باب ما يفعله بعد الحل .
641 - ـ مسألة : ( ثم يرجع إلى منى ولا يبيت لياليها إلا بها ) وذلك أن السنة لمن أفاض يوم النحر أن يرجع إلى منى قالت عائشة Bها : [ أفاض رسول الله A من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي التشريق ] رواه أبو داود وروى أحمد عن عبد الرزاق عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر [ أن النبي A أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى ] والمبيت في منى ليالي واجب وهي إحدى الروايتين عن أحمد لما روى ابن عمر : [ أن النبي A رخص للعباس بن عبد المطلب أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته ] متفق عليه وتخصيص العباس بالرخصة من أجل السقاية دليل على أنه لا رخصة لغيره وروى ابن ماجه عن ابن عباس قال : [ لم يرخص النبي A لأحد يبيت بمكة إلا العباس من أجل سقايته ] وروى الأثرم عن ابن عمر أن عمر قال : لا يبيتن أحد من الحجاج إلا بمنى وكان يبعث رجالا لا يدعون أحدا يبيت وراء العقبة ولأن النبي A فعله نسكا وقد قال : خذوا عني مناسككم والرواية الثانية أن المبيت غير واجب ولا شئ على تاركه قال ابن عباس : إذا رميت فبت حيث شئت فعلى هذا لا شئ على تاركه وعلى الرواية الأولى قال : يطعم شيئا من تمر أو نحوه فعلى هذا أي شئ تصدق به أجزأه وعنه يلزمه في الليلة درهم وفي الليلتين درهمان وفي الثلاث دم روي عن عطاء وروي في ليلة نصف درهم وروي في ليلة مد وفي ليلتين مدان وفي الثلاث دم قياسا على الشعر ودليل الأولى أنه لا توقيت فيه لأن التوقيت توقيف ولم يرد فيه نص فلا يصار فيه إلى التوقيت والله أعلم .
642 - ـ مسألة : ( فيرمي بها الجمرات بعد الزوال من أيامها كل جمرة بسبع حصيات فيبتدئ بالجمرة الأولى فيستقبل القبلة ويرميها بسبع حصيات كما رمى جمرة العقبة ) لأن جملة ما يرمي به الحاج سبعون حصاة : سبع منها يوم النحر بعد طلوع الشمس وسائرها في أيام التشريق بعد زوال الشمس كل يوم إحدى وعشرين حصاة لثلاث جمرات يبتدئ بالجمرة الأولى وهي أبعد الجمرات من مكة وتلي مسجد الخيف فيجعلها عن يساره ويستقبل القبلة ويرميها بسبع حصيات كما وصفنا في جمرة العقبة ( ثم يتقدم ) عنها إلى موضع لا يصيبه الحصا ( فيقف ) طويلا ( يدعو الله ) D رافعا يديه ( ثم يتقدم إلى الوسطى ) فيجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة ( ويرميها ) بسبع حصيات ويفعل من الوقوف والدعاء كما فعل في الأولى ( ثم يرمي جمرة العقبة ) بسبع حصيات ويستبطن الوادي ويستقبل القبلة ( ولا يقف عندها ) قالت عائشة Bها : [ أفاض رسول الله A من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث فيها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرات إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى والثانية ويطيل القيام ويتضرع ويرمي الثالثة ولا يقف عندها ] رواه أبو داود وروى البخاري عن ابن عمر : [ أنه كان يرمي الجمرة الأولى بسبع حصيات فيكبر على أثر كل حصاة ثم يتقدم ويسهل ويقوم قياما طويلا ويرفع يديه ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ بذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبلا القبلة قياما طويلا ثم يرفع يديه ويقوم طويلا ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ثم ينصرف فيقول : هكذا رأيت رسول الله A يفعله ] وروى أبو داود أن ابن عمر كان يدعو بدعائه بعرفة ويزيد : وأصلح - أو أتم - لنا مناسكنا وقال ابن المنذر : كان ابن عمر وابن مسعود يقولان عند الرمي : اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وكان ابن عمر وابن عباس يرفعان أيديهما في الدعاء إذا رميا الجمرة ويطيلان الوقوف وروى الأثرم قال : كان ابن عمر يقوم عند الجمرتين مقدار ما يقرأ الرجل سورة البقرة ويكون الرمي بعد الزوال لما سبق وقال جابر : [ رأيت رسول الله A يرمي الجمرة ضحى يوم النحر ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس ] أخرجه مسلم وقد قال : [ خذوا عني مناسككم ] .
