إن ادعى الإعسار وكان دينه عن عوض .
قوله وإن ادعى الإعسار وكان دينه عن عوض - كالبيع والقرض - أو عرف له مال سابق : حبس إلا أن يقيم البينة على نفاد ماله أو إعساره وهل يحلف معها ؟ على وجهين .
إذا ادعى الإعسار فلا يخلو : نا ببي إما أن يكون دينه عن عوض أو يعرف له مال سابق أو غير ذلك .
فإن كان دينه عن عوض كالبيع والقرض ونحوهما والغالب بقاؤه أو عن غير مال - كالضمان ونحوه - وأقر أنه ملئ أو عرف له مال سابق : لم يقبل قوله إلا ببينة .
ثم إن البينة لا تخلو : إما أن تشهد بنفاد ماله أو إعساره فإن شهدت بنفاد ماله أو تلفه : حلف معها على الصحيح من المذهب : أن لا مال له في الباطن .
قال في الفروع و الرعاية الكبرى : يحلف معها على الأصح .
قال في الفائق : حلف معها في أصح الوجهين وجزم به في الكافي و التلخيص و المحرر و الشرح و الوجيز و المنور وقدمه في الرعاية الصغرى و الحاويين .
والوجه الثاني : لا يحلف مع بينة هنا .
وإن شهدت بإعسار فلا بد أن تكون البينة ممن يخبر باطن حاه لأنها شهادة على نفي قللت للحاجة ولا يحلف معها على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد C .
قال في الرعاية الكبرى و الفروع : لم يحلف معها على الأصح لئلا يكون مكذبا لبينته جزم به في الكافي و المحرر و الرعاية الصغرى و الحاويين و الفائق وقدمه في التلخيص و الشرح .
والوجه الثاني : يحلف معها .
وذكر ابن أبي موسى عن بعض الأصحاب : أنه يحلف مع بينته : أنه معسر لأنها تشهد بالظاهر .
فوائد .
إحداها : يكتفي في البينة أن تشهد بالتلف أو بالإعسار على الصحيح من المذهب .
قال الزركشي : هذا المحقق وفاقا للمجد وغيره .
قلت : وجزم به المصنف وصاحب الفروع .
وجزم في التلخيص : أنه لا يكتفي في الشهادة بالإعسار بل لا بد من الشهادة بالتلف والإعسار معا .
وكذا قال في الرعايتين و الحاويين الفائق فإنهم قالوا : نشهد بذهابه وإعساره لا أنه لا يملك شيئا .
الثانية : تسمع بينة إعساره ونحوها قبل حبسه وبعده لو بيوم قاله الأصحاب .
الثالثة : إذا لم يكن لمدغي الإعسار بينة - والحالة ما تقدم - كان القول قول غريمه مع يمينه : أنه لا يعلم عسرته بدينه وكان له حبسه وملازمته قاله في الكافي و التلخيص و الزركشي وغيرهم .
وقال في الترغيب : إن حلف أنه قادر : حبسه وإلا حلف المنكر عليهما وخلي .
ونقل حنبل : يحبس إن علم له ما يقضي .
وفي المستوعب : إن عرف بمال أو أقر أنه ملئ به وحلف غريمه أنه لا يعلم عسرته : حبس .
وفي الرعاية : يحلف أنه موسر بدينه ولا يعلم إعساره به .
وفي المغني و الشرح : إذا حلف أنه ذو مال : حبس .
وقال في الفروع : وظاهر كلام جماعة : أنه لا يحلف إلا أن يدعي المديون تلفا أو إعسارا أو يسأل سؤاله فتكون دعوى مستقلة فإن كان له ببقاء ماله أو قدرته : بينة فلا كلام وإلا فيمين صاحب الحق بحسب جواب المديون كسائر الدعاوي .
قال في الفروع : وهذا أظهر وهو مرادهم لأنه ادعى الإعسار وأنه يعلم ذلك وأنكره انتهى .
وحيث قلنا : يحلف صاحب الحق وأبي : حلف الآخر وخلى سبيله .
الرابعة : يكتفي في البينة هنا بائنين على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب .
وعنه لا يكفي أقل من ثلاثة كمن يريد أخذ الزكاة وكان معروفا بالغنى وادعى الفقر على ما تقدم في أواخر باب ذكر أهل الزكاة