إن واقفا حمل منه مكرها وإن استحلفه ظالم ما لفلان عندك وديعة الخ .
قوله وإن كان واقفا حمل منه مكرها .
هذا قول أبي الخطاب وجماعة كثيرة .
والصحيح من المذهب : أنه يحنث لأنه حيلة كما تقدم وقدمه في الفروع .
قوله وإن استحلفه ظالم ما لفلان عندك وديعة وكانت له عنده وديعة - فإنه يعني بما الذي ويبر في يمينه .
ويبر أيضا إذا نوى غير الوديعة واستثنى بقلبه فإن لم يتأول أثم وهو دون إثم إقراره بها ويكفر على الصحيح من المذهب و الرعايتين ذكرهما ابن الزاغوني وعزاهما الحارثي إلى فتوى أبي الخطاب .
قال في الفروع : ولم أرهما فيها .
وذكر القاضي : أنه يجوز جحدها بخلاف اللقطة .
فائدة : لو لم يحلف لم يضمن عن أبي الخطاب .
وعند ابن عقيل : لا يسقط ضمانه كخوفه من وقوع طلاق بل يضمن بدفعها افتداء عن يمنيه .
وفي فتاوى ابن الزاغوني : إن أبي اليمن بطلاق أو غيره فصار ذريعة إلى أخذها فكإقرار طائعا وهو تفريط عند سلطان جائر انتهى .
فائدة : قوله وإن حلف له ما فلان ها هنا .
وعني موضعا معينا : بر في يمينه .
وقد فعل هذا المروذي عند الإمام أحمد C فلم ينكر عليه بل تبسم .
تنبيه : قوله وإن حلف على امرأته لا سرقت منى شيئا فخالفته في وديعة : لم يحنث إلا أن ينوي .
قال في الفروع : حنث بقصد أو سبب .
مما ذكر ههنا بعض المتأخرين - زيادة على ما تقدم - : لو كان في فمها رطبة .
فقال إن أكلتيها أو ألقيتها أو أمسكتيها فأنت طالق فإنها تأكل بعضها وترمي الباقي ولا تطلق في إحدى الروايتين بناء على من حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه على ما تقدم .
وإن حلف لتصدقن : هل سرقت منى أم لا ؟ وكانت قد سرقت .
فقالت سرقت منك ما سرقت منك لم تطلق .
فإن قال إن قلت لي شيئا ولم أقل لك مثله فأنت طالق فقالت أنت طالق - بكسر التاء - فقال مثلها وعلقه بشرط يتعذر : لم تطلق قاله في المستوعب و الرعايتين و الحاوي وغيرهم .
وتقدم حكم ذلك إذا كسر التاء أو فتحها أو ما أشبه ذلك في أول باب صريح الطلاق وكنايته مستوفى فليعاود ذلك .
وإن قال لها أنت طالق إن سألتيني الخلع ولم أخلعك عقب سؤالك فقالت عبدي حر إن لم أسألك الخلع اليوم .
فخلاصها : أن تسأله الخلع في اليوم فيقول الزوج قد خلعتك على ما بذلت إن فعلت اليوم كذا فتقول الزوجة قد قلبت ولا يفعل هي ما علق خلعها على فعله فقد بر في يمينه .
وإن اشترى خمارين وله ثلاث نسوة فحلف لتخمرن كل واحدة عشرين يوما من الشهر اختمرت الكبرى والوسطى عشرة أيام وأخذته الصغرى من الكبرى إلى آخر الشهر وكذا ركوبهن لبغلين ثلاث فراسخ .
فإن حلف ليقسمن بينهن ثلاثين قارورة : عشرة مملوءة وعشرة فارغة وعشرة منصفة قلب كل منصفة في أخرى فلكل واحدة خمسة مملوءة وخمسة فارغة .
فإن كان له ثلاثون نعجة : عشر نتجت كل واحدة ثلاث سخلات وعشر نتجت كلك واحدة سخلتين وعشر نتجت كل واحد سخلة ثم حلف بالطلاق ليقسمنها بينهن لكل واحدة ثلاثون رأسا من غير أن يفرق بين شئ من السخال وأمهاتهن فإنه يعطي إحداهن العشر التي نتجت كل واحدة سخلتين ويقسم بين الزوجتين ما بقي بالسوية لكل واحدة خمس مما نتاجها ثلاث وخمس مما نتاجها واحدة .
