باب اخراج الزكاة .
أي زكاة المال بعد أن تستقر واجب فورا كB إخراج ندر مطلق وكفارة لأن الأمر المطلق - ومنه { وآتوا الزكاة } - يقتضي الفورية بدليل { ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك } فوبخه إذ لم يسجد حين أمر وعن سعيد بن المعلى قال : كنت أصلي في المسجد فدعاني النبي A فلم أجبه ثم أتيته فقلت : يا رسول إني كنت أصلي فقال : [ ألم يقل الله : استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم ] رواه أحمد و البخاري ولأن السيد إذا أمر عبده بشيء فاهمله حسن لومه وتوبيخه عرفا ولم يكن انتفاء قرينة الفور عذرا ان أمكن اخراجها كما لو طولب بها ولأن النفوس طبعت على الشح وحاجة الفقير ناجزة فإذا أخر الاخراج اختل المقصود وربما فات بنحو طرو إفلاس أو موت ولم يخف مزك رجوع ساع عليه بها ان أخرجها بلا علمه أو لم يخف بدفعها فورا ضررا على نفسه أو ماله أو نحوه كمعيشة لحديث [ لا ضرر ولا ضرار ] ولأنه يجوز تأخير دين الآدمي لذلك فالزكاة أولى وله تأخيرها أي الزكاة لشدة حاجة أي ليدفعها لمن حاجته أشد ممن هو حاضر نصا وقيده جماعة بزمن يسير و له تأخيرها ليدفعها القريب وجار لأنها على القريب صدقة وصله والجار في معناه و له تأخيرها لحاجته أي المالك إلها إلى ميسرته نصا واحتج بحديث عمر انهم احتاجوا عاما فلم يأخذ منهم الصدقة فيه وأخذها منهم في السنة الأخرى و له تأخيرها لتعذر اخراجها من المال لغيبة المال وغيرها كغصبه وسرقته وكونه دينا الى قدرته عليه لأنها مواساة فلا يكلفها من غيره ولو قدر أن يخرجها من غيره لم يلزمه لأن الإخراج من عين المخرج منه هو الأصل والاخراج من غيره رخصة فلا تنقلب تضييقا ولإمام وساع تأخيرها عند ربها لمصلحة كقحط ونحوه نصا لفعل عمر واحتج بعضهم بقوله A عن العباس [ فهي عليه ومثلها معها ] رواه البخاري وكذا أوله أبو عبيد قاله في الفروع ومن جحد وجوبها أي الزكاة على الاطلاق عالما وجوبها أو جاهلا به لقرب عهده من الاسلام أو كونه نشأ ببادية بعيدة عن القرى وعرف جاهل فعلم وأصر على جحوده عنادا فقد ارتد لتكذيبه الله ورسوله واجماع الأمة فيستتاب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل ولو أخرجها جاحدا لظهور أدلة الوجوب فلا عذر له وتؤخذ منه ان كانت وجبت عليه لاستحقاق أهل الزكاة لها ومن منعها أي الزكاة بخلا بها أو تهاونا بلا جحد أخذت منه قهرا كدين آدمي وخراج وعزر من علم تحريم ذلك أي المنع بخلا أو تهاونا امام فاعل عزر عادل لارتكابه محرما فإن كان الامام فاسقا لا يصرفها في مصارفها فهو عذر له في عدم دفعها اليه فلا يعزره أو عزره عامل عدل يمنعه الزكاة فإن غيب ماله أو كتم ماله قاتله دونها أي الزكاة أي قاتل جابيها وأمكن أخذها منه بقتاله أي قتال الامام إياه وجب قتاله على امام وضعها أي الزكاة مواضعها لاتفاق الصديق مع الصحابة على قتال مانعي الزكاة وقال : والله لو منعوني عناقا - وفي لفظ عقالا - كانوا يؤدونه الى رسول الله A لقاتلتهم عليه متفق عليه وأخذت الزكاة فقط أي بلا زيادة عليها لحديث الصديق ومن سئل فوق ذلك فلا يعطه وكان منع الزكاة في خلافة الصديق Bه مع توفر الصحابة ولم ينقل عنهم أخذ زيادة ولا قول به وحديث [ فإنا آخذوها وشطر إبله أو ماله ] كان في بدء الاسلام حين كانت العقوبات