تقديم الرجال ثم الصبيان ثم الخناثي ثم النساء .
قوله فإن اجتمع أنواع يقدم الرجال ثم الصبيان ثم الخناثي ثم النساء .
أي على سبيل الاستحباب وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب اختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الشرح و الوجيز و الرعايتين و الحاويين و ابن تميم و المنتخب و المذهب الأحمد وقدمه في الفروع و النظم .
وعنه تقدم المرأة على الصبي فالخنثى بطريق أولى ذكرها ابن الجوزي وجزم به في الإفادات .
فائدة : قال المجد في شرحه ـ وتابعه في مجمع البحرين ـ : اختيار أكثر الأصحاب في الخناثي : جواز صلاتهم صفا .
قلت : وهو ظاهر كلام المصنف هنا .
قالا : فإن بنيناه على أن وقوف الرجل مع المرأة لا يبطل ولا يكون فذا - كما يجيء عن القاضي ـ فلا إشكال في صحته وأما إذا أبطلنا صلاة من يليها - كقول أبي بكر ـ أو جعلناه معها فذا ـ كقول ابن حامد و أبي الخطاب وأكثر الأصحاب - بعد القول جدا ـ بجعل الخناثي صفا لتطرق الفساد إلى بعضهم بالأمرين أو أحدهما .
والذي يمكن أن يوجه به قولهم : كون الفساد هنا أنها تقع في حق مكلف غير معين وذلك لا يلتفت إليه كالمنمي والريح من واحد غير معين فإنا لا نوجب غسلا ولا وضوءا كذا هنا .
قال المجد في شرحه : والصحيح عندي : فساد صلاتهم صفا لشككنا في انعقاد صلاة كل منهم منفردا والأصل عدمه وإن نظرنا إليهم محتملين فقد شككنا في الانعقاد في البعض فيلزمهم الإعادة ولا يمكن إلا بإعادة الجميع فيلزمهم ذلك ليخرجوا من العهدة بتعين كقوله في الجمعة لغير حاجة إذا جهلت السابقة انتهيا وتابعهما في الفروع .
قال في التلخيص : والخناثي يقفون خلف الرجال .
وعندي : أن صلاة الخناثي جماعة إنما تصح إذا قلنا بصحة صلاة من يلي المرأة إذا صلت في صف الرجال فأما على قول من يبطلها من أصحابنا : فلا تصح للخناثي جماعة لأن كل واحد منهم يحتمل أن يكون رجلا إلى جنب امرأة وإن لم يقفوا صفا باحتمال الذكورية فيكون فذا فإذا حكمنا بالصحة وقفوا كما قلنا انتهى .
قوله وكذلك يفعل في تقديمهم إلى الأمام إذا اجتمعت جنائزهم .
وهذا المذهب أيضا نقله الجماعة وجزم به في الوجيز و المنتخب و الفائق وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره ولكن يقدم الصبي على العبد اختارها الخلال وعنه تقدم المرأة على الصبي اختارها الخرقي و ابن عقيل ونصره القاضي وغيره وهو من مفردات المذهب .
وقيل : تقدم المرأة على الصبي والعبد وهو خلاف ما ذكره غير واحد إجماعا ويأتي ذلك أيضا في كتاب الجنائز بأتم من هذا عند قوله ( ويقدم إلى الإمام أفضلهم ) .
فائدتان .
إحداهما : السنة أن يتقدم في الصف الأول أولو الفضل والسن وأن يلي الإمام أكملهم وأفضلهم قال الإمام أحمد ( يلي الإمام الشيوخ وأهل القرآن ويؤخر الصبيان ) .
