باب الغصب وجنابة البهائم .
وما في معنى ذلك من الإتلافات .
الغصب حرام : وهو استيلاء غير حربي عرفا على حق غيره قهرا بغير حق وتضمن أم ولد وقن وعقار - بغصب إذا تلف بغرق ونحوه لكن لا تثبت يد على بضع فيصح تزويج الأمة المغصوبة ولا يضمن الغاصب مهرها لو حبسها عن النكاح حتى فات بالبكر ولا يحصل الغصب من غير استيلاء فلو دخل أرض إنسان أو داره صاحبها فيها أولا بأذنه أو بغر أذنه لم يضمنها بدخوله : كما لو دخل صحراء له وأن غصب كلبا يجوز اقتناؤه أو خمر ذمي مستورة أو تخلل خمر مسلم في يد غاصب لزمه رده لا ما أريق فجمعه آخر فتخلل لزوال يده هنا وأن أتلف الكلب أو الخمر ولو كان المتلف ذميا لم تلزمه قيمتهما كخنزير وخمر غير مستورة وتجب إراقة خمر المسلم ويحرم ردها إليه وأن غصب جلد ميتة نجسة لم يلزمه رده لأنه لا يطهر بدبغه ولا قيمة له وأن استولى على حر لم يضمنه بذلك ولو صغيرا - ويأتي في الديات أن شاء الله تعالى - ويضمن ثيابه وحليه وان استعمله كرها أو حبسه مدة فعليه أجرته كالعبد وأن منعه العمل من غير حبس فلا ولو عبدا .
فصل : - ويلزمه رد المغصوب إلى محله وأن بعد وأن قدر على رده ولو غرم عليه أضعاف قيمته فأن قال ربه : دعه وأعطني أجرة رده وإلا ألزمتك برده أو طلب منه حمله إلى مكان آخر في غير طريق الرد لم يلزمه وأن قال المالك : دعه لي في المكان الذي نقلته إليه لم يملك الغاصب رده وأن قال : رده إلى بعض الطريق لزمه ومهما اتفقا عليه من ذلك جاز وأن خلطه بم يمكن تمييزه منه أو تمييز بعضه : كحنطة بشعير أو بسمسم أو صغار الحب بكباره أو زبيب أحمر بأسود لزمه تخليصه ورده وأجرة المميز عليه وأن لم يمكن تمييزه - فسيأتي في الباب وأن شغل المغصوب بملكه : كحجر بنى عليه أو خيط خاط به ثوبه أو نحوه فان بلى الخيط وأنكسر الحجر أو كان مكانه خشبة فتلفت لم يجب رده ووجبت قيمته وأن كان باقيا بحاله لزمه رده وأن انتقض البناء وتفصل الثوب وأن سمر بالمسامير بابا لزمه قلعها وردها وأن كانت المسامير من الخشبة المغصوبة أو مال المغصوب منه فلا شيء للغاصب وليس له قلعها : إلا أن يأمره المالك فيلزمه وأن كانت المسامير للغاصب فوهبها للمالك لم يجبر المالك على قبولها وأن استأجر الغاصب على عمل شيء من هذا الذي ذكرناه فالأجر عليه وأن زرع الأرض فردها بعد أخذ الزرع فهو للغاصب وعليه أجرتها إلى وقت تسليمها وضمان النقص ولو لم يزرعها فنقصت لترك الزراعة : كأراضي البصرة أو نقصت لغير ذلك ضمن نقصها وأن أدركها ربها والزرع قائم فليس له إجبار الغاصب على قلعه ويخير بين تركه إلى الحصاد بأجرته وبين أخذه بنفقته فيرد مثل البذر وعرض لو أحقه من حرث وسقي وغيرهما ولا أجرة مدة مكثه في الأرض ويزكيه رب الأرض أن أخذه قبل وجوب الزكاة وبعد : على الغاصب وأن غرسها الغاصب أو بنى فيها ولو شريكا أو فعله من غير غصب بلا أذن أخذ بقلع غراسه وبنائه وتسوية الأرض وأرش نقصها وأجرتها ثم أن كانت آلات البناء من المغصوب فأجرتها مبنية وإلا أجرتها غير مبنية فلو أجرها فالأجر لهما بقدر قيمتيها ولو جصص الغاصب الدار أو زوقها فحكمها كالبناء ولو غصب أرضا وغراسا من شخص واحد فغرسه فيها كالكل لمالك الأرض فأن طالبه ربها بقلعه وله في قلعه غرض صحيح أجبر عليه وعليه تسوية الأرض ونقصها ونقص الغراس وأن لم يكن في قلعه غرض صحيح لم يجبر وأن أراد الغاصب قلعه ابتداء فله منعه ويلزمه أجرته مبنيا ورطبة ونحوها كزرع فيما تقدم : لا كغرس ولو أراد مالك لم يكن له ذلك وأن اتفقا على تعويضه عنه جاز وأن وهب الغاصب الغراس والبناء لمالك