كتاب الصيد والذبائح .
الأصل في إباحته : الكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى : { وإذا حللتم فاصطادوا } [ المائدة : 2 ] وقال تعالى : { أحل لكم صيد البحر وطعامه } [ المائدة : 96 ] الآية وقال تعالى : { أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم } [ المائدة : 4 ] قال ابن عباس وهي : الكلاب المعلمة والبازي وكل ما تعلم الصيد ولحديث عدي بن حاتم وأبي ثعلبة متفق عليهما .
يباح لقاصده لما تقدم .
ويكره لهوا لأنه عبث فإن ظلم الناس فيه بالعدوان على زروعهم ومواشيهم ونحوها : فحرام .
وهو أفضل مأكول لأنه من اكتساب الحلال الذي لا شبهة فيه .
فمن أدرك صيدا مجروحا متحركا فوق حركة مذبوح واتسع الوقت لتذكيته : لم يبح إلا بها لأنه مقدور على ذبحه فلم يبح بدونه كغير الصيد .
وإن لم يتسع بل مات في الحال : حل لأن عقره قد ذبحه قال قتادة : يأكله ما لم يتوان في ذكاته أو يتركه عمدا ومتى أدركه ميتا : حل .
بأربعة شروط : .
1 - كون الصائد أهلا للذكاة حال إرسال الآلة فلا يحل صيد مجوسي أو .
وثني أو مرتد وكذا ما شارك فيه لأن الاصطياد كالذكاة وقائم مقامها لقوله .
A : [ فإن أخذ الكلب ذكاة ] متفق عليه وما لا يفتقر إلى ذكاة : كالحوت والجراد يباح إذا صاده من لا تحل ذبيحته في قول أكثر أهل العلم .
ومن رمى صيدا فأثبته ثم رماه ثانيا فقتله : لم يحل لأنه صار مقدورا عليه بإثباته فلا يباح إلا بذبحه قال العمروشي من المالكية : وأما بندق الرصاص فهي أقوى من كل محدد فيحل بها الصيد قال الشيخ عبد القادر الفاسي : .
( وما ببندق الرصاص صيدا ... جواز أكله قد استفيدا ) .
( أفتى به والدنا الأواه ... وانعقد الإجماع من فتواه ) .
2 - الآلة وهي نوعان : .
الأول : ما له حد يجرح : كسيف وسكين وسهم فيشترط له ما يشترط لآلة الذكاة ولا بد أن يجرحه فإن قتله بثقله لم يبح لأنه وقيذ وإن صاد بالمعراض أكل ما قتل بحده دون عرضه قال في الشرح : المعراض : عود محدود ربما جعل في رأسه حديدة انتهى لحديث : [ ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ] [ وعن عدى بن حاتم قلت يا رسول الله : إني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب فقال : إذا رميت بالمعراض فخرق فكله وإن أصاب بعرضه فلا تأكله ] متفق عليه .
الثاني : جارحة معلمة : ككلب غير أسود بهيم وهو الذي لا بياض فيه فيحرم صيده نص عليه [ لأنه A أمر بقتله وقال : إنه شيطان ] متفق عليه وما قتله الشيطان لا يباح قال أحمد : لا أعلم أحدا من السلف يرخص فيه يعني : صيد الكلب الأسود .
وفهد وباز وصقر وعقاب وشاهين فيباح ما قتله من الصيد لقوله تعالى : { وما علمتم من الجوارح مكلبين } [ المائدة : 4 ] قال ابن عباس : هي : الكلاب المعلمة وكل طير تعلم الصيد والفهود والصقور وأشباهها والجارح لغة : الكاسب .
فتعليم الكلب والفهد بثلاثة أمور : بأن يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا زجر قال في المغني و الشرح : قبل إرساله على الصيد أو رؤيته أما بعد ذلك فلا يعتبر وقال الموفق : ولا أحسب هذه الخصال تعتبر في غير الكلب لأن الفهد لا يكاد يجيب داعيا وإن عد متعلما فيكون التعليم في حقه بما يعده أهل العرف معلما .
وإذا أمسك لم يأكل لحديث : [ فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه ] متفق عليه وإن شرب من دمه لم يحرم رواية واحدة .
وتعليم الطير بأمرين : بأن يسترسل إذا أرسل ويرجع إذا وعي ولا يعتبر ترك الأكل لأنه إجماع الصحابة قال معناه في الشرح لقول ابن عباس : [ إذا أكل الكلب فلا تأكل وإن أكل الصقر فكل ] رواه الخلال وقال أيضا لأنك تستطيع أن تضرب الكلب ولا تستطيع أن تضرب الصقر .
ويشترط أن يجرح الصيد فلو قتله بصدم أو خنق لم يبح كالمعراض إذا قتل بثقله ولأن الله حرم الموقوذة ولمفهوم حديث [ ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه : فكل ] .
3 - قصد الفعل وهو : أن يرسل الآلة لقصد الصيد لأن قتل الصيد أمر يعتبر له الدين فاعتبر له القصد كطهارة الحدث .
فلو سمى وأرسلها لا لقصد الصيد أو لقصده ولم يره أو استرسل الجارح بنفسه فقتل صيدا : لم يبح لحديث : [ إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه : فكل ] متفق عليه ولأن إرسال الجارح جعل بمنزلة الذبح ولهذا اعتبرت التسمية معه فإن زجره فزاد عدوه بزجره : حل حيث سمى عند زجره وبه قال مالك والشافعي لأن زجره أثر في عدوه أشبه ما لو أرسله وقال إسحاق : يؤكل إذا سمى عند انفلاته .
4 - قول : بسم الله عند إرسال جارحه أو رمي سلاحه لمفهوم [ إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه : فكل ] متفق عليه .
ولا تسقط هنا سهوا وهو قول : الشعبي وأبي ثور لقوله : [ فإن وجدت معه غيره فلا تأكل فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على الآخر ] متفق عليه وأباحه مالك مع النسيان كالذكاة وعنه : إن نسي على السهم أبيح دون الجارحة .
وما رمي من صيد فوقع في ماء أو تردى من علو أو وطئ عليه شئ - وكل من ذلك يقتل مثله - : لم يحل [ لحديث عدي بن حاتم قال سألت النبي A عن الصيد فقال : إذا رميت سهمك فاذكر اسم الله فإن وجدته قد قتل : فكل إلا أن تجده وقع في ماء فإنك لا تدري : الماء قتله أو سهمك ؟ ] متفق عليه والتردي ونحوه : كالماء في ذلك تغليبا للتحريم .
ومثله : لو رماه بمحدد فيه سم مع احتمال إعانته على قتله تغليبا للتحريم لأنه الأصل فإذا شككنا في المبيح رد إلى أصله .
وإن رماه بالهواء أوعلى شجرة أو حائط فسقط ميتا حل لأن موته بالرمي ووقوعه في الأرض لا بد منه فلو حرم به أدى إلى أن لا يحل طير أبدا