إن أخره سقطت شفعته .
قوله فإن أخره سقطت شفعته .
يعني على الصحيح من المذهب .
وقد تقدمت رواية : بأنه على التراخي .
قوله إلا أن يعلم وهو غائب فيشهد على الطلب بها ثم إن أخر الطلب بعد الإشهاد عنه إمكانه أو لم يشهد لكنه سار في طلبها : فعلى وجهين .
شمل كلامه مسألتين .
إحداهما : أن يشهد على الطلب حين يعلم ويؤخر الطلب بعده مع إمكانه فأطلق في سقوط الشفعة بذلك وجهين وأطلقهما في النظم و الرعايتين و الفروع و الفائق و شرح ابن منجا .
إحدهما : لا تسقط الشفعة بذلك وهو المذهب نصره المصنف والشارح وهو ظاهر كلام الخرقي وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية و المذهب و مسبوك الذهب و المستوعب و الخلاصة و التلخيص و الحارثي وقال : هذا المذهب .
والوجه الثاني : تسقط إذا لم يكن عذر اختاره القاضي و ابن عبدوس في تذكرته وهو احتمال في الهداية .
تنبيهان .
أحدهما : حكى المصنف في المغني ومن تبعه : أن السقوط قول القاضي .
قال الحارثي : ولم يحكه أحد عن القاضي سواه والذي عرفت من كلام القاضي خلافه .
ونقل كلامه نم كتبه ثم قال : والذي حكاه في المغني عنه : إنما قاله في المجرد فيما إذا لم يكن أشهد علىالطلب وليس بالمسألة نبهت عليه خشية أن يكون أصلا لنقل الوجه الذي أورده انتهى .
الثاني : قال ابن منجا في شرحه : واعلم أن المصنف قال في المغني وإن أخر القدوم بعد الإشهاد بدل قوله وإن أخر الطلب بعد الإشهاد وهو صحيح لأنه لاوجه لإسقاط الشفعة بتأخير الطلب بعد الإشهاد لأن الطلب حينئذ لايمكن بخلاف القدوم فإنه ممكن وتأخير ما يمكن لإسقاطه الشفعة وجه بخلاف تأخير ما لا يمكن انتهى .
وكذلك الحارثي مثل بما لو تراخي السير انتهى .
فعلى كلا الوجهين : إذا وجد عذر مثل أن لايجد من يشهده أووجد من لاتقبل شهادته - كالمرأة والفاسق ونحوهما - أووجد من لايقدم معه إلى موضع المطالبة : لم تسقط الشفعة .
وإن لم يجد إلا مستوى الحال فلم يشهدهما فهل بتطل شفعته أم لا ؟ فيه احمالان وأطلقهما في المغني و الشرح وشرح الحارثي و الفروع .
قلت : الصواب أنهالاتسقط شفعته لأن الصحيح من المذهب : أن شهادة مستورى الحال لا تقبل فهما كالفاسق بالنسبة إلى عدم قبول شهادتهما فإن أشهدهما لم تبطل شفعته ولو لم تقبل شهادتهما .
وكذلك إن لم يقدر إلا على شاهد واحد فأشهده أو ترك إشهاده .
قال المصنف والشارح قال الحارثي : وإن وجد عدلا واحدا ففي المغني : إشهاده وترك إشهاده سواء قال : وهو سهو فإن شهادة الواحد معمول بها مع يمين الطالب فتعين اعتبارها .
ولو قدر على التوكيل فلم يوكل فهل تسقط شفعته ؟ فيه وجهان وأطلقهما في الفروع .
أحدهما : لا تبطل وهو المذهب نصره المصنف والشارح .
والوجه الثاني : تبطل أختاره القاضي وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب .
فائدة : لفظ الطالب أنا طالب أو مطالب أو آخذ بالشفعة أو قائم على الشفعة ونحوه مما يفيد منحولة الأخذ لأنه محصل للغرض .
المسألة الثانية : إذا كان غائبا فسار حين علم في طلبها ولو يشهد - مع القدرة على الإشهاد - فأطلق المصنف في سقوطها وجهين وأطلقهما في الهداية و المذهب و مسبوك الذهب و المستوعب و الخلاصة و التلخيص و النظم و الرعايتين و الفروع و الفائق و الحاوي الصغير و الزركشي وغيرهم .
