باب حد المسكر .
( ومن شرب مسكرا قل أو كثر مختارا عالما أن كثيره يسكر جلد الحد أربعين جلدة ) في هذه المسألة فصول : الأول أن كل مسكر حرام وهو خمر حكمه حكم عصير العنب في تحريمه ووجوب الحد على شاربه روي ذلك عن جماعة من الصحابة لما روى ابن عمر قال : [ قال رسول الله A : كل مسكر خمر وكل خمر حرام ] وعن جابر قال : [ قال رسول الله A : ما أسكر كثيره فقليله حرام ] رواهما أبو داود والأثرم وغيرهما وقال عمر : نزل تحريم الخمر وهي من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل ولأنه مسكر فأشبه عصير العنب وقال الإمام أحمد : ليس في الرخصة في المسكر حديث صحيح قال ابن المنذر : جاء أهل الكوفة بأحاديث معلولة وأما حديث ابن عباس : [ حرمت الخمرة لعينها والمسكر من كل شراب ] فهو عمدتهم وهو موقوف عليه مع أنه يحتمل أنه أراد المسكر من كل شراب فإنه يروي هو وغيره عن النبي A أنه قال : كل مسكر حرام الفصل الثاني أن الحد يجب على من شرب القليل من المسكر والكثير ولا نعلم بينهم خلافا في ذلك وفي عصير العنب غير المطبوخ واختلفوا في سائرها : فذهب إمامنا إلى التسوية بين عصير العنب وكل مسكر وقال قوم لا يجلد إلا أن يسكر ولنا ما روي عن النبي A أنه قال : [ من شرب الخمر فاجلدوه ] رواه أبو داود وغيره وقد ثبت أن كل مسكر خمر فيتناول الحديث قليلها وكثيرها ولأنه شراب فيه شدة مطربة فوجب الحد بقليله كالخمر الفصل الثالث أن يشربها مختارا لشربها فإن شربها مكرها فلا حد عليه لقوله عليه السلام : [ عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] الفصل الرابع أن الحد إنما يلزم من شربها عالما أن كثيرها يسكر فأما غيره فلا حد عليه لأنه غير عالم ولا قاصد لارتكاب المعصية فأشبه من وطىء امرأة يظنها زوجته وثبت أن عمر قال : لا حد إلا على من علمه وبه قال عامة أهل العلم الفصل الخامس أن حد شارب الخمر أربعون وهو اختيار أبي بكر وعنه أن حده ثمانون لإجماع الصحابة فإنه روي أن عمر استشار الناس في حد الخمر فقال عبد الرحمن : أجعله كأخف الحدود فضرب عمر ثمانين وروي أن عليا قال في المشورة : إنه إذا سكر هذا وإذا هذا افترى فحده حد المفتري روى ذلك الجوزاني والدارقطني وغيرهما ( ودليل الرواية الأولى [ أن عليا جلد الوليد بن عقبة أربعين ثم قال : جلد النبي A أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي ] رواه مسلم وعن أنس قال : أتي النبي A برجل قد شرب الخمر فضربه بالنعال نحوا من أربعين ثم أتي به أبو بكر فصنع به مثل ذلك ثم أتي به عمر فاستشار الناس في الحد فقال ابن عوف : أقل الحدود ثمانون فضرب به عمر متفق عليه وفعل النبي A أولى من فعل غيره ولا ينعقد الإجماع على شئ قد خالفه فيه أبو بكر وعلي فتحمل زيادة عمر على أنها تعزير ويجوز فعلها إذا رآه الإمام .
1609 - ـ مسألة : ( وسواء كان من عصير العنب أو غيره ) روي ذلك عن تسعة من أصحاب رسول الله A قالوا : كل مسكر حرام وهو خمر حكمه حكم عصير العنب في تحريمه ووجوب الحد على شاربه قال عمر Bه : نزل تحريم الخمر وهي من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل ولأنه مسكر فأشبه عصير العنب .
1610 - ـ مسألة : ( ومن أتى من المحرمات ما لا حد فيه لم يزد على عشر جلدات ) وذلك أن الجنايات التي لا حد فيها كوطء الشريك جاريته المشتركة أو أمته المزوجة أو امرأته في دبرها أو حيضها أو وطء أجنبية دون الفرج أو سرق دون النصاب أو من غير حرز أو شتم إنسانا بما ليس بقذف ونحوه فإن ذلك يوجب التعزير واختلف عن أحمد في مقداره : فروي عنه أنه لا يزاد على عشر جلدات نص عليه في مواضع لما روى أبو بردة قال : [ قال رسول الله A : لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله ] متفق عليه وروى عن الإمام أحمد ما يدل على أنه لا يبلغ بكل جناية حدا مشروعا في جنس تلك الجناية وتحمله كلام الخرقي لأنه قال : لا يبلغ بالتعزير الحد فعلى هذا ما كان شبه الوطء كوطء الجارية المشتركة وجارية ابنه أو أشباه هذا يجلد مائة إلا سوطا لينقص عن حد الزنى وما كان شبه غير الوطء أدنى الحدود ووجه هذا حديث النعمان بن بشير الأنصاري في الذي وطئ جارية امرأته بإذنها أنه يجلد مائة وهذا تعزير لأنه في حق المحصن وحده الرجم وعن سعيد بن المسيب في أمة بين رجلين وطئها أحدهما : يجلد الحد إلا سوطا واحدا رواه الأثرم واحتج به أحمد قال القاضي : هذا عندي من نص أحمد لا يقتضي اختلافا في التعزير بل المذهب أنه لا يزاد على عشر جلدات اتباعا للأثر إلا في وطء جارية امرأته لحديث النعمان وفي الجارية المشتركة لحديث عمر وما عدا هذا يبقى على العموم لحديث أبي بردة الصحيح قال شيخنا : وهذا قول حسن .
1611 - ـ مسألة : ( إلا أن يطأ جارية امرأته بإذنها فإنه يجلد مائة ) لحديث النعمان وقد سبق