باب المسابقة .
من السبق وهو بلوغ الغاية قبل غيره والسبق بفتح الباء والسبقة : الجعل يتسابق عليه وهي المجاراة بين حيوان ونحوه كرماح ومناجق وكذا السباق والمناضلة من النضل المسابقة بالرمي سميت بذلك لأن السهم التام يسمى نضلا فالرمي به عمل بالنضل وتجوز المسابقة في سفن ومزاريق وطيور وغيرها كمقاليع وأحجار وعلى الأقدام وكل الحيوانات كإبل وخيل وبغال وحمير وفيلة وأجمع المسلمون على جوازها في الجملة لقوله تعالى : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل } وحديث مسلم إن سلمة ابن الأكوع سابق رجلا من الأنصار بين يدي النبي A وفي الوسيلة يكره الرقص واللعب كله ومجالس الشعر وذكر ابن عقيل يكره لعبة بارجوحة ونحوها وظاهركلام الشيخ تقي الدين : لا يجوز اللعب المعروف بالطاب والنقيلة : وقال : يجوز ما قد يكون فيه منفعة بلا مضرة ويستحب بآلة حرب قال جماعة : والثقاف وليس من اللهوتأديب فرسه وملاعبة أهله ورميه للخبر و لا تجوز مسابقة بعوض أي مال لمن سبق إلا في مسابقة خيل وإبل وسهام أي نشاب ونبل للرجال قاله في الإقناع لحديث أبي هريرة مرفوعا [ لا سبق إلا في نضل أو خف أو حافر ] رواه الخمسة ولم يذكر ابن ماجة نضل ولأنها آلات الحرب المأمور بتعلمها وأحكامها فلذلك اختص بها وذكر ابن عبد البرتحريم الرهن في غير الثلاثة اجماعا بشروط خمسة أحدها : تعيين المركوبين في المسابقة و تعيين الرماة في المناضلة برؤية فيهما سواء كانا اثنين أو جماعتين لأن القصد في المسابقة معرفة ذات المركوبين المسابق عليهما ومعرفة عددهما وفي المناضلة : معرفة حذق الرماة ولا يحصل ذلك إلا بالتعيين بالرؤية فإن عقد اثنان مناضلة ومع كل منهما نفرغيرمتعين لم يجز وإن بان بعض الحزب كثير الإصابة أو عكسه فادعى أحدهما ظن خلافة لم يقبل و لا يشترط تعيين الراكبين ولا القوسين لأنهما آلة للمقصود كالسرج والقصد معرفة عدو الفرس وحذق الرامي كما سبق وكل ما تعين لا يجوز إبداله كما في البيع ومالا يتعين يجوز إبداله مطلقا وإن شرط أن لا يرمي بغير هذا القوس أو السهم أو لايركب غير فلان ففاسد لمنافاته مقتضى العقد الشرط الثاني : اتحاد المركوبين بالنوع في المسابقة أو اتحاد القوسين بالنوع في المناضله لأن التفاوت بين النوعين معلوم بحكم العادة أشبها الجنسين فلا تصح مسابقة بين فرس عربي و فرس هجين أي أبوه فتهط عربي ولا المناضلة بين قوس عربية أي قوس النبل و قوس فارسية أي قوس النشاب قاله الأزهري ولا يكره الرمي بها فإن لم يذكر أنواع القوس التي يرميان بها في الابتداء لم يصح الشرط الثالث : تحديد المسافة بالإبتداء والغاية و تحديد مدى رمي بما جرت به العادة أما في المسابقة فلأن الغرض معرفة الأسبق ولا يحصل إلا بالتساوي في الغاية لأن من الحيوان ما يقصر في أول عدوه ويسرع في انتهائه وبالعكس فيحتاج إلى غاية تجمع حاليه فإن استبقا بلا غاية لينظرأيهما يقف أولا لم يجز لأنه يؤدي إلى أن لا يقف أحدهما حتى ينقطع فرسه ويتعذر الاشهاد على السبق فيه وأما في المناضلة فلأن الإصابة تختلف بالقرب والبعد فإن قيد بمدى تتعذر فيه الإصابة غالبا وهو ما زاد على ثلاثمائة ذراع لم يصح لأنه يفوت به الغرض المقصود بالرمي وقد قيل : إنه ما رمى في اربعمائة ذراع إلا عقبة بن عامر الجهني الشرط الرابع : علم عوض لأنه مال في عقد فوجب العلم به كسائر العقود ويعلم بالمشاهدة أو الوصف ويجوز حالا ومؤجلا وبعضه حال وبعضه مؤجل كالبيع وإباحته أي العوض لما تقدم وهو أي العوض أي بذله تمليك للسابق بشرط سبقه ولهذا قال في الانتصار في شركة العنان : القياس لا يصح الشرط الخامس : الخروج بالعوض عن شبه قمار بكسر القاف يقال : قامرة قمارا ومقامرة فقمره إذا راهنه فغلبه بان لا يخرج جميعهم العوض لأنه إذا أخرحه كل منهم لم يخل عن أن يغنم أو يغرم وهوشبه القمار فإن كان الجعل من الإمام على أن من سبق فهو له جاز ولو من بيت المال لأن فيه مصلحة وحثا على تعلم الجهاد .
