باب القود في الجروح .
( يجب القود في كل عضو بمثله فتؤخذ العين بالعين ) أجمع أهل العلم على ذلك لقوله سبحانه : { العين بالعين } ولأنها تنتهي إلى مفصل فيجري القصاص فيها كاليد .
1460 - ـ مسألة : ( والأنف بالأنف ) أجمعوا على ذلك لقوله سبحانه : { والأنف بالأنف } والمعنى الذي سبق في العين .
1461 - ـ مسألة : ويجب القود ( في كل واحد من الجفن بمثله ) لقوله سبحانه : { والجروح قصاص } 'سورة المائدة : الآية 45' ولأنه يمكن القصاص فيه لانتهائه إلى مفصل ولا فرق بين جفن الأعمى والبصير في ذلك لأنهما تساويا في السلامة من النقص وعدم البصر نقص في غيره فلم يمنع القصاص فيه كما أن عدم السمع لم يمنع القصاص في الأذن ( وتؤخذ الشفة بالشفة ) وهي ما جاوز جلد الذقن والخدين علوا أو سفلا للآية والمعنى الذي سبق .
1462 - ـ مسألة : ( ويؤخذ اللسان باللسان ) للآية والمعنى ولا نعلم فيه خلافا ولا يؤخذ لسان ناطق بلسان أخرى لأنه أفضل ويؤخذ الأخرس بالناطق لأنه بعض حقه .
1463 - ـ مسألة : ( ويؤخذ السن بالسن ) أجمع أهل العلم على ذلك لقوله سبحانه : { والسن بالسن } 'سورة المائدة : الآية 45' ولأن القصاص في السن ممكن لأنها محدودة في نفسها فوجب فيها القصاص كالعين وتؤخذ الصحيحة بالصحيحة والمكسورة تؤخذ بالصحيحة لأنه يأخذ بعض حقه ويأخذ معها من الدية بقدر ما انكسر منها على قول ابن حامد وعلى قياس قول أبي بكر لا ينبغي أن يجب مع القصاص شئ .
1464 - ـ مسألة : ( وتؤخذ اليد باليد والرجل بالرجل ) لقوله سبحانه : { والجروح قصاص } ولأن لهما حدا ينتهيان إليه وهو المفصل فيجري فيهما القصاص كبقية الأعضاء .
1465 - ـ مسألة : ( ويؤخذ الذكر بالذكر ) لا نعلم بين أهل العلم خلافا في ذلك لقوله سبحانه : { والجروح قصاص } 'سورة المائدة : الآية 45' ولأنه له حد ينتهي إليه ويمكن القصاص فيه من غير حيف فوجب القصاص فيه كاليد ولا فرق بين ذكر الصغير والكبير والشاب والشيخ والذكر الكبير والصغير لأن كل ما وجب القصاص فيه من الأطراف لم يفرق فيه بين هذه المعاني كاليد والرجل .
1466 - ـ مسألة : ( وتقطع الأنثيان بالأنثيين ) للآية والمعنى .
1467 - ـ مسألة : ( وكذلك كل ما أمكن القصاص فيه ) للنص والمعنى .
1468 - ـ مسألة : ( ويعتبر كون المجني عليه مكافئا للجاني ) وذلك أن القصاص فيما دون النفس معتبر له ثلاثة شروط : أحدها كون المجني عليه مكافئا للجاني فإن لم يكن مكافئا كالعبد إذا قطع الحر طرفه أو الذمي إذا قطعه المسلم لا يقطع طرفه بطرفه لأنه إذا لم تؤخذ نفسه بنفسه لعدم المكافأة فوجب أن لا يؤخذ طرفه بطرفه لعدم المكافأة الثاني ( أن تكون الجناية عمدا ) فإن كانت خطأ لم يجب القصاص بغير خلاف وإن كانت عمدا خطأ مثل أن يضربه بحجر صغير لا يوضح مثله فأوضحه لم يجب القصاص لأنه شبه عمد ولا يجب القصاص إلا بالعمد المحض وقال أبو بكر : يجب القصاص ولا يراعى فيه ذلك لعموم الآية الثالث ( الأمن من التعدي ) بحيث يمكن الاستيفاء بغير حيف فإن كان قطع طرف ( فبأن يكون من مفصل وإن كان جرحا فبأن ينتهي إلى عظم كالموضحة ) وما عدا هذا كالجائفة وما دون الموضحة من الشجاج أو فوقها أو قطع الطرف من غير مفصل كقطع اليد من الساعد أو العضد أو الرجل من الساق أو الفخذ فلا قصاص فيه غير أكثرهم لأنه لا يمكن المماثلة فيها ولا تئمن الزيادة عليها ولا يمكن أن يستوفى أكثر من الحق فسقط القصاص كما لو قتل من لا يكافئه أو قطع صحيح اليد بشلاء أو ناقصة الأصابع ( فأما كسر العظام والقطع من الساعد والساق فلا قود فيه ) لما ذكرنا .