لكن لو سبق مفضول هي يؤخر الفاضل ؟ جزم المجد أنه لا يؤخر وقال في مجمع البحرين : قد تقدم في صفة الصلاة : أن أبي بن كعب أخر قيس بن عبادة من الصف الأول ووقف مكانه وقال في النكت - بعد أن ذكر النقل في المسألة في صلاة الجنازة - فظهر من ذلك : أنه هل يؤخر المفضول بحضور الفاضل أو لا يؤخر أو يفرق بين الجنس والأجناس أو يفرق بين مسألة الجنائز ومسألة الصلاة ؟ فيه أقوال انتهى .
قلت : الذي قطع به العلامة ابن رجب في القاعدة الخامسة والثمانين : جواز تأخير الصبي عن الصف الفاضل وإذا كان في وسط الصف وقال : صرح به القاضي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وعليه حمل فعل أبي بن كعب بقيس بن عبادة انتهى .
وتقدم التنبيه على ذلك في أول صفة الصلاة ويأتي بعضه في آخر باب صلاة الجمعة .
الثانية : لو اجتمع رجال أحرار وعبيد قدم الاحرار على الصحيح من المذهب وعنه يقدم العبد على الحر إذا كان دونه .
قوله ومن لم يقف معه إلا كافر أو امرأة أو محدث يعلم حدثه فهو فذ .
أما إذا لم يقف معه إلا كافر : فإنه يكون فذا بلا خلاف أعلمه وكذا لو وقف معه مجنون .
وأما إذا لم يقف معه إلا امرأة فالصحيح من المذهب : أنه يكون فذا وذكره المجد وصاحب مجمع البحرين عن أكثر الأصحاب منهم ابن حامد و أبو الخطاب و ابن البنا و المصنف و أبو المعالي وقدمه في الرعايتين و النظم وهو من المفردات .
وعنه لا يكون فذا اختاره القاضي و ابن عقيل وأطلقهما في المحرر و الشرح و ابن تميم و الفائق و الحاويين قال في الفروع : وإن وقفت مع رجل فقال جماعة : فذ وعنه لا .
فائدتان .
إحداهما : حكم وقوف الخنثى المشكل : حكم وقوف المرأة على ما تقدم .
الثانية : لو وقفت امرأة مع رجل فإنها تبطل صلاة من يليها ولا تبطل صلاة من خلفها ولا أمامها على الصحيح من المذهب قدمه في الهداية و الخلاصة و الفروع و الرعايتين و الحاويين و الشرح و الفائق و الكافي وغيرهم .
قال في الفروع : ذكره ابن حامد واختاره وذكر ابن عقيل رواية : تبطل صلاة من يليها قال في الفصول : هو الأشبه وأن أحمد توقف وذكره الشيخ تقي الدين في المنصوص عن أحمد واختاره أبو بكر ذكره في المحرر و الفروع و الرعاية وغيرهم .
وقيل : تبطل أيضا صلاة من خلفها واختاره ابن عقيل في الفصول أيضا قال الشارح وقال أبو بكر : تبطل صلاة من يليها ومن خلفها قال في الرعاية : وفيه بعد وأطلق الأول والثالث ابن تميم .
وقيل : تبطل أيضا صلاة من أمامها واختاره ابن عقيل أيضا في الفصول .
تنبيه : هذا الحكم في صلاتهم فأما صلاتها : فالصحيح من المذهب : أنها لا تبطل وعليه أكثر الأصحاب قال ابن تميم : صحيحة عند أصحابنا وقدمه في المغني و الشرح و الرعايتين و الحاويين و الفروع و الفائق وقال ابن الشريف و ابن عقيل : تبطل هذا الأشبه بالمذهب عندي وهو من المفردات وأما إذا لم يقف معه إلا محدث يعلم حدثه : فالصحيح من المذهب : أنه يكون فذا وعليه الأصحاب وكذا لو وقف معه نجس .
تنبيه : مفهوم كلام المصنف : أنه إذا لم يعلم حدثه بل جهله وجهل مصافته أيضا : أنه لا يكون فذا وهو صحيح وهو المذهب نص عليه وجزم به في الفائق و ابن تميم و الشرح وقدمه في الفروع وقال القاضي وغيره : حكمه حكم جهل المأموم حدث الإمام على ما سبق .
