المعقود عليه في النكاح .
الثانية : قال القاضي : المعقود عليه في النكاح : المنفعة اى الانتفاع بها لا ملكها وجزم به في الفروع .
قال القاضي أبو الحسين في فروعه : والذي يقتضيه مذهبنا : أن المعقود عليه في النكاح منفعة الاستمتاع وأنه في حكم منفعة الاستخدام .
قال صاحب الوسيلة : المعقود عليه منفعة الاستمتاع .
وقال القاضي في أحكام القرآن : المعقود عليه الحل لا ملك المنفعة .
قال في القاعدة السادسة والثمانين : ترددت عبارات الأصحاب في مورد عقد النكاح : هل هو الملك أو الاستباحة ؟ فمن قائل : هو الملك .
ثم ترددوا : هل هو ملك مننفعة البضع أو ملك الانتفاع بها ؟ .
وقيل : بل هوى الحل لا الملك ولهذا يقع الاستمتاع من جهة الزوجة مع أنه لا ملك لها .
وقيل : بل المعقود عليه : الازدواج كالمشاركة ولهذا فرق الله سبحانه وتعالى بين الازدواج ومالك ألميين .
وغليه ميل الشيخ تقي الدين C .
فيكون من باب المشاركات لا المعاوضات .
قوله النكاح سنة .
أعلم أن للأصحاب في ضبط أقسام النكاح طرقا .
أشهرها وأصحها : أن الناس في النكاح على ثلاثة أقسام .
القسم الأول : من له شهوة ولا يخاف الزنا فهذا النكاح في حقه مستحب على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب .
قال الزركشي : هذا المشهور من الروايتين .
قال الشارح وغيره : هذا المشهور في المذهب .
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المغني و المحرر و الفروع وغيرهم وعنه : أنه واجب على الإطلاق .
اختاره أبو بكر وأبو حفص البرمكى وابن أبي موسى .
وقدمه ناظم المفردات وهو منها .
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوى الصغير .
وحمل القاضي الرواية الثانية على من يخشى على نفسه مواقعه المحظور بترك النكاح .
تفبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره : أنه لا فرق في ذلك بين الغنى والفقير وهو صحيح وهو المذهب نص عليه .
نقل صالح : يقترض ويتزوج .
وجزم به ابن رزين في شرحه وقدمه في الفروع و الفائق .
قال الآمدي : يستحب في حق الغنى والفقير والعاجز والواجد والراغب والزاهد فإن الإمام أحمد C تزوج وهو لا يجد القوت .
وقيل : لا يتزوج فقير إلا عند الضرورة .
وقيده ابن رزين في مختصره بموسر وجزم به في النظم .
قلت : وهو الصواب في هذه الأزمنة واختاره صاحب المبهج ويأتي كلامه في تعداد الطرق .
قال الشيخ تقي الدين C : فيه نزاع في مذهب الإمام أحمد C وغيره .
القسم الثاني : من ليس له شهوة : كالعنين ومن ذهبت شهوته لمرض أو كبر أو غيره .
فعموم كلام المصنف هنا : أنه سنة في حقه أيضا .
وهو ظاهر كلامه في الهداية و المذهب و المستوعب و الخلاصة و الوجيز وغيرهم وهو إحدى الروايتين والوجهين .
واختاره القاضي في المجرد في باب الطلاق والخصال و ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في البلغة وغيره .
والقول الثاني : هو في حقهم مباح وهو الصحيح من المذهب أختاره القاضي في المجرد في باب النكاح و ابن عقيل في التذكرة و ابن البنا و ابن بطة .
وقدمه في المحرر و الرعايتين و الحاوي الصغير و شرح ابن رزين و تجريد العناية وجزم به في المنور .
قال في منتخبه : يسن للتائق وأطلقهما في المغني و الكافي و الشرح و النظم و المستوعب و شرح ابن منجا و الفروع و الفائق .
وقيل : يكره وما هو وجه في الترغيب .
قال الشيخ تقي الدين C : كلام صاحب المحرر يدل على أن رواية وجوب النكاح منتفية في حق من لا شهوة له .
وكذلك قال القاضي و ابن عقيل والأكثرون .
ومن الأصحاب من طرد فيه رواية الوجوب أيضا .
نقله صاحب الترغيب وهو مقتضى إطلاق الأكثرين .
ويأتي التنبيه على ذلك في تعداد الطرق .
القسم الثالث : من خاف العنت .
فالنكاح في حق هذا : واجب قولا واحدا إلا أن ابن عقيل ذكر رواية : أنه غير واجب .
ويأتى كلامه في تعداد الطرق .
قال الزركشي : ولعله أراد بخوف العنت : خوف المرض والمشقة لا خوف الزنا فإن العنت يفسر بكل واحد من هذه .
تنبيهات .
أحدهما : ( العنت ) هنا : هو الزنا على الصحيح .
وقيل : هو الهلاك بالزنا ذكره في المستوعب .