وإن حلف لا شربت هذه الماء ولا أرقتيه ولا تركتيه في الإناء ولا فعل ذلك غيرك فإذا طرحت في الإناء ثوبا فشرب الماء ثم جففته بالشمس : لم يحنث .
وإن حلف لتقسمن هذا الدهن نصفين ولا تستعير كيلا ولا ميزانا وهو ثمانية أرطال في ظرف ومعه آخر يسع خمسة وآخر يسع ثلاثة أخذ بظرف الثلاثة مرتين وألقاه في ظرف الخمسة وترك الخمسة في ظرف الثمانية وما بقي في الثلائي يعضه في الخماسي ثم ملأ الثلائي من الثماني وألقاه في الخماسي .
فيصير فيه أربعة وفي الثماني أربعة .
وإن ورد الشط أربعة فأكثر معهم نساؤهم والسفينة لا تسع غير اثنين فحلف كل واحد لا ركبت زوجته مع رجل فأكثر إلا وأنا معها فإنه يعبر رجل وامرأته ثم يصعد زوجها وتعود هي فتعبر أخرى وتصعد الأولى إلى زوجها وتعود الثانية فتعبر بزوجها فيصعد وتعود امرأته فتعبر الثالثة وتصعد هي إلى زوجها وتعود الثالثة فيعبر زوجها فيصعد هو وتعود هي فتعبر الرابعة وتتصعد الثالثة إلى زوجها وتعود الرابعة فيعبر زوجها فيصعدان معا .
وعلى هذه الطريقة يتخلصون ولو كانوا ألفا .
وإن كانوا ثلاثة فحلف كل واحد لا قربت جانب النهر وفيه رجل إلا وأنا معك فتعبر امرأتان فتصعد إحداهما وتزوج الأخرى فتأخذ الثالثة وترجع إلى زوجها وينزل زوجا المرأتين فيصعدان إليهما وينزل رجل وامرأته فيعبران فتصعد امرأته وينزل الرجل مع الرجل فيعبران وتنزل المرأة الثالثة فتعبر بالمرأتين واحدة واحدة فيصعدن الثلاث إلى أزواجهن .
قال في الهداية : ولا تتصور هذه الطريقة في أكثر من ثلاثة .
فإن قال فإن ولدت ولدين ذكرين أو أنثيين أو حيين أو ميتيين فأنت طالق فولدت اثنين فلم تطلق فقد ولدت ذكرا وأنثى حيا وميتا .
وإن حلف لا يقر على سارق وسئل عن قوم ؟ فقال : لا سئل عن خصمه فسكت وعلم به : لم يحنث قدمه في المستوعب و الرعايتين و الحاوي .
وقيل : يحنث إن سأله الوالي عن قوم هو فيهم ؟ فبرأهم وسكت يريد التنبيه عليه إلا أن يريد حقيقة النطق والغمر .
فإن حلف على زوجته في شعبان بالثلاث أن يجامعها في نهار شهرين متتابعين فدخل رمضان فالحيلة : أن يسافر بها .
قدمه في الهداية و المستوعب و الخلاصة و الرعايتين و الحاوي الصغير .
واختاره المصنف والعلامة ابن القيم في أعلام الموقعين .
فإن حاضت : وطئ وكفر بدينار أو نصف دينار على ما تقدم في باب الحيض .
وتقدم نص الإمام أحمد C في ذلك : أنه لا يفعل ويطلق .
وهو الصواب .
فإن حلف بالطلاق أني أحب الفتنة وأكره الحق وأشهد بما لم تره عيني ولا أخاف من الله ولا من رسوله وأنا عدل مؤمن مع ذلك : لم يقع الطلاق فهذا رجل يحب المال والولد قال الله تعالى 64 : 15 { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } ويكره الموت وهو حق ويشهد بالبعث والحساب ولا يخاف من الله ولا من رسوله الظلم والجور .
وإن حلف أن امرأته بعثت إليه فقالت قد حرمت عليك وتزوجت بغيرك وأوجبت عليك أن تنفذ إلى بنفقتي ونفقة زوجي وتكون على الحق في جميع ذلك .
فهذا امرأة زوجها أبوها من مملوكه ثم بعث المملوك في تجارة ومات الأب .
فإن البنت ترثه وينفسخ نكاح العبد وتقضي العدة وتتزوج برجل فتنقل إليه : أبعث لي من المال الذي معك فهو لي .
