يصح الاستثناء من الاستثناء .
قوله يصح الاستثناء من الاستثناء فإذا قال له علي سبعة إلا ثلاثة إلا درهما لزمه خمسة .
لأنه من الإثبات نفي ومن النفي إثبات .
وجزم به في المغني و المحرر و الشرح و الفروع وغيرهم من الأصحاب .
لأنه أثبت سبعة ثم نفي منها ثلاثة ثم أثبت واحدا وبقي من الثلاثة المنفية درهمان مستثنيان من السبعة فيكون مقرا بخمسة .
قوله وإن قال له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهمين إلا درهما لزمه عشرة في أحد الوجوه .
إن بطل استثناء النصف والاستثناء من الاستثناء باطل بعوده إلى ما قبله لبعده كسكوته .
قاله في الفروع .
وهذا الوجه : اختاره أبو بكر .
وصححه في التصحيح .
وفي الآخر : يلزمه ستة .
جزم به في الوجيز و المنور .
بعده في الناظم .
قال الشارح : لأن الاستثناء إذا رفع الكل أو الأكثر : سقط إن وقف عليه .
وإن وصله باستثناء آخر : استعملناه .
فاستعملنا الاستثناء الأول لوصله بالثاني لأن الاستثناء مع المستثنى عبارة عما بقي فإن عشرة إلا درهما عبارة عن تسعة .
فإذا قال له على عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة صح استثناء الخمسة لأنه وصلها باستثناء آخر ولذلك صح استثناء الثلاثة والدرهمين لأنه وصل ذلك باستثناء من الإثبات نفي ومن النفي إثبات .
فصح استثناء الخمسة وهي نفي فبقي خمسة وصح استثناء الثلاثة وهي إثبات فعادت ثمانية .
وصح استثناء الدرهم لأنه مسكوت عنه .
قال : ويحتمل أن يكون وجه الستة : أن يصح استثناء النصف ويبطل الزائد فيصح استثناء الخمسة والدرهم ولا يصح استثناء الثلاثة والاثنين انتهى .
وقال ابن منجى في شرحه : وعلى قولنا يصح استثناء النصف و لا يبطل الاستثناء من الاستثناء ببطلان الاستثناء يلزمه ستة لأنه إذا صح استثناء الخمسة من العشرة بقي خمسة واستثناء الثلاثة من الخمسة لا يصح لكونها أكثر فيبطل ويلي قوله إلا درهمين قوله إلا خمسة فيصح فيعود من الخمسة الخارجة درهمان خرج منها درهم بقوله إلا درهم بقي درهم .
فيضم إلى الخمسة تكون ستة انتهى .
وهو مخالف لتوجيه الشارح في الوجهين .
وفي الوجه الآخر : يلزمه سبعة وهو مبني على صحة الاستثناءات كلها والعمل بما تؤول إليه .
فإذا قال عشرة إلا خمسة نفي خمسة .
فإذا قال إلا ثلاثة عادت ثمانية لأنها إثبات .
فإذا قال إلا درهمين كانت نفيا فيبقى ستة .
فإذا قال إلا درهما كان مثبتا صارت سبعة .
قاله الشارح وهو واضح .
وقال ابن منجي : وعلى قولنا : لا يصح استثناء النصف ولا يبطل الاستثناء من الاستثناء : يلزم سبعة لأن استثناء الخمسة من العشرة لا يصح واستثناء الدرهمين من الثلاثة لا يصح واستثناء الدرهم من الدرهمين لا يصح .
بقي قوله إلا ثلاثة صحيحا فتصير بمنزلة قوله إلا عشرة إلا ثلاثة فيلزمه سبعة انتهى .
وهذه طريقة أخرى في ذلك .
وهو مخالف للشارح أيضا .
وفي الوجه الآخر : يلزمه ثمانية .
قال الشارح : لأنه يلغي الاستثناء الأول لكونه النصف .
فإذا قال إلا ثلاثة كانت مثبتة وهي مستثناة من الخمسة وقد بطلت .
فتبطل الثلاثة أيضا ويبقى الاثنان لأنها نفي والنفي يكون من إثبات وقد بطل الإثبات في التي قبلها فتكون منفية من العشرة يبقي ثمانية ولا يصح استثناء الواحد من الاثنين لأنه نصف انتهى .
وقال ابن منجي في شرحه : وعلى قولنا : لا يصح استثناء النصف ويبطل الاستثناء من الاستثناء ببطلان الاستثناء : يلزمه ثمانية لأن استثناء الخمسة لا يصح وإذا لم يصح ذلك : ولى المستثنى منه قوله إلا ثلاثة .
فينبغي أن يعمل عمله لكن وليه وقله إلا درهمين ولا يصح لأنه أكثر وإذا لم يصح ولي قوله إلا درهما قوله إلا ثلاثة فعاد منها الدرهم إلى السبعة الباقية فيصير المجموع ثمانية انتهى .
فخالف الشارح أيضا في توجيهه .
وكلام الشارح أقعد .
ويأتي كلامه في النكت لتوجيه هذه الأوجه كلها وما نظر عليه منها .
وفي المسألة وجه خامس : يلزمه خمسة إن صح استثناء النصف .
جزم به ابن عبدوس في تذكرته .
وقدمه في النظم و الرعايتين و الحاوي الصغير .
وقال في الفروع : والأشبه إن بطل النصف خاصة : فثمانية وإن صح فقط : فخمسة وإن عمل بما يؤول إليه جملة الاستثناءات : فسبعة انتهى .
وهو كما قال .
وقال في المحرر : فهل يلزمه - إذا صحنا استثناء النصف - خمسة أو ستة ؟ .
على وجهين .
وإذا لم نصححه : فهل يلزمه عشرة أو ثمانية ؟ على وجهين .
وقيل : يلزمه سبعة عليهما جميعا .
وقال في المغني - في مسألة المصنف - : بطل الاستثناء كله على أحد الوجهين .
وصح في الآخر فيكون مقرا بسبعة انتهى .
وقال في النكت - على وجه لزوم الخمسة - إذا قلنا بصحة استثناء النصف .
لأن استثناء النصف صحيح واستثناء ثلاثة من خمسة باطل فيبطل ما بعده .
وعلى وجه لزوم الستة لأن استثناء النصف صحيح فصار المقر به : سبعة ثم استثنى من الاثنين واحد يبقى ستة .
وعلى الوجه الثالث : الكلام بآخره ويصح الاستثناءات كلها فيلزمه سبعة وهو واضح .
قال : والزمه بعضهم على هذا الوجه بستة بناء على أن الدرهم مسكوت عنه ولا يصح استثناءه .
قال : وفيه نظر .
وأراد بذلك - والله أعلم - الشارح على ما تقدم من تعليله .
وقال عن وجه الثمانية : لأن استثناء الخمسة باطل واستثناء الثلاثة من غيره صحيح يبقى سبعة واستثناء الاثنين باطل واستثناء واحد من ثلاثة صحيح يزيده على سبعة .
وقال بعضهم - على هذا الوجه - استثناء خمسة وثلاثة باطل واستثناء اثنين من عشرة صحيح واستثناء واحد من اثنين باطل .
قال : وفيه نظر .
وقال - عن قوله وقيل : يلزمه سبعة عليهما جميعا - أي سواء قلنا : يصح استثناء النصف أو لا .
وهذا بناء على الوجه الثالث وهو صحيح الاستثناءات كلها على ما تقدم .
قال : وحكاية المصنف هذا الوجه بهذه العبارة : فيها شيء أحسبه لو قال : وعلى الوجه الثالث يلزمه سبعة : كان أولى