يلزم البينة في دعوى الفقر والغرم والكتابة وابن السبيل .
قوله وإن فضل مع الغارم والمكاتب والغازي وابن السبيل شيء بعد حاجتهم : لزمهم رده .
إذا فضل مع الغازي شيء بعد قضاء دينه : لزمه رده بلا خلاف أعلمه لكن لو أبرىء الغريم مما عليه أو قضى دينه من غير الزكاة فالصحيح من المذهب : أنه يرد ما معه قال في الفروع : استرد منه على الأصح ذكره جماعة .
وجزم به آخرون وذكره صاحب المحرر ظاهر المذهب وقدمه في المحرر قال في الرعايتين : رده في الأصح وجزم به في المغني و الشرح و ابن رزين و الوجيز وغيرهم وعنه لا يسترد منه وأطلقهما في الحاويين قال المجد في شرحه : قال القاضي في تعليقه : وهو على الروايتين في المكاتب فإذا قلنا : أخذه هناك مستقر فكذا هنا قال ابن تميم : فإن كان فقيرا فله إمساكها ولا تؤخذ منه ذكره القاضي .
وقال القاضي في موضع من كلامه و المصنف في الكافي و المجد في شرحه : إذا اجتمع الغرم والفقر في موضع واحد : أخذ بهما فإن أعطى للفقر فله صرفه في الدين وإن أعطى للغرم لم يصرفه في غيره .
وقاعدة المذهب في ذلك : أن من أخذ بسبب يستقر الأخذ به ـ وهو الفقر والمسكنة والعمالة والتأليف ـ صرفه فيما شاء كسائر ماله وإن كان بسبب لا يستقر الأخذ به لم يصرفه إلا فيما أخذه له خاصة لعدم ثبوت ملكه عليه من كل وجه ولهذا يسترد منه إذا أبرىء أو لم يغز قاله المجد في شرحه وتبعه صاحب الفروع .
وأما إذا فضل مع المكاتب شيء فجزم المصنف : أنه يرده وهو المذهب .
وجزم به في الكافي و الوجيز و الإفادات و تذكرة ابن عبدوس و إدراك الغاية وغيرهم قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب وقدمه في المغني و الشرح و شرح ابن رزين و النظم و المحرر وصححه في الرعايتين و الحاوي الكبير .
والوجه الثاني : يأخذون أخذا مستقرا وهو ظاهر كلام الخرقي كما قال المصنف وقدمه في الرعايتين و الحاوي الكبير وأطلقهما في شرح المجد و ابن تميم و الفروع و الفائق والخلاف وجهان على الصحيح وقيل : روايتان .
وقيل : ما فضل للمكاتبين غيره .
وكذا الحكم لو عتق بإبراء قال في الفروع وغيره .
وتقدم في أحكام المكاتب إذا عتق تبرعا من سيده أو غيره أو عجز أو مات وبيده وفاء .
فائدة : لو استدان ما عتق به ـ وبيده من الزكاة قدر الدين ـ فله صرفه لبقاء حاجته إليه بسبب الكتابة .
وأما الغازي إذا فضل معه فضل : فجزم المصنف هنا : أنه يلزمه رده وهو المذهب جزم به في الكافي أيضا و المذهب لـ ابن الجوزي و ابن منجا في شرحه و الوجيز و الإفادات و تذكرة ابن عبدوس و إدراك الغاية و المنور و المنتخب لـ الآدمي و غيرهم و صححه في تصحيح المحرر .
قال في الفروع : جزم به جماعة وقدمه في النظم و الشرح .
والوجه الثاني : لا يرده جزم به المجد في شرحه وصححه الناظم قال في القاعدة الثانية والسبعين قال الخرقي والأكثرون : لا يسترد انتهى .
وحمل الزركشي كلام الخرقي الذي في الجهاد على غير الزكاة وأطلقهما في الفروع و المحرر و الرعايتين و الحاويين .
وقال أيضا في القواعد : إذا أخذ من الزكاة ليحج ـ على القول بالجواز ـ وفضل منه فضلة : الأظهر أنه يسترده كالوصية وأولى وقياس قول الأصحاب في الغازي : أنه لا يسترد وظاهر كلام أحمد في رواية الميموني : أن الدابة لا تسترد ولا يلزم مثله في النفقة .
وأما ابن السبيل إذا فضل معه شيء فجزم المصنف هنا : أنه يرد الفاضل بعد وصوله وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به .
وعنه لا يرده بل هو له فيكون أخذه مستقرا وأطلقهما في الحاويين وقال الآجري : يلزمه صرفه للمساكين قال في الفروع : كذا قال ولعل مراده مع جهل أربابه .
قوله والباقون يأخذون أخذا مستقرا فلا يردون شيئا .
