الماء القليل الجاري إذا خالطته نجاسة .
الثاني : هذا الخلاف في الماء الراكد أما الجاري : فعن أحمد أنه كالراكد إن بلغ جميعه قلتين : دفع النجاسة إن لم تغيره وإلا فلا وهي المذهب وهي ظاهر كلام المصنف هنا وغيره قال في الرعاية الكبرى هي أشهر قال ابن مفلح في أصوله في مسألة المفهوم هل هو عام أم لا المشهور عن أحمد وأصحابه أن الجاري كالراكد في التنجيس وقدمه في الفروع و الفائق قال ابن تميم اختاره شيخنا قال الزركشي اختارها السامري وغيره وعنه لا ينجس قليله إلا بالتغير فإن قلنا ينجس قليل الراكد جزم به في العمدة و الإفادات وقدمه في الرعايتين قال في الكبرى هو أقيس وأولى قال في الحاوي الصغير ولا ينجس قليل جار قبل تغيره في أصح الروايتين وقال في الحاوي الكبير وهو أصح عندي واختارها المصنف و الشارح و المجد و الناظم قال في الفروع اختارها جماعة واختارها الشيخ تقي الدين وقال هي أنص الروايتين وعنه تعتبر كل جرية بنفسها اختارها القاضي وأصحابه وقال هي المذهب قال الزركشي هي اختيار الأكثرين قال في الكافي وجعل أصحابنا المتأخرون كل جرية كالماء المنفرد واختارها في المستوعب قال في الفروع وهي أشهر قال في الحاوي الكبير هذا ظاهر المذهب قال الأصحاب فيفضى إلى تنجيس نهر كبير بنجاسة قليلة لا كثيرة لقلة ما يحاذي القليلة إذ لو فرضنا كلبا في جانب نهر كبير وشعره منه في جانبه الآخر لكان ما يحاذيها لا يبلغ قلتين لقلته والمحاذي للكلب يبلغ قلالا كثيرة فيعايي بها ولكن رد المصنف و الشارح وغيرهما ذلك وسووا بين القليل والكثير كما يأتي في النجاسة الممتدة .
فائدة : للرواية الأولى والثانية فوائد ذكرها ابن رجب في اول قواعده .
منها إذا وقعت فيه نجاسة فعلى الأولى يعتبر مجموعة فإن كان كثيرا لم ينجس بدون تغير وإلا نجس وعلى الثانية تعتبر كل جرية بانفرادها فإن بلغت قلتين لم ينجس بدون تغير وإلا نجس وعلى الثالثة تعتبر كل جرية بانفرادها فإن بلغت قلتين لم ينجس بدون تغير وإلا نجست .
ومنها لو غمس الإناء النجس في ماء جار ومرت عليه سبع جريات فهل هو غسله واحدة أو سبع ؟ على وجهين حكاهما أبو حسن بن الغازي تلميذ الآمدي وذكر أن ظاهر كلام الأصحاب أنه غسلة واحدة وفي شرح المذهب للقاضي أن كلام أحمد يدل عليه وكذلك لو كان ثوبا ونحوه وعصره عقيب كل جرية .
ومنها لو انغمس المحدث حدثا أصغر في ماء جار للوضوء ومرت عليه أربع جريات متوالية فهل يرتفع بذلك حدثه أو لا ؟ على وجهين أشهرهما عند الأصحاب أنه يرتفع وقال أبو الخطاب في الانتصار ظاهر كلام أحمد أنه لا يرتفع لنه لم يفرق بين الراكد والجاري قال ابن رجب قلت بل نص أحمد على التسوية بينهما في رواية محمد بن الحكم وأنه إذا انغمس في دجلة فإنه لا يرتفع حدثه حتى يخرج مرتبا .
ومنها لو حلف لا يقف في هذا الماء وكان جاريا لم يحنث عند أبي الخطاب وغيره وقال ابن رجب وقياس المنصوص أنه يحنث لا سيما والعرف يشهد له والأيمان مرجعها إلى العرف وقاله القاضي في الجامع الكبير .
فوائد .
إحداها الجرية ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها ويمنة ويسرة على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به وزاد المصنف : ما انتشرت إليه عادة امامها ووراءها وتابعة الشارح فجزم به هو و ابن رزين وقال ابن عقيل في الفنون الجرية مافيه النجاسة وقدر مساحتها فوقها وتحتها ويمنها ويسرتها نقله الزركشي .
الثانية : لو امتدت النجاسة فما في كل جرية نجاسة منفردة على الصحيح من المذهب اختاره المصنف و الشارح وجزما به وابن رزين في شرحه وقيل الكل نجاسة واحدة وأطلقهما في الفروع و الرعاية الكبرى وابن تميم .
الثالثة : متى تنجست جريات الماء بدون التغير ثم ركدت في موضع فالجميع نجس إلا ان يضم إليه كثير طاهر لا حق أو سابق قال الإمام أحمد ماء الحمام عندي بمنزلة الجاري وقال في موضع آخر وقيل إنه بمنزلة الماء الجاري قال المصنف إنما جعله بمنزلة الماء الجاري إذا كان يفيض من الحوض وقاله الشيخ تقي الدين قال ابن تميم وقال بعض أصحابنا الجاري من المطر على الأسطحة والطرق وإن كان قليلا وفيه نجاسة فهو نجس