وتقدم ذلك في أواخر باب المحرمات في النكاح .
فإن كان له زوجتان : إحداهما في الغرفة والأخرى في الدار فصعد في الدرجة فقالت كل واحدة إلى فحلف لا صعدت إليك ولا نزلت إليك .
ولا أقمت مقامي ساعتي فإن التي في الدار تصعد والتي في الغرفة تنزل وله أن يصعد وينزل إلى أيهما شاء .
وتقدم ذلك في كلام المصنف .
فإن حلف على زوجته لا لبست هذا القميص ولا وطئتك إلا فيه فلبسه ووطئها : لم يحنث .
وإن حلف ليجامعنها على رأس رمح فنقب السقف فانفرج منه رأس الرمح يسيرا وجامعها : عليه بر .
وإن حلف لتخبرنه بشيء رأسه في عذاب وأسفله في شراب ووسطه في طعام وحوله سلاسل وأغلال وحبسه في بيت صغر فهو فتيلة القنديل .
وإن حلف أن يطأ في يوم ولا يغتسل فيه مع قدرته على استعمال الماء ولا تفوته صلاة جماعة مع الإمام فإنه يصلي معه الفجر والظهر والعصر ويطأ بعدها ويغتسل بعد غروب الشمس ويصلي معه .
فإن حلف في يوم إن الله فرض عليه خمسة عشر ركعة وصدق فهو يوم الجمعة .
وإن قال تسعة عشر فهو يوم عيد إن وجبت صلاته .
وإن حلف أنه باع تمرا كل رطل بنصف درهم وتبنا كل رطل بدرهمين وزبيبا كل رطل بثلاثة فبلغ الثمن عشرين درهما والوزن عشرون رطلا وبر فالتمر : أربعة عشر رطلا والتين خمسة والزبيب رطل .
فإن حلف أني رأيت رجلا يصلي إماما بنفسين وهو صائم ثم التفت عن يمنينه فنظر إلى قوم يتحدثون فحرمت عليه امرأته وبطل صومه وصلاته ووجب جلد المأمورين ونقض المسجد وهو صادق .
فهذا رجل تزوج بامرأة قد غاب عنها زوجها وشهد المأمومان بوفاته وأنه وصى بداره أن تجعل مسجدا وكانت على طهارة صائما فالتفت فرأى زوج المرأة قد قدم والناس يقولون : قد خرج يوم الصوم ودخل يوم العيد وهو لم يعلم بأن هلال شوال قد رؤي ورؤي على ثوبه نجاسة أو كان متيمما فرأى الماء بقربه فإن المرأة تحرم بقدوم الزوج وصومه يبطل برؤية هلال شوال .
وصلاته تبطل برؤية الماء والنجاسة ويجلد الرجلان لكونهما قد شهدوا بالزور ويجب نقض المسجد لأن الوصية ما صححت والدار لمالكها .
فإن حلف على زوجته لا أبصرتك إلا وأنت لابسة عارية حافية راجلة راكبة فأبصرها ولم تطلق فإنها تجيئه بالليل عريانة حافية راكبة في سفينة فإن الله تعالى قال 78 : 10 { وجعلنا الليل لباسا } و11 : 41 { قال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها } .
فإن حلف أنه رأى ثلاثة إخوة لأبوين أحدهم : عبد والأخر مولى والآخر عربي وبر فإن رجلا تزوج أمة فأتت بابن فهو عبد ثم كوتبت فأدت وهي حامل بابن فتبعها في العتق فهو مولى ثم ولدت بعد الأداء ابنا فهو عربي .
وإن حلف أن خمسة زنوا بامرأة لزم الأول : القتل والثاني : الرجم والثالث : الجلد والرابع : نصف الجلد ولم يلزم الخامس شئ وبر في يمينه .
فالأول : ذمي والثاني : محصن والثالث : بكر والرابع : عبد والخامس : حربي .
فوائد .
في المخارج من مضايق الأيمان وما يجوز استعماله حال عقد اليمين وما يتخلص به من المأثم به من المأثم والحنث .
إذا أراد تخويف زوجته بالطلاق من خرجت من دارها فقال لها أنت طالق ثلاثا إن خرجت من الدار إلا بإذني ونوى بقلبه : طالق من وثاق أو من العمل الفلاني - كالخياطة والغزل أو التطريز - ونوى بقوله ثلاثا ثلاثة أيام فله نيته .
