وكل مطعوم وفيه فوائد .
وكل مطعوم مراده للآدمى وهو واضح قال أبو بكر : روى ذلك عن أحمد جماعة فتكون العلة في الأثمان : الثمنية وفيما عداها : كونه مطعوم جنس فتخلص بالمطعومات ويخرج ما عداها .
وعنه لا يحرم إلا في ذلك إذا كان مكيلا أو موزونا اختارها المصنف و الشيخ تقي الدين C وقواها الشارح وجزم به في العمدة .
فتكون العلة في الأثمان : لثمنية وفي الأربعة الباقية : كونهن مطعوم جنس إذا كان مكيلا أو موزونا فلا يجرى الربا في المطعوم لا يكال ولا يوزن كالتفاح والرمان والبطيخ والجوز والبيض ونحوه ولا فيما ليس بمطعوم كالزعفران والأشنان والحديد ونحوه وأطلقهن في المذهب .
فوائد .
الأولى : قولنا في الروايتين الأخيرتين العلة في الأثمان : الثمينة هي علة قاصرة قال في الفروع : لا يصح التعليل بها في اختيار الأكثر ونقضت طردا بالفلوس لأنها أثمان وعكسا بالحلى .
وأجيب بعدم النقدية الغالبة .
قال في الانتصار : ثم يجب أن يقولوا : إذا نفقت حتى لا يتعامل إلا بها إن فيها الربا لكونها ثمنا غالبا .
قال في التمهيد : من فوائدها ربما حدث جنس آخر يجعل ثمنا فتكون تلك علة .
الثانية : رجح ابن عقيل - أخيرا في عمد الأدلة - : أن الأعيان الستة المنصوص عليها لا تعرف علتها لخفائها فاقتصر عليها ولم يتعداها لتعارض الأدلة عنده في المغني وهو مذهب طاوس و قتادة و داود وجماعة .
الثالثة : القاعدة - على غير قول ابن عقيل - : أن كل شيء اجتمع فيه الكيل والوزن والطعم من جنس واحد فيه الربا رواية واحدة كالأرز والدخن والذرة والقطنيات والدهن واللبن ونحو ذلك وما عدم فهي الكيل والوزن والطعم وأو أو اختلف جنسه : فلا ربا فيه رواية واحدة كالتين والنوى والقت والطين إلا الأرمنى فإنه يؤكل دواء فيكون موزونا مأكولا فهو من القسم الأول وما وجد فيه الطعم وحده أو الكيل أو الوزن من جنس واحد : ففيه الخلاف .
قال الشارح : والأولى - إن شاء الله - حله .
الرابعة : لا ربا في الماس مطلقا على الصحيح من المذهب لإباحته أصلا وعدم تموله عادة وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به ومنهم القاضي والمصنف و ابن الجوزي والسامري والشارح و صاحب التلخيص و الرعايتين و الحاويين و الفائق وغيرهم وصححه في الفروع .
فعليها : قال المصنف - وتبعه الشارح و والزركشي - لأنه ليس بمكيل فلا يجرى فيه الربا .
وظاهر كلامه في الفروع وغيره : أنه مكيل فيكون مستثنى من عموم كلامهم ويعايى بها .
وقال : يجري فيه الربا إن قيل : إنه مكيل .
قال الزركشي : والأقيس جريان الربا فيه على رواية أن علة الربا : الطعم قال : وهو ظاهر ما في خلاف أبي الخطاب الصغير .
وتعليلهم بأن الأصل الإباحة : ينتقض بلحم الطير وبالطين الأرمنى ونحوهما وبأنه مما لا يتمول : مردود بأن العلة عندنا ليست المالية .
الخامسة : الذهب والفضة داخلان على الروايات كلها فيحرم التفاضل فيهما مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب إلا أن الشيخ تقي الدين C جوز بيع المصوغ المباح بقيمته حالا .
قلت : وعمل الناس عليه .
وكذا جوزه نساء ما لم قصد كونها ثمنا قال : وإنما خرج عن القرب بالصنعة فليس بربوي وإلا فجنس بنفسه فيباح خبز بهريسة .
وجوز الشيخ تقي الدين C أيضا بيع موزون ربوى بالتحرى للحاجة .
السادسة : فعلى المذهب في أصل المسألة : هل يجوز التفاضل فيما لا يوزن بصناعة أم لا ؟ فيه روايتان وذلك كالمعمول من الذهب والفضة والصقر والحديد والرصاص ونحوه وكالمعمول من الموزونات كالخواتم والأسطال والإبر والسكاكين والثياب والأكبسة ونحو ذلك وأطلقهما في المذهب و الفروع و الفائق وأطلقهما في التلخيص فيما لا يقصد وزنه .
إحدهما : يجوز التفاضل وهو المذهب اختاره المصنف والشارح و الشيخ تقي الدين وهو الصواب وقدمه ابن رزين في شرحه .
الثانية : لا يجوز اختاره ابن عقيل في الفصول وقدمه في المستوعب و الرعايتين و الحاويين .
قال الزركشي : المنع اختيار جماعة منهم ابن كقيل وغيره .
وعنه يجوز بيع ثوب بثوبين وكساء بكساءين بدا وأصل ذلك الوزن ولم يراع أصله .
وقال القاضي في الجامع الصغير والتعليق : إن قصد وزنه - كالاسطال - والإبريسم ونحوها : لم يجز التفاضل وإن لم يقصد وزنه - كالصوف والقطن ونحوها - جاز التفاضل وجزم التفاضل وجزم به في التلخيص .
قال الزركشي : وهو قول جماعة وهو أوجه وقاله في الكافي في الموزون وقطع في المنسوخ من القطن والكتان : أنه لا ربا فيه .
قال في الفروع : وعلى هذه المسألة يخرج بيع فلس بفلسين وفيه روايتان منصوصتان وأطلقهما في التلخيص و الفروع .
إحداهما : لا يجوز التفاضل نص عليه في رواية جماعة قدمه في الحاوي الكبير و المستوعب .
والرواية الثانية : يجوز التفاضل .
فعلى هذه الرواية : لو كانت نافقة هل يجوز التفاضل فيها ؟ على وجهين وأطلقهما في التلخيص و الفروع .
إحداهما : لا جوز جزم به أبو الخطاب في خلافة الصغير وقدمه في الحاوي الكبير و المستوعب .
والوجه الثاني : يجوز قال الزركشي : قال القاضي في الجامع الصغير و ابن عقيل و الشيرازي و صاحب المستوعب و التلخيص وغيرهم : سواء كانت نافقة أو كاسدة بيعت بأعيانها أو بغير أعيانها .
وجزم أبو الخطاب في خلافة الصغير بأنه - مع نفاقها - لا تباع بمثلها إلا مماثلة معللا بأنها أثمان .
ثم حكى الخلاف في معمول الحديد قال وتلخص من ذلك في الفلوس النافقة هل تجري مجرى الأثمان فيجري الربا فيها ؟ إن قلنا : العلة في النقدين الثمينة مطلقا - وهو ظاهر ما حكاه أبو الخطاب في جامعه الصغير أو لا يجري مجراها نظرا إلى أن العلة ما هو ثمن غالبا وذلك يختص الذهب والفضة وهو قول أبي الخطاب في خلافة الكبير على القولين .
وعلى الثاني : لا يجري الربا فيها إلا إذا اعتبرنا أصلها وقلنا العلة في النقدين الوزن كالكاسدة انتهى كلام الزركشي