اشتباه الماء الطاهر بالنجس .
قوله وإن اشتبه الطاهر بالنجس لم يتحر فيهما على الصحيح من المذهب .
وكذا قال في الهداية و المذهب وهو كما قالوا وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في البلغة و الوجيز و المذهب الأحمد و الإفادات و المنتخب و التسهيل وغيرهم وقدمه في المذهب و المستوعب و الكافي و المغني و الشرح و التلخيص و المحرر و الرعايتين و النظم و مجمع البحرين و الحاويين و ابن رزين و ابن عبيدان و ابن تميم وغيرهم قال الزركشي : وهو المختار للأكثرين وهو من مفردات المذهب وعنه يتحرى إذا كثر عدد الطاهر اختارها أبو بكر وابن شاقلا و بو علي النجاد قال ابن رجب في القواعد : وصححه ابن عقيل .
تنبيهان .
أحدهما : إذا قلنا يتحرى إذا كثر عدد الطاهر فهل يكفي مطلق الزيادة ولو بواحد أو لا بد من الكثرة عرفا أو لا بد أن تكون تسعة طاهرة وواحد نجس أو لا بد أن تكون عشرة طاهرة وواحد نجس ؟ فيه أربعة أقوال قدم في الفروع : أنه يكفي مطلق الزيادة وهو الصحيح وقدم في الرعايتين و الحاوي الكبير : العرف واختاره القاضي في التعليق فقال : يجب أن يعتبر بما كثر عادة وعرفا واختاره النجاد وقال الزركشي : المشهور عند القائل بالتحري : إذا كان النجس عشر الطاهر : يتحرى وجزم به في المذهب و التلخيص وغيرهم وقال القاضي في جامعه : ظاهر كلام أصحابنا : اعتبار ذلك بعشرة طاهرة وواحد نجس وأطلقهن ابن تميم وأطلق الأوجه الثلاثة الأول : الزركشي والفائق .
الثاني : قوله لم يتحر فيهما على الصحيح يشعر أن له أن يتحرى في غير الصحيح من المذهب سواء كثر عدد النجس الطاهر أو تساويا ولا قائل به من الأصحاب لكن في مجمع البحرين أجراه على ظاهرة وقال أطلق المصنف وفاقا ل داود و أبي ثور و المزني و سحنون من أصحاب مالك .
قلت : والذي يظهر : أن المصنف لم يرد هذا وأنه لم ينفرد بهذا القول والدليل عليه قوله في الصحيح من المذهب فدل أن في المذهب خلافا موجودا قبله غير ذلك وإنما الخلاف فيما إذا كثر عدد الطاهر على ما تقدم أما إذا تساويا أو كان عدد النجس أكثر : فلا خلاف في عدم التحرى إلا توجيه لصاحب الفائق مع التساوي ردا إلى الأصل فيحتاج كلام المصنف إلى جواب لتصحيحه .
فأجاب ابن منجا في شرحه بأن قال : هذا من باب إطلاق الفظ المتواطئ إذا أريد به بعض محاله وهو مجاز سائغ .
قلت : ويمكن أن يجاب عنه بأن الإشكال إنما هو في مفهوم كلامه والمفهوم لا عموم له عند المصنف وابن عقيل و الشيخ تقي الدين وغيرهم من الأصوليين وأنه يكفي فيه صورة واحدة كما هو مذكور في أصول الفقه وهذا مثله وإن كان من كلام غير الشارع .
ثم ظهر لي جواب آخر أولى من الجوابين وهو الصواب وهو أن الإشكال إنما هو على القول المسكوت عنه ولو صرح به المصنف لقيده وله في كتابه مسائل كذلك نبهت على ذلك في أول الخطبة .
فوائد .
إحداها : ظاهر كلام الأصحاب القائلين بالتحري : أنه لا يتيمم وهو صحيح واختار في الرعاية الكبرى : أنه يتيمم معه فقد يعاني بها .
الثانية : حيث أجزنا له التحرى فتحرى فلم يظن شيئا قال في الرعاية الكبرى : أراقهما أو خلطهما بشرطه المذكور انتهى .
قلت : فلو قيل بالتيمم من غير إراقة ولا خلط لكان أوجه بل هو الصواب لأن وجود الماء المشتبه هنا كعدمه .