فإن خرجت لم تطلق فيما بينه وبين الله تعالى رواية واحدة ولا في الحكم .
على إحدى الروايتين .
وأطلقهما في المستوعب و الحاوي و الرعايتين .
قلت : الصواب وقوع الطلاق لأن هذا احتمال بعيد .
وكذلك الحكم إذا نوى بقوله طالق الطالق من الإبل وهي الناقة التي يطلقها الراعي وحدها أو الإبل إلى المرعى ويحبس لبنها ولا يخلبها إلا عند الورود أو نوى بالطالق الناقة التي يحل عقالها .
وكذا إن نوى إن خرجت ذلك اليوم أو إن خرجت وعليها ثياب خز أو إبريسم أو غير ذلك وإن خرجت عريانة أو راكبة بغلا أو حمارا أو إن خرجت ليلا أو نهارا فله نيته .
ومتى خرجت على غير الصفة التي نواها : لم يحنث .
وكذا الحكم إذا قال أنت طالق إن لبست ونوى ثوبا دون ثوب فله نيته .
وكذا الحكم إن كانت يمينه .
وكذا الحكم إن كانت يمينه بعتاق .
وكذا إن وضع يده على ضغيرة شعرها وقال أنت طالق ونوى مخاطبة الضغيرة أو وضع يده على شعر عبده وقال أنت حر ونوى مخاطبة الشعر .
أو إن خرجت من الدار أو إن سرقت مني أو خنتيني في مال أو إن أفشيت سري أو غير ذلك مما يريد منعها منه فله نيته .
وكذا إن أراد ظالم أن يحلفه بطلاق أو عتاق أو لا يفعل ما يجوز له فعله أو أن يفعل ما لا يجوز له فعله أو أنه لم يفعل كذا لشيء لا يلزمه الإقرار به فحلف ونوى شيئا مما ذكرنا : لم يحنث .
وكذا إن قال له قل : زوجتي أو كل زوجة لي طالق إن فعلت كذا أو إن كنت فعلت كذا أو إن لم أفعل كذا فقال : ونوى زوجته العمياء أو اليهودية أو كل زوجة له عمياء أو يهودية أو نصرانية أو عوراء أو خرساء أو حبشية أو رومية أو مكية أو مدنية أو خراسانية أو نوى كل امرأة تزوجتها بالصين أو البصرة أو بغيرها من المواضع فمتى لم يكن له زوجة على الصفة التي نواها وكان له زوجات من الصفات : لم يحنث .
وكذا حكم العتاق .
وكذلك إن قال نساؤه طوالق ونوى بنسائه بناته أو عماته أو خالاته للآية على ما تقدم أو الباب .
وكذا إن قال إن كنت فعلت كذا ونوى : إن كنت فعلته بالصين ونحوه من الأماكن التي لم يفعله فيها : لم يحنث .
فإن أحلفه مع الطلاق بصدقة جميع ما يملك فحلف ونوى جنسا من الأموال ليس في ملكه منه شئ : لم يحنث .
وكذا إن أحلفه بالمشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكة فقال عليه المشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكة ونوى بقوله بيت الله مسجد الجامع وبقوله الحرام الذي بمكة المحرم الذي بمكة لحج أو عمرة ثم وصله بقوله يلزمه تمام حجة وعمرة فله نيته ولا يلزمه شئ .
فإن ابتدأ إحلافه بالله تعالى فقال له قل : والله فالحيلة أن يقول هو الله الذي لا إله هو ويدغم الهاء في الواو حتى لا يفهم محلفه ذلك .
فإن قال له المحلف : أنا أحلفك بما أريد وقل أنت نعم كلما ذكرت أنا فصلا ووقفت قيل : أنت نعم وكتب له نسخة اليمين بالطلاق والعتاق والمشي إلى بيت الله الحرام وصدقة جميع ما يملكه فالحيلة : أن ينوي بقوله نعم بهيمة الأنعام ولا يحنث .
فإن قال له : اليمين التي أحلفك بها لازمة لك قل نعم أو قال له : قل اليمين التي تحلفني بها لازمة لي فقال ونوى باليمين يده فله نيته .
وكذا إن قال له أيمان البيعة لازمة لك أو قال له : قل أيمان البيعة لازمة لي فقال ونوى بالأيمان الأيدي التي تنبسط عند أخذ الأيدي ويصفق بعضها على بعض فله نيته .