الأرض ليتخلص من قلعه فقبله المالك جاز وأن أبى قبوله وكان في قلعه غرض صحيح لم يجبر على قبوله وأن أخذ تراب أرض فضربه به لبنا رده ولا شيء له : إلا أن يجعل فيه تبنا له فله أن يحله ويأخذ تبنه أن كان يحصل منه شيء وأن طالبه المالك بحله لزمه أن كان فيه غرض صحيح وأن جعله آجرا أو فخارا لزمه رده ولا أجر له لعمله وليس له كسره ولا المالك إجباره عليه وأن غصب فصيلا فأدخله داره فكبر وتعذر خروجه بدون نقض الباب أو خشبة وأدخلها داره ثم بنى الباب ضيقا لا تخرج إلا بنقضه وجب نقضه ورد الفصيل الخشبة وأن كان حصوله في الدار من غير تفريط من صاحبها نقض الباب وضمان على صاحب الفصيل وأما الخشبة : فان كان كسرها أكثر ضررا من نقض الباب فكالفصيل وأن كان أقل كسرت وأن كان حصوله في الدار بعدو أن من صاحبه : كمن غصب دارا وأدخلها فصيلا أو خشبة أو تعدى على إنسان فأدخل داره فرسا ونحوها كسرت الخشبة وذبح الحيوان وأن زاد ضرره على نقض البناء وأن باع دارا وفيها ما يعسر أخراجه : كخوابي وخزائن أو حيوان وكان نقض الباب أقل ضررا من بقاء ذلك في الدار او تفصيله أو ذبح الحيوان نقض وكان إصلاحه على البائع وأن كان أكثر ضررا لم ينقض ويصطلحان على ذلك : بأن يشتريه مشتري الدار وغير ذلك وأن غصب لوحا فرقع به سفينة لم يقلع وهي في اللجة حتى تخرج منها وترسي أن خيف عليها بقلعه ولو لم يكن فيها إلا مال الغاصب أو لم يكن فيها ذو روح محترم وعليه أجرته إليه وأن كان في أعلاها بحيث لا تغرق بقلعه لزمه قلعه ولصاحب اللوح طلب قيمته حيث تأخر القلع فإذا أمكن رد اللوح استرجعه ورد القيمة وأن غصب خيطا فخاط به جرح حيوان محترم وخيف قلعه ضرر آدامي أو تلف غيره فعليه قيمته وغير المحترم : كالمرتد والحربي والكلب العقور والخنزير وأن كان مأكولا للغاصب ذبح ولزمه رده وأن كان غير مأكول رد قيمة الخيط وأن مات الحيوان لزمه رده : إلا أن يكون آدميا معصوما فيرد القيمة وأن غصب جوهرة فابتلعتها بهيمة فحكمها حكم الخيط ولو ابتلعت شاته ونحوها جوهرة آخر غير مغصوبة وتوقف إخراجها على ذبحها ذبحت بقيد كون الذبح أقل ضررا - قاله الموفق وغيره وقال الحارثي : وأختار الأصحاب عدم القيد - وعلى مال الجوهرة ضمان نقص الذبح : إلا أن يفرط مالك الشاة بكون يده عليها فلا شيء له لتفريطه ولو ادخلت البهيمة رأسها في قدر ونحوه ولم يمكن إخراجه إلا بذبحها وهي مأكولة فقال الأكثرون أن كان لا بتفريط من أحد كسر القدر ووجب الأرش على مالك البهيمة وأن كان بتفريط مالكها بأن أدخل رأسها بيده أو كانت يده عليها ونحوه ذبحت من غير ضمان وأن كانت بتفريط مالك القدر بأن أدخله بيده أو ألقاها في الطريق كسرت ولا أرش ولو قال من عليه الضمان : أنا أتلف مالي ولا أغرم شيئا للآخر كان له ذلك وأن كانت غير مأكولة كسرت القدر ولا تقتل البهيمة بحال ولو اتفقا على القتل لم يمكنا ومن وقع في محبرته دينار ونحوه لغيره بتفريط صاحبها فلم يخرج كسرت مجانا وإن لم يفرط خير رب الدينار بين تركه فيها وبين كسرها وعليه قيمتها فان بذل ربها بدله وجب قبوله : فأن بادر فكسرها عدوانا لم يلزمه أكثر من قيمتها وأن كان السقوط لا بفعل أحد : بأن سقط من مكان أو ألقاه طائر أو هر وجب الكسر وعلى رب الدينار الأرش فأن كانت المحبرة ثمينة وأمتنع رب الدينار من ضمانها في مقابلة الدينار فيقال له : أن شئت أن تأخذ فأغرم وإلا فاترك ولا شيء لك ولو غصب الدينار فالقاه في محبرة آخر أو سقط فيها بغير فعله تعين الكسر إلا أن يزيد ضرر الكسر على التبقية فيسقط ويجب على الغاصب ضمان الدينار