ما يجوز الإستجمار به وما لا يجوز .
قوله ويجوز الاستجمار بكل طاهر ينقى كالحجر والخشب والخرق .
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يختص الاستجمار بالأحجار واختارها أبو بكر وهو من المفردات .
تنبيه : ظاهر كلام المصنف : جواز الاستجمار بالمغضوب ونحوه وهو قول في الرعاية ورواية مخرجه واختار الشيخ تقي الدين في قواعده على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب اشتراط إباحة المستجمر به وهو من المفردات .
تنبيه : حد الإنقاء بالأحجار : بقاء أثر لا يزيله إلا الماء جزم به في التلخيص و الرعاية و الزركشي وقدمه في الفروع وقال المصنف و الشارح و ابن عبيدان وغيرهم : هو إزالة عين النجاسة وبلتها بحيث يخرج الحجر نقيا ليس عليه أثر إلا شيئا يسيرا فلو بقي ما يزول بالخرق لا بالحجر أزيل على ظاهر الأول لا الثاني والإنقاء بالماء خشونة المحل كما كان قال الشارح وغيره : هو ذهاب لزوجة النجاسة وآثارها وهو معنى الأول .
فائدة : لو أتى بالعدد المعتبر اكتفى في زوالها بغلبة الظن ذكره ابن الجوزي في المذهب وجزم به جماعة من الأصحاب وقدمه في القواعد الأصولية وقال في النهاية : لا بد من العلم في ذلك .
قوله إلا الروث والعظام .
وهذا المذهب وعليه الأصحاب واختار الشيخ تقي الدين الإجزاء بهما قال في الفروع : وظاهر كلام الشيخ تقي الدين : وبما نهى عنه قال : لأنه لم ينه عنه لكونه لا ينفي بل لإفساده فإذا قيل : يزول بطعامنا مع التحريم فهذا أولى .
قوله والطعام .
دخل في عمومه : طعام الآدمي وطعام البهيمة أما طعام الآدمي : فصرح بالمنع منه الأصحاب وأما طعام البهيمة : فصرح جماعة أنه كطعام الآدمى منهم أبو الفرج و ابن حمدان في رعايته والزركشي وغيرهم واختار الشيخ تقي الدين في قواعد الإجزاء بالمطعوم ونحوه ذكره الزركشي .
قوله وماله حرمة .
كما فيه ذكر الله تعالى قال جماعة كثيرة من الأصحاب : وكتب حديث وفقه .
قلت : وهذا لا شك فيه ولا نعلم ما يخالفه .
قال في الرعاية : وكتب مباحة وقال في النهاية : وذهب وفضة قال الفروع : ولعله مراد غيره لتحريم استعماله وقال في النهاية أيضا : وحجارة الحرم قال في الفروع : وهو سهو انتهى ولعله أراد حرم المسجد وإلا فالإجماع خلافه .
قوله وما يتصل بحيوان .
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به وجوز الأزجى الاستجمار بذلك .
فوائد .
إحداها : لو استجمر بما لا يجوز الاستجمار به لم يجزه على الصحيح من المذهب وتقدم الخلاف في المغضوب ونحوه وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين في غير المباح والروث والعظام والطعام فعلى هذا المذهب : إن استنجى بعده بالماء أجزأ بلا نزاع وإن استجمر بعده بمباح فقال في الفروع فقيل : لا يجزئ وقيل : يجزئ إن أزال شيئا وأطلق الإجزاء وعدمه ابن تميم و مجمع البحرين وابن عبيدان واختار في الرعاية الكبرى الثالث .
قلت : الصواب عدم الإجزاء مطلقا وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى وإطلاق الوجهين حكاه طريقة .
وقال الزركشي : إذا استنجى بمائع غير الماء : تعين الاستنجاء بالماء الطهور وإن استجمر بغير الطاهر : فقطع المجد والمصنف في الكافي بتعين الاستنجاء بالماء وفي المغنى : احتمال بإجزاء الحجر وهو وهم .
وإن استجمر بغير المنقى جاز الاستجمار بعده بمنق وإن استجمر بمحرم أو محترم فهل يجزئ الحجر أو يتعين الماء ؟ على وجهين وتقدم إذا تنجس المخرجان أو أحدهما بغير الخارج .
الثانية : يحرم الاستجمار بجلد السمك وجلد الحيوان المذكى مطلقا على الصحيح من المذهب صححه في الفروع وغيره وقطع به ابن أبي موسى وغيره وقيل : يحرم بالمدبوغ منها وقيل : لا يحرم مطلقا .
ويحرم الاستجمار بحشيش رطب على الصحيح من المذهب وقال القاضي في شرح المذهب : يجوز وأطلق في الرعاية في الحشيش الوجهين .
