وتسمى ميتة ومواتا وموتى بفتح الميم والواو والموتان بضم الميم وسكون الواو الموت الذريع ورجل موتان القلب بفتح الميم وسكون الواو يعني عمى القلب لا يفهم و الموات اصطلاحا هي الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم ويأتي محترزه والأصل في إحيائه : حديث جابر مرفوعا [ من أحيا أرضا ميتة فهي له ] قال الترمذي حسن صحيح وعن سعيد بن زيد مرفوعا [ من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق ] حسنه الترمذي وروى مالك في موطئه و أبو داود في سننه عن عائشة مثله قال ابن عبد البر : وهومسند صحيح متلقى بالقبول عن فقهاء المدينة وغيرهم قال في المغني : وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالاحياء وإن اختلفوا في شروطه فيملك بإحياء كل ما أي موات لم يجر عليه ملك لأحد ولم يوجد فيه أثر عمارة قال في المغني : بغيرخلاف نعلمه بين القائلين بالإحياء انتهى للأخبار السابقة وإن ملكه أي الخراب من له حرمة من مسلم أو ذمي أو مستأمن أو شك بالبناء للمفعول فيه بأن علم أنه كان له مالك وشك في حاله هل هومحترم أو لا ؟ فإن وجد مالكه أو وجد أحد من ورثته لم يملك بإحياء حكاه ابن عبد البر إجماعا والمراد في غيرما ملك بالإحياء وكذا إن جهل مالكه بأن لم تعلم عينه مع العلم بجريان الملك عليه لذي حرمة فلا يملك بالإحياء نصا لمفهوم حديث عائشة من أحيا أرضا ليست لأحد ولأنه مملوك فلا يملك بإحياء كما لوكان مالكه معينا وإن علم مالكه وموته ولم يعقب أي لم يكن له ورثة لم يملك بإحياء و أقطعه الإمام لمن شاء لأنه فيء وإن ملك بإحياء ثم ترك حتى دثر وعاد مواتا لم يملك بإحياء إن كان لمعصوم لمفهوم حديث من أحيا أرضا ميتة ليست لأحد وهو مقيد لحديث من أحيا أرضا ميتة فهي له ولأن ملك المحيي أولا لم يزل عنها بالترك كسائر الأملاك وإن علم ملكه لمعين غير معصوم وهو الكافر الذي لا أمان له فإن كان أحياه بدار حرب واندرس كان ذلك كموات أصلي ملكه من أحياه لأن ملك من لا عصمة له كعدمه وإن لم يكن به أثر ملك ولكن تردد في جريان الملك عليه ملك بإحياء لأن الأصل عدم جريان الملك فيه أو كان به أثر ملك غير جاهلي كالخرب بفتح الخاء وكسرالراء والعكس وكلاهما جمع خربة بسكون الراء وهي ما لهدم من البنيان التي ذهبت أنهارها واندرست آثارها ولم يعلم لها مالك الآن ملك بإحياء للخبر سواء كانت بدار الإسلام أو الحرب وصحح الحارثي وتبعه في الإنصاف التفرقة بينهما وتبعهما في الإقناع أو كان به أثر ملك جاهلي قديم أو أثر ملك جاهلي قريب ملك بإحياء لأن أثر الملك الذي به لا حرمة له والجاهلي لقديم كديار غاد وثمود وآثار الروم وفي الحديث [ عادي الأرض لله و لرسوله ثم هو بعد لكم ] رواه سعيد في سننه وأبو عبيد في الأموال ومن أحيا مما يجوز إحياؤه ولو كان الإحياء بلا إذن الإمام أو كان المحي ذميا مواتا سوى موات الحرم عرفات و سوى ما أحياه مسلم من أرض كفار صولحوا على أنها أي الأرض لهم ولنا الخراج عنها و سوى ما قرب من العامر عرفا وتعلق بمصالحه كطرقه و فنائه ومسيل مائه ومرعاه ومحتطبه وحريمه ونحو ذلك كمدفن موتاه ومطرح ترابه ملكه جواب من أما كون الإحياء لا يفتقر إلى إذن الإمام فلعموم الحديث ولأن الموات عين مباحة فلم يفقر تملكها إلى إذن الإمام كأخذ المباح وأما كون الذمي فيه كالمسلم فلعموم الخبر ولأنه من أهل دار الإسلام فملك بالإحياء كالشراء وكتملكه مباحاتها من حشيش وحطب وغيرهما وأما منع الإحياء في موات الحرم وعرفات فلما فيه من التضييق على الحجاج واختصاصه بما يستوي فيه الناس وأما منع المسلم من الإحياء بأرض كفار صولحوا على أنها لهم فلأنهم صولحوا في بلادهم فلا يجوز التعرض لشيء منها عامرا كان أو مواتا لتبعية الموات للبلد بخلاف دار الحرب فإنها على أصل الإباحة وأما منع الإحياء فيما قرب من العامر وتعلق بمصالحه فلمفهوم حديث من أحيا أرضا ميتة في غيرحق مسلم فهي له ولأنه