ونفعا للمسلمين أو كان الجعل من غيره أي الإمام علي أن من سبق فهوله جاز لما فيه من المصلحة والقربة كما لو اشترى به سلاحا أوخيلا أو كان الجعل من أحدهما أي المتسابقين أو من إثنين فأكثرمنهم إذا كثروا وثم من لم يخرج على أن من سبق أخذه جاز لأنه إذا جاز بذله من غيرهم فأولى أن يجوز من بعضهم فإن جاءا أي المتسابقان منتهى الغاية معا فلا شيء لهما من الجعل لأنه لم يسبق أحدهما الآخر وإن سبق مخرج عوض أحرزه ولم يأخذ من صاحبه شيئا لئلا يكون قمارا وإن سبق الآخر الذي لم يخرج أحرز سبق صاحبه فملكه كسائر ماله كالعوض في الجعالة إذا وفى بالعمل فإن كان عينا أخذه وإن كان في الذمة فدين يقضى به عليه ويجبرعليه إن كان كان موسرا وإن أفلس ضرب به مع الغرماء وإن أخرجا أي المتسابقان معالم يجز تساويا أوتفاضلا لأنه قمار إذ لا يخلوكل منهما عن أن يغنم أو يغرم إلا بمحلل لا يخرج شيئا ولا يجوز كون محلل كثر من واحد لدفع الحاجة به يكافىء مركوبه أي المحلل مركوبيهما في المسابقة أو يكافىء رميه رميهما في المناضلة لحديث أبي هريرة مرفوعا [ من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فليس قمارا ومن أدخل فرسا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهوقمار ] رواه أبو داود ولأن غير المكافىء وجوده كعدمه فإن سبقاه أي سبق المخرجان المحلل ولم يسبق أحدهما الآخر أحرزا سبقيهما أي أحرزكل منهما سبقه لأنه لا سابق منهما ولا شيء للمحلل لأنه لم يسبق أحدهما ولم يأخذا منه شيئا لئلا يكون قمارا وإن سبق هو أي المحلل المخرجين أحرز السبقين أو سبق أحدهما أي أحد المخرجين صاحبه والمحلل أحرز السبقين لوجود شرطه وإن سبقا أي المحلل وأحد المخرجين معا فسبق مسبوق بينهما نصفين لاشتراكهما في السبق وما أخرجه السابق مع المحلل فهو له بسبقه و إن قال غيرهما أي غير المتسابقين المخرج للعوض من سبق منكما أو صلى فله عشرة لم يصح مع إثنين لأنه لا فائدة في طلب السبق إذن فلا حرص عليه للتسوية بينهما وإن زاد على إثنين صح أو قال مخرج : من سبق فله عشرة ومن صلى فله خمسة وكذا على الترتيب للأقرب فالأقرب السابق كما لو قال : ومن تلى فله أربعة صح لاجتهاد كل منهم على أن يكون سابقا ليحرر الأكثر وخيل الحلبة بفتح الحاء وسكون اللام مرتبة وهى خيل تجتمع للسباق من كل أوب لتخرج من اسطبل واحد كما يقال للقوم إذا جاؤا من أوب للنصرة : قد أحلبوا قاله في الصحاح أولها مجل بالجيم وهو السابق لجميع خيل الحلبة فمصل لأن رأسه تكون عند صلى المجلى والصلوان : عرقان أو عظمان من جانبي الذنب وفي الأثر عن علي سبق أبو بكر وصلى عمر وخبطتنا فتنة وهى موت عثمان فتال الجاني بعد المصلي فبارع الرابح فمرتاح الخامس فخطى السادس فعاطف السا بع فمؤمل بوزن معظم الثامن فلطيم التاسع فسكيت بوزن كميت وقد تشدد ياؤه : العاشر آخر خيل الحلبة ففسكل كقنفذ وزبرج وبرذون : الذي يجيء آخر الخيل ويسمى القشور والقاشر هكذا في التنقيح وفي الكافي و المطلع : مجل فمصل فمسل فتال فمرتاح إلى آخرها وقال الجوهري : الفسكل بالكسر الذي يجيء في الحلبة آخرالخيل ومنه رجل فسكل إذا كان رذلا انتهى فكان الصواب عطفه بالواو ويصح عقد لا شرط فيلغو في قول أحد المتسابقين للآخر إن سبقتني فلك كذا ولا أرمي أبدا أو لا أرمي شهرا ونحوه أو شرطا أن السابق يطعم السبق بفتح الباء أي الجعل أصحابه أو أنه يطعمه بعضهم أو أنه يطعمه غيرهم ووجه صحة العقد مع هذه : أنه قد تم بأركانه وشروطه كالشروط الفاسدة في البيع وأما إلغاء نحو : لا أرمي أبدا أو شهرا فلانه منع نفسه من شيء مطلوب منه شرعا أشبه قوله : ولا أجاهد أونحوه وأما إلغاء طعام غيره فلأنه عوض على عمل فلا يستحقه غير العامل كعوض الجعالة