للسيد والزوج تحليل العبد والمرأة .
قوله فإن فعلا فلهما تحليلهما .
يعني العبد والمرأة فذكر المصنف هنا حكم العبد والمرأة .
أما حكم العبد إذا أحرم : فلا يخلو إما أن يكون بواجب كالنذر أو بتطوع فإن كان بواجب : فتارة يحرم بإذنه وتارة يحرم بغير إذنه وإن كان بتطوع : فتارة أيضا يحرم بإذنه وتارة يحرم بغير إذنه .
فإن أحرم بتطوع بغير إذنه : فله تحليله إذا قلنا يصح وهذا المذهب كما هو ظاهر ما جزم به المصنف هنا وجزم به في الوجيز و المنور و ابن منجا في شرحه وغيرهم واختار ابن حامد و المصنف و الشارح وغيرهم وقدمه ابن رزين و ابن حمدان وغيرهما وصححه الناظم وغيره .
وعنه رواية أخرى : ليس له تحليله نقلها الجماعة عن الإمام أحمد واختارها أبو بكر و القاضي وابنه قال ناظم المفردات هذا الأشهر وهو منها وقدمه في المحرر .
وذكر ابن عقيل قول أحمد : لا يعجبني منع السيد عبده من المضي في الإحرام زمن الإحرام والصلاة والصيام وقال : إن لم يخرج منه وجوب النوافل بالشروع كان بلاهة وأطلقهما في المذهب و مسبوك الذهب و الفروع .
فإن أحرم بنفل بإذنه فالصحيح من المذهب : أنه لا يجوز له تحليله وعليه الأصحاب وقطع به المصنف هنا وعنه له تحليله .
فائدة : لو باعه سيده وهو محرم : فمشتريه كبائعه في تحليله وعدمه وله الفسخ إن لم يعلم إلا أن يملك بائعه تحليله فيحلله .
وإن علم العبد برجوع السيد عن إذنه فهو كما لو لم يأذن وإن لم يعلم ففيه الخلاف في عزل الوكيل قبل علمه على ما يأتي إن شاء الله تعالى في باب الوكالة .
وأما إن كان إحرامه بواجب مثل : إن نذر الحج فإنه يلزمه قال المجد : لا نعلم فيه خلافا .
وهل لسيده تحليله ؟ لا يخلو : إما أن يكون النذر بإذنه أو بغير إذنه فإن كان بإذنه : لم يجز له تحليله وإن كان بغير إذنه : فهل له منعه أم لا ؟ لوجوبه عليه كواجب صلاة و صوم ؟ قال في الفروع : ولعل المراد بأصل الشرع فيه روايتان وأطلقهما في الفروع و المجد في شرحه .
إحداهما : له منعه منه وهو الصحيح من المذهب اختاره ابن حامد و القاضي و المصنف و الشارح وقدمه في الرعاية الكبرى و النظم .
قلت : وهو الصواب .
والرواية الثانية : ليس له منعه منه وقدمه في المحرر وقال بعض الأصحاب : إن كان النذر معينا بوقت : لم يملك منعه منه لأنه قد لزمه على الفور وإن كان مطلقا فله منعه منه قال في الفروع : وعنه ما يدل على خلافه وهو ظاهر كلامهم .
فوائد .
لو أفسد العبد حجه بالوطء لزمه المضي فيه والقضاء والصحيح من المذهب : صحة القضاء في حال الرق وقيل : لا يصح .
فعلى المذهب : ليس لسيده منعه منه وإن كان شروعه فيما أفسده بإذنه هذا الصحيح وقيل : له منعه حكاه القاضي في شرح المذهب : نقله عن ابن رجب .
وإذا لم يكن بإذنه ففي منعه من القضاء وجهان كالمنذور وأطلقهما المجد في شرحه وصاحب الفروع .
قلت : الأولى جواز المنع ثم وجدت صاحب الفروع قدم ذلك في باب محظورات الإحرام في أحكام العبد .
وأيضا فإنه كالمنذور و المذهب : له منعه من المنذور كما تقدم .
