استحاضة المعتادة .
قوله وإن استحيضت المعتادة رجعت إلى عادتها وإن كانت مميزة .
اعلم أنه إذا كانت المستحاضة لها عادة تعرفها ولم يكن لها تمييز فإنها تجلس العادة بلا نزاع وإن كان لها تمييز يصلح أن يكون حيضا ولم يكن لها عادة أو كان لها عادة ونسيتها : عملت بالتمييز بلا نزاع على ما تقدم ويأتي وإن كان لها عادة وتمييز فتارة يتفقدان ابتداء وانتهاء فتجلسهما بلا نزاع وتارة يختلفان إما بمداخلة بعض أحدهما في الآخر أو مطلقا فالصحيح من المذهب : أنها تجلس العادة وعليه جماهير الأصحاب قال المصنف والشارح و ابن عبيدان : هو ظاهر كلام الإمام أحمد وقول أكثر الأصحاب قال الزركشي : هو اختيار الجمهور وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وصححه المجد وغيره وعنه يقدم التمييز وهو اختيار الخرقي وقدمه في الرعاية الكبرى وقال في الفروع : واختار في المبهج : إن اجتمعا عمل بهما إن امكن وإن لم يمكن سقطا وقال ابن تميم : واختار شيخنا أبو الفرج يعنى به ابن أبي الفهم العمل بهما عند الاجتماع إذا امكن .
فائدة : لا تكون معتادة حتى تعرف شهرها ووقت حيضها وطهرها وشهرها عبارة عن المدة التي لها فيه حيض وطهر صحيحان ولو نقصت عادتها ثم استحيضت في الشهر الآخر جلست مقدار الحيض الأخير ولا غير قطع به المجد وغيره .
قوله وإن نسيت العادة عملت بالتمييز .
بلا نزاع كما تقدم لكن بشرط أن لا ينقص عن أقل الحيض ولا يزيد على اكثره على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وجزم به في الوجيز و الإفادات و تجريد العناية وغيرهم وقدمه في الفروع و الرعاية و الفائق وغيرهم ودل على ذلك كلامه في المغني و شرح الهداية للمجد وقال ابن تميم و ابن عبيدان و الزركشي و صاحب مجمع البحرين : وأن لا ينقض الأحمر عن أقل الطهر حتى يمكن أن يكون طهرا فاصلا بين حيضتين فإذا رأت خمسة أسود ثم مثلها أحمر ثم الأصفر بعدها فالأسود هو الحيض والحمر مع الأصفر استحاضة وإن رأت خمسة أحمر ثم بعدها الأصفر فالأحمر حيض لأن حيضها أقوى ما تراه من دمها بالنسبة إلى بقيته وذكر أبو المعالي : أنه يعتبر في التمييز اللون فقط وعنه لا تبطل دلالة التمييز بمجاوزة الأكثر فتجلس الأكثر وتأولها القاضي وتقدم ذلك في المبتدأة المستحاضة وتقدمت الأمثلة على المذهب والمبتدأة والمعتادة المستحاضتين في تلك الأمثلة سواء فليعاود .
تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أنه لا يعتبر للتمييز تكرار بل متى عرفت التمييز جلسته وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور وهو ظاهر كلام احمد و الخرقي قال في الفروع : ولا يعتبر تكراره في الأصح قال ابن تميم : ولا يفتقر التمييز إلى تكراره في أصح الوجهين وجزم به في الوجيز وغيره واختاره ابن عقيل والمصنف و الشارح و ابن رزين وغيرهم وقال القاضي وأبو الحسن الآمدي : يعتبر التكرار مرتين أو ثلاثا على اختلاف الروايتين وقدمه في المغني و الرعايتين و ابن عبيدان وأطلقهما المجد في شرحه والزركشي وتقدم ذلك في المبتدأة المستحاضة المميزة .
قوله فإن لم يكن لها تمييز جلست غالب الحيض .
يعنى إذا نسيت العادة ولم يكن لها تمييز وهذه تسمى المتحيرة عند الفقهاء ولها ثلاثة احوال وفي هذه الأحوال الثلاثة لا تفتقر استحاضتها إلى تكرار على أصح الوجهين بخلاف غير المتحيرة على الصحيح على ما تقدم .
أحدها : أن تنسى الوقت والعدد وهو مراد المصنف هنا فالصحيح من المذهب : انها تجلس غالب الحيض وعليه جماهير الأصحاب قال المصنف والشارح وغيرهما : هذا ظاهر المذهب قال الزركشي : هو المختار للأصحاب قال ابن عبيدان وابن رجب : وهو الصحيح قال في مجمع البحرين هذا أقوى الروايتين وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وعنه أقله قدمه في الرعايتين والحاويين وجعلها المصنف في الكافي تخريجا وحكى القاضي في شرحه الصغير فيها وجها لا تجلس شيئا بل تغتسل لكل صلاة وتصلى وتصوم ويمنع وطؤها وتقضي الصوم الواجب .
وخرج القاضي رواية ثالثة من المبتدأة : تجلس عادة نساءها وأثبتها في الكافي رواية فلذلك قال الزركشي لما حكى في الكافي الرواية الثانية تخريجا وتخريج القاضي رواية وهو سهو بل الثانية رواية ثابتة عن احمد والثالثة مخرجة وقيل : فيها الروايات الأربع يعنى التي في المبتدأة المستحاضة إذا كانت غير مميزة وهي طريقة القاضي وخرج فيها روايتي المبتدأة وقدمها في الحاويين وجزم به في نهاية ابن رزين ونظمها وهي طريقة ضعيفة عن الأصحاب وفرقوا بينها وبين المبتدأة بفروق جيدة وقدم في الفروع هذه الطريقة لكن قال : المشهور انتفاء رواية الأكثر وعادة نسائها وحيث أجلسناها عددا ففي محله الخلاف الآتي .
تنبيه : محل جلوسها غالب الحيض : إن اتسع شهرها لأقل الطهر وكان الباقي غالب الحيض فأكثر وإن لم يتسع لذلك أجلسناها الزائد عن أقل الطهر فقط كأن يكون شهرها حيضها وطهرها ثمانية عشر يوما فإنها لا تجلس إلا خمسة أيام وهو الباقي عن أقل الطهر بين الحيضتين ولا ينقص الطهر عن أقله وإن لم يعرف شهرها جلست من الشهر المعتاد غالب الحيض