قوله وكذلك الصبي إلا في النافلة .
يعني لو وقف مع رجل خلف الإمام كان الرجل فذا إلا في النافلة فإنه لا يكون فذا وتصح مصافحته وهذا الصحيح من المذهب فيهما وهو من المفردات .
واعلم أن حكم مصافة الصبي حكم إمامته على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل : تصح مصافته وإن لم تصح إمامته اختاره ابن عقيل قال في القواعد الأصولية : وما قاله أصوب .
فعلى هذا القول : يقف الرجل والصبي خلفه قال في الفروع : وهو أظهر .
وعلى المذهب : يقفان عن يمينه أو من جانبيه نص عليه .
وقيل : تصح إمامته دون مصافته ذكره في الرعاية .
قوله ومن جاء فوجد فرجة وقف فيها .
يعني إذا كانت مقابلته فإن كانت مقابلة له يمشي إليها عرضا : كره على الصحيح وعنه لا يكره .
فائدة : لو كان الصف غير مرصوص دخل فيه نص عليه كما لو كانت فرجة .
قوله فإن لم يجد وقف عن يمين الإمام فإن لم يمكنه فله أن ينبه من يقوم معه .
الصحيح من المذهب : إذا لم يجد فرجة - وكان الصف مرصوصا - أن له أن يخرق الصف ويقف عن يمين الإمام إذا قدر جزم به ابن تميم وقيل : بل يؤخر واحدا من الصف إليه وقيل : يقف فذا اختاره الشيخ تقي الدين .
قال في النكت : وهو قوي بناء على أن الأمر بالمصافة : إنما هو مع الإمكان وإذا لم يقدر أن يقف عن يمين الإمام : فله أن ينبه من يقوم معه بكلام أو نحنحه إن إشارة بلا خلاف أعلمه ويتبعه ويكره جذبه على الصحيح من المذهب نص عليه قال في الفروع : ويكره جذبه في المنصوص قال المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين : اختاره ابن عقيل وصححه المجد وغيره ونصره أبو المعالي وغيره .
وقيل : لا يكره واختاره المصنف ويحتمله كلامه هنا قال في البحرين : اختاره الشيخ وبعض أصحابنا وجزم به في الإفادات قال ابن عقيل جوز أصحابنا جذب رجل يقوم معه وقيل : يحرم وهو من المفردات قال في الفروع و الشرح : اختاره ابن عقيل .
قال : ولو كان عبده أو ابنه لم يجز لأنه لا يملك التصرف فيه حال العبادة كالأجنبي قال في الرعاية : وفي جواز جذبه وجهان وقال في الفائق : وإذا لم يجد من يقف معه فهل يخرق الصف ليصلي عن يمين الإمام أو يؤخر واحدا من الصف أو يقف فذا ؟ على أوجه اختار شيخنا الثالث انتهى ومراده بشيخنا : الشيخ تقي الدين .
وقال الشيخ تقي الدين : لو حضر اثنان وفي الصف فرجة فأنا أفضل وقوفهما جميعا أو يسد أحدهما الفرجة وينفرد الآخر رجح أبو العباس : الاصطفاف مع بقاء الفرجة لأن سد الفرجة مستحب والاصطفاف واجب .
قوله وإن صلى ركعة فذا لم تصح .
هذا المذهب مطلقا بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب قال الزركشي : هو المشهور وجزم به في الشرح و الوجيز وغيرهما وقدمه في الفروع و المحرر وغيرهما وهما من المفردات وعنه تصح مطلقا وعنه تصح في النفل فقط وهو احتمال في تعليق القاضي وبناه في الفصول على من صلى بعض الصلاة منفردا ثم نوى الائتمام وعنه تبطل إن علم النهي وإلا فلا ويكون وأنه يصح صلاتهم تلفيقا قال في الفروع : وذكر بعضهم قولا وهو معنى قول بعضهم : لعذر .