وكذا إن قال له واليمين يميني والنية نيتك فقال ونوى بيمينه : يده وبالنية : البضعة من اللحم فله نيته .
فإن قال له : قل إن كنت فعلت كذا فامرأتي علي كظهر أمي .
فالحيلة : أن ينوي بالظهر ما يركب من الخيل والبغال والحمير والإبل فإذا نوى ذلك : لم يلزمه شئ ذكره القاضي في كتاب إبطال الحيل وقال : هذا من الحيل المباحة .
قال : وكذلك إن قال له قل : فأنا مظاهر من زوجتي فالحيلة : أن ينوي بقوله مظاهر مفاعل من ظهر الإنسان كأنه يقول ظاهرتها فنظرت أينا أشد ظهرا قال والمظاهر أيضا : الذي قد لبس حريرة ين درعين وثوبا بين ثوبين فأي ذلك نوى فله نيته .
فإن قال له : قل وإلا فعقيدة بيتي التي يجوز عليها أمري طالق أو هي حرام فقال ونوى بالعقيدة : نسيجة تنسج كهيئة العبية فله نيته .
فإن قال : قل وإلا على المساكين صدقة فالحيلة : أن ينوي بقوله ماله على المساكين من دين ولا دين عليهم فلا يلزمه شئ .
فإن قال : قل وإلا فكل مملوك لي حر فالحيلة : أن ينوي بالمملوك الدقيق الملتوت بالزيت والسمن .
فإن قال : قل فكل عبد لي حر فالحيلة : أن ينوي بالحر غير ضد العبد .
وذلك أشياء فالحر : اسم للحية الذكر والحر أيضا : الفعل الجميل والحر أيضا من الرمل : الذي ما وطئ .
فإن قال : قل وإلا فكل جارية لي حرة فالحيلة : أن ينوي بالجارية السفينة والجارية أيضا : العادة التي جرت فأي ذلك نوى فله نيته .
وكذلك إن نوى بالحرة الأذن فإنها تسمى حرة والحرة أيضا : السحابة الكثيرة المطر والحرة أيضا : الكريمة من النوق فأي ذلك نوى فله نيته .
وكذلك إن قال : قل وإلا فعبيدي أحرار فقال ونوى بالأحرار : البقل فله نيته .
وكذلك إن قال له : قل وإلا فجواري حرائر فقال ونوى بالحرائر الأيام فله نيته لأن الأيام تسمى حرائر .
وكذلك إن قال : قل كل شئ في ملكي صدقة فقال ونوى بالملك محجة الطريق فله نيته .
وكذا إن قال : قل جميع ما أملكه من عقار ودار وضيعة فهو وقف على المساكين فقال ونوى بالوقف السوار من العاج : فله نية .
وكذا إن قال : قل ولا فعلى الحج فقال ونوى بالحج أخذ الطبيب ما حول الشجة من الشعر : فله نيته .
وكذا إن قال قل وإلا فأنا محرم بحجة وعمرة فقال ونوى بالحجة القصة من الشعر الذي حوله الشجة ونوى بالعمرة أن يبني الرجل بامرأة في بيت أهلها .
فله نيته لأن ذلك معتمرا .
وكذا إن قال : قل وإلا فعلى حجة بكسر الحاء ونوى بها شحمة الأذن فله نيته .
وكذا إن قال : قل وإلا فلا تقبل الله منه صوما ولا صلاة فقال ونوى بالصوم ذرق النعام أو النوع من الشجر ونوى بالصلاة بينا لأهل الكتاب يصلون فيه فله نيته .
وكذا إن قال : قل وإلا فما صليت لليهود والنصارى فقال ونوى بقوله صليت أي أخذت بصلي الفرس وهو ما اتصل بخاصرته إلى فخذيه أو نوى بصليت : أي شويت شيئا في النار فله نيته .
قلت : أو ينوي : ما النافية .
وكذا إن قال قل وإلا فأما كافر بكذا وكذا فقال ونوى بالكافر المستتر المتغطى أو السائر المغطى فله نيته .
فوائد .
في الأيمان التي يستحلف بها النساء أزواجهن .
إذا استحلفه زوجته : أن لا يتزوج عليها فحلف ونوى شيئا مما ذكرنا أولا .
فله نيته .
فإن أرادت إحلافه بطلاق كل امرأة يتزوجها عليها أو إن تزوج عليها فلانة فهي طالق وقلنا يصح على رواية تقدمت .
