باب الإقرار بالمجمل .
وهو : ما احتمل أمرين فأكثر على السواء وقيل : ما لا يفهم معناه عند إطلاقه ضد المفسر .
إذا قال : له علي شئ وشئ أو كذا وكذا صح إقراره .
وقيل له : فسر ويلزمه تفسيره قال في الشرح : بغير خلاف .
فإن أبى حبس حتى يفسر لأنه امتنع من حق عليه فحبس به كما لوعينه وامتنع من أداءه وقال القاضي : إذا امتنع من البيان قيل للمقر له : فسره أنت ثم يسأل المقر فإن صدقه ثبت عليه وإن أبى جعل ناكلا وقضي عليه قاله في الكافي .
ويقبل تفسيره بأقل متمول لأنه شئ وكذا تفسيره بحد قذف وحق شفعة لأنه حق عليه ولا يقبل تفسيره بميتة نجسة وخمر وخنزير لأنها ليست حقا عليه ولا برد سلام وتشميت عاطس ونحوه لأن ذلك لا يثبت في الذمة ولا بغير متمول كقشر جوزة وحبة بر ونحوهما لمخالفته لمقتضى الظاهر ولأن إقراره اعتراف بحق عليه وهذا لا يثبت في الذمة لأنه مما لا يتمول عادة .
فإن مات قبل التفسير : لم يؤاخذ وارثه بشئ ولو خلف تركة لاحتمال أن يكون حد قذف .
و : له علي مال عظيم أو خطير أو كثير أو جليل أو نفيس : قبل تفسيره بأقل متمول لأنه ما من مال إلا وهو عظيم كثير بالنسبة إلى ما دونه ويحتمل أنه أراد عظمه عنده لقلة ماله وفقر نفسه ولأنه لا حد له شرعا ولا لغة ولا عرفا ويختلف الناس فيه : فقد يكون عظيما عند بعض حقيرا عند غيره .
وله دراهم كثيرة قبل تفسيره .
بثلاثة دراهم فأكثر لأن الثلاثة أقل الجمع وهي اليقين فلا يجب ما زاد عليها بالإحتمال .
و : له علي كذا وكذا درهم بالرفع أو النصب : لزمه درهم أما في الرفع : فلأن تقديره : شئ هو درهم فالدرهم : بدل من كذا والتكرار للتأكيد لا يقتضي زيادة كأنه قال : شئ شئ : هو درهم والتكرار مع الواو بمنزلة قوله : شيئان هما : درهم لأنه ذكر شيئين وأبدل منهما درهما وأما في النصب : فالدرهم : ممير لما قبله فهو مفسر والدرهم الواحد يجوز أن يكون تفسيرا لشيئين : كل واحد بعفو درهم اختاره ابن حامد والقاضي واختار التميمي : يلزمه درهمان لأنه ذكر جملتين فسرهما بدرهم فيعود التفسير إلى كل واحد منهما قاله في الكافي وقال بعض النحاة : هو منصوب على القطع كأنه قطع ما أقر به وأقر بدرهم .
وإن قال : بالجر أو : وقف عليه : لزمه بعض درهم ويفسره لأنه في الجر مخفوض بالإضافة فالمعنى : له بعض درهم وإذا كرر يحتمل أن يكون إضافة جزء إلى جزء ثم أضاف الجزء الأخير إلى الدرهم وفي الوقف يحتمل أنه مجرور وسقطت حركته للوقف .
و : له علي ألف ودرهم أو ألف ودينار أو ألف وثوب أو ألف إلا دينارا : كان المبهم في هذه الأمثلة ونحوها .
من جنس المعين لأن العرب تكتفي بتفسير إحدى الجملتين عن الأخرى كقوله تعالى : { ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا } [ الكهف : 25 ] والمراد : تسع سنين فاكتفى بذكره في الأول ولأنه ذكر مبهما مع مفسر ولم يقم الدليل على أنه ليس من جنسه فوجب حمله عليه وأما الإستثناء فلأن العرب لا تستثني الإثبات إلا من الجنس فمتى علم أحد الطرفين علم الآخر كما لو علم المستثنى منه ويقال : الإستثناء معيار العموم وأما إن قال : مائة وخمسون درهما واحد وعشرون درهما فالكل دراهم قال في الشرح : بغير خلاف نعلمه انتهى لقوله : { تسع وتسعون نعجة } [ ص من الآية : 23 ] و { أحد عشر كوكبا } [ يوسف : 4 ]