بالمال ثم نسخ ولا يكفر مانع زكاة غير جاحد اذا قاتل عليها بقتاله للإمام [ لقول عبد الله بن شقيق كان أصحاب النبي A لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ] رواه الترمذي : وما ورد من التكفير فيه محمول على جاحد الوجوب أو التغليظ والا يمكن أخذها بقتاله وهو في قبضة الامام استتيب ثلاثة أيام لأنها من مباني الاسلام فيستتاب تاركها كالصلاة فإن تاب وأخرج الزكاة كف عنه وإلا قتل لاتفاق الصحابة على قتال مانعها حدا لما تقدم أنه لا يكفر بذلك وأخذت الزكاة من تركته لو مات والقتل لا يسقط دينا لآدمي فكذا الزكاة ومن ادعى أداءها أي الزكاة وقد طولب بها صدق بلا يمين أو ادعى بقاء الحول أو ادعى نقص النصاب أو ادعى زوال ملكه عن النصاب في الحول صدق بلا يمين أو ادعى تجدده أي ملك النصاب قريبا أو ادعى ان ما بيده من مال زكوى لغيره صدق بلا يمين أو ادعى أنه أي مال السائمة مفرد أو مختلط ونحوه مما يمنع وجويها أو ينقصها كدعوى علف ماشية نصف الحول فأكثر أو نية قنية بعرض تجارة صدق بلا يمين أو أقر بقدر زكاته ولم يذكر قدر ماله صدق بلا يمين لأنها عبادة مؤتمن عليها فلا يستخلف عليها كالصلاة والكفارة بخلاف وصية لفقراء بمال وكذا إن مر بعاشر وادعى أنه عشره عاشر آخر قال أحمد : إذا أخذ منه المصدق كتب له براءة فإذا جاء آخر أخرج إليه براءته أي لتنتفي التهمة عنه ويلزم باخراج عن مال صغير ومجنون وليهما فيه نصا لأنه حق تدخله النيابة فقام الولي فيه مقام مولى عليه كنفقة وغرامة وسن لمخرج زكاة اظهارها لتنتفي التهمة عنه ويقتدى به و سن تفرقه ربها أي الزكاة بنفسه ليتيقن وصولها الى مستحقها وكالدين وسواء المال الظاهر والباطن بشرط أمانته أي رب المال فإن لم يثق بنفسه فالأفضل له دفعها إلى الساعي لأنه ربما منعه الشح من اخراجها أو بعضها و سن قوله أي رب المال عند دفعها أي الزكاة اللهم اجعلها مغنما أى مثمرة ولا تجعلها مغرما أي منقصة لأن التمييز كالقيمة والتنقيص كالغرامة لخبر أبي هريرة مرفوعا [ وإذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا : اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما ] رواه ابن ماجه وفيه البحتري بن عبيد ضعيف - قال بعضهم : ويحمد الله تعالى على توفيقه لادائها و سن قول آخذ زكاة آجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت وجعله لك طهورا لقوله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم } أي ادع لهم قال عبد الله بن أبي أوفى [ كان النبي A اذا أتاه قوم بصدقتهم قال : اللهم صل على آل فلان فأتاه أبي بصدقته فقال : اللهم صلي على آل أبي أوفى ] متفق عليه وهو محمول على الندب لأنه A [ لم يأمر به سعته ] وله أي لرب المال دفعها أي الزكاة الى الساعي قال في الشرح : لا يختلف المذهب ان دفعها للإمام جائز سواء كان عدلا أو غير عدل وسواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة ويبرأ بدفعها سواء تلفت في يد الامام أولا صرفها في مصارفها أو لم يصرفها انتهى وقيل لابن عمر : انهم يقلدون بها الكلاب ويشربون بها الخمور فقال : ادفعها اليهم حكاه عنه أحمد وفي الأحكام السلطانية و الاقناع : يحرم دفعها اليه ان وضعها في غير مواضعها ويجب كتمها عنه اذن وتجزىء لخوارج نصا ولبغاة إذا غلبوا على بلد