تنبيه : محل الخلاف : إذا لم يكن عنده طهور بيقين أما إذا كان عنده طهور بيقين فإنه لا يتحرى قولا واحدا .
ومحل الخلاف أيضا : إذا لم يمكن تطهير أحدهما بالآخر : فإن أمكن تطهير أحدهما بالآخر : امتنع من التيمم قاله الأصحاب لأنهم إنما أجازوا التيمم هنا بشرط عدم القدرة على استعمال الطهور وهنا هو قادر على استعماله .
مثاله : أن يكون الماء النجس دون القلتين بيسير والطهور قلتان فأكثر بيسير أو يكون كل واحد قلتين فأكثر ويشتبه .
ومحل الخلاف أيضا : إذا كان النجس غير بول فإن كان بولا لم يتحر وجها واحدا قاله في الكافي و ابن رزين وغيرهما .
الثالثة : لو يتيمم وصلى ثم علم النجس : لم تلزمه الإعادة على الصحيح من المذهب وقيل : تلزمه ولو توضأ من أحدهما من غير تحر فبان أنه طهور : لم يصح وضوءه على الصحيح من المذهب وقيل : يصح وأطلقهما في الحاوي الكبير و الفائق .
الرابعة : لو احتاج إلى الشرب لم يجز من غير تحر على الصحيح من المذهب وعنه يجوز وأطلقهما في الفروع ومتى شرب ثم وجد ماء طاهر : فهل يجب غسل فمه ؟ على وجهين جزم في الفائق بعدم الوجوب وصححه في مجمع البحرين وقدمه في الحاوي الكبير وقدم في الرعايتين و الحاوي الصغير وجوب الغسل وأطلقهما ابن تميم و الفروع .
الخامسة : الماء المحرم عليه استعماله : كالماء النجس على ما تقدم على الصحيح من المذهب وقيل : يتحرى هنا ويحتمل أن يتوضأ من كل إناء وضوءا ويصلي بهما ما شاء ذكره في الرعاية .
الخامسة : الماء المحرم عليه استعماله : كالماء النجس على ما تقدم على الصحيح من المذهب وقيل : يتحرى هنا ويحتمل أن يتوضأ من كل إناء وضوءا ويصلي بهما ما شاء ذكره في الرعاية .
قوله وهل يشترط إراقتهما أو خلطهما ؟ على روايتين .
وأطلقهما في المستوعب و الكافي و التلخيص و البلغة و المحرر و ابن منجا في شرحه و المذهب الأحمد و الزركشي و الفائق و ابن عبيدان و الفروع .
إحداهما : لا يشترط الإعدام وهي المذهب قال في المذهب : هذا أقوى الروايتين قال الناظم : هذا أولى وصححه في التصحيح وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في التذكرة و التسهيل وجزم به في الوجيز و العمدة و الإفادات و المنور و المنتخب وغيرهم وقدمه في إدراك الغاية و ابن تميم واختاره أبو بكر و ابن عقيل والمصنف والشارح .
والرواية الثانية : يشترط اختاره الخرقي قال المجد وتبعه في مجمع البحرين : هذا هو الصحيح وقدمه في الهداية و الخلاصة و ابن رزين و الرعايتين و الحاويين وغيرهم وقال في الرعاية الكبرى : ويحتمل أن يبعد عنهما بحيث لا يمكن الطلب وقال في الرعاية الصغرى : أراقهما وعنه : أو خلطهما وقال في الكبرى : خلطهما أو أراقهما وعنه تتعين الإراقة وقطع الزركشي : ان حكم الخلط حكم الإراقة وهو كذلك .
فوائد .
إحداهما : لو علم أحد النجس فأراد غيره أن يستعمله : لزمه إعلامه قدمه في الرعاية الكبرى في باب النجاسة وفرضه في إراداة التطهر به وقيل : لا يلزمه وقيل : يلزمه إن قيل إن إزالتها شرط في صحة الصلاة وهو احتمال لصاحب الرعاية وأطلقهن في الفروع .
الثانية : لو توضأ بماء ثم علم نجاسته : أعاد على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونقله الجماعة خلافا للرعاية إن لم نقل إزالة النجاسة شرط قال في الفروع : كذا قال .
الثالثة : لو اشتبه عليه طاهر بنجس غير الماء كالمائعات ونحوها : فقال في الرعايتين و الحاويين حرم التحرى بلا ضرورة وقاله في الكافي كما تقدم