باب محظورات الإحرام .
وهي سبعة أشياء أحدهما : تعمد لبس المخيط على الرجل حتى الخفين لحديث ابن عمر [ أن النبي A سئل ما يلبس المحرم ؟ فقال : لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين ] متفق عليه ونص على هذه الأشياء وألحق بها أهل العلم ما في معناها مثل : الجبة والدراعة والتبان وأشباه ذلك قاله في الشرح وعنه : لا يقطع الخفين لحديث ابن عباس [ سمعت النبي A يخطب بعرفات : من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين ] متفق عليه قيل : هذا ناسخ لحديث ابن عمر السابق لأن هذا بعرفات قاله الدارقطني وحديث ابن عمر بالمدينة لرواية أحمد عنه : سمعت رسول الله A على المنبر وذكره وأجيب عن قولهم : حديث ابن عمر فيه زيادة لفظ بأن حديث ابن عباس وجابر فيهما زيادة حكم : وهو جواز اللبس بلا قطع .
الثاني : تعمد تغطية الرأس من الرجل ولو بطين أو استظلال بمحمل [ لنهيه A المحرم عن لبس العمائم والبرانس ] وقوله في المحرم الذي وقصته ناقته [ ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا ] متفق عليهما وكره أحمد الاستظلال بالمحمل وما في معناه لقول ابن عمر : اضح لمن أحرمت له أي ابرز للشمس وعنه : له ذلك أشبه الخيمة وفي حديث جابر : [ أمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة فنزل بها ] رواه مسلم وإن طرح على شجرة ثوبا يستظل به فلا بأس إجماعا قاله في الشرح وله أن يتظلل بثوب على عود [ لقول أم الحصين : حججت مع رسول الله A حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي A والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ] رواه مسلم ويباح له تغطية وجهه روي عن عثمان وزيد بن ثابت وابن الزبير ولا يعرف لهم مخالف في عصرهم وبه قال الشافعي وعنه : لا لأن في بعض ألفاظ حديث صاحب الراحلة : [ ولا تخمروا وجهه ولا رأسه ] ويغسل رأسه بالماء بلا تسريح روي عن عمر وابنه وعلي وجابر وغيرهم [ لأنه A غسل رأسه وهو محرم وحرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ] متفق عليه [ واغتسل عمر وقال : لا يزيد الماء الشعر إلا شعثا ] رواه مالك والشافعي وعن ابن عباس [ قال لي عمر ونحن محرمون بالجحفة : تعال أباقيك أينا أطول نفسا في الماء ] رواه سعيد وإن حمل على رأسه طبقا أو وضع يده عليه فلا بأس لأنه لا يقصد به الستر قاله في الكافي .
وتغطية الوجه من الأنثى لكن تسدل على وجهها لحاجة لقوله A : [ لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ] رواه أحمد والبخاري قال في الشرح : فيحرم تغطيته لا نعلم فيه خلافا إلا ما روي عن أسماء [ أنها تغطيه ] فيحمل على السدل فلا يكون فيه اختلاف فإن احتاجت لتغطيته لمرور الرجال قريبا منها سدلت الثوب من فوق رأسها لا نعلم فيه خلافا انتهى لحديث عائشة : [ كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله A فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه ] رواه أبو داود والأثرم ولا يضر لمس المسدول وجهها خلافا للقاضي .
الثالث : قصد شم الطيب لقوله في الذي وقصته راحلته [ ولا تمسوه بطيب ] قال في الشرح : أجمعوا على أنه ممنوع من الطيب ولا يجوز له لبس ثوب مطيب لا نعلم فيه خلافا لقوله : [ ولايلبس ثوبا مسه ورس ولا زعفران ] متفق عليه .
ومس ما يعلق لأنه تطييب ليده .
واستعماله في أكل وشرب بحيث يظهر طعمه أو ريحه وكان مالك لا يرى بما مست النار من الطعام بأسا وإن بقيت رائحته وطعمه ولو شم الفواكه كلها وكذا نبات الصحراء كشيح وقيصوم وخزامى وكذا ما ينبته الآدمي لغير قصد الطيب كحناء وعصفر وقرنفل ودار صيني قاله في الإقناع .
فمن لبس أو تطيب أو غطى رأسه ناسيا أو جاهلا أو مكرها فلا شيء عليه لقوله A [ عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] .
ومتى زال عذره أزاله في الحال وإلا فدى لاستدامته المحظور من غير عذر .
الرابع : إزالة الشعر من البدن ولو من الأنف لقوله تعالى : { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله } [ البقرة : 196 ] الآية نص على حلق الرأس وقسنا عليه سائر شعر البدن .
