باب الأنفال .
( وهي الزيادة على السهم المستحق وهي على ثلاثة أضرب : أحدها سلب المقتول غير مخموس لقاتله ) وذلك أن القاتل يستحق سلب المقتول في الجملة لا نعلم فيه خلافا والأصل فيه [ قول النبي A من قتل كافرا فله سلبه ] رواه أنس وسمرة بن جندب وروى أبو قتادة قال : [ خرجنا مع النبي A عام حنين فلما التقينا رأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه ضربة فأدركه الموت ثم إن الناس رجعوا وقال رسول الله A : من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه قال : فقمت إليه فقلت : من يشهد لي ؟ فقال رسول الله A : ما لك يا أبا قتادة ؟ فقصصت عليه القصة فقال رجل من القوم : صدق يا رسول الله فأرضه منه فقال أبو بكر الصديق : لا ها الله إذا تعمد إلى أسد من أسد الله فيقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه فقال رسول الله A : صدق فأسلمه إليه فأعطانيه ] متفق عليه وروى أنس : [ أن النبي A قال يوم حنين : من قتل كافرا فله سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم ] رواه أبو داود .
1671ـ - مسألة : ( والسلب ما عليه من لباس وحلي وسلاح وفرسه بآلتها ) وذلك لأن المفهوم من السلب اللباس وكذلك السلاح ولأنه يستعين به في حربه وقتاله فهو أولى بالأخذ من اللباس وكذلك الدابة لأنه يستعين بها فهي كالسلاح وأبلغ منه ولذلك استحق بها زيادة السهمان فأما الدراهم فليست من السلب لأنها ليست من الملبوس ولا مما يستعان بها في الحرب وكذلك رحله وأثاثه وما ليست يده عليه وعن أبي عبد الله C رواية أخرى أن الدابة أيضا ليست من السلب وهو اختيار الخلال وصاحبه أبي بكر قال الخلال : إنما السلب ما كان على بدنه والدابة ليست كذلك وذكر أبو عبد الله حديث عمرو بن معدي كرب فأخذ سواريه ومنطقته ودليل الأولى ما روى عوف ابن مالك قال : [ خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة ورافقني مددي من أهل اليمن فلقينا جموع الروم فيهم رجل على فرس أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب فجعل الرومي يغري بالمسلمين وقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فعرقب فرسه وخر فعلاه فقتله وحاز فرسه وسلاحه فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ منه السلب قال عوف : فأتيته فقلت : يا خالد أما علمت أن رسول الله A قضى بالسلب للقاتل ؟ قال : بلى ] رواه الأثرم فإذا ثبت هذا فالدابة وما عليها من سرجها ولجامها وجميع آلتها من السلب إذا كان راكبا عليها وإذا ثبت هذا وأنه القاتل فهو غير مخموس لما روى عوف بن مالك وخالد بن الوليد Bهما : [ إن رسول الله A قضى في السلب للقاتل ولم يخمس السلب ] رواه أبو داود وعموم الأخبار التي ذكرناها وحديث عمر : لا يخمس السلب حجة في ذلك .
1672 - ـ مسألة : ( وإنما يستحق ذلك من قتله حال قيام الحرب غير مثخن ولا ممنوع من القتال ) وقال أصحابنا : يشترط لذلك أربعة شروط : الأول أن يقتله حال قيام الحرب فإن قتله بعد انقضائها فلا سلب له فإن العلماء أجمعوا على أن من قتل أسيرا أو امرأة أو شيخا فإنه لا يستحق سلبه الشرط الثاني أن لا يكون مثخنا فإن كان مثخنا بالجراح لم يستحقه بدليل حديث ابن مسعود أنه وقف على أبي جهل وأعطى النبي A سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح لأنه أثبته الشرط الثالث أن يكون مقبلا على القتال فإن كان منهزما لم يستحق سلبه لأنه كفى شره بالهزيمة إلا أن يكون متحيزا إلى فئة الشرط الرابع أن يغرر بنفسه في قتله مثل أن يبارزه أي يحمل عليه فأما إن رماه بسهم من صف المسلمين فلا سلب له وقالت طائفة من أصحاب الحديث : السلب للقاتل على كل حال لعموم الأخبار .
الضرب ( الثاني أن ينفل الأمير من أغنى عن المسلمين غناء من غير شرط كما أعطى النبي A سلمة بن الأكوع يوم ذي قرد سهم فارس وراجل ونفله أبو بكر Bه ليلة جاءه بتسعة أهل أبيات امرأة منهم ) قال سلمة : أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله A فاتبعتهم فذكر تمام الحديث وفي آخره : فأعطاني رسول الله A سهم الفارس والراجل رواه أبو داود وعنه أن النبي A أمر أبا بكر فبيتنا عدونا فقتلت ليلتئذ تسعة أبيات وأخذت منهم امرأة فنفلنيها أبو بكر وذكر الحديث .
( الثالث ما يستحق بالشرط وهو نوعان : أحدهما أن يقول الأمير : من دخل النقب أو صعد السور فله كذا ومن جاء بعشر من البقر فله واحدة منها فيستحق ما جعل له ) في قول أكثرهم ونص عليه أحمد في مواضع ولم يجز هذا مالك وأصحابه وقالوا : لا نفل إلا بعد إحراز الغنيمة ولنا ما روى حبيب بن مسلمة الفهري قال : [ شهدت رسول الله A نفل الربع في البدأة والثلث في الرجعة ] وفي لفظ : [ أن النبي A كان ينفل الربع بعد الخمس إذا قفل ] رواهما أبو داود وروى الترمذي بإسناده عن عبادة بن الصامت : [ أن النبي A كان ينفل في البدأة الربع وفي القفول الثلث ] وقال : حديث حسن غريب وقال ابن المنذر : بلغنا عن عمر بن الخطاب أن جرير بن عبد الله لما قدم عليه في قومه وهو يريد الشام قال له عمر : هل لك أن تأتي الكوفة ولك الثلث بعد الخمس من كل أرض وشئ ورواه الأثرم بإسناده وإذا ثبت هذا فظاهر كلام أحمد C أنهم إنما استحقوا هذا النفل بالشرط السابق فإن لم يكن شرطه لهم فلا نفل له أليس قد نفل النبي A في البدأة الربع وفي الرجوع الثلث ؟ قال : نعم ذلك إذا قفل وتقدم القول فيه ولأن في ذلك مصلحة وتحريضا على القتال فجاز كاستحقاق الغنيمة وزيادة السهم للفارس واستحقاق السلب وما ذكره يبطل هذه المسائل ( الثاني أن يبعث الأمير في البداءة سرية ويجعل لها الربع وفي الرجوع أخرى ويجعل لها الثلث فما جاءت به أخرج خمسة ثم أعطى السرية ما جعل لها وقسم الباقي في الجيش والسريه معا ) ودليل ذلك ما سبق من حديث حبيب بن مسلمة وعبادة بن الصامت Bهما