أحدهما : تسقط الشفعة وهو المذهب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد C في رواية أبي طالب واختاره الخرقي و ابن عبدوس في تذكرته .
قال الحارثي عليه أكثر الأصحاب وقدمه في شرح الحارثي و المغني و الشرح ونصراه وجزم به في العمدة .
والوجه الثاني : لاتسقط بل هي باقية .
قال القاضي : إن سارع عقب علمه إلى البلد الذي فيه المشتري من غير إشهاد : احتمل أن لا تبطل شفعته .
فعلى هذا الوجه : يبادر إليها بالمضي المعتاد بلا نزاع ولا يلزمه قطع حمام وطعام ونافلة على الصحيح من المذهب .
وقيل : بلى وكذا الحكم لو كان غائبا عن المجلس حاضرا في البلد .
تنبيهان .
أحدهما : قال الحارثي : حكى المصنف الخلاف وجهين وكذا أبو الخطاب وإنما هما روايتان .
ثم قال : وأصل الوجهين في كلامهما احتمالان أوردهما القاضي في المجرد والحتمالا ن إنما أوردهما في الإشهاد على السير للطالب وذلك مغير للإرشهاد على الطلب حين العلم ولهذا قال : ثم إن أخر الطلب بعد الإشهاد وعند إمكانه أبى السير للطلب مواجهة فلا يصح إثبات الخلاف في الطلب الأول متلقي عن الخلاف في الطلب الثاني انتهى .
قال الحارثي : ولم يعتبر في المحرر إشهادا فيما عدا هذا والإشهاد على الطلب عنده عبارة عن ذلك وهو خلاف ما قال الأصحاب .
وأيضا فالإشهاد على ماقال ليس إشهادا على الطلب في الحقيفة بل هو إشهاد على فعل يتعقبه الطلب .
الثاني : استفدنا من قوة كلام المصنف : أنه إذ علم وأشهد عليه بالطلب وسار في طلبها عند إمكانه : أنها لا تسقط وهو الصحيح .
وكذا لو أشهد عليه وسار وكيله وكذا لو تراخى السير لعذر .
فوائد .
إحداها : لو لقي المشتري فسلم عليه ثم عقبه بالطلب فهو على شفعته قاله الأصحاب .
وكذا لو قال بعد السلام بارك الله لك في صفقتك ذكره الآمدي والمصنف وغير واحد صححه في الرعاية وقدمه في الفروع وكذا لو دعا له بالمغفرة ونحوه وفيهما احتمال تسقط بذلك .
الثانية : الحاضر المربض والمحبوس كالغائب في اعتبار الإشهاد فإن ترك ففي السقوط ما مر من الخلاف .
الثالثة : لو نسي المطالبة أو البيع أو جهلها فهل تسقط الشفعة ؟ فيه وجهان وأطلقهما في الفروع .
قال في المغني : إذا ترك الطلب نسيانا له أو للبيع أو تركه جهلا باستحقاقه : سقطت شفعته وقدمه في الشرح .
وقاسه هو ولمصنف في المغني على الرد بالعيب وفيه نظر .
وفيه وجه آخر : أنها لاتسقط .
قلت : وهو الصواب .
قال الحارثي : وهو الصحيح وقال : يحسن بناء الخلاف على الروايتين في خيار المعتقة تحت العبد إذ مكنته من الوطء جهلا بملكها للفسخ على ما يأتي .
وإن أخره جهلا بأن التأخير مسقط فإن كان مثله لا يجهله : سقطت لتقصيره وإن كان مثله يجهله فقال في التلخيص : يحتمل وجهين .
أحدهما : لا تسقط .
قال الحارثي : وهو الصحيح وجزم به في الرعاية و النظم و الفائق .
قلت : وهو الصواب .
والوجه الثاني : تسقط .
ويأتي في كلام المصنف إذا باع الشفيع ملكه قبل علمه .
ولو قال له بكم اشتريت ؟ أو اشتريت رخيصا فهل تسقط الشفعة ؟ فيه وجهان وأطلقهما في التلخيص و الرعاية و الفروع .
قلت : قواعد المذهب تقتضي سقوطها مع علمه