وتقليم الأظافر قال في الشرح : أجمعوا على أنه ممنوع من تقليم أظفاره إلا من عذر وأجمعوا على أنه يزيل ظفره إذا انكسر .
الخامس : قتل صيد البر الوحشي المأكول اجماعا لقوله تعالى : { وحرم عليكم صيد البر ما دمتم } [ المائدة : 96 ] وقوله : { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } [ المائدة : 95 ] .
والدلا لة عليه والإعانة على قتله لأنه إعانة على المحرم لحديث أبي قتادة [ أنه كان مع أصحاب له محرمين وهو لم يحرم فأبصروا حمارا وحشيا وأنا مشغول أخصف نعلي فلم يوذنوني به وأحبوا لو أني أبصرته فركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم : ناولوني السوط والرمح فقالوا : والله لا نعينك عليه ] وهذا يدل على اعتقادهم تحريم الإعانة عليه [ ولما سألوا النبي A قال : هل أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها ؟ قالوا : لا قال : فكلوا ما بقي من لحمها ] متفق عليه .
وإفساد بيضه لقول ابن عباس : في بيض النعام قيمته وعن أبي هريرة مرفوعا : [ في بيض النعام ثمنه ] رواه ابن ماجه .
وقتل الجراد لأنه بري يشاهد طيرانه في البر ويهلكه الماء إذا وقع فيه وحديث أبي هريرة مرفوعا : [ إنه من صيد البحر ] وهم قاله أبو داود وعنه [ هو من صيد البحر لا جزاء فيه ] قال ابن المنذر : قال ابن عباس : [ هو من صيد البحر ] وقال عروة : هو من نثرة الحوت .
والقمل لأنه يترفه بإزالته ولو أبيح لم يتركه كعب بن عجرة وعنه : يباح قتله لأنه من أكثر الهوام أذى حكي عن ابن عمر قال : هي أهون مقتول وعن ابن عباس فيمن ألقاها ثم طلبها تلك ضالة لا تبتغى .
لا البراغيث بل يسن قتل كل مؤذ مطلقا في الحرم والإحرام ولا جزاء فيه لحديث [ خمس فواسق يقتلن فى الحل والحرم : الحداة والغراب والفأرة والعقرب والكلب العقور - وفي لفظ - الحية مكان العقرب ] متفق عليه قال مالك الكلب العقور : ما عقر الناس وعدا عليهم مثل الأسد والذئب والنمر فعلى هذا يباح قتل كل ما فيه أذى من سباع البهائم وجوارح الطير والحشرات المؤذية والزنبور والبق والبعوض والبراغيث والذباب وبه قال الشافعي قاله في الشرح .
السادس : عقد النكاح ولا يصح لحديث عثمان أن النبي A قال : [ لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ] رواه الجماعة إلا البخاري وليس للترمذي فيه ولا يخطب وعن أبي غطفان عن أبيه أن عمر فرق بينهما يعني رجلا تزوج وهو محرم رواه مالك والدارقطني قال في الشرح : ويياح شراء الإماء للتسري وغيره لا نعلم فيه خلافا .
السابع : الوطء في الفرج لقوله تعالى : { فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } [ البقرة : 197 ] قال ابن عباس : الرفث : الجماع قال ابن المنذر : أجمعوا على أن الحج لا يفسد بإتيان شئ في حال الإحرام إلا الجماع والأصل فيه ما روي عن ابن عمر وابن عباس ولم يعرف لهما مخالف .
ودواعيه والمباشرة دون الفرج والاستمناء فإن لم ينزل لم يفسد لا نعلم فيه خلافا وإن أنزل فعليه بدنة وفي فساد الحج روايتان إحداهما : لا يفسد وهو قول الشافعي لأنه لا نص فيه ولا إجماع ولا يصح قياسها على الوطء في الفرج لأنه يجب به الحد دونهما والثانية : يفسد وهو قول مالك .
وفي جميع المحظورات الفديه إلا قتل القمل لما تقدم وعن أحمد : يطعم شيئا وقال إسحاق : تمرة فما فوقها .
وعقد النكاح لا فدية فيه كشراء الصيد .
وفي البيض والجراد قيمته مكانه لما تقدم في البيض وروي عن عمر : في الجراد الجزاء .
وفي الشعرة أو الظفر إطعام مسكين وفي اثنين إطعام اثنين لأن المد أقل ما يجب وعنه : قبضة من طعام لأنه لا تقدير له في الشرع فيجب المصير إلى الأقل لأنه اليقين .
والضرورات تبيح للمحرمات ويفدي لقوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } [ البقرة : 196 ] ولحديث كعب بن عجرة Bه