فصل وفرائضه أي التيمم خمسة في الجملة .
أحدها مسح وجهه ومنه اللحية لقوله تعالى : { فامسحوا بوجوهكم } سوى ما تحت شعر ولوكان الشعر خفيفا و سوى داخل فم وأنف ويكره ادخال التراب فمه وأنفه لتقذيره و الثاني مسح يديه الى كوعيه لقوله تعالى : { وأيديكم } وإذا علق حكم بمطلق اليدين لم يدخل فيه الذراع كقطع السارق ومس الفرج ولحديث عمار قال : [ بعثني النبي A في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تتمرغ الدابة ثم اتيت النبي A فذكرت ذلك له فقال : إنما كان يكفيك أن تقول بيدك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه ] متفق عليه ولو أمر المحل الممسوح في التيمم على تراب ومسحه به صح أو صمده أي نصب المحل الذي يمسح في التيمم لريح فعمه التراب ومسحه به صح تيممه ان نواه كما لو صمد أعضاء الوضوء لماء فجرى عليها لا ان سفته أي سفت ريح المحل بتراب من غير تصميد فمسحه به لأمره تعالى بقصد الصعيد وإن تيمم ببعض يديه أو تيمم بحائل كخرقة ونحوها فكوضوء يصح حيث مسح ما يجب مسحه لوجود المأمور به أو يممه غيره فكوضوء يصح حيث نواه المتيمم ولم يكره ميمم و الثالث والرابع ترتيب وموالاة لحدث أصغر دون حدث أكبر ونجاسة بدن لأن التيمم مبني على طهارة الماء وهما فرضان في الوضوء دون ما سواه وهي أي الموالاة هنا بقدرها زمنا في وضوء فهي أن لا يؤخر مسح عضو حتى يجف ما قبله لو كان مغسولا بزمن معتدل و الخامس تعيين نية استباحة ما يتيمم له كصلاة أو طواف فرضا أو نفلا أو غيرهما من متعلق باستباحة حدث أصغر أو أكبر جنابة أو غيرها أو نجاسة ببدن ويكفيه لها تيمم واحد وان تعددت مواضعها فإن نوى رفع حدث لم يصح تيممه لأنه مبيح لا رافع لأنه طهارة ضرورة فلا يكفي من هو محدث وببدنه نجاسة التيمم لأحدهما عن الآخر و لا يكفي من هو محدث وجنب التيمم عن غسله لحديث [ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى ] وإذا تيمم للجنابة أبيح له ما يباح للمحدث : من قراءة ولبث بمسجد دون صلاة وطواف ومس مصحف وإذا أحدث لم يؤثر في هذا التيمم وإن نواهما أي الحدثين بتيمم واحد أو نوى الحدث ونجاسة ببدن بتيمم واحد أجزأ عنهما أو نوى أحد أسباب أحدهما أي الحدثين بأن بال وتغوط وخرج منه ريح ونحوه ونوى واحدا منهما وتيمم أجزأ التيمم عن الجميع وكذا لو وجد منه موجبان للغسل ونوى أحدهما لكن قياس ما تقدم في الوضوء : لا إن نوى أن لا يستبيح من غيره ومن نوى بتيممه شيئا تشترط له الطهارة من صلاة وغيرها استباحة أي ما نواه و استباح مثله فمن تيمم لظهر استباحها وما يجمع إليها وفائتة فأكثر و استباح دونه كمنذورة ونافلة ومس مصحف بالأولى فاعلاه أي أعلى ما يستباح بالتيمم فرض عين كواحدة من الخمس فنذر ف غرض كفاية كصلاة عيد فنافلة كراتبة وتحية مسجد فطواف فرض فطواف نفل كما أوضحته في شرح الاقناع فمس مصحف فقراءة قرآن فلبث بمسجد ولم يذكروا وطء حائض ونفساء ولعله بعد اللبث وفهم منه أن من نوى شيثا لايستبيح ما فوقه لأنه لم ينوه ولا تابع لما نواه وقد قال A : [ وإنما لكل امرىء ما نوى ] وإن