الثالثة : قوله لا يجزئ أقل من ثلاث مسحات بلا نزاع وكيفما حصل الإنقاء في الاستجمار أجزأ وقال القاضي وغيره : المستحب حتى أن يمر الحجر الأول من تقدم صفحته اليمنى إلى مؤخرها ثم يديره على اليسرى حتى يرجع به إلى الموضع الذي بدأ منه ثم يمر الثاني من تقدم صفحته اليسرى كذلك ثم يمر الثالث على المسربة والصفحتين فيستوعب المحل في كل مرة وجزم به في المذهب وغيره .
الرابعة : لو أفرد كل جهة بحجر لم يجزه على الصحيح من المذهب اختاره الشريف أبو جعفر وابن عقيل وجزم به في المذهب و مسبوك الذهب والحاوي الكبير وقدمه في المغنى والشرح وابن عبيدان وقيل : يجزئ قال المصنف : ويحتمل أن يجزئه لكل جهة مسحة لظاهر الخبر وذكره ابن الزاغوني رواية عن أحمد وقال في الرعاية : ويسن أن يعم المحل بكل مسحة بحجر مرة وعنه بل كل جانب منه بحجر مرة والوسط بحجر مرة وقيل : يكفي كل جهة مسحها ثلاثا بحجر والوسط مسحة ثلاثا بحجر انتهى .
قوله إما بحجر ذي شعب .
الصحيح من المذهب : أنه يجزئ في الاستجمار الحجر الواحد إذا كان له ثلاث شعب فصاعدا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا يجزئ إلا بثلاثة أحجار اختاره أبو بكر و الشيرازي .
قوله ويجب الاستنجاء من كل خارج إلا الريح .
شمل كلامه الملوث وغيره والطاهر والنجس أما النجس الملوث : فلا نزاع في وجوب الاستنجاء منه وأما النجس غير الملوث والطاهر : فالصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب : وجوب الاستنجاء منه وهو ظاهر كلام الخرقي والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة قال الزركشي وابن عبيدان وغيرهما بل هو ظاهر قول أكثر أصحابنا وقدمه في المغني و الشرح و الفروع والرعايتين والحاويين و الزركشي وغيرهم .
قلت : وهو ضعيف .
وقيل : لا يجب الاستنجاء للخارج الطاهر وهو ظاهر المحرر والمنور والمنتخب فإنهم قالوا : وهو واجب لكل نجاسة من السبيل وكذا قيده المجد في شرح الهداية قال ابن عبدوس في تذكرته : ويجزئ أحدهما لسبيل نجس بخارجه قال في التسهيل : وموجبه خارج من سبيل سوى طاهر وقيل : لا يجب للخارج الطاهر ولا للنجس غير الملوث قال المصنف وتبعه الشارح والقياس لا يجب الاستنجاء من ناشف لا ينجس المحل وكذلك إذا كان الخارج طاهرا كالمنى إذا حكمنا بطهارته لأن الاستنجاء إنما شرع إزالة النجاسة ولا نجاسة هنا قال في الفروع : وهو أظهر قال في الرعاية الكبرى وهو أصح قياسا .
قلت : وهو الصواب .
وكيف يستنجى أو يستجمر من طاهر أم كيف يحصل الإنقاء بالأحجار في الخارج غير الملوث ؟ وهل هذا إلا شبيه بالعبث وهذا من أشكل ما يكون فعلى المذهب يعابي بها وأطلق الوجوب وعدمه ابن تميم و الفائق .
قوله إلا الريح يعنى لا يجب الاستنجاء له وهذا المذهب نص عليه الأصحاب وقيل : يجب الاستنجاء له قاله في الفائق وأوجبه حنابلة الشام ذكره ابن الصرفي قال في الفروع وقيل : الاستنجاء من نوم وريح وإن أصحابنا بالشام قالت : الفرج ترمص كما ترمص العين وأوجبت غسله ذكره أبو الوقت الدينوري ذكره عنه ابن الصرفي .
قلت : لم نطلع هلى كلام أحد من الأصحاب بعينه ممن سكن الشام وبلادها قال ذلك .
وقوله في الفروع وقيل الاستنجاء صوابه وقيد بالاستنجاء .
تنبيه : عدم وجوب الاستنجاء منها لمنع الشارع منه قاله في الانتصار وقال في المبهج : لأنها عرض بإجماع الأصولين قال في الفروع : كذا قال وأما حكمها فالصحيح : أنها طاهرة وقال في النهاية : هي نجسة فتنجس ماء يسيرا قال في الفروع : والمراد على المذهب أو إن تغير بها وقال في الانتصار هي طاهرة لا تنقض بنفسها بل بما يتبعها من النجاسة فتنجس ماء يسيرا ويعفى عن خلع السراويل لمشقة قال في الفروع : كذا قال قال في مجمع البحرين : وفي المذهب وجه بعيدا لا عمل عليه بتنجيسها