قلت : قال في الرعاية : وقيل يقف فذا مع ضيق الموضع أو ارتصاص الصف وكراهة أهله دخوله انتهى .
قال الشيخ تقي الدين : وتصح صلاة الفذ لعذر انتهى .
وقيل : لا تصح إن كان لغير غرض وإلا صحت قيل : يقف فذا في الجنازة اختاره القاضي في التعليق و ابن عقيل و أبو المعالي و ابن منجا قال : فإنه أفضل أن يقف صفا ثالثا وجزم به في الإفادات قال في الفصول : فتكون مسألة معاياة وياتي قريبا إذا صلت امرأة واحدة خلف امرأة .
تبيهان .
أحدهما : حيث قلنا ( يصح في غير الجنازة ) فالمراد مع الكراهة قال في الفروع وقال : ويتوجه يكره إلا لعذر وهو ظاهر كلام شيخنا - يعني به الشيخ تقي الدين .
قلت : وهو الصواب .
مفهوم كلام المصنف في قوله وإن صلى ركعة فذا لم تصح أنه إذا لم تفرغ الركعة حتى دخل معه آخر أو دخل هو في الصف : أنه لا يكون فذا وأن صلاته صحيحة وهو كذلك وهو المذهب وعليه جماهير الاصحاب وقيل : تبطل بمجرد إحرامه فذا اختاره في الروضة وذكره رواية .
فائدة : قال ابن تميم : إذا صلى ركعة من الفرض فذا بطل اقتداؤه ولم تصح صلاته فرضا وفي بقائها نفلا وجهان وقال في الفائق : وهل تبطل الصلاة أو الركعة وحدها ؟ على روايتين اختار أبو حفص البرمكي الثانية .
قوله وإن ركع فذا ثم دخل في الصف أو وقف معه آخر قل رفع الإمام : صحت صلاته .
هذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب قال الزركشي : هذا المنصوص المشهور المجزوم به وعنه لا تصح قال في المستوعب : كان القياس أنها تنعقد الركعة لحديث أبي بكرة وعنه لا تصح إن علم النهي وإلا صحت وهو ظاهر كلام الخرقي قال في مجمع البحرين وغيره : وقال القاضي في شرحه الصغير إذا كبر للإحرام دون الصف طمعا في إدرام الركعة جاز وإلا فوجهان أصحهما لا يجوز .
قوله وإن رفع ولم يسجد صحت .
يعني إذا ركع المأموم فذا ثم دخل في الصف راكعا والإمام قد رفع رأسه من الركوع ولم يسجد فالصحة مطلقا إحدى الروايات وهي المذهب جزم به في الوجيز و شرح ابن رزين قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب وقدمه في الهداية و المستوعب و الخلاصة و المحرر و النظم و الحواشي واختاره الشيخ تقي الدين .
وقيل : إن علم النهي لم تصح وإلا صحت وهو رواية عن أحمد نص عليها وجزم به في الإفادات و الطوفي في شرحه وقدمه في المغني ونصره وحمل هو و الشارح كلام الخرقي عليه .
قال الزركشي : صرف أبو محمد كلام الخرقي عن ظاهره وحمله على ما بعد الركوع ليوافق المنصوص وجمهور الأصحاب وأطلقهما في التلخيص و البلغة و مجمع البحرين و الفائق .
وعنه رواية ثالثة : لا تصح مطلقا اختارها المجد في شرحه وقدمها في الرعايتين و الحاويين و ابن تميم و إدراك الغاية قال في المذهب : بطلت في أصح الروايتين و الحاويين وأطلقهن في الفروع و الشرح و الكافي و الزركشي .
تنبيه : مفهوم قوله وإن رفع ولم يسجد صحت أنه لو رفع وسجد إمامه قبل دخوله في الصف أو قبل وقوف آخر معه : أن صلاته لا تصح وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور .
قال الزركشي : لم تصح تلك الركعة بلا نزاع : وهل يختص البطلان بها حتى لو دخل الصف بعدها أو انضاف إليه آخر ويصح ما بقي ويقضي تلك الركعة أم لا تصح الصلاة رأسا وهو المشهور ؟ فيه روايتان منصوصتان حكاهما أبو حفص واختار هو أنه يعيد ما صلى خلف الصف انتهى .
وقال في المنتخب و الموجز : حكمه حكم ما لو رفع الإمام ولم يسجد قال في الفائق : وقال الحلواني تصح ولو سجد .
قوله وإن فعله لغير عذر لم تصح .
وهو المذهب قال في مجمع البحرين : هذا ظاهر المذهب قال في الفروع : وإن فعله لغير عذر لم تصح في الأصح قال في الفائق : ولو فعله لغير غرض فهو باطل في أصح الوجهين وجزم به في الوجيز و المنور و المنتخب وغيرهم قال الزركشي : لا تنعقد الصلاة على المختار من الوجهين لـ أبي الخطاب و الشيخين .
وقيل : حكمه حكم فعله لعذر قدمه في الكافي وأطلقهما في التلخيص و الشرح و ابن تميم و الرعايتين و الحاويين و المغني وقال الزركشي وقيل : تنعقد صلاته وتصح إن زالت فذوذيته قبل الركوع وإلا فلا وأطلق في الفصول - فيما إذا كان لغرض في إدراك الركعة - وجهين لخبر أبي بكرة قال في الفروع : ولعل المراد قبل رفع الإمام .
فائدة : مثال فعل ذلك لغير غرض : أن لا يخاف فوت الركعة قاله في المستوعب وغيره .
فائدة : لو زحم في الركعة الثانية من الجمعة فأخرج من الصف وبقي فذا فإنه ينوي مفارقة الإمام لأنها مفارقة لعذر ويتمها جمعة لأدراكه معه ركعة كالمسبوق فإن أقام على متابعة إمامه وتابعه فذا صحت معه قدمه في الرعاية وعنه يلزمه إعادتها ظهرا قدمه ابن تميم وأطلقهما في الفروع و مجمع البحرين وقيل : بل يكملها بعد صلاة الإمام جمعة وإن كان قد صلاها معه .
قوله وإذا كان المأموم يرى من وراء الإمام صحت صلاتهم به إذا اتصلت الصفوف .
عمومه يشمل إذا كانا في المسجد أو كانا خارجين عنه أو كان المأموم وحده خارجا عن المسجد فإن كان في المسجد فلا يشترط اتصال الصفوف بلا خلاف قال الآمدي وحكاه المجد إجماعا قال في النكت وغيره : وقطع به الأصحاب وإن كان خارجا عنه أو المأموم وحده فاشترط المصنف هنا اتصال الصفوف مع رؤية من وراء الإمام وجزم به الخرقي و الكافي و المغني و نهاية أبي المعالي و المذهب الأحمد و الشرح و الوجيز و الرعاية الصغرى و الحاويين و المنور وغيرهم .
والصحيح من المذهب : أنه لا يشترط اتصال الصفوف إذا كان يرى الإمام أو من وراءه في بعضها وأمكن الاقتداء ولو جاوز ثلاثمائة ذرع وجزم به أبو الحسين وغيره وذكره المجد في شرحه الصحيح من المذهب .
قال الزركشي : وهو ظاهر كلام غير الخرقي من الأصحاب .
قال في النكت : قطع به غير واحد وهو ظاهر ما جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الفروع و الرعاية و ابن تميم .
فائدتان .