أو أرادت إحلافه بعتق كل جارية يشتريها عليها وقلنا : يصح على رأى فإذا قال كل امرأة أتزوجها عليك وكل جارية أشتريها ونوى جنسا من الأجناس أو من بلد بعينه أو نوى أن يكون صداقها أو ثمن الجارية نوعا من أنواع المال بعينه فمتى تزوج أو اشترى بغير الصفة التي نواها : لم يحنث .
وكذا إن نوى كل زوجة أتزوجها عليك أي على طلاقك أو نوى بقوله عليك أي على رقبتك أي تكون رقبتك صدقا لها فله نيته فيما بينه وبين الله تعالى ولا يقبل في الحكم لأنه خلاف الظاهر .
ذكره القاضي في كتاب إبطال الحيل .
فإن أحلفته بطلاق كل امرأة يطؤها غيرها ولم يكن تزوج غيرها فأي امرأة تزوجها بعد ذلك ووطئها لا تطلق .
وكذلك إن قال كل جارية أطؤها حرة ولم يكن في ملكه جارية ثم اشترى جارية ووطئها فإنها لا تعتق سواء قلنا يصح تعليق العتاق والطلاق قبل الملك أو لا يصح لأن هذه يمين في غير ملك ولا مضافة إلى ملك فلا تنعقد .
لأنه لم يقل كل امرأة أتزوجها فأطؤها أو كل جارية أشتريها فأطؤها .
قال في المستوعب وغيره : وقد ذكرنا أنه لا يختلف المذهب : أنه إذا قال لأجنبية إن دخلت داري فأنت طالق ثم تزوجها ودخلت داره : أنها لا تطلق .
وكذا إن قال لأمة غيره إن ضربتك فأنت حرة ثم اشتراها وضربها : فإنها لا تعتق .
فأما إن كان له وقت اليمين زوجات أو جوار وقالت له : قل كل امرأة أطؤها غيرك طلق أو حرة وقال ذلك من غير نية فأي زوجة وطئ غيرها منهن طلقت وأي جارية وطئها منهن : عتقت .
فإن نوى بقوله كل جارية أطؤها وكل امرأة أطؤها غيرك برجلي - يعني يطؤها برجله - فله نيته ولا يحنث بجماع غيرها زوجة كانت أو سرية .
فإن أرادت امرأته الإشهاد عليه بهذه اليمين التي يحلف بها في جواريه وخاف أن يرفع إلى الحاكم فلا يصدقه فيما نواه .
فالحيلة : أن يبيع جواريه ممن يثق به ويشهد على بيعهن شهودا عدولا من حيث لا تعلم الزوجة ثم بعد ذلك يحلف بعتق كل جارية يطؤها منهن .
فيحلف وليس في ملكه شئ منهن ويشهد على وقت اليمين شهود البيع ليتشهدوا له بالحالين جميعا .
فإن أشهد غيرهم وأرخ الوقتين وبينهما من الفصل ما يتميز كل وقت منهما عن الآخر : كفاه ذلك ثم بعد اليمين يقابل مشترى الجواري أو يعود ويشتريهن منه ويطؤهن ولا يحنث .
فإن رافعته إلى الحاكم وأقامت البينة باليمين بوطئهن : أقام هو البينة أنه لم يكن وقت اليمين في ملكه شئ منهن .
فإن قالت له : قل كل جارية أشتريها فأطؤها فهي حرة فليقل ذلك وينوي به الاسفهام ولا ينوي به الحلف فلا يحنث ذكر ذلك صاحب المستوعب ومن تابعه .
قلت : وهذا كله صحيح متفق عليه إذا كان الحالف مظلوما على ما تقدم .
وقال في المستوعب : وجدت بخط شيخنا أبي حكيم قال : حكى أن رجلا سأل الإمام أحمد بن حنبل Bه عن رجل حلف أن لا يفطر في رمضان .
فقال له : اذهب إلى بشر بن الوليد فسأله ثم انتهى فأخبرني فذهب فسأله ؟ .
فقال له البشر : إذا أفطر أهلك فقعد معهم ولا تفطر فإذا كان السحر فكل .
واحتج بقول النبي A [ هلموا إلى الغداء المبارك ] فاستحسنه الإمام أحمد C انتهى .
وفيما ذكرناه من هذه المسألة كفاية والله أعلم بالصواب