بلا نزاع في الجملة .
قوله وإذا ادعى الفقر من عرف بالغنى .
لم يقبل إلا ببينة وهذا بلا نزاع والبينة هنا ثلاثة شهود على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من مفردات المذهب وقيل : يكفي اثنان كدين الآدمي وهو ظاهر كلام الخرقي وجماعة في كتاب الشهادات وتأتي بينة الإعسار في أوائل باب الحج .
قوله أو ادعى إنسان أنه مكاتب أو غارم أو ابن السبيل : لم يقبل إلا ببينة .
إذا ادعى أنه مكاتب أو غارم لنفسه لم يقبل إلا ببينة بلا خلاف أعلمه .
فإن ادعى أنه غارم لإصلاح ذات البين فالظاهر : يغني عن إقامة البينة فإن خفي لم يقبل إلا ببينة قاله المصنف في المغني وتبعه الشارح وأطلق بعض الأصحاب البينة وبعضهم قيد بالغارم لنفسه .
وقال في الفروع : ولا يقبل أنه غارم بلا بينة .
وإن ادعى أنه ابن سبيل : فجزم المصنف هنا أنه لا يقبل إلا ببينة وهو المذهب جزم به في الهداية و المذهب و المستوعب و الخلاصة و شرح المجد و النظم و شرح ابن منجا قال في الفروع : قدمه جماعة وجزم به آخرون منهم أبو الخطاب و الشيخ .
وقيل : يقبل قوله بلا بينة جزم به في التلخيص و البلغة وقدمه في الرعايتين و الحاويين .
فائدتان .
إحداهما : لو ادعى ابن السبيل أنه فقير : لم يدفع إليه إلا ببينة إن عرف بمال وإلا فلا .
الثانية : لو ادعى أنه يريد السفر قبل قوله بلا يمين .
تنبيه : مفهوم كلام المصنف : أنه لو ادعى الغزو قبل قوله وهو صحيح وهو الصحيح من المذهب جزم به المصنف والشارح وصاحب التلخيص و البلغة و الزركشي قال في الفائق و الرعايتين و الحاويين : يقبل في أصح الوجهين .
وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره .
وقيل : لا يقبل إلا ببينة وأطلقهما في الفروع .
قوله فإن صدق المكاتب سيده أو الغارم غريمه فعلى وجهين .
إذا صدق المكاتب سيده فأطلق المصنف وجهين في أنه : هل يقبل قوله بمجرد تصديقه أم لا بد من البينة ؟ واطلقهما في الهداية و و المذهب و مسبوك الذهب و المستوعب و الخلاصة و المغني و الكافي و الهادي و التلخيص و البلغة و ابن تميم و الرعايتين و الحاويين و النظم و شرح ابن منجا و الفائق و الشرح و تجريد العناية .
أحدهما : لا يقبل تصديقه للتهمة فلا بد من البينة قدمه في الفروع ولم أر من تابعه على ذلك قال في إدراك الغاية : وفي تصديقه غريمه والسيد وجه .
الثاني : يقبل قوله بمجرد تصديق سيده قال المجد في شرحه : وهو الأصح وجزم به في الإفادات و الوجيز و تذكرة ابن عبدوس و المنور و المنتخب وقدمه في المحرر .
قلت : وهو المذهب .
وإذا صدق الغريم غريمه فأطلق المصنف فيه وجهين وأطلقهما في الهداية و المذهب و مسبوك الذهب و المستوعب و الخلاصة و المغني و الكافي و الهادي و التلخيص و البلغة و ابن تميم و الرعايتين و الحاويين و النظم و الفائق .
أحدهما : يقبل وهو المذهب قال المجد في شرحه : الصحيح القبول .
قال في الفروع : ويقبل إن صدقه غريم في الأصح وجزم به في الوجيز و تذكرة ابن عبدوس و المنور و المنتخب وقدمه في المحرر .
والوجه الثاني : لا يقبل .
قوله وإن رآه جلدا أو ذكر أنه لا كسب له : أعطاه من غير يمين .
بلا نزاع وذلك بعد أن يخبره أنه لاحظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب بلا نزاع لكن إخباره بذلك : هل هو واجب أم لا ؟ قال في الفروع : يتوجه وجوبه وهو ظاهر كلامهم اعطاه بعد أن يخبره وقولهم أخبره وأعطاه انتهى .
وتقدم أول الباب : لو اشتغل بالعلم قادر على الكسب وتعذر الجمع بينهما .
قوله وإن ادعى أن له عيالا قلد وأعطى .
هذا الصحيح من المذهب وعليه جمهور الأصحاب قال في الفروع : اختاره القاضي والأكثر ويحتمل : أن لا يقبل ذلك إلا ببينة واختاره ابن عقيل