كتاب الظهار .
وهو أن يقول لامرأته أنت علي كظهر أمي ) فهذا ظهار إجماعا قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن تصريح الظهار أن يقول : أنت علي كظهر أمي و [ في حديث خويلة أنه قال لها : أنت علي كظهر أمي فذكر ذلك لرسول الله A فأمره بالكفارة ] .
1296 - ـ مسألة : ( وإن قال أنت علي كظهر من تحرم عليه على التأبيد ) كجدته وعمته وخالته فهذا أيضا ظهار في قول أكثرهم لأنهن محرمات بالقرابة فأشبهن الأم ( وإن قال أنت علي كأبي يريد تحريمها كان مظاهرا ) لأنه نوى بلفظه ما يحتمله فأما إن قال : أنت علي كأمي وقال : أردت في الكرامة دين لأن لفظه يحتمل وهل يقبل في الحكم ؟ على روايتين : إحداهما يقبل لذلك والثانية لا يقبل لأنه لما قال أنت علي كأمي اقتضى أن يكون عليه فيها تحريم فأشبه ما لو قال أنت علي كظهر أمي فأما إن قال أنت علي كأمي وأطلق ذلك فقال أبو بكر : هو ظهار قال : ونص عليه الإمام أحمد وحكى ابن أبي موسى : فيه روايتان أظهرهما لا يكون ظهارا حتى ينويه لأن هذا اللفظ يستعمل في الكراهة أكثر مما يستعمل في التحريم فلم ينصرف إليه إلا بالنية ككنايات الطلاق بخلاف التشبيه بالعضو فإنه لا يستعمل في الكراهة ووجهه قول أبي بكر وهي الرواية الأخرى أنه شبه امرأته بأمه فأشبه إذا شبهها بعضو من أعضائها قال شيخنا : والذي يصح عندي أنه إن وجدت قرينة تدل على قصد التحريم مثل أن يكون في حال الغصب أو نحو ذلك فهو ظهار وإلا فليس بظهار لأنه يحتمل غير الظهار احتمالا كثيرا فلم يكن ظهارا بإطلاقه كما لو وقال أنت كحفصة إذا ثبت هذا فإن المظاهر لا تحل له زوجته التي ظاهر منها حتى يكفر لأن الله سبحانه قال : { فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا } 'سورة المجادلة : الآية 3' وقوله تعالى : { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } 'سورة المجادلة : الآية 4' وأكثرهم على أن التكفير بالإطعام مثل ذلك لما روى عكرمة عن ابن عباس : [ أن رجلا أتى النبي A فقال : يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال : ما حملك على ذلك رحمك الله قال : رأيت خلخالها في ضوء القمر قال : فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله ] والترمذي وقال : حديث حسن ولأنها إحدى كفارات الظهار فيحرم الوطء قبلها كالعتق والصيام وترك النص عليها لا يمنع قياسها على المنصوص الذي هي في معناه ( والكفارة عتق رقبه مؤمنة من قبل أن يتماسا فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ) بدليل قوله سبحانه : { والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة } 'سورة المجادلة : الآية 3' الآية .
1297 - ـ مسألة : ( وحكمهما وصفتها ككفارة الجماع في شهر رمضان ) وقد مضى ذكرها في باب الصيام .
1298 - ـ مسألة : ( فإن وطىء قبل التكفير عصى ولزمته الكفارة المذكورة ) بدليل حديث ابن عباس قبلها ولأنه خالف أمر الله سبحانه وتجزيه كفارة واحدة لذلك .
1299 - ـ مسألة : ( ومن ظاهر من امرأته مرارا ولم يكفر فكفارة واحدة ) لأنه قول لم يؤثر في تحريم المرأة فلم تجب به كفارة كاليمين بالله سبحانه ولا يخفى أنه لم يؤثر تحريما لأنها حرمت بالقول الأول ولم يزد تحريمها ولأنه لفظ يتعلق به كفارة فإذا كرره كفاه كفارة واحدة كاليمين بالله D وعنه إن كرره في مجالس فكفارات روي ذلك عن علي ولأنه قول يوجب تحريم الزوجة فإذا نوى به الاستئناف تعلق به لكل مرة حكم كالطلاق والأول أصح وأما الطلاق فإنه ما زاد منه على الطلاق الثلاث لا يثبت له حكم بالإجماع وبهذا ينتقض ما ذكروه وأما الثالثة فإنها تثبت تحريما زائدا وهو التحريم قبل زوج وإصابة ولا يثبت لها حكم كذلك الظهار .
1300 - ـ مسألة : ( ولو ظاهر من نسائه بكلمة واحدة فكفارة واحدة ) وهو قول عمر وعلي Bهما ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة فكان إجماعا ولأن إظهار كلمة تجب بمخالفتها الكفارة فإذا وجدت في جماعة أوجبت كفارة واحدة كاليمين بالله سبحانه .
1301 - ـ مسألة : ( وإن ظاهر منهن بكلمات ) فقال لكل واحدة منهن أنت علي كظهر أمي ( فإن لكل يمين كفارة ) وقال أبو بكر : فيه رواية أخرى أنه يجزيه كفارة واحدة واختار ذلك وقال : هو اتباع لعمر Bه لأن كفارة الظهار حق الله تعالى فلم تتكرر بتكرر سببها كالحد ولنا أنها أيمان متفرقة فكان لكل واحد كفارة كما لو كفر ثم ظاهر ولأن الظهار معنى يوجب الكفارة فتتعد الكفارة بتعدده في المحال المختلفة كالقتل ويفارق الحد فإنه عقوبة تدرأ بالشبهات .
1302 - ـ مسألة : ( وإن ظاهر من أمته أو حرمها أو حرم شيئا منها مباحا لم تحرم وعليه كفارة يمين ) لقوله سبحانه : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } 'سورة التحريم : الآية ' حين حرم مارية ثم أنزل الله تعالى : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } ' سورة التحريم : الآية 2' أي قد بين لكم تحلة أيمانكم أي كفارة أيمانكم وذلك البيان في المائدة وهو كفارة اليمين وهو قوله سبحانه : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } 'سورة البقرة : الآية 225' الآية .
1303 - ـ مسألة : ( وإن قالت المرأة لزوجها أنت علي كظهر أمي لم تكن مظاهرة ) قال القاضي : لا تكون مظاهرة رواية واحدة وعليها التمكين لذلك واختلف عنه هل عليها كفارة ظهار ؟ فنقل جماعة عليها كفارة الظهار لما روى الأثرم بإسناده عن إبراهيم أن عائشة بنت طلحة قالت : إن تزوجت بمصعب بن الزبير فهو علي كظهر أمي فسألت أهل المدينة فرأوا أن عليها الكفارة وروي أنها استفتت أصحاب رسول الله A - وهم يومئذ كثير - فأفتوها أن تعتق رقبة وتتزوجه رواه سعيد ولأنها زوج أشبهت الرجل ولأنها يمين مكفرة أشبهت اليمين بالله تعالى وعنه الميل إلى أنها كفارة يمين بمنزلة من حرم على نفسه شيئا لأنه تحريم الحلال أشبه تحريم المال وعنه لا شئ عليها لأن الله سبحانه قال : { والذين يظاهرون من نسائهم } 'سورة المجادلة : الآية 3' فعلقه على الزوج فيختص به .
1304 - ـ مسألة : ( والحر والعبد في الكفارة سواء ) لأن العبد مكلف أشبه الحر ( إلا أنه لا يكفر إلا بالصيام ) لأنه لا يملك شيئا يكفر به