1469 - ـ مسألة : ( ولا قود في الجائفة ) ولا المأمومة لذلك .
1470 - ـ مسألة : ( ولا قود في شئ من شجاج الرأس لذلك إلا الموضحة ) لأنها تنتهي إلى العظم ( إلا أن يرضى بما فوق الموضحة ) بموضحة لأنه يأخذ دون حقه كمن يأخذ الشلاء بالصحيحة وقد أمن الضرر .
1471 - ـ مسألة : ( ولا قود في الأنف إلا من المارن وهو ما لان منه ) دون قصبة الأنف لأن ذلك حد ينتهي إليه فهو كاليد يجب القصاص فيها إلى الكوع وإن قطع القصبة كان له القصاص في المارن وحكومة في القصبة على قول ابن حامد وعلى قياس قول أبي بكر ليس له قصاص لأنه لا يجيز الاقتصاص من غير محل الجناية ولا يجمع في عضو واحد بين دية وقصاص .
1472 - ـ مسألة : ( ويشترط التساوي في الاسم والموضع فلا يؤخذ واحد من اليمنى واليسرى والعليا والسفلى إلا بمثلها ) وقيل تؤخذ إحداهما بالأخرى لأنهما تستويان في الخلقة والمنفعة ولنا أن كل واحدة منهما تختص باسم فلا تؤخذ إحداهما بالأخرى لأنهما تستويان في الخلقة والمنفعة ولنا أن كل واحدة منهما تختص باسم فلا تؤخذ إحداهما بالأخرى كاليد مع الرجل : فعلى هذا كل ما ينقسم إلى يمين ويسار كاليدين والرجلين والأذنين والمنخرين لا يؤخذ أحدهما بالآخر لما ذكرناه وما انقسم إلى أعلى وأسفل كالجفنين والشفتين والأسنان لا يؤخذ الأعلى بالأسفل ولا الأسفل بالأعلى لما ذكرنا .
1473 - ـ مسألة : ( ولا تؤخذ إصبع بإصبع ) إلا أن يتفقا في الاسم والموضع ( ولا تؤخذ أنملة بأنملة ) إلا أن يتفقا في ذلك ولا تؤخذ عليا بسفلى ولا وسطى وكذلك الوسطى والسفلى لا يؤخذان بغيرهما ( ولا يؤخذ السن بالسن ) إلا أن يتفق موضعهما واسمهما ولا يؤخذ سن ولا إصبع أصلية بزائدة ولا زائدة بأصلية ولا زائدة بزائدة في غير محلها لما ذكرناه .
1474 - ـ مسألة : ( ولا تؤخذ كاملة الأصابع بناقصة ) لأنها فوق حقه والقصاص يعتمد المماثلة .
1475 - ـ مسألة : ( ولا تؤخذ صحيحة بشلاء ) لأنه يأخذ كاملا بناقص وذلك فوق حقه .
1476 - ـ مسألة : ( وتؤخذ الناقصة بالكاملة ) فإذا كانت يد القاطع ناقصة إصبعا أو أكثر فالمجني عليه مخير بين أخذ دية يده وبين قطع الناقصة لأنها دون حقه ويأخذ أرش الأصابع المقطوعة على قول ابن حامد وقياس قول أبي بكر ليس له مع القطع أرش لئلا يجمع بين قصاص ودية في عضو .
1477 - ـ مسألة : ( وتؤخذ الشلاء بالصحيحة إذا أمن التلف ) فإن كان القاطع أشل والمقطوعة سالمة فاختار المجني عليه دية يده فله ذلك لا نعلم فيه خلافا لأنه عجز عن استيفاء حقه على الكمال بالقصاص فكانت له الدية كما لو لم يكن للقاطع يد وإن اختار القصاص فله ذلك لأنه رضي بدون حقه اللهم إلا أن يخاف من القصاص التلف لقول أهل الخبرة إنه إذا قطع لم تنسد العروق ودخل الهواء إلى البدن فأفسده فإنه يسقط القصاص ولأنه لا يجوز أخذ نفس بطرف وإن أمن هذا كله فله القصاص وليس له أرش معه لأن الشلاء كالصحيحة في الخلقة وإنما نقصت عنها في الصفة فلم يكن له أرش كما لا يأخذ ولي المسلم مع القصاص من الذمي أرشا لنقص الكفر وقال أبو الخطاب : عندي أنه يأخذ أرش الشلاء مع القصاص على قياس قوله في عين الأعور إذا قلعت والأول أصح لأن إلحاق الفرع بالأصول المتفق عليها أولى من إلحاقه بفرع مختلف فيه خارج عن الأصول