باب الغصب .
وهي الاستيلاء على مال غيره بغير حق .
877 - ـ مسألة : ( ومن غصب شيئا فعليه رده ) [ لقوله عليه السلام : على اليد ما أخذت حتى تؤدي ] ( وعليه أجرة مثله مدة مقامه في يده ) لأنه فوت عليه منفعته والمنافع لها قيمة فيضمنها كالأعيان .
878 - ـ مسألة : ( وان نقص فعليه أرش نقصه ) لأنه يلزمه ضمان جميع المغصوب لو تلف فيلزمه ضمان بعضه بقيمته قياسا للبعض على الكل .
879 - ـ مسألة : ( وإن جنى المغصوب فأرش جنايته عليه ) يعني على الغاصب ( سواء جنى على سيده أو أجنبي ) لأنه نقص في حق العبد لكونه يتعلق برقبته فكان مضمونا على الغاصب كسائر نقصه .
880 - ـ مسألة : ( وإن جنى عليه أجنبي فلسيده تضمين من شاء منهما ) الجاني لأنه أتلف والغاصب لأن نقص العبد حصل وهو في يده فلزمه ضمانه كما لو كان هو المتلف لأن الجناية إن كانت غير مقدرة كشجة دون أرش الموضحة لزم فيها ما نقص من قيمته وإن كانت على شئ مقدر كقطع يده أو قلع عينه فكذلك في إحدى الروايتين لأنه ضمان مال أشبه ضمان البهيمة وفي الأخرى يجب نصف قيمته ويخرج أن يجب أكثر الأمرين منهما لأن سبب ضمان كل واحد منهما قد وجد فوجب أكثرهما فإن ضمن الغاصب أكثر الأمرين رجع على الجاني بنصف قيمته لا غير لأن ضمانه ضمان الجناية وإن ضمن الجاني ضمنه نصف القيمة لأن جنايته لا توجب أكثر من ذلك ويطالب الغاصب بتمام النقص كما لو أتلفه .
881 - ـ مسألة : ( وإن زاد المغصوب أو نقص رده بزيادته سواد كانت الزيادة متصلة ) كالسمن وتعلم صنعة ( أو منفصلة ) كالورد والكسب لأن ذلك نماء ملكه ويضمن النقص لما سبق ( وسواء كانت الزيادة بفعل الغاصب أو بغير فعله كمن نجر الخشبة بابا أو عمل الحديد إبرا ) لأن ذلك غير ماله فيلزمه ( رده بزيادته ) كما لو زاد بسمن أو تعلم صنعة ( ويضمن النقص ) لما سبق .
882 - ـ مسأله : ( ولو غصب قطنا فنسجه أو ثوبا فقصره أو فصله وخاطه أو حبا فصار زرعا أو نوى فصار شجرا أو بيضا فصار فراخا فكذلك ) لذلك .
883 - ـ مسألة : ( وإن غصب عبدا فزاد في بدنه أو بتعليمه ثم ذهبت الزيادة رده وقيمة الزيادة ) لأنها زادت على ملك المغصوب منه فلزمه ضمانها كما لو كانت موجودة حال الغصب .
884 - ـ مسألة : ( وإن تلف المغصوب أو تعذر رده فعليه مثله إن كان مكيلا أو موزونا وقيمته إن لم يكن كذلك ) أما إذا تلف المغصوب فعليه مثله قال ابن عبد البر : كل مطعوم من مأكول أو مشروب فمجمع على أنه يجب على مستهلكه مثله لا قيمته وإن لم يكن كذلك فعليه قيمته لما روى ابن عمر [ أن النبي A قال : من أعتق شركا له في عبد قوم عليه قيمة العدل ] متفق عليه فأمر بالتقويم في حصة الشريك لأنها متلفة بالعتق ولم يأمر بالمثل وأما إذا تعذر رده مع وجوده فعليه مثله أو قيمته لذلك ( ثم إن قد ر على رده ) بعد ذلك ( رده ) لأنه غير مال فيلزمه رده كما لو لم يتعذر رده ( ويأخذ القيمة ) لأن المالك أخذها على سبيل العوض عن ملكه فإذا رجع إليه ملكه ردها كما لو لم يكن أخذ شيئا .