الثاني : مراده بقوله إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور إذا علم وقوع ذلك أو ظنه قاله الأصحاب .
وقال في الفروع : ويتوجه إذا علم وقوعه فقط .
الثالث : هذه الأقسام الثلاثة : هى أصح الطرق وهى طريقة المصنف والشارح وغيرهما .
قال الزركشى : هى الطريقة المشهورة .
وقال ابن شيخ السلامية في نكته على المحرر : ذكر غير واحد من أصحابنا في وجوب النكاح : روايتين واختلفوا في محل الوجوب .
فمنهم : من أطلقه ولم يقيده بحال وهذه طريقة أبي بكر و أبي حفص و ابن الزاغوني .
قال في مفرداته : النكاح واجب في إحدى الروايتين .
وكذلك أطلقه القاضي أبو يعلى الصغير في مفرداته و أبو الحسين وصاحب الوسيلة .
وقد وقع ذلك في كلام الإمام أحمد C لما سئل عن التزويج ؟ فقال : أراه واجبا .
وأشار إلى هذا أبو البركات حيث قال : وعنه الوجوب مطلقا .
قلت : وهو ظاهر كلام المصنف هنا وصاحب الهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم .
قلت : وهو ضعيف جدا فيمن لا شهوة له .
قال : ومنهم من خص الوجوب بمن يجد الطول ويخاف العنت .
قال في المستوعب : فهذا يجب عليه النكاح رواية واحدة .
وكذا قال في الترغيب و ابن الجوزي و أبو البركات .
وعليها حمل القاضي إطلاق الإمام أحمد C و أبي بكر .
قلت : وقيده ابن عقيل بذلك أيضا وأن الشيخ تقي الدين C قال : وظاهر كلام أحمد والأكثرين : أن ذلك غير معتبر .
واختار ابن حامد : عدم الوجوب حتى في هذه الحالة .
قلت : الذي يظهر أن خطأ من الناقل عنه .
ومن أصحابنا : من أجرى الخلاف فيه .
فحكى ابن عقيل في التذكرة - في وجوب النكاح على من يخاف العنت ويجد الطول - روايتين .
ومنهم : من جعل محل الوجوب في الصورة الأولى وهذه الصورة .
ومنهم : من جعل الخلاف في الصورة الثانية وهو من يجد الطول ولا يخاف العنت وله شهوة .
فههنا جعل محل الخلاف غير واحد وحكوا فيه روايتين وهذه طريقة القاضي وأبى البركات .
وقطع الشيخ موفق الدين C : بعدم الوجوب من غير خلاف وكذلك القاضي في الجامع الكبير وابن عقيل في التذكرة .
واختاره ابن حامد والشريف أبو جعفر .
قالوا : ويدل على رجحانها في المذهب : أن الإمام أحمد C لم يتزوج حتى صار له أربعون سنة مع أنه كان له شهوة .
ومنهم : من جعل محل الوجوب في الصورتين المتقدمتين وفي صورة ثالثة وهو من يجد الطول ولا شهوة له حكاه في الترغيب .
قال أبو العباس : وكلام القاضي وتعليه يقتضى أن الخلاف في الوجوب ثابت وإن لم يكن له شهوة .
ومنهم : من جعل محل الوجوب : القدرة على النفقة والصداق .
قال في المبهج : النكاح مستحب وهل هو واجب أم لا ؟ ينظر فيه .
فإن كان فقيرا لا يقدر على الصداق ولا على يقوم بأود الزوجة : لم يجب رواية واحدة .
وإن كان قادرا مستطيعا : فقيه روايتان لا يجب وهي المنصورة والوجوب قال قلت : ونازعه في ذلك كثيرخ من الأصحاب .
ومنهم : من أضاف قيدا آخر فجعل الوجوب مختصا بالقدرة على نكاح الحرة قال أبو العباس : إذا خشى العنت جاز له التزوج بالأمة مع أن تركه أفضل أو مع الكراهة وهو يخاف العنت فيكون الوجوب مشروطا بالقدرة على نكاح الحرة .
قلت : قدم في الفروع : أنه لا يجب عليه نكاح الحرة .
قال القاضى وابن الجوزى والمصنف وغيرهم : يباح ذلك والصبر عنه أولى .
وقال في الفصول : في وجوبه خلاف .
واختار أبو يعلى الصغير الوجوب .
قلت : الصواب أنه يجب إذا لم يجد حرة .
ومنهم : من جعل الوجوب من باب وجوب الكفاية لا العين .
قال أبو العباس : ذكر أبو يعلى الصغير - في ضمن مسألة التخلى لنوافل العبادة - إنا إذا نوجبه على كل واحد فهو فرض على الكفاية .
قلت : وذكر أبو الفتح ابن المنى أيضا : أن النكاح فرض كفاية فكان الاشتغال به أولى كالجهاد .
قال : وكان القياس يقتضى وجوبه على الأعيان تركناه للحرج والمشقة .
انتهى .
وانتهى كلام ابن خطيب السلامية مع مازدنا عليه فيه