وهل يلزم العبد القضاء لفوات أو إحصار ؟ فيه الخلاف المتقدم في الحر الصغير وإن عتق قبل أن يأتي بما لزمه من ذلك أن يبدأ بحجة الإسلام فإن خالف فحكمه كالحر على ما تقدم يبدأ بنذره أو غيره قبل حجة الإسلام .
وإن عتق في الحجة الفاسدة في حال يجزئه عن حجة الفرض لو كانت صحيحة : فإنه يمضي فيها ويجزئه ذلك عن حجة الإسلام والقضاء على الصحيح من المذهب وقال ابن عقيل : عندي أنه لا يصح انتهى .
ويلزمه حكم جناية كحر معسر .
وإن تحللا لحصر أو حلله سيده : لم يتحلل قبل الصوم وليس له منعه نص عليه وقيل : في إذنه فيه وفي صوم آخر في إحرام بال إذنه وجهان وأطلقهما قاله في الفروع وإن قلنا يملك بالتمليك ووجد الهدى لزمه ويأتي هذا وغيره في آخر كتاب الإيمان مستوفى .
وإن مات العبد ولم يصم فلسيده أن يطعم عنه ذكره في الفصول وإن أفسد حجه صام وكذا إن تمتع أو أقرن وذكر القاضي : أنه على سيده إن أذن فيه انتهى ورده المصنف وقال في الرعايتين و الحاويين : وهدى تمتع العبد وقرانه عليه وقيل : على سيده إن أذنه فيهما وقيل : ما لزمه من دم فعلى سيده إن أحرم بإذنه وإلا صام قال في الكبرى : قلت : بل يلزمه وحده .
ويأتي حكم حصر العبد والصبي في باب الفوات والإحصار أيضا وهذا حكم العبد وتقدم أحكام حج المكاتب في أول كتاب الاعتكاف .
وأما أحكام المرأة : فإذا أحرمت فلا يخلو : إما أن يكون بواجب أو تطوع فإن كان بواجب فلا يخلو : إما أن يكون بنذر أو بحجة الإسلام وإن كان بتطوع فلا يخلو : إما أن يكون بإذنه أو بغير إذنه .
فإن كان بتطوع بغير إذنه : فجزم المصنف بأن له تحليلها وهوالمذهب وإحدى الروايتين اختاره جماعة منهم المصنف والشارح وقال : هذا ظاهر المذهب و ابن حامد وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في النظم وجزم به ابن منجا في شرحه وصاحب الإفادات و الوجيز و المنور و منتخب الأدمي .
والرواية الثانية : لا يملك تحليلها اختاره أبو بكر و القاضي وابنه أبو الحسين قال ناظم المفردات : هذا الأشهر .
قال الزركشي : وهي أشهرهما وهو المفردات وقدمه في المحرر وأطلقهما في الهداية و المذهب و مسبوك الذهب و المستوعب و الخلاصة و الهادي و التلخيص و الرعايتين و الحاويين - ذكروه في باب الفوات والإحصار - و الفروع و القواعد الفقهية و الزركشي .
وإن أحرمت بنقل بإذنه : فليس له تحليلها قولا واحدا وله الرجوع ما لم يحرم وإن أحرمت بنذر بغير إذنه فإن قلنا في إحرامها بالتطوع بغير إذنه : ولا يملك تحليلها فهنا بطريق أولى وإن قلنا : يملك تحليلها هناك فهل يملك تحليلها هنا ؟ فيه روايتان وأطلقهما في الفروع و المغني و الشرح و القواعد و الرعايتين و الحاويين .
إحداهما : لا يملك تحليلها وهو ظاهر كلام بعضهم .
قلت : وهو الصواب .
والثانية : ليس له تحليلها وهو ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب وجزم به ابن رزين في شرحه قال في المغني : في مكان وليس له منعها من الحج المنذور وقدمه في المحرر قال الزركشي : وهو المذهب المنصوص وبه قطع الشيخان .
وقيل : له تحليلها إن كان النذر غير معين وإن كان معينا لم يملكه وجزم به في الرعاية الكبرى .
وإن أحرمت بنذر بإذنه لم يملك تحليلها قولا واحدا .
فائدة : حيث جاز له تحليلها فحللها فلم نقبل : أثمت وله مباشرتها