885 - ـ مسألة : ( وإن خلط المغصوب بما لا يتميز به من جنسه فعليه مثله منه ) في أحد الوجهين وهو قول ابن حامد لأنه قدر على دفع ماله إليه فلم ينتقل إلى البدل في الجميع كما لو غصب شيئا فتلف بعضه وهو ظاهر كلام أحمد C وفي الوجه الآخر يلزمه مثله من حيث شاء وهو قول القاضي لأنه تعذر رد عينه أشبه ما لو أتلفه كله .
886 - ـ مسألة : ( وإن خلطه بغير جنسه فعليه مثله حيث شاء ) لذلك .
887 - ـ مسألة : ( وإن غصب أرضا فغرسها أخذ بقلع غرسه ) لقوله A : [ ليس لعرق ظالم حق ] ( ويلزمه ردها ) لقوله A : على اليد ما أخذت حتى تؤدي ( ويلزمه أرش نقصها ) لأنها لو تلفت جميعا لزمه قيمتها فإذا نقصت لزمه البعض كما يلزمه ضمان الجملة ( ويلزمه الأجرة ) لأنه شغل ملك الغير بغير إذنه أشبه غصب الدابة .
888 - ـ مسألة : ( وإن زرعها وأخذ الغاصب الزرع ردها وأجرتها ) لذلك .
889 - ـ مسألة : ( وإن أدرك الزرع قبل حصاده خير بين ذلك ) يعني بين تركه بالأجرة لما سبق ( وبين أخذ الزرع بقيمته ) لما روى رافع بن خديج قال : [ قال رسول الله A : من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شئ وعليه نفقته ] رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وقال : حديث حسن .
890 - ـ مسألة : ( وإن غصب جارية فوطئها وأولدها لزمه الحد ) لأنه زان لكونها ليست زوجته ولا ملك يمين ( ويلزمه ردها ) لقوله A : [ على كل يد ما أخذت حتى تؤدي ] ( ورد ولدها ) لأنه نماء غير ملكه ( ويلزمه مهر مثلها ) سواء كانت مكرهة أو مطاوعة لأن هذا حق للسيد فلا يسقط بمطاوعتها كما لو أذنت في قطع يدها .
891 - ـ مسألة : ( ويجب أرش نقصها ) إن نقصت بالولادة كما يلزمه أرش نقص الأرض إذا زرعها .
892 - ـ مسألة : ( ويجب عليه أجرة مثلها ) لكونه شغل ملك الغير بغير إذنه وإن كانت بكرا لزمه أرش بكارتها مع المهر لأنه بدل آخر منها وإنما اجتمعا لأن كل واحد منهما يضمن منفردا بدليل أنه لو وطئها ثيبا وجب مهرها ولو افتضها بإصبعه وجب أرش بكارتها وعنه لا يلزمه مهر الثيب لأنه لم ينقصها ولم يؤلمها أشبه ما لو قبلها .
893 - ـ مسألة : ( وإن باعها فوطئها المشتري وهو لا يعلم فعليه مهرها ) لأنه وطىء جارية غيره بغير نكاح وإن ولدت منه فهو حر لأن اعتقاده أنه يطأ مملوكته منع انخلاق الولد رقيقا أو يلحقه نسبه ( وعليه فداؤه ) لأنه فوت رقه على سيده باعتقاده حل الوطء ويفديه ببدله يوم الوضع قال الخرقي : يفديه بمثله يعني في السن والجنس والصفات وقد نص عليه أحمد C وقال أبو الخطاب : يفديه يقيمته لأن الحيوان ليس بمثله ووجه قول الخرقي أنهم أحرار والحر لا يضمن بقيمته .
894 - ـ مسألة : ( ويلزمه أجرة مثلها ) كما لو غصب بهيمة ( ويرجع بذلك على الغاصب ) لأن المشتري دخل على أن يتمكن من الوطء بغير عوض وأن يسلم له الأولاد فإذا لم يسلم له ذلك فقد غره فيرجع إليه كالمغرور بتزويج الأمة على أنها حرة