تابع للملوك فأعطى حكمه ويملكه محييه بما فيه من معدن جامد باطن كذهب وفضة وحديد ونحاس ورصاص و من معدن جامد ظاهر كجص وكحل وكبريت وزرنيخ لأنه من أجزاء الأرض فتبعها في الملك كما لو اشتراها بخلاف الركاز لأنه مودع فيها للنقل وليس من أجزائها وهذا في المعدن الظاهر إذا ظهر بإظهاره أو حفره وأما ما كان ظاهرا فيها قبل إحيائها فلا يملك لأنه قطع لنفع كان واصلا للمسلمين بخلاف ما ظهر بإظهاره فلم يقطع عنهم شيئا وعلى ذمي خراج ما أحيا من موات عنوة لأنها للمسلمين فلا تقر في يد غيرهم بدون خراج وأما غير العنوة كأرض الصلح وما أسلم أهله عليه فالذمي كالمسلم ويملك بإحياء ويقطع ببناء الفعلين للمفعول ما قرب من الساحل مما إذا حصل فيه الماء صار ملحا لأنه لا تضييق في تمهيده وفتح قناة إليه تصب الماء فيه ليتهيأ للانتفاع به أو أي ويملك بإحياء ما قرب من العامر ولم يتعلق بمصالحه لعموم من أحيا أرضا ميتة فهي له ولأنه A [ أقطع بلال بن الحارث المزني العقيق ] وهو يعلم أنه بين عمارة المدينة و لا تملك ولا تقطع معادن منفردة أما الظاهرة وهي التي يتوصل إلى ما فيها بلا مؤنة كمقاطع الطين والملح والكحل فلأن فيه ضررا بالمسلمين وتضييقا عليهم واما الباطنة التي يحتاج في إخراجها إلى حفر ومؤنة كمعدن الجواهر فبالقياس عليها ولا يملك ما أي مكان نضب أي غار ماؤه من الجزائر لأن فيه ضررا وهو أن الماء يرجع إلى ذلك المكان فإذا وجده مبنيا رجع إلى الجانب الآخر فأضر بأهله ولأن الجزائر منبت الكلأ والحطب فجرت مجرى المعادن الظاهرة وما روي عن عمر أنه أباح الجزائر أي ما نبت فيها وإن غلب الماء على ملك إنسان ثم نضب عنه فله أخذه ولا يزول ملكه بغلبة الماء عليه وإن جعل ما نضب ماؤه مزرعة فهو أحق به من غيره لتحجره وإن ظهر فيما أحيا من موات عين ماء أو معدن جار أي كلما أخذ منه شيء خلفه غيره كنفط وقارأو ظهرفيه كلأ أو شجر فهو أحق به لحديث [ من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو له ] رواه أبوداود وفي لفظ فهوأحق به ولا يملكه لحديث [ الناس شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار ] رواه الخلال و ابن ماجه من حديث ابن عباس وزاد فيه وثمنه حرام و لأنها ليست من أجزاء الأرض فلم تملك بملكها كالكنز وما فضل من مائه الذي لم يحرزه عن حاجته وحاجة عياله وماشيته و زرعه يجب بذله لبهائم لحديث أبي هريرة مرفوعا غيره وزرعه [ لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ ] متفق عليه وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا [ من منع فضل مائه أو فضل كلئه منعه الله فضله يوم القيامة ] رواه أحمد ولا يتوعد على ما يحل ما لم يجد رب البهائم أو الزرع ماء مباحا فيستغني به فلا يجب البذل لعدم الحاجة إليه أو يتضرر به الباذل فلا يلزمه دفعا للضرر أو يؤذيه طالب الماء بدخوله في أرضه أو يكون له فيه أي البئر ماء السماء فيخاف عطشا فلا بأس أن يمنعه دفعا للأذى وحيث لزمه بذله لم يلزمه مد حبل ودلو لأنهما يتلفان بالاستعمال ومن حفر بئرا بموات للسابلة أي نفع المجتازين بها كمن بنى مسجدا في سقي زرع وشرب لعدم المخصص ومع ضيق أي تزاحم بسقي آدمي أو لا لحرمته فحيوان لأن له حرمة فزرع و إن حفرها في موات ارتفاقا بها كالسفارة والمنتجعين يحفرون بئرا لشريهم و شرب دوابهم فهم أي الحافرون لها أحق بمائها أي البئر التى حفروها وقاموا عليها ولا يملكونها لجزمهم بانتقالهم عنها وتركها لمن ينزل منزلتهم بخلاف المتملك وعليهم أي الحافرين لها بذل فاضل عنهم من مائها لشارب فقط أي دون نحو زرع وبعد رحيلهم أي الحافرين لها تكون سابلة للمسلمين لعدم أولوية حد من غير الحافرين على غيره فإن عادوا أي الحافرون لها كانوا أحق بها من غيرهم لأنهم إنما حفروها لأنفسهم ومن عادتهم الرحيل والرجوع فلا تزول أحقيتهم به وإن حفر بئرا بموات تملكاف هي ملك لحافر كما لوحفرها بملك الحي