أطلقها أي نية الاستباحة لصلاة أو طواف بأن لم يعين فرضهما ولا نفلهما وتيمم لم يفعل الا نفلهما لأنه لم ينو الفرض فلم يحصل له وفارق طهارة الماء لأنها ترفع الحدث فيباح له جميع ما يمنعه وتسمية فيه أي التيمم ك تسمية في وضوء فتجب قياسا عليه وظاهره : ولو عن نجاسة ببدن كالنية وتسقط سهوا ويبطل التيمم حتى تيمم جنب لقراءة ولبث بمسجد و حتى تيمم حائض لوطء : بخروج وقت لقول علي التيمم لكل صلاة ولأنه طهارة ضرورة فتقيدت بالوقت كطهارة المستحاضة وأولى فلو تيمم وقت الصبح بطل بطلوع الشمس وكذا لو تيمم بعد الشروق بطل بالزوال ك ما لو تيمم لB طواف و لصلاة جنازة ونافلة ونحوها كسجود شكر و كذا لو تيمم عن نجاسة ببدن فيبطل بخروج الوقت لانتهاء مدته كمسح الخف فإن كان في صلاة بطلت ما لم يكن في صلاة جمعة فلا تبطل إذا خرج وقتها لأنها لا تقضى أو ما لم ينو الجمع في وقت ثانية من يباح له فإن نواه ثم تيمم في وقت الأولى لها أولفائتة لم تبطل بخروجه لأن نية الجمع صيرت الوقتين كالوقت الواحد و يبطل أيضا بوجود ماء مقدور على استعماله بلا ضرر كما مر قال في الفروع : ذكره بعضهم إجماعا ولو اندفق أو كان قليلا فيستعمله ثم يتيمم للباقي و يبطل أيضا بB زوال مبيح كبرء مرض أو جرح تيمم له لأنه طهارة ضرورة فزوال بزوالها و يبطل أيضا بB مبطل ما تيمم له من الطهارتين فيبطل تيممه عن وضوء بما يبطله من نوم ونحوه وعن غسل بما ينقضه كخروج مني بلذة ولو تيمم للجنابة والحدث تيمما واحدا ثم خرج منه ريح بطل تيممه للحدث وبقي للجنابة بحاله و يبطل أيضا بخلع ما يمسح كخف وعمامة وجبية لبست على طهارة ماء ان تيمم بعد حدثه وهو عليه سواء مسحه قبل ذلك أولا لقيام تيممه مقام وضوئه وهو يبطل بخلع ذلك فكذا ما قام مقامه والتيمم وإن اختص بعضوين صورة فهو متعلق بالأربعة حكما وكذا لو انقضت مدة مسح و لا يبطل تيمم عن حيض أو نفاس بحدث غيرهما كجماع وإنزال كالغسل لهما والوطء ونحوه يوجب حدث الجنابة وإن وجد الماء من تيمم لعدمه في صلاة أو طواف بطلا لبطلان طهارته فيتوضأ أو يغتسل ويبتدىء الصلاة أو الطواف و ان تيمم لعدم الماء ثم وجده بعد ان انقضيا أي الصلاة والطواف لم تجب اعادتهما ولو لم يخرج الوقت واحتج احمد بأن ابن عمر تيمم وهو يرى بيوت المدينة فصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد ولأنه أدى فرضه كما أمر فلم تلزمه اعادة كما لو وجده بعد الوقت و ان تيمم جنب لعدم ماء ثم وجده في فراءة ووطء ونحوهما كلبث بمسجد يجب الترك أي ترك قراءة ووطء ونحوهما لبطلان تيممه ويؤيده قوله A [ الصعيد الطيب وضوء المسلم وان لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك ] أخرجه أبوداود و النسائي وبغسل ميت يمم لعدم ماء ولو صلى عليه ولم يدفن حتى وجد ماء وتعاد الصلاة عليه ولو بتيمم والأولى بوضوء وسن لعالم وجود ماء ولراج وجود ماء أو مستو عند الأمران أي وجوده وعدمه تأخير التيمم الى آخر الوقت المختار أي يمكث وينتظر لقول علي في الجنب يتلوم ما بينه وبين آخر الوقت فإن وجد الماء والا تيمم فإن تيمم