643 - ـ مسألة : ( ثم يرمي في اليوم الثاني كذلك ) يعني في وقته وصفته وهيئته لا نعلم في ذلك خلافا غير ما روي عن إسحاق .
644 - ـ مسألة : ( وإن أحب أن يتعجل في يومين خرج قبل المغرب وإن غربت الشمس وهو بمنى لزمه المبيت بها والرمي من غد ) أجمع أهل العلم أن لمن أراد الخروج من منى شاخصا عن الحرم غير مقيم بمكة أو ينفر بعد الزوال في اليوم الثاني من أيام التشريق إذا رمى فيه فأما إن أحب أن يقيم بمكة فقد قال أحمد : لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة وكان مالك يقول : من كان له عذر من أهل مكة فله أن يتعجل في يومين وإن أراد التخفيف عن نفسه من أمر الحج فلا ويحتج من يذهب إلى هذا بقول عمر : من شاء من الناس كلهم أن ينفر في النفر الأول إلا آل حزيمة فلا ينفروا إلا في النفر الآخر قال ابن المنذر : جعل أحمد وإسحاق معنى قول عمر : إلا آل حزيمة أي أنهم أهل حزم وظاهر المذهب جواز النفر في النفر الأول لكل أحد وهو مقتضى كلام الخرقي وعامة العلماء لعموم قوله سبحانه : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى } ' سورة البقرة : الآية 203 ' قال عطاء : هي للناس عامة وروى أبو داود وابن ماجه عن يحيى بن معمر أن رسول الله A قال : [ أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى ] قال ابن عيينة : هذا أجود حديث رواه سفيان وقال وكيع : هذا الحديث أم المناسك ولأن أهل مكة وغيرهم سواء في سائر المناسك فكذلك في هذا وإذا أحب التعجيل في النفر الأول خرج قبل غروب الشمس فإذا غربت قبل خروجه لم يجز له الخروج لقوله سبحانه : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } 'سورة البقرة : الآية : 196 ' واليوم اسم للنهار وقال ابن المنذر : ثبت عن عمر أنه قال : من أدركه المساء في اليوم الثاني فليقم إلى الغد حتى ينفر مع الناس .
645 - ـ مسألة : ( فإن كان متمتعا أو قارنا فقد انقضى حجه وعمرته وإن كان مفردا خرج إلى التنعيم فأحرم بالعمرة منه ثم أتى مكة فطاف وسعى وحلق أو قصر فإن لم يكن له شعر استحب أن يمر الموسى على رأسه وقد تم حجه وعمرته ) لأنه قد فعل أفعال الحج والعمرة .
646 - ـ مسألة : ( وليس في عمل القارن زيادة على عمل المفرد ولكن عليه وعلى المتمتع دم ) المشهور عن أحمد Bه أن القارن بين الحج والعمرة لا يلزمه من العمل أكثر مما يلزم المفرد بل فعلهما سواء ويجزيه طواف واحد أو سعي واحدا لحجه وعمرته نص عليه أحمد في رواية جماعة من أصحابه وعنه أن عليه طوافين وسعيين روي ذلك عن علي ولم يصح عنه واحتج من قال ذلك بقوله سبحانه : { وأتموا الحج والعمرة لله } 'سورة البقرة : الآية 196 ' وتمامهما أن يأتي بأفعالهما على الكمال ولم يفرق بين القارن وغيره قالوا وروي [ عن النبي A أنه قال : من جمع بين الحج والعمرة فعليه طوافان ] ولأنهما نسكان فلزم لهما طوافان كما لو كانا منفردين ولنا ما روي عن عائشة Bها أنها قالت : [ وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا لهما طوافا واحدا ] متفق عليه وفي مسلم [ أن النبي A قال لعائشة لما قرنت بين الحج والعمرة يسعك طوافك لحجك وعمرتك ] وعن ابن عمر قال : قال رسول الله A : [ من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد حتى يحل منهما جميعا ] وعن جابر : [ أن رسول الله A قرن بين الحج والعمرة وطاف لهما طوافا واحدا ] رواهما الترمذي وقال في كل واحد منهما : حديث حسن وعنه : [ أن رسول الله A لم يطف هو وأصحابه لعمرتهم وحجهم حين قدموا إلا طوافا واحدا ] رواه الأثرم وابن ماجه وروى الأثرم عن سلمة قال : حلف طاووس ما طاف أحد من أصحاب رسول الله A للحج والعمرة إلا طوافا واحدا ولأنه نسك يكفيه حلق واحد ورمي واحد فكفاه طواف واحد وسعي واحد كالمفرد ولأنهما عبادتان من جنس واحد فإذا اجتمعا دخلت أفعال الصغرى في الكبرى كالطهارتين وأما الآية فإن الأفعال إذا وقعت لهما فقد تما وحديثهم لا نعلم صحته وكفى به ضعفا معارضته بما روينا من الأحاديث الصحيحة وإن صح فيحتمل أنه أراد عليه طواف وسعي فسماهما طوافين فإن السعي بين الصفا والمروة يسمى طوافا ويحتمل أنه أراد أن عليهم طوافين طواف الزيارة وطواف الوداع .
