باب موانع الميراث .
( وهي ثلاثة : أحدها اختلاف الدين فلا يرث أهل ملة أهل ملة أخرى لقول رسول الله A : [ لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ] متفق عليه من حديث أسامة ابن زيد .
1016 - ـ مسألة : ( والمرتد لا يورث أحدا ) لأنه ليس بمسلم فيرث المسلمين ولا يثبت له حكم الدين الذي ينتقل إليه فيرث أهله ولا يرثه أحد لذلك ( فإذا مات فماله فيء ) في بيت مال المسلمين وهو قول ابن عباس وعن الإمام أحمد ما يدل على أنه لورثته من المسلمين روي ذلك عن أبي بكر الصديق Bه وعلي وابن مسعود Bهما ولأن ردته بمنزلة موته فيرثونه حين ارتد وينتقل إليهم بردته كما ينتقل ميراث الميت بموته وعنه لأهل دينه الذي اختاره لأنه صار إلى دينهم فيرثونه كما يرثون من كان أصليا في دينهم والصحيح الأول لما سبق من الحديث ولأنه كافر فلا يرثه المسلم كالكافر الأصلي أو مال مرتد فلا يورث كالذي اكتسبه في حال ردته ولا يصح جعله لأهل دينه لأنه لا يرثهم فلا يرثونه كغيرهم من أهل الأديان .
( الثاني الرق فلا يرث العبد أحدا ولا له مال يورث ) وقد أجمعوا على أنه لا يورث فإنه لا مال له يورث عنه ومن قال يملك بالتمليك فملكه غير مستقر يزول إلى سيده إذا زال ملكه عن الرقبة بدليل قوله عليه السلام : [ من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع ] وأكثرهم على أنه لا يرث روي ذلك عن علي وزيد وحكي عن طاووس أنه يرث ويكون لسيده كما لو أوصى له ولنا أن فيه نقصا منع كونه موروثا فمنع كونه وارثا كالمرتد ويفارق الوصية فإنها تصح لمولاه والميراث لا يصح لمولاه فافترقا .
1017 - ـ مسألة : ( ومن كان بعضه حرا ورث وورث وحجب بقدر ما فيه من الحرية ) لما روى عبد الله بن أحمد بإسناده عن ابن عباس [ أن النبي A قال في العبد يعتق بعضه : يرث ويورث على مقدار ما عتق منه ] فإذا خلف أما وبنتا نصفها حر وأبا حرا فللبنت بنصف حريتها نصف ميراثها وهو الربع وللأم مع حريتها ورق البنت الثلث والسدس مع حرية البنت فقد حجبتها بحريتها عن السدس فبنصف حريتها تحجبها عن نصفه ويبقى لها الربع لو كانت حرة فلها بنصف حريتها نصفه وهو الثمن والباقي للأب وإن شئت نزلتهم أحوالا كتنزيل الخناثي فتقول : إن كانتا حرتين فالمسألة من ستة للبنت النصف ثلاثة وللأم السدس سهم والباقي للأب وإن كانتا رقيقتين فالمال للأب وإن كانت البنت وحدها حرة فلها النصف وإن كانت الأم وحدها حرة فلها الثلث وكلها تدخل في الستة تضربها في الأربعة الأحوال تكن أربعة وعشرين للأم ثلاثة وهي الثمن وللبنت ستة وهي الربع والباقي للأب وترجع بالاختصار إلى ثمانية .
( والثالث القتل فلا يرث القاتل المقتول بغير حق ) لما روى الإمام أحمد ومالك [ عن عمر قال : سمعت رسول الله A يقول : ليس لقاتل شئ ] وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي A نحوه ورواهما ابن عبد البر في كتابه وروى ابن عباس قال : [ قال رسول الله A : من قتل قتيلا فإنه لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره وإن كان والده أو ولده فليس لقاتل ميراث ] رواه الإمام أحمد ولأن توريث القاتل يفضي إلى تكثير القتيل لأن الولد ربما استعجل موت مورثه ليأخذ ماله وأجمعوا على أن قاتل العمد لا يرث إلا شيئا شاذا يروى عن سعيد بن المسيب وابن جبير وهو رأي الخوارج وأكثرهم يرى أن القاتل القتل الخطأ لا يرث المقتول روي عن جماعة من الصحابة وورثه قوم من المال دون الدية لأن ميراثه ثابت بالكتاب والسنة خصص منه قاتل العمد بالإجماع فيجب أن يبقى فيما عداه على مقتضى المنصوص ولنا الأحاديث ولأن من لا يرث من الدية لا يرث من غيرها كقاتل العمد والرقيق والعمومات مخصصة بما ذكرنا .
1018 - ـ مسألة : ( وإن قتله بحق كالقتل حدا أو قصاصا أو قتل العادل الباغي لم يمنع ميراثه ) لأنه فعل مأذون فيه فلم يمنع الميراث كما لو أطعمه أو سقاه فمات ولأنه حرم في محل الوفاق كيلا يفضي إلى اتخاذ القتل المحرم وحرمان الميراث ها هنا ربما يمنع من استيفاء الحد الواجب والتوريث لا يفضي إلى اتخاذ قتل محرم فهو ضد للأصل غير مساو له في معناه