باب شروط القصاص فيما دون النفس .
من أخذ بغيره في النفس أخد به فيما دونها لقوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } [ المائدة : 45 ] الآية ولحديث أنس بن النضر وفيه [ كتاب الله القصاص ] رواه البخاري وغيره .
ومن لا يؤخذ بغيره في النفس .
فلا يؤخذ به فيما دونها بغير خلاف قاله في الكافي كالأبوين مع ولدهما الحر مع العبد والمسلم مع الكافر لعدم المكافأة .
وشروطه أربعة : .
أحدها : العمد العدوان فلا قصاص في غيره فلا قصاص في الخطأ إجماعا لأنه لا يوجب القصاص في النفس وهي الأصل ففيما دونها أولى ولا في شبه العمد والآية مخصوصة بالخطأ فكذا شبه العمد وقياسا على النفس .
الثاني : إمكان الاستيفاء بلا حيف : بأن يكون القطع من مفصل أو ينتهي إلى حد كمارن الأنف وهو : ما لان منه دون قصبته .
فلا قصاص في جائفة ولا في قطع القصبة أي : قصبة الأنف .
أو قطع بعض ساعده أو بعض .
ساق أو بعض .
عضد أو بعض .
ورك بغيرخلاف لأنه لا يمكن الاستيفاء منها بلا حيف بل ربما أخذ أكثر من حقه أو سرى إلى عضو آخر أو إلى النفس فيمنع منه لما روى ثمران بن حارثة عن أبيه [ أن رجلا ضرب رجلا على ساعده بالسيف فقطعها من غير مفصل فاستعدى عليه النبي A فأمر له النبي A بالدية فقال : إني أريد القصاص قال : خذ الدية بارك الله لك فيها ولم يقض له بالقصاص ] رواه ابن ماجه .
فإن خالف فاقتص بقدر حقه ولم يسر : وقع الموقع ولم يلزمه شئ لأنه حقه وإنما منع منه لتوهم الزيادة قاله في الكافي .
الثالث : المساواة في الإسم كالعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن للآية .
فلا تقطع اليد بالرجل وعكسه لأن القصاص يقتضي المساواة والإختلاف في الإسم دليل على الإختلاف في المعنى .
و المساواة .
في الموضع : فلا تقطع اليمين من يد ورجل وعين وأذن ونحوها .
بالشمال وعكسه لعدم المماثلة ولأنها جوارح مختلفة المنافع والأماكن فلم يؤخذ بعضها ببعض قاله في الكافي .
الرابع : مراعاة الصحة والكمال فلا يؤخذ كاملة الأصابع والأظافر بناقصتها رضي الجاني بذلك أو لا لأنه أكثر .
ولا عين صحيحة بقائمة وهي : التي بياضها وسوادها صافيان غير أن صاحبها لا يبصر بها قاله الأزهري لنقص منفعتها فلا تؤخذ بها كاملة المنفعة .
ولا لسان ناطق بأخرس لأنه أكثر من حقه .
ولا صحيح بأشل من يد ورجل وأصبع وذكر والشلل : فساد العضو وذهاب حركته فإذا شل ذهبت منفعته فلا يؤخذ به الصحيح لزيادته عليه كعين البصير بعين الأعمى .
ولا ذكر فحل بذكر خصي أو عنين لعدم المماثلة .
ويؤخذ مارن صحيح بمارن أشل وهو : الذي لا يجد رائحة شئ لأنه لعلة في الدماغ والأنف صحيح .
وأذن صحيحة بأذن شلاء أي : أذن السميع بأذن الأصم وعكسه لأن الصمم لعلة في الدماغ