فصل والإجارة ضربان .
أحدهما أن تقع على منفعة عين ويأتي أن لها صورتين إلى أمد معلوم أو معلوم ثم العين إما معينة أو موصوفة في الذمة ولكل منهما شروط وبدأ بشروط الموصوفة لقلة الكلام عليها فقال وشرط استقصاء صفات سلم في موصوفة بذمة لاختلاف الأغراض باختلاف الصفات فإن لم توصف بما يضبطها أدى إلى التنازع فإن استقصيت صفات السلم كان أقطع للنزاع وأبعد من الغرر وأن جرت إجارة علي موصوف بذمة بلفظ سلم كأسلمتك هذا الدينار في منفعة عبد صفته كذا وكذا لبناء حائط مثلا وقبل المؤجر اعتبر قبض أجرة بمجلس عقد لئلا يصير بيع دين بدين و أعتبر تأجيل نفع إلى أجل معلوم كالسلم فدل أن السلم يكون في المنافع كالأعيان فإن لم تكن بلفظ سلم ولا سلف لم يعتبرذلك ثم أخذ يتكلم على شروط المعينة فقال و شرط في اجارة عين معينة خمسة شروط أحدها صحة بيع كعبد ودار وثوب ونحوها بخلاف كلب وخنزير ونحوهما سوى وقف أي موقوف وأم ولد وحر وحرة فتصح اجارتها لأن منافعها مملوكة ومنافع الحرتضمن بالغصب أشبه منافع القن ويصرف مستأجر أجنبية حرة أو أمة بصره عنها لأن حكم نظره إليها وخلوته بها على ما كان عليه قبل الإجارة ويكره استئجار أصله كأمه وأبيد وجده وجدته وإن علوا لخدمته لما فيه من إذلال والديه بالحبس على خدمته ويصح استئجار زوجته لرضاع ولده ولو منها و على حضانته لأنه يصح أن تعقده مع غير الزوج فصح معه كالبيع ولأن منافعها من الرضاع والحضانة غيرمستحقة للزوج لأنه لا يملك اجبارها على ذلك ولها أخذ العوض من غيره فلها أخذه منه كثمن مالها واستحقاقه لمنفعة الاستمتاع بها لا يمنع استحقاقه منفعة غيره بعوض آخركمالو استأجرها أولا ثم تزوجها و يصح استئجار ذمي مسلما لعمل معلوم في الذمة كقصارة ثوب أو خياطته أو إلى أمد كأن يبني له شهرا ونحوه قال أحمد لا بأس أن يؤجرنفسه من الذمي قال في المغنى هذا مطلق في نوعي الإجارة و لا يصح أن يستأجرذمي مسلما لخدمته نصا لتضمنها حبس المسلم عند الكافر وإذلاله له واستخدامه مدة الإجارة اشبه بيع المسلم للكافر بخلاف اجارته لغير الخدمة فلا تتضمن إذلاله و الشرط الثاني معرفتها أي العين المؤجرة للعاقدين برؤية أو صفة كالمبيع لاختلاف الغرض باختلاف العين وصفاتها و الشرء الثالث قدرة مؤجر على تسليمها آي العين المؤجرة كمبيع لانها بيع منافع اشبهت بيع الأعيان فلا تصح إجارة آبق ولا شارد ولا مغصوب ممن لا يقدر على أخذه كما لا يصح بيعه و الشرط الرابع اشتمالها أي العين على النفع فلا تصح إجارة في بهيمة زمنة لحمل ولا أرض سبخة لزرع لأنه لا يمكن تسليم هذه المنفعة من هذه العين و الخامس كون مؤجر يملكه أي النفع بملك العين أو استئجارها أو مأذونا له بطريق الولاية كحاكم يؤجرمال نحو سفيه أو غائب أو وقف لاناظر له أو من قبل شخص معين كناظرخاص ووكيل في إجارة بيع منافع فأشترط فيها ذلك كبيع الأعيان فتصح من مستأجر لغير حر أن يؤجره لمن يقوم مقامه أي المستأجرلأن موجب عقد الإجارة ملك المنفعة والتسلط على استيفائها بنفسه وبمن يقوم مقامه بخلاف مستأجر الحركبيرا كان أو صغيرا فليس له أن يؤجره لأن اليد لا تثبت عليه وإنما هو يسلم نفسه ولمستأجرعين أن يؤجرها ولو لم يقبضها لأن قبضها لا ينتقل به الضمان إليه فلا يقف جواز التصرف عليه بخلاف بيع المكيل ونحوه قبل قبضه حتى لمؤجرها أي العين المؤجرة لأن كل عقد جاز مع غير العاقد جاز معه كالبيع ولو بزيادة على ما أجرها به لأنه عقد يجوز برأس المال فجاز بزيادة مالم تكن حيلة كعينة بأن استأجرها بأجرة حالة نقدا ثم أجرها بأكثرمنه مؤجلا فلا يصح حسم المادة ربا النسيئة و تصح إجارة عين من مستعير بإذن معير في مدة يعينها المستعيرللإجارة لأنه لوأذن له في بيعها لجاز فكذا إجارتها لأن الحق له وتصير العين المؤجرة أمانة بعد أن كانت مضمونة على المستعير لصيرورتها مؤجرة والأجرة