وصلى أجزأه ولو وجد الماء بعد كمن صلى عريانا ثم قدر على السترة أو لمرض جالسا ثم قدر على قيام وصفته أي التيمم أن ينوي استباحة فرض الصلاة أو نحوه من حدث أصغر أو نحوه ثم يسمى وجوبا ويضرب التراب بيديه مفرجتي الأصابع ليصل التراب الى ما بينهما وينزع نحو خاتم ضربة واحدة فإن كان التراب ناعما فوضع يديه بلا ضرب فعلق بهما كفى ويكره نفخ التراب إن كان قليلا فإن ذهب به أعاد الضرب ثم يمسح وجهه جميعه فإن بقي منه شيء لم يصل التراب إليها أمر يده عليه ان لم يفصل راحته فإن فصلها فإن بقي عليها غبار جاز أيضا المسح بها وإلا ضرب ضربة أخرى بباطن أصابعه و يمسح ظاهر كفيه براحتيه لحديث عمار وتقدم قال الأثرم : قلت لأيي عبد الله : التيمم ضربة واحدة ؟ فقال : نعم للوجه والكفين ومن قال ضربتين فإنما هو شيء زاده ا ه فإن قيل : فقد قيل في حديث عمار الى المرفقين فتكون مفسرة للمراد بالكفين ؟ أجيب : بأنه لا يعول على هذا الحديث انما رواه أبوسلمة وشك فيه ذكره النسائي مع أنه أنكرعليه وخالف به سائر الرواة الثقات واستحب القاضي وغيره ضربتين ضربة للوجه وأخرى لليدين الى المرفقين وان بذل بالبناء للمفعول فيه وفيما بعده ماء لأولي جماعة أو نذر ماء لأولي جماعة أو وقف ماء على أولي جماعة أو وصي بماء لأولي جماعة : قدم به منهم غسل طيب محرم لأن تأخيرغسله بلا عذر يوجب الفدية ف إن فضل منه شيء قدم غسل نجاسة ثوب لوجوب إعادة الصلاة فيه على عادم غيره ف إن فضل شيء قدم غسل نجاسة بقعة تعذرت الصلاة في غيرها لأنه وان لم تجب إعادة الصلاة فيها لا يصح التيمم لها ف إن فضل شيء قدم غسل نجاسة بدن لاختلاف العلماء في صحة التيمم لها بخلاف حدث ف إن فضل شيء قدم ميت فيغسل به لأن غسله خاتمة طهارته والأحياء يرجعون الى الماء فيغتسلون ف إن فضل عنه شي قدمت به حائض انقطع دمها لغسلها من الحيض لأنه أغلظ من الجنابة ف إن فضل شيء قدم به جنب لأن الجنابة أغلظ من الحدث الأصغر وأيضا يستفيد به الجنب ما لا يستفيده المحدث به ف إن فضل شيء توضأ به محدث لا ان كفاه أي المحدث للوضوء وحده أي دون الجنب بأن كان لا يكفيه لغسله فيقدم به المحدث على جنب لأن استعماله في طهارة كاملة أولى من استعماله في بعض طهارة بأن لم يكف كلا منهما قدم به جنب لأنه يستفيد به تطهير بعض أعضائه ويقرع مع التساوي كحائضين فأكثر ومحدثين فأكثر والماء لا يكفي الا أحدهما لعدم المرجح فمن قرع رفيقه رجح بالقرعة وإن تطهر به أي الماء المذكور غير الأولى به كمحدث مع ذي نجس أساء لفعله ما ليس له وصحت طهارته لأن الأول لم يملكه بكونه أولى وإنما رجح لشدة حاجته وان كان ملكا لأحدهم تعين له ولم يجز أن يؤثرغيره به ولو أباه وان كان مشتركا تطهر كل بنصيبه منه ثم تيمم للباقي وان كان الميت غسل به فإن فضل شيء فلوارثه فإن لم يكن حاضرا فللحاضر أخذه للطهارة بثمنه في موضعه والثوب المبذول لحي وميت يحتاجانه يصلي فيه الحي ثم يكفن به الميت جمعا بين المصلحتين وان احتاج حي لكفن ميت لنحو برد قدم الحي عليه ويصلي فيه عادم السترة عريانا لا في إحدى لفافتيه