فصل .
فلو شهد بقتل العمد رجل وامرأتان لم يثبت شئ أي : لا قصاص ولا دية لأن العمد يوجب القصاص والمال بدل عنه فإن لم يثبت الأصل لم يجب بدله وإن قلنا : موجبه أحد شيئين : لم يتعين أحدهما إلا بالإختيار فلو أوجبنا الدية وحدها أوجبنا معينا قاله في الكافي .
وإن شهدوا بسرقة : ثبت المال لكمال نصابه .
دون القطع لأنه حد فلا يثبت إلا برجلين والسرقة توجب المال والقطع وقصور البينة عن أحدهما لا يمنع ثبوت الآخر .
ومن حلف بالطلاق : أنه ما سرق أو ما غصب ونحوه نحو ما باع أو ما اشترى أو وهب .
فثبت فعله المحلوف أنه ما فعله .
برجل وامرأتين أو رجل ويمين : ثبت المال لكمال نصابه .
ولم تطلق زوجته لأن الطلاق لا يثبت بذلك .
باب الشهادة على الشهادة والرجوع عن الشهادة وصفة أدائها .
قال أبو عبيد : أجمعت العلماء من أهل الحجاز والعراق على إمضاء الشهادة على الشهادة في الأموال ولدعاء الحاجة إليها لأنها وثيقة مستدامة لحفظ الأموال وربما مات المقر فتعذر الرجوع إلى إقراره وربما مات شاهد الأصل أو غاب أو مرض أو نسي فتضيع الحقوق : فاستدرك ذلك بتجويز الشهادة على الشهادة فتدوم الوثيقة .
الشهادة على الشهادة أي : صورة تحملها .
أن يقول : أشهد يا فلان على شهادتي : إني أشهد أن فلان بن فلان أشهدني على نفسه بكذا أو : شهدت عليه أو : أقر عندي بكذا أي : لا بد أن يسترعيه شاهد الأصل للشهادة نص عليه .
ويصح أن يشهد على شهادة الرجلين رجل وامرأتان ورجل وامرأتان على مثلهم وامرأة على امرأة فيما تقبل فيه المرأة كالشهادة بنفس الحق ولأن الفرع بدل الأصل فاكتفي بمثل عددهم كأخبار الديانات وقال ابن بطة : لا بد من أربعة : على كل واحد اثنين وقال الإمام أحمد : شاهد على شاهد يجوز لم يزل الناس على هذا : شريح فمن دونه إلا أن أبا حنيفة أنكره قاله في الشرح .
وشروطها أربعة : .
1 - أن تكون في حقوق الآدميين كالأموال : فلا تقبل في حد لله تعالى لأن مبناه على الستر والدرء بالشبهات والشهادة على الشهادة لا تخلو من شبهة لتطرق احتمال الغلط والسهو قال في الكافي : وظاهر كلام أحمد أنها لا تقبل في قصاص ولا حد قذف لأنه عقوبة فأشبه سائر الحدود ونص على قبولها في الطلاق لأنه لا يدرأ بالشبهات انتهى .
2 - تعذر شهود الأصل بمرض أو خوف أو غيبة مسافة قصر لأن من دونها في حكم الحاضر ذكره أبو الخطاب ولأن شهادة الأصل أقوى منها لأنها تثبت نفس الحق وهذه لا تثبته وإنما تثبت الشهادة عليه ولأن سماع القاضي منهما متيقن وصدق شاهدي الفرع عليهما مظنون : فلم يقبل الأذى مع القدرة على الأقوى قاله في الكافي .
ويدوم تعذرهم إلى صدور الحكم فمتى أمكنت شهادة الأصل .
قبل الحكم : .
وقف الحكم على سماعها لزوال الشرط كما لو كانوا حاضرين و لأنه قدر على الأصل قبل العمل بالبدل فأشبه المتيمم يقدر على الماء .
3 - دوام عدالة الأصل والفرع إلى صدور الحكم فمتى حدث من أحدهم ما يمنعه قبله أي : الحكم من نحو فسق أو جنون .
وقف الحكم لأنه ينبني على الشهادتين معا فإذا فقد شرط الشهادة لم يجز الحكم بها .
4 - ثبوت عدالة الجميع لما تقدم .
ويصح من الفرع أن يعدل الأصل بغير خلاف نعلمه قاله في الشرح لأن شهادتهما بالحق مقبولة فكذلك في العدالة .
لا تعديل شاهد لرفيقه لأنه يؤدي إلى انحصار الشهادة في أحدهما .
وإن قال شهود الأصل بعد الحكم بشهادة الفرع : ما أشهدناهم بشئ لم يضمن الفريقان شيئا لأنه لم يثبت كذب شاهدي الفرع ولا رجوع شاهدي الأصل لأن الرجوع إنما يكون بعد الشهادة وهما أنكرا أصل الشهادة