647 - ـ مسألة : ( لكن عليه دم ) أكثر أهل العلم على القول بوجوب الدم عليه ولا نعلم فيه اختلافا إلا ما حكي عن داود أنه قال : لا دم عليه وقد روي عن النبي A أنه قال : من قرن بين حجه وعمرته فليهرق دما ولأنه ترفه بسقوط أحد السفرين فلزمه دم كالمتمتع فإن عدم الدم فعليه صيام صيام ثلاثة أيام في الحج يكون آخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجع قياسا على دم المتعة فإنه مشبه به ومقيس عليه وقال ابن عبد البر : القران نوع من المتعة لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين وهو داخل في قوله سبحانه : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي } 'سورة البقرة : الآية 196 ' .
648 - ـ مسألة : ( وعلى المتمتع دم لقوله سبحانه : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي } 'سورة البقرة : الآية 196 ' الآية ) ووقت وجوبه قال القاضي : إذا وقف بعرفة ورواه المروذي عن أحمد وعنه يجب إذا أحرم بالحج لأن الله تعالى قال : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج } 'سورة البقرة : الآية 187 ' وهذا قد فعل ذلك ولأن ما جعل غاية فوجود أوله كان كقوله تعالى : { ثم أتموا الصيام إلى الليل } 'سورة البقرة : الآية 196 ' ووجه الأول أن التمتع بالعمرة إلى الحج إنما يحصل بعد وجود الحج معه ولا يحصل ذلك إلا بالوقوف لقوله E : [ الحج عرفة ] ولأنه قبل ذلك يعرض للفوات فلا يحصل له التمتع فيعتبر وجود ما يأمن به فواته ووقت إخراجه يوم النحر لأن ما قبله لا يجوز ذبح الأضحية فلا يجوز فيه هدي التمتع كقبل التحلل من العمرة .
649 - ـ مسألة : ( فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام يكون آخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجع ) لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن المتمتع إذا لم يجد الهدي ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع وقد نص الله عليه سبحانه في كتابه بقوله : { فمن تمتع بالعمرة } 'سورة البقرة : الآية 187 ' الآية فأما وقت الصيام فالاختيار في الثلاثة أن يصومها في ثامن الإحرام بالحج ويوم النحر لقول الله سبحانه : { فصيام ثلاثة أيام في الحج } 'سورة البقرة : الآية 187 ' وكان ابن عمر وعائشة وإمامنا يقولون : يصومهن ما بين إهلاله بالحج ويوم عرفة فإن لم يحرم إلا يوم التروية صام ثلاثة أيام آخرها يوم عرفة وقال طاوس : يصوم ثلاثة أيام آخرها يوم عرفة وصوم عرفة بعرفة غير مستحب وإنما أحببناه هاهنا لموضع الحاجة ولأنه واجب وذكر القاضي في المجرد أنه يكون آخرها يوم التروية قال شيخنا : والمنصوص عن أحمد فيما وقفنا عليه من نصوصه أن يكون آخرها يوم عرفة ولا خلاف في جواز ذلك وإنما الخلاف في استحبابه وأما وقت الجواز لصيام الثلاثة فأوله إذا أحرم بالعمرة وعن ابن عمر إنما يجوز صيامهن إذا تحلل من العمرة .
اختاره ابن المنذر لقوله تعالى : { فصيام ثلاثة أيام في الحج } 'سورة البقرة : الآية 187 ' ولأنه صيام واجب فلا يجوز تقديمه على وقت وجوبه كسائر الصيام الواجب ولنا أنه أحد إحرامي التمتع فجاز الصوم بعده وإن تخلف الوجوب كتقديم الزكاة بعد النصاب وقبل الحول والكفارة بعد اليمين قبل الحنث فأما قوله سبحانه : { فصيام ثلاثة أيام في الحج } 'سورة البقرة : الآية 187 ' فقال بعض أهل العلم : معناه في أشهر الحج وكلام أحمد يدل عليه بدليل من لم يحرم إلا يوم التروية وأما تقديمه على وقت الوجوب فيجوز بعد السبب كتقديم التكفير قبل الحنث .