إحداهما : يرجع في اتصال الصفوف إلى العرف على الصحيح من المذهب حيث قلنا باشتراطه جزم به في الكافي و نهاية أبي المعالي و ابن منجا في شرحه وصاحب الفائق وقدمه في الفروع ومختصر ابن تميم قوال في التلخيص و البلغة : اتصال الصفوف أن يكون بينهما ثلاثة أذرع وقيل : متى كان بين الصفوف ما يقوم فيه صف آخر فلا اتصال اختاره المجد وهو معنى كلام القاضي وغيره للحاجة للركوع والسجود حيث اعتبر اتصال الصفوف .
وفسر المصنف في المغني اتصال الصفوف بعد غير معتاد لا يمنع الاقتداء وفسره الشارح ببعد غير معتاد بحيث يمنع إمكان الاقتداء لأنه لا نص فيه ولا إجماع فرجع إلى العرف .
قال في النكت - عن تفسير المصنف و الشارح - تفسير اتصال الصفوف بهذا التفسير غريب وأمكان الاقتداء لا خلاف فيه انتهى وقيل : يمنع شباك ونحوه وحكى رواية في التلخيص وغيره .
وقد يكون الاتصال حسا مع اختلاف البنيان كما إذا وقف في بيت آخر عن يمين الإمام فلا بد من اتصال الصف بتواصل المناكب أو وقف على علو عن يمينه والإمام في سفل فالأتصال بموازاة رأس أحدهما ركبة الآخر .
تنبيه : قال الزركشي : هذا فيما إذا تواصلت الصفوف للحاجة كالجمعة ونحوها أما لغير حاجة - بأن وقف قوم في طريق وراء المسجد وبين أيديهم من المسجد أو غيره ما يمكنهم فيه الاقتداء - لم تصح صلاتهم على المشهور انتهى .
الثانية : لو كان بين الإمام والمأموم نهر قال جماعة من الأصحاب : مع القرب الصحيح وكان النهر تجري فيه السفن أو طريق ولم تتصل فيه الصفوف إن صحت الصلاة فيه - لم تصح الصلاة على الصحيح من المذهب وعند أكثر الأصحاب قال في الفروع : اختاره الأكثر .
قال المصنف والشارح : اختار الأصحاب عدم الصحة وكذا قال في النكت و الحواشي وقطع به أبو المعالي في النهاية وغيره وقدمه في الفروع وغيره .
قال الزركشي : أما إن كان بينهما طريق فيشترط لصحة الاقتداء اتصال الصفوف على المذهب وعنه يصح الاقتداء به اختاره المصنف وغيره وإليه ميل الشارح .
قال المجد : هو القياس لكنه ترك للآثار وصححه الناظم وقدمه ابن تميم .
وأطلقهما في المحرر و الرعايتين و الحاويين وعنه يصح مع الضرورة اختارها أبو حفص وعنه يصح في النفل .
ومثال ذلك : إذا كان في سفينة وإمامه في أخرى مقرونة بها لأن الماء طريق وليست الصفوف متصلة قاله الأصحاب قال في الفروع : والمراد في غير صلاة الخوف كما ذكره القاضي وغيره وإن كانت السفينة غير مقرونة لم تصح نص عليه في رواية أبي جعفر محمد بن يحيى الطيب وعليه الأصحاب وخرج الصحة من الطريق وألحق الآمدي النار والبئر بالنهر قال أبو المعالي في الشوك والنار وألحق في المبهج النار والسبع بالنهر .
قال الشارح وغيره : وإن كانت صلاة جمعة أو عيد أو جنازة : لم يؤثر ذلك فيها وتقدم في اجتناب النجاسة جواز صلاة الجمعة والعيد وغيرهما في الطريق وغيره للضرورة .
قوله وإن لم ير من وراءه لم تصح .
شمل ما إذا كانا في المسجد أو كانا خارجين عنه أو كان المأموم وحده خارجا عنه فإن كان فيه لكنه لم يره ولم ير من رواءه ويسمع التكبير : فعموم كلام المصنف هنا يقتضي عدم الصحة وهو إحدى الروايات .