لربها أي العين المؤجرة لأنه مالكها ومالك نفعها وأنفسخت العارية بالإجارة لأنها أقوى منها للزومها و تصح إجارة في وقف من ناظره لأنه إما مستحق فمنافعه له فله إجارتها كالمستأجر وإلا فبطريق الولاية كالولي يؤجر عقار موليه فإن مات مستحق وقف أجره وهو ناظر بشرط بأن وقفه عليه وشرط له النظر لم تنفسخ الإجارة بموته لأنه أجر بطريق الولاية أشبه الأجنبي وإن أجر المستحق لكونه أحق بالنظرمع عدم الشرط أو لكون الوقف عليه لم تنفسخ الإجارة في وجه كما لو أجر ولي مال موليه أو ناظرأجنبي ثم زالت ولايته قال المنقح في الإنصاف صححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع و الرعاية الكبرى وشرح ابن رزين قال القاضي في المجرد هذا قياس المذهب وقال في التنقيح : وان مات المؤجر انفسخت أن كان المؤجر الموقوف عليه بأصل الاستحقاق وقيل لا تنفسخ قدمه في الفروع غيره وجزم في الوجيز وغيره كملكه وهوأشهر وعليه العمل انتهى وكذا مؤجر إقطاعه اقطاع استغلال ثم يقطعه بالبناء للمجهول غيره أي غير المؤجر فلا تنفسخ في وجه لما تقدم فعلى هذا الوجه أي أن الإجارة لا تنفسخ بذلك يأخذ المنتقل إليه الاستحقاق حصته من أجرة قبضها مؤجر من تركته إن مات أو يأخذها منه أي المؤجران انتقل عنه الاستحقاق حيا كمن وقف داره على ابنته ما دامت عزباء فإن تزوجت فعلى زيد ثم أجرت الدار مدة وتعجلت الأجرة ثم قزوجت في أثنائها فيأخذ زيد منها ما يقابل استحقاقه وإن لم تقبض الآجرة ف المنتقل إليه الاستحقاق يأخذ حصته من مستأجر لعدم براءته منها وعلى مقابله أي الوجه السابق وهو القول بإنفساخ الإجارة بإنتقال الاستحقاق عن المؤجرغير المشروط : له النظر وهو الذي قدمه في التنقيح كما سبق ينتزع من آل اليه الوقف أو الإقطاع ذلك من يد المستأجر ويرجع مستأجر عجل أجرته على ورثة قابض مات أو عليه إن كان حيا ووجه انفساخ الإجارة إذن : أن المنافع بعده حق لغيره فبموته تبين أنه أجرحقه وحق غيره فصح في حقه دون حق غيره كما لو أجردارين : إحداهما له والأخرى لغيره بخلاف المطلق إذا مات مؤجره فإن الوارث يملكه من جهة مورثه فلا يملك منه إلا ما خلفه وما تصرف فيه في حياته لا ينتقل إلى وارثه والمنافع التي أجرها قد خرجت عن ملكه بالإجارة فلا تنتقل إلى وارثه والبطن الثاني في الوقف يملكونه من جهة الواقف فما حدث منها بعد البطن الأول فهوملك لهم وإن أجر الناظر العام وهو الحاكم أو من جعل له الإمام ذلك لعدم الناظر الخاص الذي يعينه الواقف ناظرا أو أجر الناظر الخاص وهو أجنبي بأن كان الوقف على غيره لم تنفسخ إجارته بموته ولا عزله قبل مضي مدتها قولا واحدا لأنه بطريق الولاية ومن يلي النظر بعده إنما يملك التصرف فيما لم يتصرف فيه الأول وإن أجر سيد رقيقه أو أجر ولي يتيما محجورا له أو أجر ماله أي مال محجوره كداره أو رقيقه أو بهائمه ثم عتق الرقيق المأجور أو بلغ اليتيم ورشد أو مات السيد أو الو لي المؤجر قبل مضيى مدة الإجارة أو عزل الولي بأن أقام الحاكم غيره لم تنفسخ الإجارة أما في السيد فلأنها عقد صدرمنه على ما يملكه فلا تنفسخ بزوال ملكه بالعتق أو غيره كما لو زوج أمته ثم باعها ولارجوع له على مولاه بشيء لأن منفعته استحقت بالعقد قبل العتق فلم يرجع ببدلها كما لو زوج أمته ثم أعتقها ونفقة العتيق مدة الإجارة على معتقه إلا إن شرطها على المستأجرفعليه واما في الولي فلأنه عقد عقدالازما بحق الولاية فلا يبطل بزوال ولايته كما لو زوجه أو باع داره إلا إن علم الولي بلوغه أي اليتيم في المدة بأن كان ابن أربع عشرة سنة وأجره أو أجرداره سنتين فتنفسخ ببلوغه لئلا يفضي إلى صحتها على جميع منافعه طول عمره وإلى تصرفه في غير زمن ولايته على المأجور أو إلا إذا علم سيد عتقه أي الرقيق في المدة أي الإجارة بأن قال له أنت حر بعد سنة آجره سنتين فتنفسخ بعتقه لماتقدم