( فصل ) وأما السبعة الأيام فلها وقت اختيار واستحباب وجواز أما وقت الاختيار فإذا رجع إلى أهله لأنه عمل بالإجماع وأقرب إلى موافقة لفظ الاختيار قال ابن عمر : روي أن النبي A قال : [ فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ] متفق عليه وأما وقت الجواز فظاهر كلام أحمد أنه إذا رجع من مكة ويكون معنى الآية إذا رجعتم من الحج لأنه ذكر ذلك بعد الحج فيكون متعلقا به ويمكن أن يقال إن الله سبحانه جوز له تأخير الصيام حتى يرجع إلى أهله رخصة فلا يمنع ذلك الإجزاء قبله كما جوز تأخير صوم رمضان في السفر والمرض بقوله : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } 'سورة البقرة : الآية 184 ' ثم لو صام في المرض والسفر جاز كذا هاهنا وهو الجواب عن الحديث .
( فصل ) الاختيار لعموم الثلاثة - كما ذكرنا - أن يكون بعد الإهلال بالحج والاستحباب أن يحرم بالحج يوم التروية فلا يتم له الجمع بين المستحبين فماذا يصنع ؟ سئل أحمد C عن ذلك فقال : إن شاء قدم إهلاله بالحج وقال في موضع آخر كلاما يشير إلى أنه إذا لم يكن بد من ترك أحد المستحبين فأيهما ترك جاز : فإن شاء ترك الإحرام يوم التروية وقدمه عليه وإن شاء صام قبل الإحرام .
650 - ـ مسألة : ( وإذا أراد القفول لم يخرج حتى يودع البيت بطواف عند فراغه من جميع أموره حتى يكون آخر عهده بالبيت ) لما روى ابن عباس قال : [ أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ] متفق عليه ولمسلم قال : كان الناس ينصرفون كل وجه فقال رسول الله A : [ لا ينصرفن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ] .
651 - ـ مسألة : ( فإن اشتغل بعده بتجارة أعاده ) وذلك أن الوداع إنما يكون عند خروجه ليكون آخر عهده بالبيت فإن طاف الوداع ثم اشتغل بتجارة أو إقامة أعاد طواف الوداع للحديث ولأنه إذا أقام خرج عن أن يكون وداعا في العادة فلم يجز كما لو طاف قبل السفر .
652 - ـ مسألة : ( ويستحب له إذا طاف أن يقف في الملتزم بين الركن والباب فيلتزم البيت ) كما روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال : [ طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت ألا نتعوذ ؟ قال : نعوذ بالله من النار ثم مضى حتى استلم الحجر فقام بين الركن والباب فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا وقال : هكذا رأيت رسول الله A يفعله ] وعن عبد الرحمن بن صفوان قال : [ لما فتح رسول الله A مكة انطلقت فرأيت رسول الله A قد خرج من الكعبة هو وأصحابه قد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم ووضعوا خدودهم على البيت ورسول الله A وسطهم ] رواه أبو داود ورواه حنبل في المناسك قال بعض أصحابنا : [ ويقول في دعائه : اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك حملتني على ما سخرت لي من خلقك وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك وأعنتني على أداء نسكي فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم فأصحبني العافية في بدني والصحة في جسمي والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير وما زاد على ذلك من الدعاء فحسن ثم يصلي على النبي A ] والمرأة إذا كانت حائضا على باب المسجد ودعت بذلك .
652 - ـ مسألة : ( فمن خرج قبل الوداع رجع إن كان قريبا وإن أبعد بعث بدم ) وذلك لأن طواف الوداع واجب يجب بتركه دم وليس ركنا فإذا خرج قبل فعله لزمه الرجوع إن كان قريبا لأنه أمكنه الإتيان بالواجب من غير مشقة فلزمه كما لو كان بمكة وإن كان بعيدا لم يلزمه الرجوع لأن فيه مشقة فلم يلزمه كما لو رجع إلى بلده لكن عليه دم ولا فرق بين تركه عمدا أو سهوا أو خطأ فإن واجبات الحج لا فرق بين خطئها وعمدها ودليل وجوبه ما سبق من حديث ابن عباس : [ أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ] متفق عليه .
654 - ـ مسألة : ( إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما ) للخبر والنفساء في معنى الحائض ( ويستحب لهما الوقوف عند باب المسجد والدعاء ) بما ذكرناه