قال ابن منجا في شرحه : هو ظاهر المغني وصححه في النهاية و الخلاصة وقدمه في الحاويين في غير الجمعة وقال : نص عليه وقدمه في الهداية و ابن تميم و الفائق وعنه تصح إذا سمع التكبير وهي المذهب اختاره القاضي قال ابن عقيل : الصحيح الصحة وصححه في الكافي وقدمه في الفروع و المحرر و النظم و الرعايتين وجزم به في الإفادات وأطلقهما في المذهب و مجمع البحرين و المذهب الأحمد .
وعنه يصح في النفل دون الفرض وعنه لا يضر المنبر مطلقا وعنه لا يضر للجمعة ونحوها نص عليه فمن الأصحاب من قال : هذا قاله على رواية عدم اعتبار المشاهدة ومنهم من خص الجمعة ونحوها فقال : يجوز فيها ذلك على كلام الروايتين نظرا للحاجة ومنهم من ألحق بذلك البناء إذا كان لمصلحة المسجد قال في النكت و الرعاية وقيل : إن كان المانع لمصلحة المسجد صح وإلا لم تصح .
قلت : قطع في الرعاية الصغرى و الحاويين وغيرهم بصحة صلاة الجمعة إذا سمع التكبير مع عدم رؤية الإمام ومن خلفه وقدمه في الرعاية الكبرى .
قلت : وهو كالإجماع وفعل الناس ذلك مع عدم الرؤية بالمنبر ونحوه من غير نكير وأما إذا لم يره ولا من رواءه ولم يسمع التكبير : فإنه لا يصح اقتداؤه قولا واحدا وإن كان ظاهر كلام المصنف لكن يحمل على سماع التكبير لعدم الموافق على ذلك .
وإن كانا خارجين عن المسجد أو كان المأموم خارج المسجد والإمام في المسجد ولم يره ولا من وراءه ولكن سمع التكبير فالصحيح من المذهب : لا يصح قدمه في الفروع و الرعاية الكبرى و المحرر و الفائق و ابن تميم وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو ظاهر كلام المصنف هنا وعنه يصح قال أحمد - في رجل يصلي خارج المسجد يوم لجمعة وأبواب المسجد مغلقة - أرجو أن لا يكون به بأس .
قلت : وهو عين الصواب في الجمعة ونحوها للضرورة .
وعنه يصح في النفل وعنه يصح في الجمعة خاصة وعنه وإن كان الحائل حائط المسجد لم يمنع وإلا منع وأما إن كان يراه من وراءه : فقد تقدم في أول المسألة .
فائدتان .
إحداهما : لو منع الحائل الاستطراق دون الرؤية كالشباك : لم يؤثر على الصحيح من المذهب كما تقدم وحكى في التبصرة رواية بتأثيره وذكره الآمدي وجها .
الثانية : تكفي الرؤية في بعض الصلاة صرح به الأصحاب .
قوله ولا يكون الإمام أعلى من المأمومين .
يعني يكره وهذا الصحيح من المذهب مطلقا وعليه الأكثر منهم .
القاضي و الشريف أبو جعفر و المجد و صاحب المستوعب وعنه يكره اختاره أبو الخطاب وعنه لا يكره إن أراد التعليم وإلا كره اختاره ابن الزاغوني .
قوله فإن فعل وكان كثيرا فهل تصح صلاته ؟ على وجهين .
وأطلقهما في الهداية و المذهب و المستوعب و ابن تميم .
إحداهما : تصح وهو المذهب جزم به في الوجيز و تذكرة ابن عبدوس و الإفادات و المنور وغيرهم وقدمه في الفروع و المحرر و الخلاصة و الرعايتين و الحاويين و الفائق واختاره القاضي و الشريف أبو جعفر و أبو الخطاب و المجد في شرحه و الناظم قال في مجمع البحرين : لم تبطل في أصح الوجهين .
والوجه الثاني : لا تصح اختاره ابن حامد وقدمه في التلخيص قال الناظم : وهو بعيد